بعد أن أنهى الطبيب تغيير الضمادات ومعالجة جراح سام الصغير، غادر الغرفة بسرعة تاركًا إياه يستريح.
ومع حلول الليل، فتح سام عينيه ببطء، ثم جلس بهدوء.
تأمل الغرفة من حوله - كانت متوسطة الحجم، ذات جدران خشبية، وبداخلها ثلاثة أسرّة فارغة إلى جانبه.
تسلل ضوء القمر من خلال نوافذ دائرية متوسطة الحجم، يضفي على المكان هدوءًا غريبًا.
نهض سام من سريره رغم الألم الذي ينهش جسده، وتوجه بخطوات صامتة نحو النافذة.
وقف هناك، يتأمل المحيط الأسود الممتد، وانعكاس القمر الأبيض على سطحه الساكن.
انعكس ضوء القمر في عينيه، حتى بدتا وكأنهما تعكسان السماء نفسها.
ظل لعدة دقائق صامتًا، يتنفس بهدوء وكأنه يستوعب شيئًا أعمق من المنظر... ثم ابتعد عن النافذة، وجلس مجددًا على سريره.
وبسبب جسده الصغير، لم تصل قدماه إلى الأرض.
نظر إلى يديه، ثم إلى قدميه، صامتًا للحظة...
ثم ابتسم، وضحك ضحكة خافتة، لم تكن صبيانية، بل أقرب لضاحك على مفارقة كونية:
"هذا حقيقي؟... لا مزحة، لا حلم... أنا في ون بيس فعلاً؟ ومع نظام؟"
"من كل العوالم، الكون قرر أن يُنعمَني، أنا! من بين جميع الصالحين، هذا يبعث على القلق لكن من يهتم أنا انتقلت إلى أكثر عالم فوضوي عرفته القصص... لا بأس، خيار ممتاز."
فجأة، انبثقت شاشة زرقاء شفافة أمام عينيه.
توهّج النظام، كأنه استجاب لفكرته.
عاد سام لقراءة سماته الشخصية وإحصائياته. لم يتغير شيء فيها.
لكن هذه المرة، لم يكن مضغوطًا بالوقت أو الألم... بل أراد التحليل.
"في المرة الأولى لم يكن لدي ترف التركيز... الآن لدي نظام متصل بجسدي وروحي؟ وسيتم دمجهما أيضًا؟..."
وفجأة اتسعت عيناه، حين لمح شيئًا يمر عبر عروق جسده.
لكنه استعاد هدوءه بسرعة، كأن الألم أصبح شيئًا مألوفًا.
"بشري... وشيطان؟ ها، إذًا كنت محقًا. إن وُجدت فواكه شيطان... فلا بد من وجود الشياطين أنفسهم. وكنت لست وحدي من فكّر بذلك، الشبكة كانت مليئة بنظريات مشابهة. لكن... لماذا مغلقة؟"
عبس، وأعاد النظر في السمات.
"النظام لم يكذب... هذا الجسد قوي، لكن غبي. ربما لهذا ربطوني كالوحش في السرير. تسك."
تذكر ما تعرض له من ألم، فانقبضت ملامحه.
"نقاط السمة، ونقاط الخبرة... أفهم الأولى، أما الثانية..."
وفجأة، تذكّر شيئًا.
ركّز نظره في خانة الخبرة، فتوهجت كتابة بيضاء في رؤيته:
> نقاط الخبرة: 1000
(يمكنك الحصول على نقاط الخبرة من إتمام المهام التي سيعطيك إياها النظام.
يمكنك استخدام الخبرة لزيادة مهاراتك المكتسبة وقدراتك.
كل تطوير لمهارة أو قدرة يستهلك نقطة سمة.)
قرأها سام بصمت، ثم نظر إلى السطر التالي:
> نقاط السمة: 0
(كل تطوير لمهارة أو قدرة يستهلك نقطة سمة.
يمكنك أيضًا سحب نقاط من الإحصائيات لتعبئة خزان السمة وتوزيعها كما تشاء.)
ابتسم سام، بنظرة حماس هادئ، نادرة في مثل هذه الظروف.
"هذا... ممتاز."
"هذا الجسد يملك خمس نقاط في القوة، وخمس في الرشاقة؟ بالنسبة لطفل بعمر تسع سنوات؟ هه، هذا يكفي لمسح الأرض بخمسة بلطجية أغبياء."
"التحمّل: 6، الحيوية: 4، الذكاء: 2... لا مفاجأة. هذا الجسد ليس معتادًا على التفكير. الجاذبية: 6... مثير للاهتمام."
حدّق في خانة الجاذبية لوهلة، ثم قال:
"ليست وسامة... بل تأثير. الكاريزما. الهالة. مثل أبطال العالم الذين يتبعهم الجميع رغم قراراتهم الحمقاء... لأنهم يملكون 'ذلك الشيء'. هذا هو."
ظلّ يحدق في الشاشة، يحلل ويوازن، حتى استقرت عيناه على النافذة مرة أخرى.
لكنه تراجع داخليًا، وقال:
"الآن... شيء مهم. لا أعرف في أي بحر أنا."
تذكّر فجأة كيف أن عالم ون بيس مقسم.
"هناك الأزرق الشرقي... الشمالي... الجنوبي... والغربي. والخط العظيم، حيث تبدأ الفوضى الحقيقية."
"لو كان لي أمنية واحدة، لطلبت أن أبدأ في الأزرق الشرقي... حيث بدأ كل شيء ."
"أنا لا أتذكر السنوات بدقة... بشكل غير مألوف ولا بعض التفاصيل الصغيرة."
قالها سام لنفسهبهدوء وهو يحدق في شاشة النظام الزرقاء.
"لكن الأحداث الكبرى؟ أعرفها... وأعرف إلى أين يجب أن أذهب."
"الهدف الآن: البحر الشرقي. إن لم أكن فيه بالفعل، فعلي إيجاد طريقة للوصول إليه. لكن أولاً... سؤال مهم: هل بدأ عصر القراصنة العظيم؟"
توقف سام للحظة، مغمضًا عينيه وهو يستحضر معرفته.
"عصر الفوضى. عندما تحولت البحار إلى مسرح للجنون، بفضل رجل قرر أن يجعل العالم بأكمله يلعب لعبة واحدة: البحث عن كنزه."
استلقى سام مجددًا على السرير الخشبي، وعاد يتأمل شاشة السمات أمامه.
بحركة بسيطة، نقر بإصبعه على سمة "القوة"، ثم "الرشاقة"، ثم "التحمّل".
بدأت الأرقام تنخفض ببطء... وفي المقابل، بدأ عدّاد "نقاط السمة المحتملة" في الارتفاع حتى وصل إلى 9.
نظر سام مجددًا إلى إحصائياته:
> القوة: 2 - الرشاقة: 2 - التحمل: 3 - الجاذبية: 6 - الحيوية: 4 - الذكاء: 2 - الحظ: 2
نقاط السمة المتاحة: 9
نقاط الخبرة: 1000
حدّق في الشاشة وهو يفكر بصوت خافت:
"الآن أبدو أقرب لطفل عادي... لكن، السؤال الحقيقي: أين أوزّع هذه النقاط؟"
لكن قبل أن يستمر في التفكير...
شعر بوخز مزعج في جسده، حكة حادة انتشرت كالنار.
انفتحت جروحه مجددًا، وبدأ التعرق يغمر جسده النحيل.
"تبا... نسيت أني مجروح. كيف لطفل أن يتحمّل هذا الكم من الألم؟"
ثم... ومضة.
فكرة خاطفة.
نظر بسرعة إلى سمة "الحيوية"، وفهم.
"إن زدتُها... قد يتوقف الألم."
بلا تردد، وضع خمس نقاط دفعة واحدة في "الحيوية".
وفجأة، توقف كل شيء.
الألم... الخدر... الارتعاش... انتهت.
لكن بدلًا من ذلك، بدأ جسده يشعر بخدر مختلف - كالوخز، كالدغدغة، وكأن شيئًا يُعيد بناءه من الداخل.
ثوانٍ مرت، ثم... راحة.
كأن ماءً دافئًا انساب عبر عروقه.
كأن جسده صُفّر وعاد أنظف مما كان.
"ما هذا...؟ كأنني دخلت منتجع ملكي بعد مذبحة ليلية مرهقة."
ابتسم وهو يمسح العرق عن جبينه، همس لنفسه بسخرية:
"أخذت نقاط من القوة، فضعف جسدي... لكن الحيوية؟ أصلحتني بالكامل. يشبه السحر... أو الغش، لكن بنظام."
رفع يده ونزع الضمادات عن جسده.
لا دم، لا جروح... الجلد كان نظيفًا، ناعمًا.
"مدهش... لكن هذا يفتح سؤالاً أكثر رعبًا."
حدّق في خانة "الحيوية"، وأكمل تفكيره بصوت منخفض:
"إذا سحبت نقاطًا من الحيوية الآن... هل ستعود الجروح التي اختفت؟"
ثم، كعادته... لم يهرب من السؤال.
مد إصبعه، ونقر على "الحيوية" ليختبر بنفسه.
عادت نقاط سمة الحيوية إلى ٤، وانتظر سام بصمت... مترقّبًا أي تغيّر.
لكن المفاجأة؟ لا شيء.
الجروح بقيت ملتئمة، الألم اختفى تمامًا.
نهض من على السرير بهدوء، ثم وقف بخفة طفولية، وابتسم... قبل أن يضحك بصوت خافت:
"هيييه... أنا خالد؟ هاهاها... أقوى فاكهة شيطان لا تساوي شيئًا أمام هذا النظام. وكنت أقول إنني لا أحتاج نظام غش؟"
ضحك مجددًا، ضحكة خفيفة امتزجت بشعور بالنشوة، كأنه استيقظ في عالمٍ يُكافئ من يعرف كيف يلعب.
جلس سام مجددًا، موجّهًا نظره إلى شاشة النظام.
صمت قليلًا، ثم همس لنفسه:
"هل هناك متجر للمهارات هنا؟"
حدّق بالشاشة مطولًا، حتى ظهرت أمامه أيقونة جانبية تحمل كلمة "المتجر".
ارتسمت ابتسامة واثقة على شفتيه، ثم نقر عليها.
ظهرت كتابة صغيرة:
> المتجر:
(تم إنشاء المتجر بناءً على عالم وذكريات المضيف - من تجاربه أو تخيلاته عن مهارات خارقة. لفتح المتجر، يتطلب الأمر 10 نقاط دائمة في سمة الذكاء.)
رفع سام حاجبه، وقال:
"10 نقاط ذكاء... دائمة؟ يعني صفقة غير قابلة للاسترجاع. حلو."
قرأ السطر مجددًا، ثم ابتسم وهو يهمس:"المتجر بُني على عالمي... ذكرياتي، مخاوفي، أحلامي... كل شيء؟ هاهاها، هذا مجنون."
"هل يعقل... أن أتمكن من شراء شيء استعملته على الأرض؟"
"قدرة من أنمي؟ مهارة قرأتها في رواية؟ تقنية اخترعتها في عقلي أثناء ملل؟"
بدأ سام يسرح في الاحتمالات...
مستقبل مفتوح، قوة مطلقة، مهارات من عوالم مختلفة...
عالم لا يعرف فيه أحد ما هو قادر عليه.
خطط، تصوّرات، طرق استخدام النظام...
ومع كثافة الأفكار، بدأ النعاس يتسلل إليه.
وقبل أن يسقط رأسه على الوسادة، تمتم بابتسامة هادئة:
"هذا سيكون ممتعًا أكثر مما توقعت..."
ثم غرق في نوم عميق.
.....
في الصباح الباكر، بدأ صوت أحاديث البحارة يتسلل إلى أروقة السفينة، وامتد ليصل إلى غرفة الطوارئ حيث كان سام مستلقيًا.
فتح عينيه بهدوء، لمع فيهما ضوء حاد، كما لو أن شيئًا بداخله استيقظ أولاً.
وفي اللحظة ذاتها، سمع صوت فتح باب.
أخذ نفسًا عميقًا، وكبح انفعاله بصعوبة، ثم غطّى نفسه بتعبير مشتّت... كأنه لا يدرك ما يجري.
دخل رجلان إلى الغرفة.
الأول ضخم الجثة، يحمل ندبة بارزة قرب عينه، وجهه يدل على أنه مرّ بمعارك شرسة.
كان ذلك هو نائب الأدميرال الشهير غارب.
قال غارب، بابتسامة تبدو خفيفة الظل:
"استيقظت يا فتى؟ كيف تشعر؟"
سام، واضعًا يده على رأسه، تمتم بنبرة متعبة:
"أين... أنا؟ ومن أنتما؟ و..."
أخذ نفسًا خافتًا وكأن رأسه يؤلمه.
تبادل غارب نظرة مع الطبيب الواقف بجانبه، ثم قال بنبرة اختبارية:
"هاه... ألا تتذكر شيئًا؟ ما اسمك؟"
أشعل الطبيب مصباحًا صغيرًا وسلطه على عين سام اليمنى، وقال:
"ما اسمك، أيها الفتى؟"
أجاب سام فورًا، بنبرة ثابتة:
"زاماسو... من أنتم؟ وأين أنا؟"
الاسم لم يكن أكثر من ارتجال لحظي. لم يكن يهتم حقًا بما يُدعى.
علّق الطبيب متفاجئًا:
"يبدو أنه لا يتذكر شيئًا، لكنه يعرف اسمه... دعني أتحقق من جراحه، بعض الضمادات مشبعة بالدم."
بدأ الطبيب بفك الضمادات، وما إن كشف عن الجلد حتى جحظت عيناه.
راح يفحص جسد سام مرارًا، كأنه لا يصدق ما يراه.
"سيدي غارب... الجروح اختفت تمامًا! لا أثر حتى لعلامات الشفاء!"
لكن غارب تجاهل الملاحظة ببساطة، وضحك بصوت عالٍ:
"هاهاها! أيها الشقي، يبدو أنك شُفيت بالفعل! سرعة شفاء مذهلة!"
لكنه لم يكمل جملته...
فقد وقف سام على السرير، وتجاهله تمامًا.
توجه إلى النافذة، ونظر خارجها.
هناك، امتد البحر بلونه الأزرق الداكن بلا نهاية، يعانق الأفق بسكون، وتلامس السماء سطح الماء، كأنهما مرآتان.
تمتم سام، بنبرة متأملة:
"جميل..."
اقترب غارب منه بهدوء، وسأله مبتسمًا:
"أعجبك المنظر؟ هذا هو الأزرق الشرقي... أجمل البحار، موطني، وملاذي كلما أردت أن أرتاح من هذا العالم المجنون. تصادف أنني كنت عائدًا إلى منزلي... والتقيتك في الطريق."
في تلك اللحظة، كان سام يقاوم انفجار حماسه بصعوبة.
كاد يقفز من مكانه.
"الأزرق الشرقي!... أنا في الأزرق الشرقي فعلاً! ليس هذا فقط... بل متجه إلى قرية فوشا!"
بعد جهدٍ لكبح نفسه، التفت مجددًا إلى غارب وسأله بنبرة هادئة مصطنعة:
"أيها العجوز... لم تخبرني بعد، من أنت؟ وأين أنا؟"
رد غارب بابتسامة مرحة:
"أحقًا لا تتذكر شيئًا؟ وجدتك على جزيرة، نصف ميت. كنت ملقى هناك، جسدك مغطى بالجروح. حملتك على ظهر السفينة... وأنقذتك. يفترض بك أن تكون شاكرًا."
فكر سام، بعينين ضيقتين:
"نصف الحقيقة فقط... نسي أن يخبرني أنه قتل طاقم كامل من أجلي."
فتح قائمة السمات، ووضع جميع نقاطه المتبقية في "الجاذبية".
ثم التفت إلى غارب، وابتسم بابتسامة هادئة، ساحرة...
"شكراً لك... أيها الجد."
توقف غارب للحظة. لسببٍ ما، أحب ما سمعه.
ضحك من قلبه، وربت على رأس سام.
"هاهاهاها! يالك من فتى جيد! تذكرني بحفيدي. إنه تقريبًا في مثل عمرك، لم أره منذ زمن... سأصطحبك لتلتقي به. سترتبطان كأصدقاء مقربين، وتعتنيان ببعضكما... من يدري، قد تصبحان أعمدة في البحرية مستقبلاً!"
ثم التفت للطبيب، وأمره بإحضار ملابس مناسبة.
سام، وقد عاد للجلوس، فكر بصمت:
"يبدو أن لوفي لم يبحر بعد... أمامي فرصة لتعديل القصة من بدايتها."
"أنا المتغيّر الوحيد هنا. والبقية... تسير كما عرفتها."
نظر إلى الشاشة مجددًا، وخاطب نفسه:
"لو كان عمر لوفي الآن سبع سنوات... فهذا يعني أنه التقى بأحد الأباطرة، وأكل فاكهة المطاط... وسابو وأيس في الصورة. فرصة الحصول على الفاكهة ضاعت بالفعل."
أغمض عينيه للحظة، يقيّم الموقف.
"فاكهة المطاط؟ يظنونها باراميسيا ضعيفة... لكنها تخفي أسرارًا تهز العالم. حكومة العالم لاحقًا ستسعى لقتل حامِلها... لكن ذلك الفتى سينجو، ليس لأنه ذكي... بل لأن الكاتب أراده أن ينجو."
"أما أنا؟ لست البطل. وبالتالي... عليّ أن أخطّ تكتيكاتي بنفسي."
فتح عينيه مجددًا، ونظر إلى انعكاسه في زجاج النافذة.
"اسم سام؟ انتهى."
"أنا الآن... زاماسو."
ابتسم بهدوء، بنظرة لا تعكس سعادة بريئة، بل تصميم عميق.
"طريقي إلى المستقبل... سأجعله مثيرًا."
9تم تحديث
Comments