4-نبضة تحت رماد الذكاء

نظر لي بحدة ، ثم نقل نظره سريعا نحو لوكاس و لينيا ، توقف للحظة و كأنه يزن شيء بعينيه و سأل بلهجة صارمة

" من المسؤول عن المشروع "

رفعت رأسي ، وثبت قدمي كأنني أحمي كرامة عزيزه ،وقلت بثقه دون أن أسمح لتوتري بالظهور

"أنا ، أنا المسؤولة "

تقدمت خطوه صغيره للأمام وقلت بنبرة صادقة

"أرجوك أستاذ رويل ، فقط دعني أقدم ذلك المشروع وسأخرج بعدها مباشرة "

كانت تلك أول مرة أتحدث بتلك النبرة الراجية ، تذكرني بذلك الزمان التي كانت توجد فيه تلك الطفلة التي لا تحمل من الحياه شيئا كانها صدى طفل فقدت كل شيء تعب من الترجي لحياته البأسه ، منذ تلك اللحظات المؤلمة قررت أن لا أسلم نفسي و عزتي لأحد مجددا ، لكنني الآن وقفت أمام ذلك الأستاذ اللعين ، لأتحدث مجددا بتلك النبرة ذاتها لكي لا يضيع أي شيء من تعبي وتعب اصدقائي الذين وقفوا بجانبي ، كان الندبة لم تندمل بعد وكان طفله الأمس عادت لتطرق أبواب الرفض مرة أخرى

نظر لي بعينين يكسوها البرود و قال

" لا يوجد استثناءات ، من لا يحترم وقتي لا مكان له في محاضرتي ، أخرجي الآن "

انزلقت تلك الكلمات إلى داخلي كخنجر ، لم يمنحني فرصه ، لم يسأل عن السبب ، لم يكلف نفسه حتى بمحاوله الفهم

أسترت ببطء ، خطوات ثقيلة ، كان الارض ترفض أن تحملني ، خرجت من قاعه المحاضرة تماما مرفوضه غير مرغوب في

لكنني لن أستسلم بسهولة ، انتظرت حتى خرج الطلاب من القاعة رأيت لينيا ولوكاس يخرجان معه وهما يتحدثان اتجها إلى جانبي ورأيت ذلك الأستاذ اللعين يخرج من القاعة متجها إلى مكتبه

نظرت إلى لوكس ولينا ثم سالت لينيا بصوتها الدافىء

"هل أنت بخير"

ابتسمت ابتسامه صغيره رغم مشاعري المتوترة ، تحدثت بتلك النبرة التي تمتلك قرار حاسما

" لا تقلقي سأكون بخير، أنا أعتذر على ذلك التبذير مني أعلم أنني خذلتكم بهذا التأخير ، لكن لا تقلقوا سأقدم المشروع له باي ثمن مهما كلفني الأمر ، كل ذلك الجهد الذي بذلناه لن يذهب هكذا "

ابتسمت بخجل بعد كلماتي ، كنت ما أزال أحاول أن أبدو قوية رغم التوتر الذي يعصف بصدري

لكن لينيا كعادتها فاجأتني بضحكتها الساخرة ، قالت و هي ترفع حاجبيها

"يا غريبه الاطوار ، ألا تعلمين أننا نثق بك ... لا تعتذر هذا ليس خطأك الامر ليس بيدك ، هيا يمكننا الآن أن نعود ونفكر بطريقة

لإقناع الأستاذ ، أنا اثق بأننا سنعرض المشروع أمام ذلك اللعين الذي يشبه الفقمة بكل نجاح ، أنت هي أساس المشروع إيليورا "

"هيا يا فتيات يمكننا فعلها ، ليس علينا الاستسلام "

نظرت إلى لوكس ولينيا ، كانت نظراتهم تحمل دعما لا يوصف شعرت بدفء وامتنان حقيقي يسري في قلبي ، ابتسمت بخفه بينما تسللت تلك الطمأنينة الى صدري ... شعور جميل أنني لست وحيدة سرنا معا نحو مكتب الأستاذ ، خطواتنا كانت واثقه رغم التوتر الذي يحاصرنا

طرقت لينيا الباب بخفه حتى جاءنا صوته الحاد يأذن بالدخول ، فتحنا الباب و تقدمنا بخطى هادئة

بدأ لوكاس بنبرة صوته المهذبة و الواضحة

" مرحبا أستاذ رويل ، نحن هنا لنشرح مشروعنا و نأمل أن تتفهم موقفنا "

أشار الأستاذ رويل بيده وكأنه لا يزال غير مقتنع ، وقال بنبرة صارمة

" أوضحت سابقا أن التأخير ممنوع في محاضرتي ، والالتزام هو أول قاعدة عندي سواء في الدراسة والحياة "

تقدمت خطوة إلى الأمام قلبي يخفق بقوة ولكنني تماسكت نظرت في عينيه مباشرة وقلت

"أنا أعلم أستاذ ... أعلم أن التأخير ليس مقبولا و أنك محق تماما في غضبك ، لكن ما قمنا به لم يكن مجرد واجب جامعي بل كان جهدا حقيقيا ، الكثير من التخطيط و العمل حتى التفاصيل الصغيرة سهرنا عليها أنا .... أنا فقط أطلب منك أن تسمعنا لا أكثير لكي توافق على برمجة المشروع بشكل أكبر "

أخذت زفيرا عميقا ، و احتفظت بالهواء لثوان حتى أفرغت بهدوء ، رفعت عيني نحو عيناه حتى رأيت بعض الخصلات المتمردة ، ثم قلت

" قد أكون أخطأت لكنني لم أهمل ، بل على العكس كنت أركض لأصل ، لألحق ، لأحمي ما عملنا عليه ، فقط امنحنا فرصة للعرض و بعدها أفعل ما تراه مناسبا "

نظرت إلى تلك العينين الساكنتين التي كان يقحمني داخلها بصمت لكنها صعبه التحليل ، لم تكن حادة ولا حنونة فقط شيء غامض بينهما بينما ، قلبي يتسارع دون أذن مني

بقيت أحدق إليه أنتظر جوابه حتى قال بصوته الهادئ و هو ينظر إلى لوكاس و لينيا

" أخرجا " بهدوء لكن يكسوها تلك النبرة الحادة


رمقته لينيا بنظرة قلقة ، و لوكاس رفع حاجبية باستغراب ، لكنهما أطاعاه و غادرا تاركينني وحدي أمام ذلك البارد

تناهى إلى سمعي صوت خطواته وهو يقترب خطوة تلو الأخرى ، حتى شعرت بظهري يلامس الحائط خلفي ، جمدت في مكاني حين حاصرني بين يداه شعرت بأنفاسه الدافئة على وجهي المحمر ذلك الحائط اللعين خلفي من الوراء و جسده الرجولي أمامي يمنعني من الحراك ، نظرت إليه فإذا بعينيه السوداوين تركزان علي بهدوء مربك كأنها تخبئ بين سوادها شيئا لا يقال ، لم يتكلم فقط واقف يحاصرني بكل كيانه ... أستنشق رائحة عطره الرجولي الفاخر تلك الرائحة المسكرة كأنها خلقت لتربك قلبي

أغمضت عيني للحظة قصيرة ، فقط لأكبح ذلك الارتجاف الذي تسلل لصدري ، ثم فتحتها على صوته العميق و الواثق

" اخبريني عن مشروعك و أنت بين يداي "

فتحت عيناي بسرعة ، همست بارتباك محاولة أن أخطو جانبا لأبتعد ، لكن يده كانت قد استندت على الحائط محاصرا إياي بنظره و صوته

" ماذا .... ماذا تفعل ؟! فلتبتعد ماذا أذا دخل أحد الآن و أنا هكذا "

تنفست بضيق ثم أكملت

" من الأفضل أن تبتعد أيها الأستاذ ، لا يمكنني شرح المشروع بتلك الطريقة هذا ليس من مبادءي "

اقترب أكثر ، و صوته ينساب بثبات يكاد يسحق ارتباكي

" إن لم تشرحي الآن ، بهذه الوضعية ، فلن أقبل بمشروعك أبدا "

أكمل بعدها بنبرة ساخرة و حادة أحسست بنفسي أرتجف من الداخل

" ها ... و أيضا أنا لا ينحكم بي أحد أو يضع قوانينه الفاشلة علي ، أنا من أحكم العالم بيدي لكي يفعلوا ما أريد أنا فقط "

عينيه كانت هادئة ، لكن في عمقها شيء لا يوصف ليس تهديدا ، بل شيء أخر أحاول فهمه

ارتجفت يداي ، ليس خوفا منه بل من تلك المشاعر الغريبة التي غزتني فجأة ، شعرت أنني أقف على حافه شيء أكبر

" لكن عليك أن ترى بعض الكودات "

" سوف أراها بعد أن تنتهي "

كانت تلك المحادثة السريعة ، كافية لقطع أمل كان بسيطا لتركي

ضغطت على كفي لأتماسك ثم تنفست ببطء وقلت بنبرة مهزوزة لكنها حازمه

" حسنا .... سأشرح "

لم أتخيل يوما أن أقف بهذا الشكل بين ذراعي أستاذي و عيناي لا تجرؤان حتى على الهروب من نظراته ، أقسم لو رأتني لينيا الآن لن تتركني وشأني بل ستخرج ألف سيناريو في رأسها ، سيناريوهات مقرفة و قبيحة

لكن تذكرت أنني وعدت نفسي أنني لن أسمح لشيء أن يهدم ما بنيته ، تذكرت لوكاس الذي نظر لي بثقة و لينيا التي بقيت تمسك بيدي كل تلك السنوات حتى بعد أن تعرفت على الماضي المؤلم الخاص بي بقيت تردد تلك الجملة " نحن نثق بك "

ضغطت على شفتي بقوة ، ثم تنفست و قلت لنفسي

" لا بأس إيليورا ، فقط أنهي هذا ثم اخرجي من هنا "

رفعت رأسي إليه ، رغم قربه و التوتر الذي يشتعل حولي ، تنفست ببطء أغمضت عيني للحظة ثم نظرت له بثبات

" مشروعنا يدور حول نظام ذكي للكشف المبكر عن المخاطر في المؤسسات التعليمية "

قلت ذلك وأنا أحاول السيطرة على ارتجاف بسيطا في صوتي ، و داخلي كنت أشعر بأن قلبي يضرب ضلوعي بقوة اكنني واصلت

" النظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات اليومية للطلاب ، ليكتشف أي إشارات مقلقه مثل العزلة ، الغياب المتكرر ، التغيرات المفاجئة في الأداء الأكاديمي أو حتى النبضات العاطفية السلبية التي تسجل من خلال استبيانات غير مباشرة"

بدأ صوتي يستقر ، وكأنني وجدت ملجأ في كلماتي ، تابعت بثقة أكبر وعيناي أصبحتا تركزان في الفراغ لا عليه

" يهدف هذا النظام إلى حمايه الطلاب من الوقوع في العزلة أو الانهيار النفسي ، من خلال تنبيه الطاقم التدريسي في الوقت المناسب قبل أن يتأخر الوقت "

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon