الفصل الرابع: المحكمة السماوية

لم تكن الأرض التي وقف عليها راين تابعة لأي قارة

ولا أي قانون

كانت تطفو في الفراغ بين العوالم

هناك

حيث بنت المحكمة السماوية عرشها المقدس

حيث اجتمع العشرة الذين يُقال إنهم خلقوا التوازن

وأنهم آخر من يُسقط

المكان نفسه لم يكن مسموحًا لغيرهم بالاقتراب منه

قصرٌ من الضوء

منزّه عن الزمن

تحيطه هالة من الخلود

السماء فوقه كانت صافيةً دائمًا

كأن الغيم يخجل أن يعبرها

لكن اليوم

تغير كل شيء

أول ما شعر به القضاة

لم يكن صوتًا

ولا طاقة

بل نقصًا

نقصًا في الوجود

كأن شيئًا يُمتص بهدوء من العالم

واحد تلو الآخر

بدأت أعمدة المحكمة تهتز

الضوء يخفت

الخلود يرتجف

ثم ظهر راين

لم يفتح بوابة

لم يُحدث صوتًا

فقط… كان هناك

وسط القاعة

حافي القدمين

عيناه هادئتان

صوته لم يصدر بعد

لكن حضوره كان يختنق به الكون

قام الحاكم الأول

رجلٌ بوجه مشعّ

قال

من أنت؟

من سمح لك بدخول هذا المكان؟

راين لم يرد

بل تقدم

ووقف على الرمز السماوي المحفور في الأرض

رمزٌ لا يُداس

فداسه

قال بصوتٍ منخفض

أنا لم آتِ لأسأل

ولا لأسفك

أنا فقط أردت أن أنظر في أعينكم

لأعرف كيف تجرأتم على تجاهل مذبحة عالمي

قال الحاكم الثاني

نحن لا نتدخل في الفوضى

لقد وُجدنا لحماية التوازن

راين رفع حاجبه

وتوازن من؟

أنتم؟

أنتم الذين تبنون القوانين من عظام الأطفال؟

أنتم الذين تدعون القداسة وقلوبكم مليئة بالخوف؟

اقترب خطوة

كل خطوة كانت تُنقص من خلود القاعة

واحد من القضاة ارتعش

قال

توقف

هذا المكان ليس لك

أنت لست سوى ظل خرج من العدم

ضحك راين

ضحكة باردة

وقال

أنا الظل؟

بل أنتم العدم

وجوهكم نقيّة فقط لأن أحدًا لم يلطّخها بالحقيقة

ثم رفع يده

وأشار نحو السقف

فبدأ يتشقق

لم يستخدم قوة

بل استخدم شيئًا أعمق

حقيقة

حقيقة أن كل شيء مقدّس

ليس سوى كذبة ناجحة

قال الحاكم السادس

لو كنت تهددنا بالموت

فأنت تجهل من نحن

نحن لا نموت

راين اقترب منه

حتى أصبح بين أنفاسهم

وقال

أنا لا أهددكم بالموت

فالموت شرف

بل أهددكم بالانهيار

أن ترى أعينكم النور الذي آمنتم به… وهو يحترق

أن تفهموا أن خلودكم لا يساوي شيئًا

حين يقف أمامه من لا يملك شيئًا ليخسره

ثم جلس على أحد كراسي المحكمة

كأنه يستهزئ بكل شيء

وقال

سأعطيكم هدية

نظرة على الحقيقة

ثم أغلق عينيه

وفي لحظة

رأى القضاة ما لم يُرد أحد منهم أن يراه

رأوا أنفسهم

كما هم

خائفين

صغارًا

مترددين

رأوا الأيام التي بكوا فيها

اللحظات التي شكّوا في أنفسهم

رأوا أحلامهم تموت

وأجسادهم وهي تُهزم

رأوا موتهم

حتى وهم خالدون

صرخ أحدهم

كفى

أخرجنا من هذا

فتح راين عينيه

وقال

أنتم لم تدركوا بعد

أن أسوأ العقاب

هو أن يُكشَف ضعفكم

لا أن تُقتلوا

ثم نهض

وضرب الأرض بقدمه

مرة واحدة فقط

وتشققت المحكمة

كأنها قُدّت من وهم

تساقطت الأعمدة

انمحت الرموز

اختفت الأناشيد السماوية

وانطفأت الأضواء

وقف القضاة في العراء

عراتهم الحقيقة

لا حماية

لا قداسة

لا سلطة

قال أحدهم

هل ستقتلنا؟

راين نظر إليهم

وقال

لا

أنتم أضعف من أن تستحقوا القتل

ستبقون أحياء

لكنكم لن تكونوا كما كنتم

أنزلتكم من فوق

كسرت صمتكم

وغدًا… سيعرف العالم

أنكم لا شيء

ثم دار ظهره

وغادر دون أن ينظر للخلف

في قلب المحكمة المدمرة

وقف الخالدون العشرة

مثل أطفالٍ ضائعين

لا يملكون ما يردّون به

ولأول مرة

منذ بدء الخلق

بكى أحدهم

ليس لأن راين قتلهم

بل لأنه لم يحتج حتى أن يرفع إصبعه

والسماء من فوقهم

ظلت صامتة

كأنها توافق على كل شيء

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon