شظايا الماضي

#غريب_في_منزلنا

في تلك الليلة، لم تستطع ليلى النوم. كانت كلمات آدم تتردد في ذهنها بلا توقف: "أخفي الكثير من الأشياء..."، وكأنها تحمل مفتاحًا لفهم ما يختبئ وراء شخصيته الغامضة. كانت تساءل عن السر الذي دفعه للهروب من ماضيه، وعن السبب الذي يجعله يحمل كل هذا العبء العاطفي. كانت جالسة في فراشها، عيونها تحدق في النافذة بينما كانت النجوم تتلألأ في السماء، ولكنها لم تجد في السماء المألوفة شيئًا يخفف من أفكارها التي لا تهدأ.

في اليوم التالي، قررت ليلى أن تجد إجابات. كان الوقت قد حان لتستفسر عن آدم بشكل مباشر، ولتبحث عن تفسير لما يختفي وراء تصرفاته. دخلت المطبخ حيث كانت والدتها تعد الفطور، وهناك، تحت أشعة الشمس الخفيفة التي بدأت تخترق النوافذ، بدأت ليلى حديثها.

"أمي... أريد أن أسألك عن آدم"، قالت ليلى بصوت متردد، وكأنها لم تكن متأكدة من السؤال الذي تطرحه.

نظرت إليها والدتها بابتسامة هادئة، لكن عينيها كانتا تحملان شيئًا غير واضح، كأنها كانت تتوقع هذا السؤال. "آدم؟ ماذا تريدين أن تعرفي عنه؟"، سألت والدتها بينما تضع الشاي على الطاولة.

"أشعر أنه... يخفي شيئًا. لا أعرف، هناك شيء غير طبيعي في وجوده هنا. هل تعرفين شيئًا عنه لم تخبريني به؟" كانت ليلى تبحث في عيون والدتها عن إجابة مباشرة، ولكنها كانت تتمنى أن تخبرها شيئًا أكثر من مجرد الكلمات المطمئنة.

تنهدت والدتها ببطء، ثم جلست أمامها، وكأنها كانت تزن كلماتها بعناية. "آدم شخص لطالما عانى، هذا ما أعرفه. عندما تحدث والدك معه، بدا وكأن لديه الكثير من الجروح التي لم تلتئم بعد. لكنه لم يخبرنا بالكثير." كانت تلك الكلمات تكشف شيئًا عن آدم، لكنها لم تكن كافية لفهمه تمامًا.

"لكن لماذا هو هنا؟ لماذا ترك مكانه وجاء للعيش معنا؟" سألته ليلى، التي كانت تشعر بأن هناك شيئًا أكثر من مجرد طلب للهدوء.

"والدك قال إنه كان بحاجة لمكان للراحة لبعض الوقت. لديه أمور معقدة في حياته، وكان يبحث عن هدوء. ولا أعتقد أنه جاء هنا ليبقى للأبد، فقط لفترة قصيرة."

لكن هذا التفسير لم يقتنع به ليلى. كان هناك شيء في تصرفات آدم لا يمكن تجاهله، وكأن سبب وجوده في حياتهم ليس بهذه البساطة. لكن والدتها لم تكن قادرة على تزويدها بتفاصيل أكثر. شعرّت ليلى أن عليها اكتشاف المزيد بنفسها.

في المساء، قررت أن تتحدث مع آدم مباشرة. اختارت المكتبة مكانًا لهذا اللقاء، حيث كان هذا هو المكان الذي التقيا فيه في المرة السابقة. جلست على الأريكة الجلدية القديمة، وبدأت تنتظر. لم تمر فترة طويلة حتى سمعت خطواته تقترب من الباب. دخل آدم بهدوء، وكان يبدو كما لو أنه كان يتوقع هذا اللقاء.

"أريد أن أعرف الحقيقة، آدم"، قالت ليلى بصدق، عازمة على أن تجد الإجابة التي تبحث عنها. "أنت تقول إنك تخفي الكثير، وأنا أريد أن أفهم. لماذا أنت هنا؟ وما الذي تهرب منه حقًا؟"

ظل آدم صامتًا لبرهة، وعيناه كانت غارقة في التفكير. ثم تنهد بعمق وقال بصوت منخفض: "أنا هنا لأنني لا أملك مكانًا آخر أذهب إليه."

أجابته كانت غير متوقعة. "لماذا؟ ماذا حدث؟" سألت ليلى بشغف أكبر.

أجاب آدم بصوت خافت، محاولًا شرح جزء من ماضيه: "حياتي... لم تكن كما تبدو. كنت جزءًا من شيء أكبر مني. شيء جعلني أهرب. والآن، أحاول أن أجد معنى جديدًا، لكن الماضي لا يتركني. إنه يلاحقني أينما ذهبت."

كانت كلماته تحمل طيفًا من الألم والحيرة، لكنها كانت أيضًا غامضة. شعرت ليلى أن وراء تلك الكلمات يوجد سر ثقيل، قصة مؤلمة ما زالت في طي الكتمان.

"هل يمكنك إخباري بما حدث؟" سألت ليلى، وهي تحاول أن تلطّف الأجواء، ولكن آدم كان يبدو مترددًا في إخبارها بكل شيء.

نظر إليها آدم طويلًا، كما لو كان يقيّم مدى الثقة التي يمكن أن يمنحها لها. ثم، بعد لحظة من الصمت، قال: "ربما يومًا ما، سأخبرك بكل شيء. لكن ليس اليوم."

شعرت ليلى بالإحباط، لكنها أيضًا كانت تعلم أن هذا الحوار كان خطوة نحو معرفة المزيد عن آدم. كانت الأسرار التي يخفيها تتجمع، لكن لحظة الكشف عنها لم تأت بعد. كانت تعلم أن الوقت سيكشف المزيد من التفاصيل، ولكن ليس الآن.

"حسنًا..."، قالت ليلى، محاولة أن تكون هادئة. "سأنتظر."

ثم عادت إلى كتابها، بينما جلس آدم في صمت بجوارها. وكلاهما كان غارقًا في أفكارهما، في انتظار اللحظة التي ستنكشف فيها جميع الأسرار التي يحملها هذا الرجل الغريب.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon