دخيل على المقعد الخلفي

كانت لا تزال تجلس على الدراجة عندما صعد رجل غريب خلفها دون إذن. لا يمكن أن يُسمّى اقتحاماً بالمعنى الحرفي، لكنه تسلل إليها بسرعة وكأن الأمر كان مدروساً سلفًا. لم تستوعب لمار ما حدث؛ كانت حركته خاطفة، أشبه بما تراه في أفلام الأكشن، أو تدريبات محترفي القتال.

لم تستطع أن ترى وجهه بوضوح، لكنها لمحت الدم المتخثر يغطي نصف وجهه، وقد شكّل قشرة داكنة على بشرته. بدا وكأنه خرج من شجار شرس أو معركة حقيقية، لا يشبه أبداً رجلاً عادياً قد تصادفه في مقهى أو مكتبة.

جمد عقلها لثوانٍ، ثم شعرت بضغط بارد على خاصرتها. سلاح. أدركت ذلك حين رأت لمحة من مقبض معدني صغير في كف يده الكبيرة.

هالته كانت طاغية؛ لم يكن بحاجة للحديث حتى تشعر بخطورته. أمرها بصوت خافت أجوف: "امشي." لم تسأله مجددًا. أطاعت.

أدارت المحرك بيد مرتجفة، وسألته بخوف مكتوم: "إلى أين؟"

رد بصوته الأجش المرهق: "فقط امشي."

كانت تشعر بوجوده خلفها كظل ثقيل. قبضته محكمة على خاصرتها، وسلاحه ملتصق بها، وعيناه—التي لم ترَ ملامحهما—تمسحان الطريق من فوق كتفها. رجل جريح، ينزف، يراقب كل شيء كأن حياته تعتمد على ذلك.

رغم جراحه، كان متماسكاً، ثابتاً. وهذا ما أخافها أكثر. أي رجل قادر على التحرك بهذه المرونة وهو في حالته؟

خلال القيادة، بدأت تحاول أن تلهي عقلها عن الرعب الذي بدأ ينهشها. لكن حين مد يده إلى حقيبتها الصغيرة التي كانت تحملها أمام صدرها، وأخرج هاتفها المحمول وألقاه بعيداً في أثناء سيرهما، بدأت الغضب يتصاعد بداخلها.

كتمت هذا الغضب، عضّت على أسنانها، واستمرت في القيادة. لم يخبرها بشيء، ولم يفسر أي تصرف. فقط سحب الخوذة من المقعد الخلفي، وبدأ يرتديها، وكأن كل شيء تحت سيطرته.

مع مرور الوقت، بدأ شعورها بالخطر الحاد يخف تدريجياً. لم يختفِ، لكنه أصبح خافتاً. لم تكن مسترخية فعلياً، لكنها خرجت من صدمة اللحظة الأولى. فكرت: "أنا لا أزال جديدة على هذا النوع من المواقف... لم أكن مستعدة أبداً لمثل هذا."

لم تحاول الهروب. مجرد حركة طائشة كانت كفيلة بأن تودي بحياتها. فاختارت أن تطيع، وتراقب بصمت.

وربما، فكرت، هذه أول مرة يواجه فيها هذا الرجل فتاة مثلها. ربما يراها سخيفة أو ضعيفة. لكنها لم تهتم. في لحظات الخطر، لا تعني الصورة شيئاً. كل ما يهم هو النجاة.

انحرفت بناءً على توجيه منه إلى شارع جانبي ضيق، حتى أمرها بالتوقف أمام منزل مهجور.

كان المنزل شبه متهالك، بالكاد يصلح كمأوى للحيوانات الضالة. تساءلت لمار بداخلها: كيف يمكن لرجل بقدراته أن يختار العيش هنا؟ لو أنها مرت بجانبه وحدها، لربما فرت هاربة من مجرد رؤيته.

ثم باغتتها فكرة أرعبتها أكثر من شكل المكان: "هل سيقتلني هنا؟ هل أحضرني لهذا البيت المهجور ليتخلص مني؟"

ترجل من الدراجة ببطء، يضع يده على ساقه المصابة وكأنه يعيد الحياة إليها. التفت نحوها، لاحظ شحوب وجهها وشرود نظراتها. سألها بنبرة خافتة: "هل ستبقين واقفة هناك؟"

كانت نبرته أقل حدة من قبل. ربما شعر بخوفها، أو ربما كان ذلك تكتيكاً لسحبها معه دون مقاومة. لكنها لم ترد. وقفت بضع لحظات، ثم حسمت أمرها وتبعته. لم يكن الأمر شجاعة، بل استسلام لحقيقة أنها لا تستطيع الهرب من قدرها.

ورغم كل شيء، لم تستطع منع نفسها من تخيّل وجه أمها عندما تسمع بخبر موتها. هل ستحزن؟ أم سترى الأمر ارتياحًا؟ وكم سيستغرق الآخرون لينسوا؟

فكرت: "ربما، لو قاومته الآن، أستطيع النجاة. إصاباته ليست بسيطة."

لكنها لم تتحرك. مشيا داخل المنزل المهجور الذي كان في حالة يرثى لها: الجدران متشققة، الأتربة تغطي الأرض، وأجزاء من السقف تتدلّى وكأنها على وشك السقوط.

ثم، فجأة، وبحركة غامضة منه، فُتح باب داخل أحد الجدران. لم ترَ كيف فعلها، لكن الباب انفتح أمامها. تساءلت بصوت مرتجف: "ما هذا؟ سحر؟"

ابتسم ابتسامة باهتة دون أن يجيب. تجاهل سؤالها وتقدّم.

دخلت خلفه، لتكتشف أن خلف هذا الباب... عالم آخر.

كلما تقدموا أكثر، تغير المكان تدريجياً من منزل متهالك إلى قصر فخم. الأرضيات من الرخام، الجدران مزخرفة، والأثاث باذخ، ناصع البياض.

كانت مذهولة. تساءلت: "رجل بهذا العمر... ما نوع العمل الذي يقوم به ليمتلك مكاناً كهذا؟ ولماذا يخبئه خلف منزل مهجور؟"

جلس على أريكة فاخرة، وسحب علبة إسعافات من أحد الأدراج. بدأ ينزع قميصه الملطخ بالدم دون أن يكترث بوجودها.

أدارت وجهها سريعًا، وصرخت مستنكرة: "ماذا تفعل؟ لما تخلع ملابسك أمامي؟"

رد بسخرية وهو ينظف جرحه: "هل تتوقعين أن أعالج نفسي من فوق الملابس؟"

أجابت بتلعثم: "لا... أعني، كان عليك إخباري أولاً!"

قال ببرود: "وهل يجب عليّ أن أستأذن من ضيفة اقتحمت منزلي؟"

صرخت به: "أنا لم أقتحم شيئاً! أنت من أحضرني بالتهديد!"

رد بهدوء: "ومن سيصدق؟ في وضح النهار، من يصدق أن هناك خاطفاً سيجرؤ على فعل ذلك؟ حتى اللصوص ينتقون الليل. أنت فقط كنت في المكان الخطأ... ولو صادفك شخص أخطر مني، لكنت لقمة سائغة."

ضحك بسخرية، بينما كانت هي لا تزال غارقة في حيرتها، لا تعلم هل تخافه أم تحاول فهمه.

وكان هذا مجرد بداية.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon