الفصل الأول -١

...بَين نغمَة الألَم والندَم ... بَين أصوَات اليَأس و الأسَى ......

...بَين ريَاح التعَاسة و حسرَة ... هل يُوجد الضُّوء ؟! ... أم الظَّلام ؟َ!...

..........

...في تِلك الليلة ، كانت أصوات الرعد عاتية ، أضواء البَريق التي تمر عبر نوافذ قصر مُظلم ، تحت أصوات الأقدام التي تجر في أنحاء القصر ، وأجواء الليل البَاردة و شديدة الظلمة ، نبرات صوتُ امرأة بشَفتين مرتعِشة ، وأعين مليئة بالدموع ....

..." أ-أنتظر ! ليونارد ! لا تذهب أرجوك..! "...

...اصبحت تتشبث بذراعه بقوة ، تحت أمل يائس بمنعه بالمغادرة ، التفت إليها يرمُق بنظرات باردة ومخيفة ، دَّب الرُّعب قلبها من تلك النظرات المريبة للغاية ، تحدث بصوت صاخباً جداً ، كما لو أنها فعلت شيئا لا يغتفر!...

..." أ-أنتِ مزعجة للغاية فايوليت ! ألا تعلمِين ؟! كم عانيتُ في العيش معكِ؟! "...

...توقفت يَديها المتجمِدة عن شدِّ ملابسِه إليها ، تحت دهشة تغمُر محياها ، كان حديثاً جارحاً لم تعتقد يوماً أنها ستسمعه ، ومن الشخص الذي أعتقدت انه الحبيب والعزيز والأخ و الزوج لها ..!...

...تحت أصوات تنفُسها العالية ، بينما تحاول نطق سؤالاً لم ترد حتى الإجابة عليه ، أصبح يرمُق إليها بصمت سائد هادئ نحو المكان ، ينظر إلى أعماق عينيها الحمراء اللامعة و الممتلئة بالدموع ، تلك العيون التي لطالما اعتاد ان يراها ، اصبحت شفتيه مرتجفة للغاية ، بينما استدار بعيداً عنها ، يتجه إلى الباب الكبير للقصر ، توقفت قدميه لبُرهة أثناء سماع صراخها ، الذي بدا آتياً من قلبها ....

..."م-ماذا عن ليون ؟! ماذا عن طِفلنا الصغير؟! أستجعل ليو يعيش دون أن يمتلك أباً ؟! "...

...تحت اتِساع أعين ليونارد الحمراء الداكنة ببطء ، أصبحت يديه المكتسية قفازاً أبيضاً تنتفض بقوة ، يحاول الوصول إلى مقبض الباب القصر الكبير ، بينما أصبحت شَفته السفلى تنزفُ دماً إثر قضمه لها ، تحت أصوات فايوليت المتقطعة الأنفاس والتي لا زالت صامدة ، تحاول أن تتوسل إليه و تترجاه بشدة ، بما تبقى من أمل ضَئيل ألا يتركها وحِيدة بمفردها ، في القصر الفارغ ومع طفلها الذي لا يزال صغيراً جداً ....

..." ليونارد! ليونارد! أرجوك..! عُد إلي .. لا تذهب بعيداً عني..! "...

...بعد بِضعة خطوات ، يمكن سَماع صوت باب القصر يغلق ، كانت أصوات الرعد مرتفعَة للغاية ، تحت ارتعَاش جسدها الشديد ، وعينيها التي لا تتوقف عن ذرف الدُّموع ، جُرح قلبها للغاية ، أصبحت تغطي وجهها بيديها بصَدمة شديدة ، بينما يندَّثر الشعر الأسود الطويل والرَّقيق في انحَاء جسدِها الضعيف ، تسقط على الأرض رَاكعة على ركبَتيها ، لم تعد قدميها قادرتان على حملها ، فستانها الإرجواني القرمزي الذي ينتشر على الأرض ....

...كانت أصواتُ و شَهقات البكاء تتصاعد نحو القصر ، وأضواء الرَّعد التي تخترق زجاج النَّوافذ وتَعكس على ذلك الجسد المنهار ، أقترب ظِل صغير من مسافة قصيرة ، تحدث بنبرة مَليئة بالبرَاءة ولُطف شديد ، تحت فَرك عينه اليسرى الصغِيرة ببطء....

..." أمِي ؟! ما الذي يَحدث ؟! "...

...رَفعت فايوليت رأسها بعيداً عن يديها بذهول ، بينما تشهق وتُزيل دموعها بسرعة ، تحاول إخفاء تِلك الدمُوع ، بينما ترفعُ يديها نحوه تحت ابتِسامة مزيفة للغاية ، بنبرَات صَوتها الدافئة المليئة بغدر اليَّأس ....

..." آه ... ليو؟َ! صَغيري ..! هلاَّ أتيت إلي؟! "...

...ركَض ليون إليهَا ، بينما يُعانقها بشدة ، كان جسَده خائفا للغاية ، بينما أصبحَت الدمُوع تسقطُ من عينيه الحَمراء الصغيرتان ، شعَرت فايوليت برَجفة جسده ، أعتقدَت في بَادئ الأمر انه كَان خائفاً من أصوَات البَّرق والرَّعد ، تحدث ليون وسَط شَهقاته الباردة ....

..." أين أبِي ؟! هل ذهبَ حقاً ؟! "...

...فورَ سَماع فايوليت إليه ، استَمرت الدمُوع تخرج من عينيها مرة أخرى ، تقوم بغرسِه تحت أحضَانها ، ولمسَات راحة يديهَا الرقيقَة على شَعر ليون الأسود المَخملي ، تُحاول جاهِدة التَّقليل من روعِه ، تُجيبَه بابتسَامة عَريضة بصَوت دافئ للغاية ....

..." أنا ..- أنا..-"...

...فِي اللحظَة التَّالية ، لَم تعد قَادرة فايوليت على تَحريك فمها ، كَان الألَم شديد للغَاية ، كمَا لو أن شخصاً ما قام بطَعنها على قَلبِها المَجروح عِدة طَعنَات ، تتحَدث بعَد أخذ نفساً طويلاً ، تُحاول أن تُلملم شتاتَ نفسها ، تحتَ دهشَة الصَّغير مِمَا يسمَعه ....

..." أنا..- آسفة يا صَغيري! "...

...تحتَ المَطر الذي يَهطل بغَزارَة فِي الخَارج ، يقِف شخصاً ما ، كَان من الواضِح أن ملابسَه أصبحَت مُبللة للغَاية ، بينما يتكِئ بيَده بشدة نحو باب القَصر ، بالكَاد يَمنع جسَده المُنهار مِن الإنْزِلاق و السُقوط على الأرض ، تحتَ شهقَات بُكاءه ، يُحاول إيقَاف البُكاء بِيده الأخرَى ، تحت خُيوط شعرِه الفُضي ذو الحَرير النَّاعم والذِي يصِل إلى كتِفيه ، أصبحَت تِلك الخصلات الرطِبة بالماء ، تُواصل السقوط إلى وجهه ....

..." أيها الأمِـــير ليـونارد ! العَربة المَلكية فِي انتظَارك ..! "...

...توقف ليونارد عن البكاء فور سماعه لأحدهم في الخلف ، والذي انحنى بخفة ، يبدو أنه يرتدي زي خادم ، يحمل مظلة سوداء بيده اليسرى ، تقدم ببطء بينما يضع المظلة الأخرى التي يحمِلُها بيده الأيمن فوق رأس ليونارد ، رفع ليونارد جسده بعيداً عن باب القصر ، بينما أصبح يمعن النظر نحو القصر ، والى تلك الحديقة التي لطالما اعتاد أن يقضي وقته فيها مع ليون وفايوليت التي أعتادت أن تقف بعيداً ، بينما تراقبهم و تضحك بصوتها الدافئ ، لكن ... يبدو أن هذه الأيام سوف تتلاشى بعد الآن ....

..." سيـدي الأمير! أن الإمبراطور لم يعد يستطيع الإنتظار أكثر! فقد أنتظرك لأكثر من عشر سنوات ! "...

...استدار ليونارد إليه ، بدت تلك الأعين الحزينة ممتلئة بالغضب ، يحدق إليه باستمرار بهالة قتل شديدة ، شرارات الخطر وصلت إلى رئيس الخدم الذي من القصر الإمبراطوري ، قوس ظهره ينحني أكثر من تسعين درجة بسرعة تحت ارتعاش جسده ، اجاب ليونارد ببرود شديد ....

..." أجل .. أنا أعلم كريستيان ..! "...

...شدَّ قبضته بإحكام على المقبض المنحني للمظلة السوداء ، تحت غضبه الذي يحاول قمعه ، يقف أمام العربة بينما يكبح نفسه بكل ما أوتي من قوة ، لكن... يبدو انه لم يعد يستطيع التحمل أكثر ، ضرب باب العربة بقضبة يده بإنزعاج ، الدُموع شَارَفت على السقوط من عينيه البرَّاقة ، بينما يلتفت نحو رئيس الخدم ، لا تزال الكلمات التي تفوه بها كريستيان تزعجه بشدة ، كما لو أنه يَفتَح تلك الخدوش الملتئمة من الماضي المعتم ....

..." أيها... العجوز القذر ! "...

...اختار رئيس الخدم كريستيان أن ينحني على الأرض بركبتيه هذه المرة ، بينما يتَسول بشدة طالباً مسامحته على وقاحته الشديدة ، لم يهتم ليونارد بِما يفعله ، فقد ركب العربة بينما أمر أن تتحرك العربة بعيداً عن القصر، تبعتها عربات أخرى بعد فترة قصيرة . تحدث الراكب الذي في المقدمة ببطء، شعر بخطر يتدفق من ذلك الأمير ، لم يكن مجرد ابن غير شرعي للإمبراطور ، يبدو انه أدرك لماذا أراده الإمبراطور بشدة ، انه اشبه بالأسد المفترس الذي لن يترك فريسته أبداً ، قرر التحدث بعد تفكير عميق بحذر ، بينما ينتقي كلماته باحترام شديد ....

..." أيها الأمير ؟! هل لا بأس تركِكَ لهم ؟َ! "...

...أجاب ليونارد بنظرات باردة للغاية ، بعينين غير مبالية بوجه خالي من أي تعبيرات ، ولكن... هذا ما يبدو عليه الأمر ....

..." هذا الأمر لا يهمك! "...

...ساد الصمت داخل العربة ، شعر الراكب أن نبرة صوت ليونارد بدت تعيسة للغاية ، أصبح يلُوم نفسه بسؤاله ، فضل عدم التحدث مرة أخرى بينما يستمر بجر العربة ، تحت الطريق الزَّلق و الممتلئ بالطين ، والأجواء العاصفة التي تمر بقوة في تلك الليلة ، والتي تحمل معها الأحزَان والآلام ..!...

الجديد

Comments

nermeen Kamal

nermeen Kamal

كملى
شكلها هتبقى جامدة واحداثها حلوة

2024-04-02

2

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon