البحر الأزرق الشرقي — قرية فوشا
مرّت سنة كاملة على استيقاظ زاماسو.
في منزل صغير مغطى بأشجار كثيفة، جلس فتى في التاسعة من عمره، ربما العاشرة.
كان نصفه العلوي عاريًا، يرتدي سروالًا رياضيًا أسود، وشَعره الأسود الطويل يتدلّى حتى كتفيه.
جلس إلى جانب الجدار الخشبي للمنزل، واضعًا يده على ركبته، يحدّق في الفراغ بعينيه الحمراوين اللافتتين.
لكن عينيه لم تكونا تائهتين... بل مركزتين على نافذة شفافة لا يراها سواه.
نافذة النظام.
في رؤيته، ظهرت مهمّة معلقة:
---
المهام المتسلسلة — "وراثة القدر"
التواصل مع بطل القصة: ✅ مكتمل
التقرّب من بطل القصة: ✅ مكتمل
كسب ثقة بطل القصة: ✅ مكتمل
سرقة مصير البطل: ⏳ غير مكتمل
كسر حلقة القدر بقتل البطل: ❌ غير مكتمل
> تحصل على نقاط خبرة ومكافآت إضافية بناءً على تقييم النظام لأدائك في المهمة.
---
"سرقة مصيره... ثم قتله. بهذا الترتيب، لا عكسه."
قالها زاماسو في نفسه بنبرة باردة.
مضت سنة منذ وطأت قدماه قرية فوشا، وسارت الأمور كما كان يأمل — ببطء، لكن بثبات.
بمجرد وصوله، منحه النظام أولى المهام: مهمة متسلسلة تبدو بسيطة... لكن نهايتها كانت ملوّنة باللون الأحمر الدموي.
"سرقة لوفي؟ لم تكن يومًا مشكلة."
فور معرفته أنه سيقابل لوفي، قرر خطته دون تردّد:
سرقة فاكهته، علاقاته، طاقمه، وحتى رحلته.
ولم يشعر بالذنب لذلك.
لم يكن يرى في "لوفي" أكثر من اسم... على ورقة دور البطولة.
بمرور الوقت، بدأت قطع من الحقيقة تُكشَف له شيئًا فشيئًا.
عرف أنه ليس مجرد دخيل على هذا العالم، بل خليفة... خليفة شخص يدعى إيزيس.
حاكم الخيال.
بعبارة أخرى: كل ما حوله — هذا البحر، هذه الأرض، الشخصيات، القصة — كلّه مجرد عالم خيالي صُمم خصيصًا لتقوية خليفة الحاكم.
في البداية، أثار الأمر حماسه.
لكن عندما بدأ اندماج "نظام جسده" مع "نظامه الروحي"، لاحظ ظهور علامة تحديث جديدة في النظام.
تحديث فتح أمامه أبوابًا لم تكن مرئية من قبل.
صار النظام يجيب أوامره، لا يُعلّق، لا يرفض، بل يطيع.
ومن خلاله... عرف الحقيقة.
عندما يصبح مستعدًا تمامًا، سيتم نقله إلى "الكون الرئيسي".
هناك... سيُكلف بمهمة أعلى من كل هذا —
أن يُصبح الحاكم التالي للخيال.
عرف زاماسو تمامًا ما يعنيه ذلك.
قوة تخلق من العدم. وجود يكتب الأكوان كما يكتب غيره جملًا.
إيزيس لم يكن مجرد اسم.
لقد خلق كونًا كاملًا...
مجرّات، حقول نجمية، كواكب لا تُعدّ، وكل كوكب كان نسخة لعالمٍ يعرفه زاماسو.
"إذا كنت أنا الخليفة... فأنا أقف على عتبة الإله."
لكنه لم يُظهر حماسه.
بل أغمض عينيه، وأعاد ترتيب أولوياته:
"قبل أن أواجه الأكوان... عليّ أن أنهي هذا الفصل، وأكتب النهاية بيدي."
فووو...
زفر زاماسو طويلًا، وأزاح أفكاره جانبًا.
فتح باب الكوخ بهدوء، فخرج ولد صغير يرتدي قميصًا أصفر بلا أكمام، وسروالًا قصيرًا أسود، وصندلًا مفتوحًا بإصبع واحد.
زاماسو وحده يعلم قصة هذا الصندل...
يعلم أنه في المستقبل، هذا الصندل سيصمد في وجه أحد أباطرة البحار.
اقترب لوفي وجلس بجانبه، ثم قال ببساطة:
"لماذا لم توقظني معك؟ متى استيقظت؟... غريب. أين جدي؟ كان من المفترض أن يضربنا لنستيقظ كالعادة..."
حك رأسه بتعبير فارغ، ثم تابع بتساؤل غبي مألوف.
طوال عامٍ كامل، استيقظ كل صباح بضربات “الحب” من غارب.
زاماسو كان يتلقى أولى الضربات دائمًا، لكنه تعلم… فصار كل ليلة يُعيد توزيع نقاط سماته على "التحمّل" و"القوة" لتقليل الألم —
لكنه لم يستطع إلغاؤه.
من دون أن ينظر إليه، قال زاماسو بهدوء:
"العجوز هو من أيقظني... أخبرني أنه راحل، وطلب مني الاعتناء بك إلى حين عودته."
سمع لوفي ذلك، واكتفى بتعبير لا مبالٍ:
"رحل مجددًا؟ بدون أن يخبرني حتى؟ ... أوه! بالمناسبة، وجدت قميصك بجانبي، تفضل."
نهض زاماسو من على الأرض، ارتدى قميصًا أبيض، ثم ربط شعره للخلف بحركة هادئة.
نظر نحو لوفي وقال:
"لوفي، اذهب إلى الحانة واطلب من ماكينو أن تُعد لك فطورك. انتظرني هناك... سألحق بك قريبًا."
استدار ومشى نحو الأشجار المحيطة بالكوخ.
"هاه؟ ألا تأتي معي؟ إلى أين تذهب؟ خذني معك!"
سأله لوفي بنبرة معتادة.
"لا، أنا ذاهب لقضاء حاجتي. لن يكون الأمر مريحًا إذا رافقتني."
ثم أضاف وهو يختفي بين الأشجار:
"ولا تنسَ أن تطلب لي وجبة أيضًا."
راقب زاماسو لوفي وهو يركض باتجاه القرية، ثم زفر مجددًا وهو يعود إلى جوار الكوخ.
جلس متربعًا، وأسند ظهره إلى الجدار.
"فيوه... هذا متعب. لو لم أقل له ذلك، لما رحل. توقعت منه أن يصرّ على مرافقتي."
أغمض عينيه ودخل في حالة تأمل.
"غارب رحل. حسب توقيت الأحداث، من المفترض أن يظهر شانكس ومعه فاكهة المطاط. يأكلها لوفي، يغرق، يُنقَذ، وتُفقد يد شانكس. هكذا تبدأ 'قصة الإرادة'."
فتح عينيه، وفتح معها شاشة النظام.
> التاريخ: 1511 AOP
"بقي يومٌ واحد على دخول عام 1512..."
تمتم زاماسو.
"قد يصل غدًا، أو بعد أيام... لا فرق. الأهم أن أكون مستعدًا."
تأمل الأشجار للحظة، ثم قال:
"شانكس لا يعرفني، وهذا لصالحنا. هو معتاد على زيارة القرية، واللقاء بلوفي... لكن التحدي الحقيقي؟ ليس في لقائه."
تقلّصت نظراته قليلاً:
"بل في سرقة الفاكهة... دون أن يلاحظ."
"في الأنمي، بدا أنه لم ينتبه. لكن… هذا شانكس. أقوى اليونكو. لا يفوته شيء بسهولة. ربما كان اختبارًا... استثمارًا في لوفي."
ثم ابتسم بازدراء خفيف:
"والآن؟ سأصبح أنا ذلك الإستثمار."
أسند رأسه للخلف وقال:
"المؤلف وضع تكتيكاته… وأنا سأضع تكتيكاتي."
أدار رأسه إلى شاشة النظام.
"مرّت سنة ولم أستخدم نقطة واحدة من سماتي. حان وقت التحرّك."
ثم قال بصوت خافت، بصيغة أمر:
"النظام... افتح المتجر."
"أريد مهارات. قدرات. تقنيات... وأريد أن أُكمل المهمة."
عبس زاماسو وهو يتأمل نافذة النظام، حيث كانت تلك المهمة بلون أحمر دموي ما تزال معلّقة.
"كسر حلقة القدر بقتل البطل."
كمتنقّل بين الروايات، وقارئ متمرّس لعوالم الـ"ووشيا"، والـ"شيانشيا"، والإيسيكاي...
كان يعلم جيدًا أن القتل في هذه الرحلة ليس احتمالًا، بل حتميّة.
رغم أن هذا العالم خيالي،
ورغم أن كل من فيه — من الشخصيات الثانوية حتى المحورية — لم يكونوا يومًا سوى أعمالًا فنية للترفيه...
إلا أن زاماسو، وحده، كان يعرف الحقيقة:
الألم حقيقي.
تذكّر نفسه منذ سنة، وهو مغطّى بالضمادات...
الدماء، الجروح، الاختناق...
الصرخة التي خرجت من داخله لم تكن تمثيلًا.
كل جرح... كل وخز... كل تمزق — كان حقيقيًا.
وبما أنه عرف أن طريقه سيمرّ بالدم،
جلس بهدوء، وحده.
تجمد تعبيره.
عيناه الحمراوان، المشتعلتان،
صارتا أكثر ثباتًا، أكثر فراغًا،
لكن فيهما جاذبية خارقة، لا علاقة لها بالسمات —
بل بطبيعة وجوده نفسه.
كان سيجذب الأنظار… حتى لو لم يُرِد ذلك.
أغمض عينيه، وبدأ بجمع شتات ذاكرته...
ذاكرة من كان...
ومع من عاش، خلال عامٍ كامل…
من الطفل الذي قضى معه أيامًا طويلة، والذي سيكون مستهدفه الأول.
مرت أمامه صور متتالية — طفولة، لعب، كلمات، تفاصيل…
بثّها النظام على الشاشة أمامه، كما لو أنه يُعينه على الحسم.
مضت خمس دقائق.
لكن في عقل زاماسو، بدت وكأنها خمس سنوات.
ببطء، بدأت عيناه تفقدان وهج الطفولة.
واكتسبت بدله ضبابًا باردًا…
لونًا يوحي بقرارٍ لا رجعة فيه.
وفي خضم استعراضه للذاكرة، فهم شيئًا:
"لذة الوجود الحقيقية… تكمن في التحرر."
لقد عاش عمرًا على الأرض، يعرف القوانين، العقوبات، القيود، التقاليد… كلها — في النهاية — كانت سلاسل تقيِّد روحه.
ولحظة موته؟ لم تكن خسارة...بل فرصة — نافذة للهروب من كل تلك القيود.
"سيكون من الغباء أن أضيّع هذه الفرصة."فكر بصوت داخلي ساخر.
نهض بهدوء، نفض الغبار عن نفسه، وسار نحو القرية.
رفع رأسه نحو السماء، وخفّف من صلابة وجهه. ثم رسم ابتسامة عريضة… كاذبة، لكنها ساحرة.
وتمتم، بكلمات اقتبسها من إحدى الروايات التي أحبها:
"لا تُفكّر كثيرًا… عند قتل الناس."
وفي اللحظة نفسها، ظهرت كتابة في أسفل رؤيته:
---
> مبروك للسيد على تحرير ذاته.
لقد حصلت على 1000 نقطة خبرة كمكافأة (:
"لم تندمج بعد بالكامل... لكنك ستتطور. صورة ثلاثية الأبعاد، ووعي منفصل... تحتاج إلى اسم." تمتم زاماسو وهو يسير بهدوء في طريقه نحو حانة ماكينو.
"بماذا تريدني أن أناديك؟" سؤاله كان هادئًا، لكنّه لم يكن عبثيًا.
لقد بدأ النظام يأخذ شكلاً جديدًا، وتحوّله لم يكن مجرد برمجة، بل ولادة عقلٍ جديد.
في تلك اللحظة، كان المشهد يبدو عاديًا… مجرد فتى يسير في الصباح.
لكن الحقيقة؟
تغيّر كبير كان يحدث في روح زاماسو.
ولم يكن أحد يعرف ذلك.
ربما حتى إله الخيال نفسه لم يشعر به.
ربما… لم يعتبره تهديدًا بعد، أو ربما… كان يعرف تمامًا، لكنه لم يتدخل.
أو ربما… كان قد اتخذ خطوته فعلًا،
لكنّ زاماسو لم يملك الوعي الكافي ليرى ذلك بعد.
وربما… فقط السماء،
كانت الوحيدة التي تعلم بأن زاماسو قد بدأ بالفعل أول خطوة في طريق لا عودة فيه.
طريق سيصقل فيه "شيطان الخيال".
الذي سيرعب في يوم ما، حكّامًا... وعوالمًا... وأكوانًا رئيسية بأكملها.
وربما... هذا ما سيحدث في المستقبل البعيد.
وربما... لا داعي لمعرفة ذلك الآن.
9تم تحديث
Comments