تفاجأ آستاروث من صنع ساتان لأسلحتھ أثناء اندفاعھ نحوھ، فاستغل ساتان تفاجؤھ وھاجمھ بالمنجل بتھورٍ صارخاً، فتفادى آستاروث الھجمة بسھولة ورفع ساتان من ياقتھ بشدة، فاستأنف ساتان التلويح بالمنجل والكرة في الھواء قرب وجھ أبيھ والخوف ظاھر على ملامحھ، فقال آستاروث لنفسھ بتاعبير غاضبةٍ ممتعضةٍ "ھذا الشقي، لم أتوقع أنھ سينتج عنصرھ حتى، فكيف لھ أن يطوّرھ للمستوى الثاني؟" فاجأ ساتان أباھ عندما لوّح بمنجلھ بسرعة لم يلحظھا آستاروث فجرحھ حرجاً سطحيًّا في يدھ اليمنى التي كانت ترفعھ، فالتقى حاجبا آستا غضباً ناتجاً عن ألمٍ طفيفٍ، فرفع إبنھ ثم رماھ إلى جدار مكتبةٍ يميناً وھو يقول بنبرةٍ نابعةٍ عن مقتٍ شديد:
_أيها الشقي الملعون، تقبل مصيرك فحسب!
كانت ضربةً قويةً لدرجة ثقبها للهواء داخل الغرفة عندما كان ساتان غير قادرٍ على مقاومة سرعتها وقوتها، فآلمھ رأسه وجسده عندما ثقب خشب الجدار وسقطت عليه الكتب والموسوعات الثقيلة وخنقھ الغبار المتصاعد من الارض جرّاء سقوط تلك الكتب القديمة، كان يسعل بينما ينظر لأبيه البعيد بعينٍ واحدةٍ يائسة ويقول لنفسھ "هذا الشخص قوي، أستاروث قوي، أبي قوي (سعال) لكنني لن أسمح له بقتلي حتى لو كان أبي" ورفع رأسه العابس فتفاجأ بأستاروث أمامھ مباشرةً يحمل فأسه الحديدية الضخمة بيده اليمنى، فلم يفسح له المجال لالتقاط أنفاسه حتى هبط عليه بثِقلها، فتفادى الضربة التي أوشكتْ على قطعِ رأسه بتدحرجه على الارض، لكنه استمرّ في تفادي الضربات تاركاً ثقوباً على جدرانِ الغرفة بصعوبةٍ مستغلًّا ثِقل الفأس على أبيه، كان يفكر "هذه الفاس، إنّها ثقيلة، علي ان أبدأ المهاجمةَ بدوري" فتفادى الضربة الاخيرة، ثم اندفع بقوةٍ وحزمٍ نحو أبيه مهاجماً وتشابكا لوقتٍ طويلٍ بالتناوب على الهجمات، فكان أستاروث يصدّ هجماته بالترس وساتان يتفادى ضرباتِ الفأس الثقيلة بصعوبة، فكّر آستاروث بغضب "ھذا الطفل ذو ال12 عاماً، يقاتلني بتكافؤٍ الآن؟ يا للسخرية، سأنهيه دون استعمال أيّة أساليب اخرى" فاستغل ثغرة دفاع ساتان عندما هاجمه بالفأس وتفاداها بصعوبة، فضربه بالترس القاسي بقوةٍ من جهةٍ مفاجئةٍ لدرجة رميھ على جدار مكتبةٍ كان في الجوار، ولم يسمع ساتان غير الصرير السمعيّ الحادّ حينها، فتشوّه وجهه ونزفت اذنه ولم يقدر على الوقوف وظلّ جاثياً على الارض، فرمى أستاروث فأسه وترسه للوراء وابتسم بينما يتقدم نحو ساتان الذي أسقط أسلحته بدوره بجواره، كان أستاروث يخاطب ساتان في صمت "هذا هو، هذه هي حقيقتك ساتان، هذا هو مصيرك ساتان، مقدّر لك أن تكون ضعيفاً حتى آخر أيام حياتك، أنا فقط أعجِّل الامر" ثم حمل ساتان من ياقته وبدأ في ضرب الأرض والسّقف والجدران بجسده المتعب عدة مرات حتى تركه ساقطاً على الارض مجدداً، ثم أعطاه ظهره ليجلب فأسه وهو يقول بصوتٍ مسموع:
_حان الوقت لقتلك وتخليص العائلة منك، سيكتمل عقابك فور موتك.
حمل ساتان المتعب أسلحته التي كانت بالجوار بصعوبة، ثم اندفع برغبةٍ عنيدةٍ في الحياة، الدم يتساقط من رأسه وأكتافه، الدموع تنهمر من عينيه ممتزجةً مع الدماء، ثيابه ممزقة رثة بالغبار الملتصق، يصرخ في صمتٍ قائلاً "لن أسمح ! لن أسمح لك بقتلي أبداً !"، تفاجأ استاروث عندما رأى كرة ساتان متوجهةً لرأسه فضُرِب بها، ثم شعر ببعض الدوار والألم جعله يوشك على فقدان الوعي، لكنه تمالك نفسه وثبت جسده المائل برجليه، ثم التف لساتان وهو يغلق قبضته ليضربه بها وهو يصرخ قائلاً:
_ساتان، أيها الشقي الضعيف!
لكنه تفاجأ عندما رأى نصل منجل ساتان داخل قلبه وجعله ينزف دماً بشدّة، كان ساتان خائفاً متوتراً لا يعلم ما فعله للتوّ، وازداد خوفه عندما رأى أباه يسعل دماً على ملابسه المدرسية، وازداد اكثر عندما استلّ منجله من جسد آستاروث فسقط أرضاً وصنع بحر دماءٍ حوله أمام عينيه، فقال لنفسه متداركاً "لقد مات، لقد مات حقًّا" فنزل عند وجه أبيه الشاحب من قلة الدماء فيه، فھمس له يتلعثم:
_أبِ-أبي، أبي ھَ-ھل.. أنت حي؟
فرفع صوته لعله يجد إجابةً من طرف أبيه:
_أأنت حي؟ أأنت حي؟!
نهض من الارض بقلة توازنٍ، ثم نظر ليديه التي تحمل المنجل الدامي منصدماً وقال بصوتٍ خافت:
_لقد مات، أيعقل أنني قتلت أبي بيدي ھاتين؟
صرخ بحرقةٍ مع بكاٍء شديد:
_لااااااا !
ثم توجه بخطواتٍ متأرجحةٍ تحكي كل ما حصل له دون حاجةٍ للكلام لباب الغرفة، فتحه ثم نزل في السلالم، فوجد أمّه البشرية أول من تنتظر نزوله عند نهاية الدرج، سألته:
_أين أبوك؟ ألم يكن معك؟ أخبرني !
مرت تلك الكلمات الصارخة المتسائلة على أذني ساتان كنسيم الهواء، فلم يتمكّن من إجابة لارا بسبب صدمته القوية، فقالت وهي تصعد السلالم جنبه متذمرةً:
_تبا، إبن غبي، سأصعد لأرى ما حدث.
كان التوأمان هالفاس ومالفاس ينتظران هبوط ساتان بجوار حقيبةٍ كبيرةٍ تحمل جميع أمتعته وكتبه، قالت هالفاس:
_ھاھي حاجياتك وكتبك السخيفة، خذھا معك واذھب، منذ اليوم أنت لم تعد شيطاناً، أنت منفي من عائلة الشياطين، اِذھب ولا تفكّر أبدًا في العودة، يوجد بعض المال ھناك أيضاً، تدبّر أمرك بنفسك.
لم يحرك ساتان ساكناً من مكانه ذاك بين نهاية وبداية السلالم، فصرخت عليه هالفاس بغضب:
_ھيا ! تحرك و أسرع بالخروج من القصر !
وصلت لارا للطابق الثاني، وذهبت للمكتب، فتحت الباب فرأت جثة آستاروث الميت وسط الدماء الحمراء الناشفة، فتفاجأتْ واضعةً يدها على فمها وقالتْ بصوتٍ خافت:
_عزيزي.
ثم مدتْ يديها نحو الجثة مندفعةً بسرعة، فعلمت أنه قد مات وصرخت بينما تبكي بشدّة:
_آستاروووث ! لاااااا !
ظلّت لارا تبكي لمدّةٍ من الوقت، ثم أسرعت نحو الباب مرّةً أخرى بخطواتٍ ثابتةٍ ويداها مغلقتان بغضب، فتحت الباب بقوّة ولم تسدّه ونزلت السلالم بسرعةٍ لتجد ساتان يوشك على جمع أمتعته، فأشارت له بقوّة وصرخت:
_أنت ! أنت أيھا القاتل، بدايةً مع ليليث والآن مع أبيك؟! أنت لم تعد إبني، أخرج حالاً !!
اِلتفت ساتان لأمِّه ونظر لها نظرةً حزينةً تصف شعوره القوي بالندم ولكن دموعه لم تذرف، كان يحبسها بتعنتٍ رغم علمه بعدم قدرته على ذلك، كان يحتفظ بها لوقتٍ لاحق، وقتٌ لاحقٌ يبكي فيه بقوّةٍ لأول مرةٍ ولآخر مرة، وقتٌ لاحقٌ حيث يكون لوحده، وقتٌ لاحقٌ حيث لا يُظهر ضعفه لأي شخص، طأطأ رأسه وهو يحبس تلك المياه المالحة في عينيه، وحمل أمتعته ثم خرج، وسدّت هالفاس ذلك الباب عليه بقوّة، فظلّ ينظر له ولم يبرح مكانه أمامه بسبب الصدمة القوية، عندها فقط تمكّنت شلالات دموعه من السيلان على وجهه أخيراً.
》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《
"ساتان"
شُلّ جسدي وبقيت أحملق في ذلك الباب الخشبي العملاق، باب لم أكن اعلم أنه موجود بالاساس، فأنا لم أعلم شيئاً من البداية، لو علمت أنني سأتسبّب في موت جدّتي، لما دخلت الغرفة من الاساس، لو علمت أنني قادر على قتل أبي، لهربت من المكتب فحسب، أنا حقًّا كما قالوا.. ملعون يعادي الآخرين بشروره، أحمق فاشل لا يعلم شيئاً...، كيف حدث كل ذلك؟ لقد كان شيئاً غير متوقع، عائلتي، عائلتي التي كنت أكن لها كل الاحترام والحب وأفتخر بها قد طردتني من القصر؟ عندما تذكرت ما كانوا يفعلونه معي في الماضي وسلوكهم الكاره تجاهي، كان ذلك واضحاً منذ البداية، لكنني لم ألحظه، كيف لي أن لا ألحظ كرهھم العميق تجاهي؟ حتى أبي، حتى أمي، كان لديهم نفس الشعور تجاهي، تبًّا لهم! تبًّا لي! تبًّا للجميع!! بكيت بشدّة أمام ذلك الباب، ولم أتوقف إلّا بعد مرور فترة بسبب سماعي صوت بكاءٍ عالٍ آتٍ من اتجاه الحديقة، تكرّر ذلك النواح عدّة مراتٍ على مسامعي فأخرجني من صدمتي، فقررت التحقق منه.. مشيت للحقيقة وكان بيل يحاكي حركاتي كما فعل منذ الصباح، وهو ينظر إليّ حتى وصلنا السياج الذي يلف الحديقة، فتفاجأت مما رأت عيناي.. كانت أمي تحمل سيفاً حديديًّا وتوجِّه نصله الدامي إلى معدتها، وبدا على منطقة خصرها عدّة جروحٍ عميقةٍ تنزف دماً بغزارة، إنها آثار ذلك السيف، سمعتها تبكي وتقول بنبرةٍ حزينةٍ وهي ناظرة لتلك السماء الغائمة:
_لماذا؟ لقد قُتِل عزيزي بسببه، تبًّا له! إذا مات حبيبي سأموت أيضاً، سأنتحر!
فور سماعي لكلماتها الاخيرة، تفاجأت وخفت فقبضت على ذلك السياج دون أن أعلم بقوّة، وفي نفس الوقت، اِنكسر قلبي حزناً على حزن أمي وأنا من تسبّب به، أمرتها صارخاً بنبرةٍ قلقةٍ متسرعة:
_أمي، لا تفعلي!.. لن أسمح لكِ بفعل ذلك!
لا لا، لن اسمح لشيءٍ فظيعٍ آخر بالحدوث في هذا اليوم، لھثت بقوّةٍ فور قولي ذلك، كنت قلقاً من خساةه شخصٍ آخر عزيزٍ عليّ، أدركتْ مكاني متعجبةً من صراخي، فامتعض وجهها مشمئزًّا من رؤيتي، وصرخت فور وقوع عينيها عليّ:
_اِخرس! كل شيءٍ بسببك، ندمت لأنني أعطيتك حبّي منذ البداية، كان يجب عليك أن تموت كما مات إخوتك، وھا أنت ذا حيّ ترزق وعزيزي ميت، اِرحل فحسب! وإيّاك أن تعود!.. إياااك!
عاد وجهها للتأمّل في السماء، وقالت بنبرةٍ حزينةٍ لا تعطي أيّ اعتبارٍ لوجودي:
_سأنتحر، سأنتحر لأجل حبّي الحقيقي، إذا ذھب آستاروث للنعيم، فسأتبعه، وإذا ذھب للجحيم فسأتبعه أيضاً، سوف ألاقيه بطريقة ما في العالم الآخر.
صرخت لآخر مرّةٍ راجياً أن تمتثل لطلبي:
_لا أمي، لا تفعلي ذلك أرجوك! لا تنتحري!!
لكنّها استمرّتْ وكأنّه صوت نسيم الهواء فحسب، رفعتْ ذلك السيف ثم غرسته في معدتها حتى خرج من منطقة نخاعها الشوكي، فرأيت دمها يلطِّخ عشب الحديقة الأخضر، فلم تكتفِ بذلك، حرّكتْ ذلك السيف المغروس حركةً دائرية فوسّعت ذلك الثقب غير مباليةٍ بسعال فمها دماً أو ألمها الشديد الذي جعل صراخها يُسمع في جميع أنحاء القصر، حتى خارت قواها وتركت قائم السيف واستلقتْ على الارض أمام عيني، عندها علمت أنّها.. ماتتْ، بقيت أشاهد استلقائها لعلي أراها تعود واقفةً كما كانت، كنت أتمنّى ذلك حقًّا، أن يكون كل هذا حلماً فحسب، سأخرج منه الآن، سأخرج منه الآن، وعندما فقدت الأمل عدت بخطواتي المبعثرة ووجهي الشاحب من ملوحة الدموع لمكاني أمام القصر، فجمعت أمتعتي وأنا اشعر بالظلم، ظلمني أفراد عائلتي، فتسبّب رد فعلي في كل ما حصل، ليتني تقبلت ذلك الظلم فحسب.. تساءلت "كيف لكلّ هذه الاشياء الفظيعة أن تحدث في يومٍ واحد؟ أولاً رفضتني تلك الساقطة آنجي، ثم اكتشفت أن الجدّة الطيّبة قد ماتت، والأسوء أنّها ماتتْ بسببي نوعاً ما، وبعدها قتلت أبي، ثم طردتني العائلة التي أحبها من القصر، والآن انترحتْ أمي وماتتْ وھي لا تحبني مَثلھا مَثل أبي" تبًّا لذلك اليوم! لم أكن قادراً على مجابهة كل تلك الامور لوحدي في تلك المدّة الوجيزة، كنت قد فشلت في كل شيءٍ حقًّا تلك المرّة، عدت للبكاء لأنّي لم أملك شيئاً آخر لفعله، فتداركت نفسي ومسحت تلك الدموع لأنني وجدت شيئاً آخر لفعله، لقد قررت "سأعيد بناء نفسي بنفسي وبدون الاعتماد على الآخرين، ھذا ما أرادوه بعد كل شيء، أليس كذلك؟ سأعيش لوحدي وأصالح نفسي،ولن ألوم نفسي بعد اليوم، ثم أعيد مراجعة أفكاري ومبادئي، وبعد بضعة سنوات سأعود بقوّةٍ إلى هذا القصر، سأنتقم" نظرت نظرةً أخيرةً لذلك القصر، ثم ذھبت.
》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《
بعد ذھابھ، عاش ساتان في بيتٍ مأجورٍ قريبٍ من الأكاديمية لمدة ستة أشھر، وفي أحد أيام ھذھ المدّة، كان يجلس في غرفة المعيشة يحدّق في السقف دون شيءٍ لفعلھ وبجوارھ بيل، فنظر لوجھھ الأسود ثم وضع يدھ على ذقنھ يتساءل عن كيفية نجاتھ ھو وأبيھ من الموت، ولم يموتا مباشرة بعد رؤية بيل لھما، فاعتقد بوجود سببٍ منطقي يفسّر ذلك، فسأل بيل:
_ھيي بيل، أتعلم شيئا عن لعنة ميدوسا خاصتك؟
لم يحصل على إجابةٍ من بيل، فعاد للتفكير "مادام لم يجبني فھو لا يعلم شيئاً" ثم استغرب من الأمر، وكرر سؤالھ عن كيفية حدوث ذلك وعن سبب حياتھ مع أنھ تمّتْ رؤيتع بواسطة بيل، ظلّ يفكّر مطوّلاً إلى أن جاءتھ فكرة مضيئة، فقال متحمساً:
_آھ وجدتھا، ذلك الكتاب، كتاب اللعنات، قرأتھ منذ زمنٍ طويلٍ ولم أفھم شيئاً، قد يفيدني قليلاً.
قبل أن يذھب لجدار مكتبةٍ في غرفة نومھ، فظلً يبعثر كتبھ باحثاً عن الكتاب النشود حتى وجدھ بينھم، ثم جلبھ لغرفة المعيشة، فقال قبل فتحھ:
_حسنا، فلنبدأ.
فتح الكتاب فوجد جملة "من كتابة لويس بريل" في أول صفحة، فتساءل "آھ، ذلك البشري الأعمى ھو نفسھ كاتب ھذا الكتاب؟ فلنكمل" فقلب الصفحة، ثم بدأ القراءة بتأنٍّ:
_"اللعنات مقسّمة لقسمين: لعنة الحواس الخمسة، وھي لعنة تمكِّن من التحكم بحواس الخصم، وتجعل الملعون يرى ويسمع ويحس ويتذوق ويشم ما يريدھ اللّاعن، ويمكن أن تكون معكوسة على الآخرين انطلاقا من الشخص الملعون، فمثلا: يمكن للملعون بلعنة الحواس أن يحجِّر من يلمسھ، أو يفجِّر من يسمعھ، أو يقتل من يراھ.. ،أمّا لعنة الموت فھي موت فوري بمجرد لمسھا للملعون"
يقرأ:
_"واللعنة عموماً ھي ھالة سوداء يرميھا اللّاعن على الملعون ليلعنھ بإحدى النوعين"
يقرأ:
_"ويمكن للّاعن أن يحدِّد ما بين أن يجعل اللعنة دائمةً أو مؤقتة"
يقرأ:
_"لا يمكن إبطال اللعنة إلّا بطريقةٍ واحدة، وھي حشو الملعون في شيءّ ما بواسطة تقنية تسمّى "الختم" وھكذا لن تؤثِّر لعنتھ لا فيھ ولا في الآخرين، ولتنفيذ تقنية الختم لا بدّ من أسلوب التطوير بالنسبة للخاتم إذا كان شيطاناُ أو غولاً، لكن إذا كان الخاتم عفريتاً أو تنيناً أو طيفاً، فليس بالضرورة أن يتقن أسلوب التطوير من أجل ختم الملعون، ويجب أن يكون العنصر الخاص بالشيطان أو الغول مطوّراً للمستوى الثاني على الأقل لتنفيذ عملية الختم"
يقرأ:
_"يمكن عكس اللعنة على اللّاعن لكن اللعنة لن تؤثِّر فيھ، بواسطة التطوير الحديدي للمستوى الثالث وھو القزدير ، وصنع درعٍ عاكسٍ للعنات بجميع أنواعھا"
ھمس ساتان في صمتٍ "ھكذا إذن" فبدا لھ أنّ أباھ قد عكس اللعنة على بيل، لكنھا لم تؤثِّر فيھ لأنّھ ھو اللّاعن، وبدا لھ أنھ حسب ما قرأھ حتى الآن، فإن بيل قد تم لعنھ في وقتٍ ما بلعنة حواسٍّ عكسيّةٍ في عينيھ، حيث يقتل كل من يراھ، أكمل القراءة:
_"يمكن الخروج من لعنة الحواس الخمسة عن طريق قتل اللّاعن، لكن لا يمكن إلغاء لعنة الموت حتى بعد قتل اللّاعن، فمن غير المنطقي إحياء شخصٍ قد مات جرّاء لعنةٍ بعد أن أُلغِيت"
قال لبيل بينما يغلق يدھ بثقةٍ وجدّية:
_حسنا بيل، لا بدّ أن الشخص الذي لعنك ھو في مكان ما الآن، أعدك بأنني سأقتلھ و أحرِّرك من اللعنة في وقتٍ ما وأعيدك إلى حالتك الطبيعية.
يقرأ:
_"إذا أراد الخاتم أن يختم الملعون في شيءٍ ما، فعليھ بوضع يدھ اليسرى على الملعون، ويدھ اليمنى على الشيء والتركيز كثيراً حتى يتطوّر عنصرھ ويستخدمھ، وعندھا سيتم ختم الملعون في الشيء بطريقةٍ سلسةٍ وسريعة"
قال ساتان لنفسھ "سأختم بيل في شيءٍ ما، أظنني قادراً على فعلھا ففي ذلك اليوم طوّرت عنصري للمستوى الثاني وحوّلتھ للفولاذ" لكنھ أراد إكمال القراءة لاقتناعھ بوجود سببٍ منطقي لعدم تأثّرھ باللعنة، وذلك ما حدث فوصل لآخر صفحةٍ في الكتاب، والتي تقول:
_".. وحسب المعطيات، فاللعنات مصدرھا مجھول"
فقال بنبرةٍ متعجِّبةٍ وخائبةّ يرفع حاجبھ:
_ماذا؟ وماذا عنّي أنا؟ كيف لم أتأثّر باللعنة الخاصة ببيل؟
استحالت بشرتھ للاحمرار وصعد الدخان من رأسھ غضباً، فرمى الكتاب بقوّةٍ على الأرض، ثم أغلق قبضتيھ بشدّةٍ بينما يقول:
_تبًّا، كتاب اللعنات السخيف، مالذي كنت أنتظرھ من كتابٍ كتبھ بشري؟ والآن علي البحث بنفسي عن السبب، فقد اِتّضح أن بريل نفسھ لا يعلمھ.
فأطلق تنھيدةً طويلة، ثم خاطب بيل مبتسماً بينما يضع يديھ على خصرھ متكبِّراً:
_بيل، كن مستعدًّا، سأخلّصك من لعنتك عن طريق ختمك في شيءٍ ما.
أجابھ بيل مستقيماً:
_حاضر!
وضع ساتان يدھ على ذقنھ مفكِّراً بينما يلتفت بوجھھ باحثاً ويقول:
_أيّ شيءٍ سأختمك فيھ، أيّ شيء؟
فوقعتْ عيناھ على كتاب اللعنات المرمى على الأرض، فأتتھ فكرة مضيئة وقال بينما يشير لھ بتكبّر:
_ھذا الكتاب السخيف الذي لا فائدة ترجى منھ!
حمل الكتاب من على الأرض، ثم جلس ووضع يدھ اليمنى عليھ واليسرى على رأس بيل، فأغمض عينيھ يخاطب نفسھ في صمت" حسنا ساتان، ركِّز على أطراف أصابعك جيّداً، ركّّز، ركّّز!" وبقي على تلك الحالة لفترةٍ طويلة، فبدأ قليل من الحديد في الخروج من أصابع يديھ ليحيط بغلاف الكتاب ورأس بيل، فقال لنفسھ "جيّد، والآن علي تطويرھ" فركّز مرة أخرى حتى أشارت الساعة لمرور نصف ساعة، ثم خرجت نثرات صغيرة من الفولاذ ففرح وقال لنفسھ "رائع رائع" وأعاد وجھھ لحالتھ الجادّة الأولى عندما قال لنفسھ " لالا، ھذا ليس وقت الفرح، علي التركيز جيّداً لإنتاج المزيد"، فبدأ بالتعرّق من التركيز لمدّةٍ طويلة، فخرجتْ كميّة من الفولاذ أحاطتْ برأس بيل وغلاف الكتاب، فأشعّ بيل بضوءٍ قوي وشفطتھ يد ساتان اليسرى، ثم مرّ خلال يدھ ثم صدرھ ثم اليد الأخرى فدخل الكتاب، ففرح ساتان وقال:
_مذھل، لقد خلصت بيل من لعنتھ وختمتھ، لكن لم أكن أعلم أبدا أن تقنية الختم متعبة و مؤلمة لھذھ الدرجة، لكن لا بأس لقد أنقذت صديقي.
فتح كتاب اللعنات، فظھر جذع بيل من وسطھ مع اختفاذ رجليھ، فقال:
_مرحباً بيل!
\=مرحباً ساتان!
فكّر ساتان "ھكذا إذن، إذا فتحت الكتاب سيظھر، وإذا أغلقتھ يا ترى ماذا سيحدث؟" فأغلق الكتاب:
_سيختفي؟ فتح الكتاب:
_ھاقد ظھر...، أغلقھ:
...ھاقد اختفى، فتحھ:
_ظھر!...، أغلقھ:
...اِختفى! فتحھ:
_ظھر!...، أغلقھ:
...اِختفى!
》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《
اِستمرتْ حياة ساتان الروتينية على هذا الحال، وبعد مرور ثلاث سنواتٍ منذ اليوم الذي مات فيه والداه، كان في طريقه للاكاديمية يذكِّر نفسه بمرور الثلاث سنواتَ بسرعة، مع أنّها كانت مليئةً بوحدته.. صمت قليلاً، ثم قال لنفسه "والآن ها قد عدت، وسبب عودتي واحد لا سبب غيره، نعم، لقد حان وقت الانتقام! أمضيت الثلاث سنين المنصرمة في التدريب بتلهّف من أجل القضاء على الجميع.. آنجي، والطلّاب الذين سخروا منِّي، والعائلة أيضاً" رفع يداه معلناً وجوده أمام البوابة، وقال بصوتٍ مسموع:
_لقد حان الوقت أخيراً، أصبحت قويًّا بما فيه الكفاية لأبيد أيّ خصمٍ ألاقيه، وأجعله يندم على سخريته منِّي، وآنجي ليست باستثناء، وبعدها سأقتل جميع أفراد العائلة التي تكرهني، وعلى وجهي ابتسامة الشخص الشرير.
اِنحنى مغمضاً عينيه غير آبهٍ بمن ينظر ومن لا ينظر، فقوّس ظهره عمداً ووضع يده على قلبه قائلاً:
_كنت أحبّھم، وذلك الحب العميق الذي كنت أكّنه لهم كان يقتلني تدريجيًّا من الداخل، إنّه جرح عميق، ولكنه لا ينزف، إنّه يؤلم فقط، وجعلني ذلك الحب كالأحمق التائه في متاهةٍ لا نهاية لها، لكن..
رفع رأسه مجدداً واستقام جسده، فرفع يداه عالياً، وأكمل:
_مع وجود رغبةٍ في الانتقام فالحياة تتدفّق من جديد، ويعود المرأ مع حياةٍ جديدةٍ من دون حب، هاھاھا.
أنهى خطابه الصغير على نفسه، وخطى خطوةً يمر بين تلك البوابة الضخمة، كان الطلّاب يتناوشون، أحدهم قال بصوتٍ مسموع:
_ماذا؟ أهو مجنون؟
قال آخر هامساً:
_نعم، إنّه ذلك النكرة من عائلة الصدأ.
فقال البعض في الوقت ذاته:
_أحمق، خبيث، عائلة الحقراء، ضعفاء.
لكن شيطاننا كان يردِّد في نفسه عبارةً واحدة "لأقضينّ عليكم جميعاً".
Comments