#غريب_في_منزلنا
في صباح اليوم التالي، استفاقت ليلى من نومها مع شعور غريب يعصف بقلبها. كانت الشكوك التي تحوم حول آدم تتزايد مع مرور الوقت، لكن هناك شعورًا آخر بدأ يتسلل إلى قلبها، لا يمكن تجاهله: انجذاب غامض. لم تكن تعرف كيف تفسر هذا الشعور، ولكن شيئًا في عينيه كان مختلفًا. كان هناك شيء غير عادي في طريقة نظرته، كأن عينيه تخفيان أسرارًا عميقة. حاولت ليلى إقناع نفسها بأنه مجرد توهم، مجرد انعكاس خيالاتها بسبب القراءة المفرطة للروايات الغامضة، لكنها لم تتمكن من نزع هذا الإحساس.
في تلك الليلة، وبعد أن انتهت من عملها في المطبخ، قررت ليلى الذهاب إلى المكتبة الصغيرة التي كانت دومًا ملاذًا لها. كانت المكتبة مكانًا يعكس شخصيتها، مليئة بالكتب القديمة التي تحكي قصصًا خيالية وأسرارًا من الماضي. كانت الساعة قد قاربت العاشرة مساءً، والمصباح الوحيد في المكتبة يبعث بنور خافت، مما جعل المكان يبدو هادئًا وساحرًا.
بينما كانت ليلى غارقة في كتابها المفضل، سمعت خطوات خفيفة تقترب منها. رفعت عينيها لتجد آدم يقف عند الباب، يحمل في يده كتابًا قديمًا مشابهًا لذلك الذي كانت تقرأه. لم يتحدث في البداية، ولكن صمته كان مفعمًا بشيء غريب، وكأن هناك نية غير معلنة وراء وجوده هنا.
"لم أكن أتوقع أنك من محبي القراءة"، قالت ليلى وهي تغلق كتابها برفق وتضعه جانبًا، مُستعدة لملاقاة آدم في هذا اللقاء المفاجئ.
أجاب آدم بصوت هادئ وعميق: "القراءة وسيلة جيدة للهروب من الواقع". كان صوته يحمل نغمة خفية من الألم، وكأن وراء تلك الكلمات كان هناك ماضٍ مرير يحاول أن يخفيه عن الجميع.
"هل أنت متأكد أنك تهرب من شيء؟" سألته ليلى، والفضول يملأ عينيها. كان هناك شيء في طريقة حديثه يثير حفيظتها. شعرت أن هناك طبقات من الأسرار خلف كلماته.
أدار آدم رأسه قليلاً، ثم أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يجيب: "أحيانًا أفضل أن أهرب... ولكن لا أعتقد أن الحديث عن ماضيّ سيفيد في شيء". كان هذا الاعتراف بمثابة نافذة صغيرة تفتح على عالمه الداخلي، عالم مليء بالألم والخفاء.
كانت ليلى تراقب تحركاته بصمت، ملاحظةً كيف كانت أنفاسه ثقيلة، وكأن ثقلًا غير مرئي كان يضغط على صدره. كانت تلك لحظة من الصمت التام، حيث كل واحد منهما غارق في أفكاره، ومع ذلك كانا مشتركين في هذا الحوار الغامض الذي بدأ يتكشف بينهما.
ثم، وبشكل مفاجئ، سألته ليلى بلطف: "وماذا عنك؟ ما الذي تحاول الهروب منه؟" كان هذا السؤال بمثابة فخ غير مرئي، وضع آدم في مكان لا يستطيع الهروب منه. شعر بشيء غريب في قلبه، وقرر أن يكون صريحًا لأول مرة.
"ربما لا أهرب... لكنني أخفي. أخفي الكثير من الأشياء." كانت كلماته تحمل في طياتها اعترافًا عميقًا، كما لو أنه قد كسر جدارًا كان قد بناه حول نفسه طيلة السنوات.
كانت تلك الكلمات بمثابة ضربة لقلب ليلى. توقفت لحظة، شعرت بتغير داخلي، كأن مشاعرها قد تغيرت بشكل مفاجئ. كانت تلك الكلمات تحمل شحنة عاطفية قوية، وكانت بالنسبة لها بمثابة لحظة من الكشف عن حقيقة أكبر من ما توقعت.
"وأنتِ؟" سألها آدم، وهو يقترب منها خطوة. لكن ليلى تراجعت قليلاً، كانت تشعر بأن قلبها ينبض بسرعة أكبر، وأنها لا تستطيع السيطرة على مشاعرها.
"أنا؟ حياتي بسيطة... لا شيء مهم"، قالت ليلى بنبرة متماسكة، ولكنها لم تتمكن من إخفاء الخوف الذي تسلل إلى صوتها. كانت تحاول الهروب من الإجابة الحقيقية، من الاعتراف بمشاعرها التي بدأت تتنامى نحو آدم.
"أوه، لا أعتقد ذلك. الأشخاص الذين يكتبون القصص غالبًا ما يخفون شيئًا ما... ربما حتى عن أنفسهم"، قال آدم، وهو يبتسم ابتسامة خفيفة، لكن عينيه كانت تحمل معانٍ أعمق بكثير من مجرد مزاح. كانت كلماته بمثابة تحدٍ خفيف، ولكنه كان محقًا: ليلى كانت تخفي الكثير عن نفسها أيضًا.
شعرت ليلى بالإحراج من كلماته، وكان وجهها يغمره اللون الأحمر. لكنها لم تستطع الرد، لأن مشاعرها كانت أكبر من أن تستطيع تفسيرها. كانت تلك اللحظة بالنسبة لها مليئة بالتوتر، فبينما كانت تحاول الهروب من مشاعرها تجاه آدم، كانت هي نفسها تشعر بتغيير عميق داخلها.
في تلك اللحظة، أدركت ليلى أن شيئًا قد تغير بينهما. لم تكن متأكدة إن كانت قد تعرفت على آدم أكثر أم أنها كانت تحاول تبرير مشاعرها تجاهه، لكنها كانت على يقين من شيء واحد: هذا الشاب، الذي دخل منزلهم بشكل مفاجئ، أصبح جزءًا لا يمكن إنكاره من حياتها.
Comments