الفصل الثالث

في المكتب، جلست غند على الكرسي القديم الذي لم يتغير كثيرًا. نظرت إلى من حولها، إلى الوجوه التي تعرفها، والوجوه التي باتت غريبة. قالت، بنبرة مشوبة بالسخرية:

“ما شاء الله… كلكم تبدون مستمتعين من دوني.”

ردّ وحشي متلعثمًا:

“لا، نحن كنا حزنين جدًا…”

رفعت حاجبها وردّت:

“أجل؟ حزينين؟ والدليل أنكم مستمتعين بحياتكم، وكأنني لم أمت أصلًا.”

قال موت بلهجة دفاعية:

“والله كانت مزحة… لكن على ما يبدو، إنها طولت قليلاً.”

نظرت إليه بحدة:

“لا يهم.”

ثم التفتت إلى شخص آخر وقالت:

“وحش الموت، ما هي التقارير التي قلت لك تجمعها؟”

ردّ موت بنبرة مازحة:

“أيوه، عدنا لأيام الزمن الجميل.”

قالت وهي تمسك الكرسي:

“سوف أرمي الكرسي عليك!”

رفع يديه مستسلمًا:

“حسنًا، حسنًا.”

تنحنح وحش الموت، ثم بدأ في تقريره:

“آخر الحديث الذي جرى في السنوات الأربع الماضية: انضمّت مجموعة جديدة من الفرق والشخصيات، منهم ناس مبدعين، ومنهم ناس من الوسط.”

نظر الجميع نحو فتاة جديدة في الغرفة. بدت متوترة وسألت:

“ماذا؟”

قالت:

“لا، أنا جيت بعد ما اجتزت الاختبار…”

قالت غند بحزم:

“كمل.”

أكمل وحش الموت:

“ولقد دخل (جئ) إلى المنظمة.”

شهقت غند فجأة، وصاحت:

“جئ؟! كيف؟ كيف؟!”

كانت تصرخ بانفعال.

سأل ليو بدهشة:

“من جئ؟”

قالت الفتاة:

“يبدو أنه عدو…”

قالت غند، وهي تقف بغضب:

“هو ليس فقط عدو! هو شريك في القضاء عليهم! استدعوا المساعد الأول… حالًا!”

قال وحش الليل:

“حاضر.”

دخل المساعد الأول إلى الغرفة.

قالت غند فورًا:

“كيف؟ كيف تجعل جئ يدخل المنظمة؟!” كانت صراخها يهزّ المكان.

قال المساعد الأول بهدوء:

“إنه أمر من الأخ.”

صرخت غند:

“أنا التي صنعت هذه المنظمة! ما علاقة الأخ بهذا؟!”

أجاب:

“لأنك لم تكوني موجودة، وكانت المنظمة في حالة فوضى. اضطررنا للذهاب للأخ.”

صمتت قليلًا ثم قالت بصوت مكسور:

“كم هذا رائع… لماذا؟ لماذا لم تأتوا إلي؟”

قال:

“لأنك كنتِ في حالة من الصدمة بعد ذلك الحدث.”

قالت، وقد بدأ صوتها يختنق:

“كان يجب أن تأتوا إلي… أنا من تعبت، أنا من بنيت هذه المنظمة. وهم؟ ماذا فعلوا؟ سوى تدمير كل شيء. قتلوا من أحببت. قل لي، هل فعلوا شيئًا جيدًا؟ أم أن كل ما جلبوه هو الدمار؟!”

ردّ المساعد الأول بنبرة ثابتة:

“أجل… أبعدوا ذلك الوهم عنكِ.”

صرخت غند بقوة:

“ريجيس! لقد تخطيت الحدود!”

قال:

“هذه هي الحقيقة.”

قالت وهي تشير إلى الباب:

“اخرج! اخرجوا كلكم! هيا! أخرجوا!”

كانت تبكي بشدة.

بعد أن خرج الجميع، جلست على الأرض وهي تبكي، وهمست:

“أنا فقط أردت أن نكون سعداء… ما الذي فعلته ليحدث كل هذا؟”

ثم رفعت رأسها ونظرت نحو صورة معلقة على الحائط، وقالت:

“يبدو أني لا أستطيع أن أنساك… يا كاين.

كان الصمت يخيّم على الممر بعد أن صرخت غند وأمرت الجميع بالخروج. أبواب المكتب أُغلقت خلفهم، ليبقى الحزن معها وحده داخل الجدران القديمة.

في الخارج، وقف الجميع صامتين. كان التوتر ظاهرًا، ولم يجرؤ أحد على الكلام.

كسر وحش الموت الصمت أخيرًا، وهو يهمس لريجيس:

“لقد زوّدتها كثيرًا، يا ريجيس…”

ردّ ريجيس بهدوء دون أن يلتفت:

“هذه فقط الحقيقة.”

صرخ وحش الموت بحدة:

“أي حقيقة تتحدث عنها؟! كل ما حدث… فقط لأنها أرادت أن تترك المنظمة! تزيل اسمها من العائلة وتبتعد! ثم اتهموها بأنها السبب في مقتل والدتها! تجنبوها، وعاملوها كأنها غريبة… قاتلة! ولهذا… حدث كل ما حدث.”

كان الغضب يكبر في صوته مع كل كلمة:

“بسببهم… مات كاين… ولورا… وجوهرة… الجميع ماتوا بسببهم! ثم تأتي وتقول: هذه الحقيقة؟ أي حقيقة هذه؟!”

تقدّم موت خطوة إلى الأمام، ووضع يده على كتف أخيه، وقال بنبرة أكثر هدوءًا:

“اهدأ، يا أخي… لنذهب من هنا. لا أريد أن أكون في مكان فيه أمثاله.”

تحركوا بصمت، مغادرين.

وقف ريجيس في مكانه، ينظر إلى باب المكتب المغلق. ثم همس:

“هذا لأني أعلم أنهم لا يعرفون الحقيقة كاملة… يا كاين.”

مرت لحظة، وابتسم بسخرية حزينة، ثم قال:

“يبدو أنه سيستيقظ قريبًا… لكن ما أخشاه هو ردة فعلها. لا أعرف… هل ستحزن؟ أم تفرح؟ أم تغضب؟”

صمت لحظة أخرى، ثم همس بصوت منخفض:

“لكنّي أتوقع… أنها ستفرح.”

وغادر المكان.

في الزاوية الأخرى، بين أروقة المقر، جلس بعض الكائنات الغريبة يتناقشون.

قال وحشي بانفعال:

“من يظن نفسه ليقول هذا الكلام؟! من هو؟!”

تدخلت جيسيكا أخيرًا، وقد بدا على ملامحها الفضول:

“لكن… ماذا جرى قبل أربع سنوات؟”

ساد صمت مفاجئ. الجميع توقف عن الحركة.

تنهد وحش الظلام، ثم قال بصوت خافت:

“لقد كانت هناك عائلة سعيدة، تتكوّن من ستة أفراد. كانوا يعيشون حياة هادئة… مليئة بالحب.”

سكت لحظة، ثم أكمل:

“وفي أحد الأيام… جاء يوم أسود. مات أحد أفراد تلك العائلة. تحطمت الأسرة تمامًا. لم يستطيعوا حتى الأكل. أحدهم كاد أن يموت من الجوع… ثم انتقلوا إلى مدينة أخرى. ومنذ ذلك اليوم… انقطعت أخبارهم.”

قالت جيسيكا، بدهشة:

“هل هذه الأسرة… أسرة غند؟”

ردّ وحش الظلام بحزن:

“أجل.”

تدخل ليو متسائلًا:

“لكن… لماذا حدث كل هذا؟”

قال وحش الظلام وهو ينظر إليه بثبات:

“هل تتذكر ما قاله وحش الموت؟”

قال ليو:

“أجل.”

قال وحش الظلام:

“ما قاله… هو السبب الحقيقي لما حدث.”

في هذه اللحظة، كانت غند تمسح دموعها داخل المكتب، وتنهض بصعوبة. قالت لنفسها وهي ترتب سترتها:

“يبدو أني سأتأخر على الأطفال…”

ثم خرجت مسرعة

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon