الفصل السابع

لم تكن قوتي كافية لمقاومة كلارك و منعه من أن يجعلني أتعاطى ذلك الكوكائين ، استطاع طرحي أرضاً و تثبيتي بلوي ذراعي و كان قد مزّق كيس الكوكائين أمامي و قام بتقريب رأسي بالقوة نحوه حتى أشتم ذلك الشيء القاتل !

نعم .. اضطررتُ لاشتمامه فذراعي كانت تؤلمني بشدة كما أنني خفت أن يحدث بي مثل ما حدث مع ذلك السمين ، يبدو أن كلارك أشد بغضاً منه و أصبحتُ أكرهه أكثر من ذلك السمين فبسببه ارتكبت خطيئتي الثالثة ! قاتل ، خائن ، و الآن متعاطي !

و بعد أن نجح في جعلي أشتم ذلك النوع من المخدرات قام مقهقهاً ناصحاً لبقية المساجين أن تكون هذه عبرة من يعصيه ، عندما قام بضرب الطاولة المرة السابقة ظننتُ أنه لا يتحمل الظلم و كان يريد أن يدافع عن ذلك الرجل المسكين و لكن يبدو الأمر مختلف تماماً ، ربما اغتاظ من ذلك السمين و لم يعد يتحمل سذاجته ، أكان السمين ساذج بنظره ! أم أنه لا يريد أحد يكتسح المهجع سواه !

و في المساء بعد تناول العشاء عند حلول الساعة الثامنة مساءً ، فُتح باب الزنزانة ليدخل ذاك السمين مُجبراً يده متوجهاً إلى سريره يجلس بصمت في حين نهض البغيض الآخر يتوجه نحوي و بيده زجاجة بيرة يمُدها نحوي يأمرني أن أشرب منها ، لم يكن بيدي فعل شيء سوى أن اُطيع الأمر و احتسي تلك الجعة و هنا كنتُ قد ارتكبت خطيئتي الرابعة !

وفق معتقداتنا فهي من الخطايا أيضاً على عكس بقية معتقدات الآخرين في طوكيو ، و لكن ما أعرفه أنني سأعاقب ذلك اللعين الذي جعلني ارتكب تلكتا الخطيئتان ، و الشيء الآخر الذي بدأتُ أفكر به هو كيف سأحكم هذا المهجع ؟!

فيبدو أن الأمر ميؤوس منه ! و ما أراه بأن كايو لن تقوم بتوكيل محامٍ لي ! و لا يوجد طريقة يستطيعون إخراجي بها من هنا ، لن يتمكنوا من فعل ذلك بالعنف ! و لهذا يجب عليّ حُكم هذا المهجع و إلا أصبحتُ ضحية لذاك المدعو كلارك .

و انقضت تلك الليلة على ما حدث حتى أضحى النهار و أصبح هذا ثانِ يومٍ لي في السجن ، حتى جاء الشرطي و أخرجنا نرى ضوء الشمس عدة دقائق في ساحة السجن ، و هنا بدأتُ أرى المساجين مجموعات من يوالي من ، و من صديق من !

كان السمين البغيظ مكروهاً من طرف الجميع حيث لا أحد اقترب منه و كان يجلس في الساحة لوحده أو ربما كان الجميع يجتمع عنده قبل ذلك و بعد أن أصبح هناك شخص أقوى منه ، تخلوا عنه !

في حين كان هناك أربعة مساجين مجتمعين حول كلارك و يبدو عليهم أخطر مساجين في المهجع بعده ! و يبدو أن كلارك أكثر دهاء و مكر مما توقعت و يود أن يرى مدى صدق الذين حوله ، حيث أن أحد الأربعة اللذين يقفون حوله توجه نحو ذلك السمين و بدأ يشتمه بألفاظ نابية قذرة ، لا أعلم إن كنتُ أشفق على السمين أم أضحك عليه فقد كان ينظر لذلك الشاب نظرات عجز و ضعف ربما كان ذلك بسبب ذراعه التي كُسرت ، و كان قد وضع يده الأخرى يربت على ذراعه المكسورة و هو يستمع لتلك الشتائم و لكن لفجأة أثير غضبه و كان قد ضغط على أسنانه في حين أن الجميع اجتمع حول هذان الاثنان فنهض من مكانه مسرعاً مكوراً قبضة يده السليمة يركض نحو ذاك الفتى صارخاً : " أيها اللقيط ! "

و لكن الحالة ! .. انتهت بلوي ذراعه الأخرى و هو يتأوه من شدة الألم ، حيث استطاع ذلك الشاب فعل ما فعله كلارك و أنا انظر بكامل صدمتي ، بأن ذاك السمين مجرد ضعيف لقيط !

اعتقدتُ للوهلة الأولى سيحدث به كما حدث المرة السابقة و تُكسر ذراعه الأخرى ، و لكن ما حدث زاد من ذعري و دهشتي ! حيث قام ذاك الشاب بذبح عنق السمين بسفود أخرجه من جيبه حتى تناثرت دمائه على بعض المشاهدين و رويت الأرض بها ..

ليأتي رجال الشرطة مسرعين بعد أن شاهدوا ذلك التجمع و على ماذا ينظر المساجين ؟!

و يبدو أنهم لم يصدموا من تلك الحادثة هذا لأنه مهجع مجرمين و سفاحين و لعلهم شهدوا مثل تلك الجريمة كثيراً و اعتادوا على الأمر ، و قد اعترف الشاب بكل أريحية بأنه الفاعل ليؤخذ إلى المنفردة و تُنهى الاستراحة . لم أتخيل أن هناك من يستطيع على ذلك السمين أو أنه قد يموت في السجن !

و مرت ساعات و كان كلارك يمارس تنمره حيث يجبرني على شرب جعة كل ساعة و اشتمام بعض الكوكائين ، و لكن للحظة جائني شعور الانتفاض و إلا سأصبح مدمناً و ينتهي بي المطاف بإحدى المصحات ! و عند حلول الساعة الثانية عشر صباحاً بينما كنا سنخلد للنوم جائني أحد أؤلئك الرجال الذين وقفوا مع كلارك في الاستراحة مبتسماً بسذاجة يلوح بكيس كوكائين بيده قائلاً : " وجبة ما قبل النوم يا صغيري . " و قام برمي الكيس نحوي و لكنني لم ألتقطه و سقط أرضاً ثم دُستُ عليه بقدمي و بدأت اضغط بقوة حتى ظهر الكوكائين من أسفل قدمي مما كان ذاك الرجل غاضباً ينظر بتعجب مما فعلته و تتوسع مقلتا عينيه بغضب ليُصرح : " هيّ أنت أيها اللقيط ، هل تعصي أوامر سيدي ! "

و كان قد كور قبضة يده و يهاجمني للكمي ، و لكنني قفزتُ جانباً اتجنب ضربته ليزداد غضباً و غيظاً في حين أن كلارك بدأ يبتسم بخبث و هو جالسٌ مكانه يتابع ما يحدث بيني و بين ذلك البغيض ، الذي كور يده مجدداً و يقوم بمهاجمتي مرة أخرى إلا أنني انحنيتُ مكوراً قبضتي أنا الأخر و قمتُ بهجومي المضاد و لكمته أسفل الحزام ليجثو على ركبتيه صارخاً من الألم واضعاً يداه مكان اللكمة ثم توجهتُ نحوه ليقول و هو يتأوه من شدة الألم : " أي..أيها اللقي..يط ... " و ما كان ليُكمل كلامه حتى لكمته على أنفه ليسقط أرضاً و الدماء تسيل من أنفه ، لم يحتاج كلارك وقتاً للتفكير فقد أصدر قراره بشأن ذلك البغيض على الفور و أمر اثنان من السجناء بسحبه من يده إلى آخر الزنزانة و إبراحه ضرباً لخسارته النزال ضدي ! و في تلك اللحظة و بينما كان الجميع ينظر إليّ بدهشة كنتُ قد ألقيت كلماتي تلك على جميع من في الزنزانة : " يبغض زمن السجن السجناء ، يعتبرون أن المكان مكانهم و هم دخلاء و كأنهم جاؤوه بإرادتهم !

السجن لن يُبكيني و لن يكون أحداً زعيمي ، لن أفعل ما يسُر غيري و لست خائفاً من أحد ، الجبان من يفر من الخطر ، و الخطر من يفر من وجه الشجعان . "

قلتُ ذلك بلهثة و خوف لكنني تشجعتُ و قلتها و عندما انتهت من كلماتي تلك قد ضحك ذاك المتنمر بشكل هستيري ثم قال : " لن أدعك تفقد لذة الانتصار يا فتى ، سأعلمك الآداب غداً . "

ثم نهض متوجهاً إلى سريره يخلد للنوم كما فعل الجميع ذلك في حين أنني كنتُ مستلقياً على سريري مستيقظاً أخاف النوم فالكثير تعرضوا للقتل أثناء نومهم في السجون ، أفكر متى و كيف سأخرج من هنا ؟ و هل سأخرج حياً أم جثةً ؟ تراودني الكثير من الأسئلة حول مصيري ! بعد ستة ساعات سيصبح يومي الثالث بالسجن ! و لم أرى أي حركة و لم أسمع خبراً من كايو ، يبدو أنها لن تنقذني هذه المرة !

أو ربما سجني خيراً لها إن كانت خائفة أن اسعى لانتقام والداي ! لذلك تركتني !

نعم .. ربما لا تريد موتي لذلك أنقذتني من يد تلك العصابة و الآن تظن أنني بأمان في هذا السجن لذلك لا تنقذني و تجعلني بعيداً عنها ، و لكن الحقيقة أن هذا السجن أخطر من استهداف العصابات في الأزقة ! و الآن نحن ندخل صباح اليوم الثالث حيث الساعة التاسعة صباحاً في حين كان أحد السجناء يُقدم للبغيض كلارك فنجان قهوة ليحتسيه ، يأخذ كلارك الفنجان و يسكب ما فيه أرضاً ثم يقوم برمي الفنجان أرضاً لينكسر و يشير لذلك السجين برأسه للذهاب كنتُ انظر لما حدث و انا أستغرب الأمر فالسجين من الذين فرضوا الطاعة لكلارك و ما هي إلا ثوانٍ ليحول نظره نحوي يأمرني بالنهوض للتنظيف و سكب قدح آخر له و إحضاره ، أي كان ذلك رداً لما فعلته أمس و تحدياً لكلماتي تلك و لكن هذه المرة لن أدع الخوف يغلُبني و كنتُ قد تحديته بطلبي أن يعتذر لي و إلا سأفعل به ما فعلت مع ذلك البغيض ، فانفجر ضاحكاً يأمر رجاله بإحضار البغيض الذي هزمته ليلة أمس لأرى حالته لعلي أخاف !

لن أكذب ، فلقد صدمتني حالته حيث ألقوه أمامي و كان جثة هامدة من شدة الضرب الذي أبرحوه اياه !

لم أتخيل أنه سيموت من ذلك الضرب ! و لم أتوقع بأنهم سيضربوه حتى الموت لأنه خسر النزال !

و لكنني استفقتُ من تلك الصدمة مُستغلاً ذلك بقولي : " هل سيحدث بك هذا إن خسرت النزال ضدي ؟ " ليقهقه و هو يسخر مني متحدياً بأنني لن أستطيع لمسه و بلمح البصر قام بهجومه المباغت دون تنبيه و كان قد كور يده عندما كان يضحك و لكنني كنتُ قد انتبهتُ له فتخطيتُ هجومه قافزاً ليبتسم بخبث ثم يستمر بهجومه دون توقف ..

فهمتُ أسلوب قتاله حيث أنه لا يود إعطائي فرصة للهجوم و لا بد أنني سأسهو عن دفاعي ليتمكن مني بعد ذلك ، و لم أتمكن من فعل ما فعلته مع ذلك البغيض بهجوم مضاد لأنه يتوقع حركات يدي ، لم يراقب ذلك النزال عبثاً ! لا بد من جعله يلكمني بعض اللكمات لأستطيع مجاراته و معرفة نقاط ضعفه فتوقفت لاتركه يهاجمني فمسك بياقتي و يبتسم ابتسامة انتصار قائلاً : " و أخيراً .. انتهت اللعبة . "

ليلكمني بعد ذلك على وجهي و تلقيت اللكمة الثانية و الثالثة و عندما شعرتُ بأنه ارخى انتباهه عند اللكمة السادسة قمتُ بركله أسفل الحزام بقدمي ليُفلت ياقتي و يتأوه من شدة الألم و كنتُ قد أطلقتُ هجومي عليه و لكنه كان مختلفاً عن ذلك البغيض حيثُ أنه يستطيع تحمل الألم و قد أمسك بقبضتي بيده و بدأ يضغط عليها كما فعل مع ذلك السمين ، و قد بدأت أتأوه من الألم و للحظة خطرت على مخيلتي فكر تُشتت انتباهه فبدأتُ أحاول معاركته من خلال قدامي و بدأ بالتصدي بأقدامه أيضاً و استمريتُ بفعل ذلك حتى وضع تركيزه على الأقدام و على الرغم من أنه يضغط على قبضتي بقوة ، و في النهاية استطعت لكمه على وجهه ليراجع للخلف و يترك قبضة يدي و ركضت مسرعاً من أعلاه لأصبح خلفه تماماً و أحكم ذراعه بشدة كما فعل مع ذلك السمين و ابتسمتُ بخبث اقرب فمي نحو أذنه أهمس له : " ما رأيك أن أفعل بك كما فعلت مع ذلك السمين ؟ " و بدأتُ أضغط على يده بقوة يصرخ من شدة الألم يضرب الأرض بكف يده معلناً استسلامه و خسارته النزال ..

و بعد تلك اللحظة قام جميع المساجين بفرض الطاعة لي حتى كلارك أصبح قريباً مني حتى أصبح صديقي الذي يرافقني بالسجن ، و قد مر خمسة أيام على وجودي في السجن لا أعلم ما هو مصيري !

و بعد مرور ثلاث ساعات استدعاني الرقيب جوني أخيراً للتحقيق مرة أخرى ، لا أعلم ماذا يود أن يعلم و لكن ما يهمني هو معرفة مصيري فذهبتُ مع ذلك الشرطي لغرفة التحقيق أقابل الرقيب جوني و الذي كان مبتهجاً عند رؤيتي ، يعرض عليّ الجلوس ثم بعد ذلك بدأ يسأل عن حالي و إن كنتُ سعيداً هنا أم لا !

انفجرتُ ضاحكاً من ذلك السؤال الغبي ، ربما ظن أنني ضيفٌ في بيته .. هل يُسئل المرء إن كان سعيد بالسجن أم لا ؟!

تجاوزتُ ذلك و أجبته بأنه أنا من يجب أن أسأل عن حالتي ! إن كنتُ سأخرج من هنا أم لا ؟! أخبرني بأن ذاك الرجل الذي مات في عراكه مع السمين ، كان على عنقه بصمات يد السمين مما أدى ذلك إلى تبرئتي و أن التهمة تحولت للسمين الذي قد مات بالفعل ثم قال بأنه سيتم ترحيلي للمحكمة خلال الساعات القليلة القادمة و هناك سيصدر القرار بشأني ، و طلب مني أن أحزم أمتعتي كي أغادر السجن . و من ثم عدتُ لزنزانتي أزفُ ذلك الخبر في حين قام الجميع بإلقاء التحية عليّ و يقومون بتوديعي و منهم من ذرف الدموع و يمسحها بكُم قميصه أما كلارك فكان قد اقترب مني و قام باحتضاني مودعاً يقول : " إن للصداقة لمسة من الحسيّة ، فشكل الصديق و وجهه و عيناه و شفتاه و حركاته و نبرة صوته ، كل هذا محفور فى ذهني ، مفتاح سري يمنحك الثقة لأن تبوح بنفسك فى صداقة حقيقية ، منذ كنت طفلاً كنت أكره الوداع ، كلمة الوداع بالنسبة لي تعني شكلاً مصغّرًا من أشكال الموت.. ' بابتسامة ' و لكن حدسي يخبرني بأننا سنلتقي مجدداً يا صديقي . "

جعلتني تلك العبارات في حالة من الذهول ، في واقع الأمر لم أتوقع هذا كله من كلارك للوهلة الأولى التي رأيته بها ضد ذاك السمين ظننتُه متنمراً ، سيئاً ، سفاحاً ! و لكن الآن أثبت عكس ذلك تماماً و لم انتظر كل تلك الصداقة على مدار الخمسة أيام !

نعم .. دائما الإنسان ما به جانب مشرق ، و طابع جميل ، حسٌ من الحنية و الطيبة ، دائماً ما كانت تقول لي أمي : " ينمو الشر عندما يقول الطيبون ولا يفعلون شيئًا . "

و لاقتلاع ذلك الشر يجب أن يفعل الطيبون حتى و إن لم يقولوا شيئاً ، فهذا ما حدث معي مع كلارك عندما تغلبتُ عليه و أريته الرحمة و الشفقة انتهى الجانب المظلم فيه و سطع جانبه المشرق ، لعل ما جعل جانبهم المظلم يظهر بهذه الشدة هو تعرضهم للظلم و الغدر و الخيانة و قساوة الحياة عليهم !

أتمنى أن التقي بكلارك مجدداً ان لم يصدر حكم الافراج عني و برائتي !

...يتبع ......

الجديد

Comments

♡اوتاكو ✿ الارمي♡

♡اوتاكو ✿ الارمي♡

واااااااااااااااو

2024-01-27

1

الكل

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon