هوس بالدراجات النارية

بابتسامته اللطيفة سألها:

"هل تناولتِ الإفطار؟"

أومأت برأسها نافية:

"لا... نسيت. البارحة استدعتني أمي للمنزل، أرادتني أن احضر في المساء، ولم أستطع رفض طلبها."

طرق بإصبعه على جبينها بلطف وقال:

"لا تزال فتاتنا ساذجة! وما علاقة ذلك بتناول الإفطار؟ أخبرتك أن تذهبي إلى المنزل، لا أن تذهبي جائعة!"

فركت جبينها بتذمر ساخر:

"لقد كان هذا مؤلمًا."

ضحك بهدوء، وضم كتفها بذراعه قائلاً:

"دعينا نتناول الإفطار، ثم نُنفّذ أوامر الملكة!"

توقف فجأة عندما لمعت فكرة في رأسها ، وسألت بابتسامة مشرقة:

"هل لديكِ وسيلة نقل؟ أم علينا استخدام دراجتي النارية؟"

رفع حاجبه بدهشة:

"ومنذ متى أصبحتِ مهووسة بالدراجات؟"

أخرجت مفاتيحها من حقيبتها ولوّحت بها في الهواء، قائلة بحماس:

"هيا، دعني أعطيك توصيلة!"

صعدت على دراجتها النارية، ارتديت الخوذة وأعطيته الأخرى. كانت دراجتها سوداء من نوع Yamaha MT، من أحدث الإصدارات.

اتسعت عيناه بدهشة وهو يدور حولها يتفحّصها بتمعّن:

"يا فتاة، من أين لكِ كل هذا؟ بالتأكيد سرقتِ ثمنها... إنها باهظة جدًا!"

ضممت شفتيها، وقالت بصوت حزين:

"دعنا نذهب الآن، الملكة لا تزال تنتظرني."

ركب الدراجة خلفها وارتدى خوذته البيضاء، ثم انطلقا.

 

في إحدى العيادات الطبية الخاصة، جلست امرأة شابة في ركن الانتظار. لم تكن جميلة لدرجة لافتة، لكنها لم تكن قبيحة أيضًا. كانت ترتدي ملابس سوداء أنيقة، وتضع قبعة خفيفة تخفي نصف وجهها.

في يدها بعض الأوراق، ربما تنتظر دورها لرؤية الطبيب. لم تتحدث كثيرًا، لكنها كثيرًا ما كانت تنظر إلى موظفة الاستقبال بنظرات فيها غيرة وحسد.

ما إن سمعت الممرضة تتحدث في الهاتف، حتى تبدّلت ملامحها اللطيفة إلى الغضب.

توجهت إلى الموظفة بصوت حاد:

"ألم تقولي إن الطبيب تيم سيكون هنا؟ لقد انتظرت أكثر من ساعة، ولا يزال غائبًا!"

شحب وجه الموظفة بخوف:

"أنا آسفة، سأتواصل معه لأعرف موعد قدومه."

لكن المرأة قاطعتها بغضب، وانتزعت أوراقها:

"اشكري السماء أنك لا تعملين لدي... وإلا لما رحمتك!"

استدارت وغادرت، وتمتمت بصوت خافت يكاد يُسمع:

"حفنة من الجهلة!"

راقبتها الموظفة وهي تمشي حتى اختفى ظلّها، ثم تنهدت بارتياح:

"أوووف... أخيرًا ذهبت! كادت تُخرج قلبي من مكانه!"

 

عند خروجها من مبنى العيادة المكوّن من طابقين، أخرجت هاتفها من حقيبتها، وتحدثت بنبرة حادة:

"هل لا يزال أمام أعينكم؟"

جاءها صوت رجولي خشن عبر الهاتف:

"لا تقلقي، سيدة تالا. لا تزال تحركاته تحت مراقبتنا."

ابتسمت بثقة ورضا:

"أحسنتم. لا تدعوه يغيب عن ناظريكم. أرسلوا لي موقعه، سألحق به فورًا."

أغلقت الخط، وعلى شفتيها ارتسمت ابتسامة غامضة، بدت مرعبة أكثر مما هي مطمئنة.

 

في قرية صغيرة قرب المدينة، كان هناك منزل متواضع على سفح جبل، تحيط به أشجار كثيفة. رغم بساطته، كان موقعه يخطف الأنظار بفضل الإطلالة الطبيعية الساحرة. كانت العائلة التي تسكنه تملك مزرعة صغيرة لتربية الحيوانات والدواجن.

دخلت فتاة مراهقة المنزل، ذات بشرة سمراء وقامة قصيرة. رغم صغر ملامحها التي جعلت الجميع يناديها "بالطفلة"، إلا أن لها جمالًا مميزًا يختلف عن أختها ذات البشرة الفاتحة اللافتة.

خلعت حذاءها ووضعته في الخزانة المخصصة قرب الباب، وهي تنادي:

"أمي، لقد عدت!"

كان المنزل ملئ بروائحة الاطباق التي تعد في المطبخ .

كانت "هِيَة" في المطبخ تعد الحلويات، فاشتهرت بها في المنطقة. لم يكن ذلك مجرد شغف، بل مصدر دخل إضافي تعين به عائلتها.

لكنها كانت متعبة ذلك اليوم، فهناك طلبات كثيرة، وضيوف سيحضرون مساءً.

جاء صوتها مرهقًا من المطبخ:

"تعالي بسرعة، اخرجي صينية الحلويات من الفرن!"ذ

ضربت جبينها بخفة وقالت:

"لقد نسيت!" ثم توجهت إلى الفرن وأخرجت الصينية، وسألت:

"أين أضعها، أمي؟"

أشارت "هِيَة" بيدها نحو الطاولة التي كانت تعج بالاطباق والحلويات ،:

"هناك... ثم انتظري حتى تبرد وغلّفيها جيدًا، فالزبون سيأتي لأخذها قريبًا."

دخلت ليلى المطبخ بثياب المدرسة، ثم اقتربت من والدتها التي كانت منشغلة بقلي السمك، وأسندت رأسها على كتفها قائلة بحنان:

"لقد تعبتِ كثيرًا اليوم، ولا يزال هناك ضيوف سيحضرون... بالمناسبة، من هؤلاء الضيوف؟"

ابتسمت هِيَة والتفتت إليها:

"لا داعي لكل هذا الفضول، لكن يمكنني أن أقول إنهم قد يكونون بوابة حظّنا."

ثم عادت لعملها.

شعرت ليلى بالقلق:

"لمَ كل هذا الغموض؟ وما الذي يجعل أمي تتصرف بهذه الطريقة؟"

قاطعت هِيَة أفكارها قائلة:

"لا تنسي أن تخبري لمار أن تعود إلى المنزل مبكرًا، لا نريد تأخيرها كعادتها."

تفاجأت ليلى:

"ستأتي لمار أيضًا؟"

ردت الأم بحماس:

"نعم، أخبرتها بالأمس. لكن لا بأس أن تذكّريها أنتِ أيضًا، حتى لا تتذرع بشيء."

لمعت فكرة في رأس ليلى، فابتسمت بسعادة:

"هذا يعني أن لمار ستكون مع شمس!"

قالت بحماس:

"سأخبرها حالًا!"

وخرجت من المطبخ متجهة إلى غرفتها، حيث تقيم لمار عندما تعود إلى المنزل.

بقلم (أليف)المعروفة بألو

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon