غريب في منزلنا
#غريب_في_منزلنا
كانت ليلة عاصفة، السماء ممتلئة بالغيوم الثقيلة، والأمطار تتساقط بغزارة على النوافذ في منزل قديم يعزله الطريق عن المدينة. في الداخل، كان الدفء يملأ المكان، حيث تجلس ليلى مع عائلتها الصغيرة في غرفة المعيشة. النار تشتعل في المدفأة، وأصوات الرياح تعصف بالخارج، وكأنها تروي قصة غامضة. ليلى، الفتاة ذات العشرين عامًا، كانت غارقة في كتابها، بينما والدتها السيدة "نورا" تصب الشاي، ووالدها يجلس هادئًا يقرأ جريدته.
"يا له من جو مثالي لأفلام الرعب!" قالت ليلى بضحكة ساخرة وهي تنظر من خلال النافذة المظلمة التي تعكس مشهد السماء الملبدة بالغيوم.
ابتسمت والدتها بلطف وهي تضع كوب الشاي أمام ليلى، "إذا كنتِ تخافين، أغلقِ الكتاب وتوقفي عن قراءة الروايات المخيفة."
لكن قبل أن تجيب ليلى، دوى صوت طرق قوي على الباب، مما جعل الجميع يقفز في أماكنهم بفزع.
"من هذا المجنون الذي يطرق الباب في مثل هذا الطقس؟" قال والدها بتذمر وهو يضع الجريدة جانبًا.
خطت ليلى بحذر نحو الباب، عيونها تتنقل عبر فتحة الباب الصغيرة. رأت شابًا يقف مبللًا بالكامل، يرتدي معطفًا ثقيلًا، لكن يبدو أنه بالكاد يحميه من المطر الغزير. كان وجهه مغطى بشعره الأسود المبلل وعيناه متعبتان.
"من أنت؟ وماذا تريد؟" سألت ليلى، محاولة أن تبدو شجاعة على الرغم من القلق الذي كان يعتريها.
أجاب الشاب بصوت منخفض، "آسف على الإزعاج... تعطلت سيارتي بالقرب من المنزل. هل يمكنني الدخول للحظات فقط حتى يهدأ الطقس؟"
"ليلى، من هناك؟" سأل والدها من داخل المنزل.
"شاب غريب... يبدو وكأنه هارب من فيلم درامي سيئ"، همست ليلى بسخرية وهي تراقب الشاب من خلال الباب.
فتح والدها الباب بحذر، وقال: "ادخل قبل أن تصاب بالتهاب رئوي وتموت على عتبة بابنا. لا نريد مشاكل مع الشرطة!"
دخل الشاب، وكانت آثار المطر تبلل الأرضية حيث وقف، وقال: "شكرًا... أنا آسف حقًا للإزعاج." كانت نبرته مليئة بالامتنان، لكنه بدا وكأنه خائف من مواجهة شيء ما.
نظرت ليلى إليه بتفحص وقالت بابتسامة ساخرة: "ألم تجد مكانًا آخر لتعطل سيارتك غير أمام منزلنا؟ أم أن لدينا علامة على الباب تقول 'أهلاً بالغرباء'؟"
ضحك الشاب بخفة وقال: "بصراحة، لو كانت هناك علامة، لما قرأتُها. كنت مشغولًا بالمطر."
"كفى، ليلى!" قالت والدتها بحزم، ثم نظرت إلى الشاب وسألته بلطف: "ما اسمك؟"
"آدم"، قال وهو يخلع معطفه المبلل. "آدم سالم."
"حسنًا يا آدم، اجلس قرب المدفأة حتى تجف ملابسك. سأحضر لك شيئًا ساخنًا لتشربه"، قالت الأم بلطف، بينما استمر الأب في مراقبته بحذر.
جلس آدم بالقرب من النار، بينما كانت ليلى تراقبه بفضول. "هل أنت متأكد أنك لم تهرب من فيلم؟ لأن وجودك هنا يبدو... غريبًا جدًا"، قالت وهي تبتسم نصف ابتسامة.
"إذا كنتِ تسألين إن كنت مجرمًا، فلا داعي للخوف. أقصى ما يمكنني فعله هو أن أشرب الشاي بطريقة غير لائقة"، قال مازحًا، مما جعل ليلى تضحك لأول مرة.
"أوه، يبدو أنك تعرف كيف تستخدم الكلمات جيدًا، أليس كذلك؟" قالت ليلى بتحدٍ، بينما كان آدم يبتسم.
عاد والد ليلى إلى مكانه، لكنه لم يفارق الشاب بنظراته الحادة. "آدم، ماذا كنت تفعل في هذا الطريق؟ هذه المنطقة ليست معروفة بالكثير من الزوار."
أجاب آدم بابتسامة محرجة، "كنت في طريقي إلى المدينة المجاورة للعمل، لكن سيارتي قررت أن تعطيني استراحة غير متوقعة."
تبادلت ليلى ووالدتها نظرات غامضة، وشعر آدم وكأنه يواجه تحقيقًا صغيرًا.
Comments