○القسم الأول من العرض : ●الفصل 1 : "أسود وأحمر العينين"

ليلة مكسوة بالسواد القاتم، نجوم مرصعة بضوءها الخافت على سماءٍ بظلامها الدامس، والقمر في حالة نصفٍ يطل بين الغيوم الشفافة، أشعته الضعيفة تغطي قصراً ضخماً، جدرانه متينة وبوابته الأمامية مبالغة في طولها وعرضها، في إحدى الغرف الأمامية شيطان صغير بشعرٍ أسودٍ وقرنان حمراوان، أذناه مدببتان وبشرتھ بیضاء شاحبة، كان يتعرق بينما يتقلب يميناً وشمالاً محاولاً النوم، لكن الخوف والقلق من امتحان القبول المجهول في الغد لم يفارقا قلبه الصغير

وضع وسادتھ علی وجھھ خانقاً ومتذمراً من الأرق، دقات عقارب الساعة المعلقة تنقر أذنيه بقوة، يسمعها وكأنها كانتْ تنتظر الليل طوال اليوم لإزعاجه، صورة معلقة على الحائط بجانبها فيها شيطان بالغ بقرب بشرية وشيطانٍ مراهقٍ بينهما، والشيطان الرضيع تحمله البشرية بنية الشعر وتقربه لحضنها، فأزاح ساتان الوسادة رامياً إياها بقوةٍ وانتفض من السرير جالساً مع إزالته للغطاء، توجّه مباشرةً إلى الحمام الذي كان قريباً، غسل وجهه وارتشف كوباً من الماء لإضماء ريقه الناشف، وهو يتساءل عن ماهية أسئلة الامتحان

ثم عاد للغرفة، فتحها ليجد مخلوقاً أسوداً قصيراً ذو عينين حمراوتين أكبر من الأعين الطبيعية، يبتسم ابتسامةً عريضةً تشق وجهه، تبدو مصطنعة أو لا إرادية، مع قرنين أسودين ملتصقين برأسه الكروي، كرشه ممتلئة قليلاً للأمام، وله ذيل على شكل سهم، ظن ساتان أنه يتخيّل، أو ربما هو غارق في حلمه بالفعل، فقرص نفسه لعله يستفيق من هذا الكابوس، لكنھ شعر بالألم فتوسعتْ عدستاه عند علمه بأن المخلوق بجانب سريره هو حقيقي صرخ من الصدمة خائفاً وسارع بالخروج من الغرفة لاشعورياً، ظل يجري بسرعةٍ في أروقة القصر الطويلة، وكأن الغرف لانهاية لها عبارة عن متاهةٍ غريبةٍ تبتلع كل من لا يدري بالمكان جيداً، لكن شيطاننا يعلم حق العلم أركنة وزوايا القصر، فقد لبث فيه إثنى عشر عاماً، كان يبكي ويصرخ طالباً:

_ساعدوني، ساعدوني رجاء! أرجوكم! أرجوكم!!

تاركاً مدىً يمر على معظم الغرف بصرخاته الطفولية، لكن أحداً لم يلبّ نداءه، فالتفت وراءه ليجد المخلوق يلاحقه، فخاف مجدداً واندفع بقوةّ وسرعةٍ متهوراً حتى ارتطم رأسه ببابٍ أسود ذو خشبٍ قاصٍ في أواخر القصر، مما أرداه جالساً على الأرض وهو يضع يده على رأسه متحسساً الألم، فدخل الغرفة متسللاً وخائفاً يستغل عدم وجود المخلوق في الأرجاء، فتساءل في صمتٍ عمّا إذا كان صاحب الغرفة غاضباً عليه لإزعاجه لھ، فقفل الباب بقسوةٍ بسبب توترھ الحاد محدثاً صوتاً عالياً في الغرفة، ثم لاحظ وجود عبارة "غرفة ليليث" مكتوبة على الباب، وأمَل أن لا تغضب عليه جدتھ، فاستفاقتْ لیلیث بعد سماعها صوت القفل وسألت بصوتٍ ناعس:

_من؟ من هناك؟

تثاءبتْ ببطئٍ وأردفتْ بينما تحرك يدها اليمنى فوق المكتب الصغير بجانبها:

_دعني ألبس نظارتي فحسب.

لبستْ نظارتها لتتضح لها الرؤية وتجد ساتان ملقى على الأرض أمام الباب، فابتسمتْ بحنانٍ وقالتْ:

_آه، إنه حفيدي الصغير، لم جئت إلى هنا؟

ثم حركتْ يدها طالبةً ساتان للمجيئ مكررةً "تعال تعال" فجاء الحفيد بقربها في حالةٍ من القلق وآثار الدموع لاتزال على وجنتيه، قال بصوتٍ خافتٍ بينما يطأطئ رأسه خجلاً:

_المعذرة، الست غاضبة مني؟

\=لماذا؟

_أنت تعرفين بالفعل، لأنني أفقتك، وأيضاً جميع أفراد العائلة يكرهونني لأنني فاشل وضع-

ربتت على كتفه مقاطعةً:

_لا بأس، لا بأس، أنا لست غاضبة منك، لذلك لماذا أتيت إلى هنا؟

اِبتسم بفرحٍ وقال:

_هكذا إذن، في الواقع لقد ظهر لي مخلوق غريب في غرفتي

صمت قليلاً، فأكمل وهو يشير لباب الغرفة في خوفٍ وارتعاد:

_وأظنه خلف ذلك الباب.

\=هكذا إذن.

فجأةً، عبر المخلوق خلال الباب أمام ناظري ساتان، فانصدم وهو لايزال مشيراً للباب فصار يتبعھ بسبابتھ قائلاً:

_نعم، ها هو ذا، إنه يدخل الغرفة

ثم تمسك بملابس ليليث بشدة وقال بصوتٍ خافت:

_أنا خائف.

توجه المخلوق لجدار السرير الأمامي، فتمسك به مختبئاً، لكن نصف رأسه العلوي ظلّ ظاهراً ينظر لساتان بعینیھ الكبيرتين، لم تر ليليث أي شيءٍ من تحركات المخلوق في الغرفة، فاكتفتْ بقولها لساتان بتعجب:

_ماذا؟ لا يوجد شيء.. أظنك تتخيل فقط يا عزيزي.

\=لكنني أراه حقًّا.

_تعال لتنام معي إذا كنت خائفاً أيها الحفيد اللطيف.

\=حسناً.

أدخل ساتان جسده ببطانية جدته ونام وهو يتمسك بها، لكن نومه كان متقطعاً، في كل مرة كان يستيقظ بها، كان يجد المخلوق متمسكاً بجدار السرير وهو ينظر لهما بعينيه الكبيرتين، تماماً كالصقر.

》《》《》《》《》《》《

"ساتان"

كان يقلّدني كل شيء، خروجي من الغرفة، غسلي لأسناني، غسلي لوجهي، تنشيفي لوجهي، لبسي لملابسي.. كلها كانتْ مقلّدةً من طرفه، لكن الفرق أنّه كان يحاكيني في الفراغ، حتى عندما أخذني السائق مارکوس بسيارته للأكاديمية مر خلالها وجلس بجانبي في المقاعد الخلفية، لكن ماركوس لم يلحظه، فتأكّدت أنني الوحيد الذي يراه.. بالطبع، كنت أتحدّى خوفي بعد تركي لجدتي النائمة ورؤيته يقلدني، لكنني لم أجده خطيراً كما ظننت البارحة

وبعد ساعاتٍ من اجتيازنا للحدود، وصلنا لأحد الأزقة القريبة من الأكاديمية فودعت ماركوس، وبدأت المشي مع محاكاته لمشيي، كان مستمرًّا في إرباكي بنظراتھ، فتوقفت وتوقف معي، ثم جريت بسرعةٍ ففعل نفس الشيء، ثم توقفت مجدداً وتوقف معي، فاختلط علي كلّ من غضبي عليه وتوتري وخوفي من الامتحان، ولم أتمكن من كتم كلماتي الغاضبة عندما صرخت في وجهه قائلاً:

_لقد طفح الكيل! لماذا أنت ملتصق بي؟ إبتعد عني، أأنت بدون شخصية؟!

كنا قريبين من بوابة الأكاديمية الرئيسية والتلاميذ حولنا، فسمعت همساتهم الحاكمة على تصرفي، أحدهم نعتني بالأحمق، لكنني لم آبھ بل حزنت على ذلك المخلوق، فاعتذرت منه، لكنه لم يجبني، فأكملت خطواتي حتى وصولي البوابة العملاقة ورأيت المدرسة الأكثر عملقة، كانت واسعةً وشاسعةً أكثر بكثيرٍ من القصر، قلت حينها بصوتٍ مسموعٍ مندهش:

_اووه، ضخمة جدًّا! لا بل يجب علي القول، عملاقة!!

لم أستطع كبح كلماتي آنذاك، فدخلت برفقته للأكاديمية ولاحظت مجدداً أن لا أحد يراه، لكن لم أنا الوحيد من يراه؟ لا بد أن هناك سبباً منطقياً، لكن لا يهم الآن، علي أن أثبت نفسي في هذه المدرسة الضخمة هيهي، اِلتفتت له وقلت:

_وإذاً، تبدو لطيفاً على عكس البارحة، فقط لو تزيل تلك الابتسامة المخيفة ستكون ألطف، ماهو إسمك؟ ومن أين أتيت؟ كم عمرك؟

أجابني بصوته الطفولي لأول مرة:

_أنا بيل، لا أعرف من أين أتيت، وعمري إثنى عشر عاما.

وأخيراً أجابني، بدا لي أنه لم يكن يعرف إجابة الأسئلة الأخرى، لذا لم يجب، سعدت بالتحدث إليه، فقلت:

_إذاً أنت بنفس عمري؟.. حسناً بيل، سأدخل لإنجاز إختبارٍ مهم لذا لا تزعجني، حسناً؟

\=حسناً.

كنت الأخير في طابورٍ من الطوابير الطويلة، أنتظر دوري لأخذ رقمي ورقم قاعتي، ثم ذهبت لتلك القاعة، ألقيت التحية على الجميع آملاً أن يردّھا أحدھم، يالغبائي!

فالتفت الأستاذ الأشيب لي بينما يشير لمقعدٍ خاوٍ في منتصف الصف الأوسط قائلاً:

_هذا مقعدك، ساتان.

تفاجأت من معرفته لإسمي وأنا متأكد أنني لم أملِ بھ بعد، فسألته:

_المعذرة، كيف تعرف اسمي؟

فأجابني بتهكم:

_هاه، ومن لا يعرف اسمك؟ أنت مشهور جدًّا، هيهيهي، على كلٍّ اِجلس اِجلس.

اِستغربت من كلامه وتقدّمت للمقعد أتساءل عن مقدار ما تعلمه المدرسة عن عائلتي، وهذا هو يومي الأول فيها، فجلست مركّزاً.

》《》《》《》《》《》《

سماء زرقاء صافية، وشمس لا تشع كثيراً ولا قليلاً، جو معتل بسيط تماماً، وكأن النهار يتناسى ويستهزئ بالليلة الدامسة السابقة، مدرسة ممتدة كالأفق، معمارها مشابه للقلاع البولندية المشهورة، شيء يدل على تاريخها العريق، أقسام شُيّدتْ حديثاً في المقدمة، في أحدها نجد فصلاً عادياً، لكن طلابه غير اعتياديين

منهم من يمتلك قرنين طويلين وآخر يمتلك قرنين متفاوتين في الطول ومن يمتلك قرناً واحداً في منتصف الجبهة، وآخر لديه عدة قرون شوكية تقسم رأسه نصفين، الأستاذ لا يمتلك أي شيءٍ ممّا سبق، فهو طويل القامة، عريض الأكتاف، يبدو شابًّا قليلاً لكن شعره أشيب على النقيض، يلبس وزرةً تصل لرکبتيھ، ونظارتين طبيتين مع ابتسامةٍ خبيثةٍ مصطنعةٍ على وجھھ، قال مخاطباً:

_أنا آلبرت، بدأت التدريس هنا منذ عشر سنوات.

شدّ خصلة من شعره و أردف:

_فكما ترون، أنا حالياً في الثلاثينيات من العمر فقط ومع ذلك شعري أشيب.

ضحك بصوتٍ عالٍ، ثم قال:

_نكتة جيدة، أليس كذلك؟

ثم نظر للطلاب متعجباً من عدم تمكنھ من إضحاك أي أحد، فأدرك بأنه سيء في إلقاء الدعابات، تماماً كما ظن، فحمحم وقال:

_على كل حال، سأدرسكم طوال الثلاث سنين الأولى من الدراسة، ثم يتم تغييري بأستاذٍ آخر، وأريدكم أن تعلموا أنها ستكون عبارةً عن %90 من الإمتحانات التحريرية والتمارين فقط، لتتجهزوا.

سأل أحدهم :

_وماذا عن ال%10 المتبقية؟

\=هذا سؤال جيد، ستكون فيها بعض التدريبات لتعلم بعض الحركات وفنون الدفاع عن النفس.

فكر ذلك الشيطان الصغير بسعادةٍ برغبته في أن يغدو أول من في صفه، معتمداً في ذلك على قراءته لعدة كتب، يالغبائه!

أردف آلبرت بينما يضع يده على أوراق اختبارات القبول المكدّسة فوق بعضها:

_ھنا لدي اختبارات القبول، ولتعلموا شيئاً، كل الاختبارات في هذه الأعوام الثلاثة ستكون متنوعةً ومبنيةً على العلم والفلسفة والموسيقى الخاصين بالبشر أساساً، وبعضها سيكون مبنياً على تاريخهم وأساطيرهم، وفنون القتال كذلك ستكون مستنبطةً من فنون البشر.

اِنصدم التلاميذ، فقالوا بصوتٍ موحد:

_البشر؟!

\=نعم بالطبع.

قال أحدهم:

_لكن، أليست فنون قتال العوائل الخمسة أقوى منها لدى البشر؟

\=نعم، هي كذلك، ستدرسونها في السنين الثلاث الأخيرة.

_هكذا إذن.. بالمناسبة أستاذ، من أي عائلةٍ أنت؟

تعجب آلبرت من السؤال لعدم فهمه له، فصمت قليلاً ليستوعب وقال:

_آه نعم نعم، هيهيهي.

اِبتسم ابتسامةً عريضة، ثم ثبت نظارتھ قبل أن يقول:

_يمكنك القول أنني من العائلة السادسة، هيهيهي.

\=هاه، إذن أنت بشري؟

تحولتْ ابتسامة آلبرت لتعجبٍ عندما قال:

_ماذا؟ بالطبع لا، أعني فكر بالمنطق، كيف يعقل لبشري أن يدرس طلّاباً من العوائل الخمسة؟ لا يعقل، صحيح؟

عاد للابتسام مجدداً، ثم أردف:

_يمكنك القول أني بشري ولست بشريًّا في الوقت ذاته، هاهاها.

بدأ آلبرت في الضحك بشكل هستيري لدرجة أن أضراسه قد ظهرت مع عدم مبالاتھ بتعجب الطلاب منه، إلّا أن تلميذاً وراء ساتان شبیھ بالبشر مثله قد سأل نفسه فيما إذا كان يعقل بأن آلبرت الأستاذ هو مثله

فسأل التلميذ الذي سأل آلبرت سابقا نفسه بدوره بعد سماعه الإجابة بصوتٍ هامسٍ "وهل توجد عائلة سادسة؟"، قال آلبرت بعدها مخاطباً القسم بأكمله:

_على كل حال، فلنبدء الاختبار.

ثم خاطب ساتان بالتحديد مع التفاتةٍ له:

_أأنت مستعد، ساتان؟

أجابھ ساتان بحزم:

_نعم!

اِستأنف آلبرت توزيع الإختبارات على القسم كاملاً، وكان ساتان متحمساً وخائفاً في نفس الوقت ينتظر أن يحصل على ورقته، فلمّا ألقى عليها نظرةً بعد وضعها، تفاجأ من كونها عبارةً عن رموزٍ مدببةٍ مبهمة، فسأل آلبرت ملحًّا:

_أستاذ آلبرت ما هذه الرموز؟

كان آلبرت يعطي ظهره للطلاب بينما يكتب شيئاً ما على السبورة بالطباشير، فالتفت بعد سماعه السؤال، ثم أشار للسبورة بالطباشير قائلاً:

_كما ترون هنا يا صغاري، يوجد شرح تلك الرموز مع مقابلها بالحروف التي تعرفونها، هذه الرموز تسمى "بْرَيْلْ"، وهي نقاط يقرأ بها العميان، صنعها معلم بشري فرنسي إسمه "لويس بريل" من أجل إعطاء فرصة الدراسة للأشخاص المكفوفين، وكما قلت سابقاً فنحن سنعتمد على تاريخ واكتشافات البشر في الإمتحانات، المطلوب منكم هو كتابة إجابة الأسئلة مستعملين نفس الرموز المستخدمة فيها.

تحدث أحد التلاميذ:

_لكن يا أستاذ لا يوجد قلم أو ريشة لنكتب بها.

أشار آلبرت له مع ابتسامة على محياه:

_نعم، هنا توجد الخدعة، عليكم كتابتها باستخدام عناصركم.

\=هكذا إذن.

كانتْ كلمات آلبرت الأخيرة كالرعد الضارب على قلب ساتان، ففاجأه ولم يتمالك نفسه عند وقوفه من الكرسي وصراخه من الصدمة ليجعل من كل العيون داخل القاعة ناظرةً له قائلاً بتلعثم:

_ممممالذي قلته للتو؟!

لم يحصل سوى على عدم فهمٍ ولامبالاةٍ من طرف آلبرت، فجلس مرتبكاً بعد ملاحظتھ لعيون الآخرين، وشدّ رأسه بتوترٍ وهو يفكر "يا إلهي، ماذا سأفعل؟" فتأكّد من رسوبه وعدم اکتسابھ لحب عائلتھ، سأل نفسه مرة أخرى "ماذا أفعل؟"

توجّھ آلبرت للمكتب فجلس وتحولتْ ابتسامتھ لغضبٍ غیر ملاحظ، فبدأ في اللعن بصمتٍ بينما ينظر لارتباك ساتان، قال لنفسه "هذا مجهد، لِمَ علي إنجاز تلك المهمة اللعينة؟" كرّر اللعن مرتين ثم أخرج علبة سيجارةٍ من جیب وزرته وقال لنفسه "سأحتاج للقليل من إفرازات الدوبامين" واستھلّ التدخين بقوة.

》《》《》《》《》《》《

"ساتان"

الساعة معلقة في الجدار أمامي، أنظر لها بين الفينة والأخرى بخوفٍ وارتباكٍ شديدين، وكأنني أنتظرها لتعاقبني كما فعل فاه الأستاذ قبل قليل بصدمةٍ من نوع ما، أشدّ رأسي بيدي المبللتين بالعرق الناتج عن توتري لتجعلا منه أكثر ابتلالاً مما كان عليه، ألقي نظرةً خاطفةً على بقية الطلاب يميناً ويساراً، لأجد بعضهم قد انتهى من الإجابة بالفعل، والبعض في خضمّ معركته مع الورقة، والبعض الآخر يفكر للإجابة عن الأسئلة بينما يقرأ ما كُتب على السبّورة

بقيت على هذه الحال حتى مر نصف الوقت، الساعة من أخبرتني بذلك، فشعرت بنكزة ضعيفة على ظهري، ظننتني قد دخلت في مرحلة التوهّم من شدّة توتري، فشعرت بالنكزة الثانية التي كانت أكثر قوة، فعلمت أنني لا أتخيل وإنما الشخص الذي ورائي يريد التفاتةً مني، لكنني لم أفعل بل ظننت أنه لن ينكزني أكثر، فشعرت بالثالثة والتي كانت قويةً جدًّا، قال معها بصوت عال "هيا!" فاستدرت بعدها وأنا موشك على البكاء، أحبس القطرات في مكانها، فوجدتھ فتىً بنفس عمري، ذو شعرٍ برونزي داكنٍ وعيون بنفس اللون، بعض الخصلات الناعمة تغطي جبهتھ وحاجبيه، لكنني استغربت عندما لاحظت عدم حيازته على أية قرونٍ أو آذانٍ مدببة، فظننته من عائلةٍ لم أقرأ عنها، قلت له منزعجاً:

_ليس لدي وقت لك، سأرسب في الامتحان، ثم إن الأستاذ يراقبني منذ وقتٍ طويل.

اِلتفت ناظراً للأستاذ، فقال:

_ماذا؟ ظننته يراقبني أنا.

اِلتفتت للأستاذ بدوري، فصرنا ننظر إليه معاً، فارتبك وحوّل عنقه للإتجاه الآخر بطريقةٍ مضحكة ثم عدت للفتى، فأكمل:

_يبدو أنه أدار وجهه، قل لي ما مشكلتك؟

\=ليس لدي القدرة على استخدام العنصر الخاص بي، وأنت؟

_أنا لا أعرف الأجوبة، ولكنني قادر على استخراج عنصري، دعني أخبرك بالطريقة.

بسط يده اليمنى أمام وجهي، ثم أشار لأصابعه قائلاً:

_كل ما عليك فعلھ هو تركيز الدم في رؤوس أصابعك وعندها سيخرج العنصر، ألم تخبرك بها عائلتك؟

اِعتلتني الفرحة ومسحت دموعي العالقة، فصرخت دون أن أشعر قائلاً:

_أحقًّا؟!

تدارکت سؤاله الأخير ففكرت أنني لا أستطيع إخباره السبب وراء عدم إخبار عائلتي لي بالطريقة، فوضع سبابته على فمه أفقيًّا وقال:

_شششش، أأنت أحمق؟ سيسمعنا الأستاذ.. والآن ساعدني أرجوك.

\=حسناً.

همست بالإجابات في أذنه، ثم استدرت، فحزمت نفسي ونظرت للساعة وأنا أفكر باستعمال كامل قوتي في ذلك مع علمي المسبق بالإجابات، بينما كان بيل موجوداً بجانبي الأيمن طوال الوقت يرمقني بنظراتٍ عجيبة ولا يراه أحد غيري.

》《》《》《》《》《》《

"آلبرت"

لم أستطع إزاحة عيني عن ذلك الشيطان الصغير، أية أوصافٍ أخرى؟ جلست ساهياً أفكر، فخطرت علي بعضها.. ذلك الشيطان الجاهل المسكين المرتبك المكروه، ولكن رغم كل ذلك فهو سعيد نسبيًّا، شخص يعتمد في سعادته على امتحانٍ سهل، كم أحسده علی بساطتھ فهو لايعلم أي شيء

كان لا يفعل شيئاً غير التجمد والشدّ في الرأس هناك وكأنها نهاية العالم، فكرت لوهلة بالحسرة عليه لكونه جاهلاً، يالغبائي! ولكني أعذر نفسي فقد كان مرتبكاً بينما يُجري الجميع تمارينه باستشناء فتىً من العائلة السادسة -مثلي- كان وراءه، لمسه عدة مراتٍ حتى جعله يستدير مرغماً عليه، ظننت بأن شيئاً مثيراً سيحدث فترقّبت، تكلما قليلاً بعدها فسمعتهما يتحدثان بينما ينظران لي، فالتفتت للجهة الأخرى بسرعةٍ حتى كسرت جزءًا من عنقي لأنني علمت أنهما كشفا مراقبتي، فصرت أنظر للإثنين بعينٍ واحدةٍ بحذر، فوجدتهما يساعدان بعضهما إلى أن نزلا على أوراقهما يخرجان عناصرهما بجدٍّ وظلّا على ذلك المنوال حتى الدقائق الأخيرة من الوقت، وكان ساتان متعباً جدًّا، هذا وصف جيد آخر له.

رنّ الجرس فأعطاني الجميع أوراقهم وكان ساتان آخر من يفعل ذلك، فتعكّل بالعتبة أمامي ومددت يدي نحوه أحاول جذبه، لكنني لم أفعل، بل ساعده صدیقھ الجديد وحمله على كتفه مما طمأنني، فقال لساتان:

_هل أنت بخير؟

\=نعم أنا متعب قليلاً فقط.

قلت مبتسماً مصفّقاً أعبّر عن إعجابي الصادق:

_يالها من صداقةٍ جميلة! أعطوني أوراقكما بسرعة.

أجاباني بعد التحديق ببعضھما لوھلة:

_حسناً!

فأعطيانيهما وقلت بينما أتحقق من تلكما الورقتين:

_في الواقع، كنت أراقبكما طوال الوقت، وأعلم أنكما غششتما.

اِنصبغ وجها الإثنين بملامح المفاجأة والارتباك الشديد، أردفت مطمئناً:

_لكن كثناءٍ على صداقتكما هذه، سأعطيكما علامةً كاملة، حسناً؟

أجاباني بسعادة:

_حسنا!

أعطيتهما العلامة الكاملة بلا شعورٍ غير مبالٍ بالعواقب، فشكراني قبل مغادرتهما للقسم.

》《》《》《》《》《》《

خرج ساتان وصديقه من القسم، فقال ساتان بينما يمد يده للمصافحة:

_شكراً على المساعدة.

صافح الفتى ساتان بابتسامةٍ على محياه قائلاً:

_لا بأس، الشكر لك أيضاً.

\=بالمناسبة، ماهو إسمك؟

_إسمي هو غارفيلد، وأنت؟

\=إسمي هو ساتان، تشرفت بك غارفيلد.

_أنا أيضاً ساتان.

\=على كل حال علي فعل شيء ما بسرعة، أتأتي معي؟

_حسناً.

_

_

_

_

_

_

T.B.C..

كان ھذا فصلي الأول، أتطلع لآراءكم🖤

أعرف أنھ سريع من ناحية الأحداث، لذلك أحب تشبيھھ بالسرعة الابتدائية

حيث:                Vi\=2(d/t)-Vf

سيتم التحديث أسبوعيًّا يوم السبت إن شاء اللھ 😁

إلى اللقاء 👋🏻

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon