...انسحبت أريتا غاضبة، تتبعها جوليانا، بينما لورا لفت انتباهها شيء آخر. تقدمت نحو إحدى الطالبات، تتفحص خزانتها بتركيز....
...نظرت إليها الطالبة بانزعاج قائلة:...
..."ماذا تفعلين؟"...
..."هل وجدتِ أي رسالة في خزانتك؟" سألتها لورا بجدية....
...هزّت الطالبة رأسها باستغراب، مما دفع لورا للانتقال إلى الخزانة المجاورة، لكنها وجدت النتيجة ذاتها....
..."لم تكن الرسالة موجهة للجميع..." فكرت لورا، إلا أن حبل أفكارها انقطع عندما دوّى صوت ارتطام قوي من الجهة المخصصة للذكور....
...أسرعت نحو مصدر الصوت، ليقابلها مشهدٌ مربك: دينو متكئٌ على خزانته، ملامحه مجعدة بألم، وأمامَه أرسينيو يضغط على رقبته بقوة. بجانبهما، وقفت أريتا وجوليانا تتابعان المشهد دون تدخّل....
...قال أرسينيو ببرود: "هل تتسلى أيها الجرذ اللعين؟"...
...تحدث دينو بصوت متقطع: "أخبرتك... أنني لا يد لي في الموضوع..."...
...رمقته جوليانا بنظرة حادة: "هل تحاول إقناعنا أنك لست وراء الرسالة؟ كيف تفسر عدم امتلاكك واحدة؟"...
...ابتسم دينو بسخرية رغم وضعه السيئ: "ولماذا عليّ أن أجيب على هذا السؤال؟ ربما عليكِ سؤال من وضع الرسالة في خزانتك."...
...ضيق أرسينيو قبضته أكثر، صوته مليء بالتهديد: "هل تظنّنا أغبياء؟ كفّ عن ألاعيبك، وإلا سأجعلك عبرة على بوابة المدرسة!"...
...نقلت لورا نظرها سريعًا في الأرجاء، تبحث عن شيء يشتت انتباههم. وقع بصرها على الكتاب بين يدي أحد الطلبة ، فالتقطته بسرعة وألقته على الأرض، مُحدثة ضجة أجبرت الجميع على الالتفات نحوها....
..."دينو ليس له يد في الأمر."...
...رفعت أريتا حاجبها بسخرية: "ومن أنتِ لتقرري ذلك؟"...
...تجاهلتها لورا وقالت بجدية: "الرسالة لم تُرسل للجميع. إن لم تصدّقوا، يمكنكم تفتيش خزائن الطلاب."...
...تقدمت جوليانا من إحدى الخزائن تتحقق من صحة كلام لورا، ثم التفتت نحو أريتا مؤكدةً صحة ادعائها....
...رمتها أريتا بنظرة باردة وقالت: "هذا لا يثبت براءته."...
...ردّت لورا بتحدٍّ: "ولا يثبت جرمه."...
...قالت جوليانا بسخط: "لا أفهم سبب دفاعك عنه. أنتِ أيضًا تلقيتِ رسالة."...
...أجابت لورا بثقة: "وهذا بالضبط ما يجعلني متأكدة مما أقول."...
...لكن حديثها لم يزد أريتا سوى انزعاجًا، فتقدمت منها، تدفعها بخفة، ثم ضربتها على كتفها قائلة بحدة: "اسمعي أيتها الوضيعة، لست بحاجة لرأيك، هل هذا واضح؟ أم أنكِ تريدين اللعب معي؟"...
...استدارت أريتا مبتعدة، تاركةً لورا في مزيج من المشاعر. لم تلبث أن ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة، تقدم أرسينيو من أخته الذي كان قد ترك دينو عندما رأى شقيقته تهاجم لورا....
..."لم يكن عليكِ المبالغة، أريتا."...
...كادت أن تجيبه، إلا أن لورا تحركت فجأة، تمسك بشعر أريتا بقوة وتدفعها نحو الخزائن، وسط صدمة الجميع. لم يكن أحد يتوقع أن تبادر لورا بالهجوم، فقد كانت دائمًا تتجاهل التنمر بصمت....
...ثبّتت ظهر أريتا على الخزانة بإحكام وهمست في أذنها ببضع كلمات جعلت الأخرى تشتعل غضبًا. تقدم أرسينيو ليُبعدها عن شقيقته، لكن لورا أفلتت أريتا بنفسها، رافعةً يديها كإعلان عن انسحابها....
...لكن جوليانا لم تمنحها فرصة، فدفعتها بقوة حتى ارتطمت بالحائط وسقطت أرضًا. حاولت النهوض، لكن أريتا لم تمهلها، بل أمسكتها من رقبتها، تضغط عليها بقوة، فيما كانت لورا تحاول المقاومة....
...همست أريتا بابتسامة غاضبة: "سأجعلك تتمنين أنك لم تتفوهي بتلك الكلمات."...
...ثم رفعت قلمًا سحبته من أحد المتفرجين، محاولةً طعنها، لكن صوت تصفيق قطع اللحظة....
...التفت الجميع ليجدوا المحقق واقفًا، يصفق كأنه يشاهد عرضًا مسرحيًا، وإلى جانبه شابة تبدو مساعدته في التحقيق....
...قال المحقق بصوت هادئ، لكن كلماته حملت سخرية واضحة: "كدتُ أشاهد جريمة ثانية تحدث هنا... نفس الأبطال، لكن في مكان مختلف، وفي ظروف مختلفة. هل قررتِ تنفيذ جريمتك هذه المرة أمام الجميع؟ أحسنتِ اختيار ضحيتك، أريتا."...
...ابتعدت أريتا عن لورا، تحاول ترتيب شعرها وكبح غضبها، بينما كانت لورا تلتقط أنفاسها بصعوبة. تقدم دينو نحوها محاولًا تهدئتها، في حين قال أرسينيو ببرود:...
..."لا تتجاوز حدودك، أيها المحقق. راقب ما تتفوه به."...
...رفع المحقق كتفيه بعدم اكتراث: "لم أقل سوى ما رأيته واستنتجته... أليس كذلك، آنسة أريتا؟"...
...أجابت ببرود: "أخطأتَ الاستنتاج، أيها المحقق. كما أنني لن أرتكب حماقة كهذه، فلا أريد لسمعتي أن تتلطخ بالدماء."...
...هزّ رأسه باستهزاء، ثم التفت إلى لورا وسألها بلطف: "هل أنتِ بخير، آنسة؟"...
...رفعت نظرها إليه ببراءة، تومئ ببطء. لاحظ دينو تغيرها السريع ، لكنه تجاهل الأمر وساعدها على الوقوف....
...قال دينو: "سأوصلها إلى المنزل."...
...أومأ له المحقق، ثم التفت إلى البقية: "عليكم المغادرة، فقد انتهى الدوام."...
...بدأ الجميع بالخروج، لكن فجأة، صدح صوت عبر مكبر الصوت في المدرسة:...
..."أهلًا بالجميع... أرى أنكم مجتمعون بدوني، لماذا؟ هل حدث شيء أثار توتركم؟"...
...أُرفق الصوت بضحكة باردة قبل أن يتابع:...
..." كم هي مسلية الملامح المرسومة على وجوهكم ...لماذا الخوف؟ الرعب الحقيقي لم يبدأ بعد..."...
...اندفع المحقق إلى غرفة التسجيل، يتبعه مساعدته، ولورا، ودينو، وأريتا، وأرسينيو، وجوليانا. فتح الباب بقوة، ليجد طالبًا يقف مذعورًا، ممسكًا بمسجل، يرتجف من الخوف....
...ما إن رأى المحقق حتى أسقط المسجل على الأرض، لكنه استمر في تشغيل التسجيل....
..."لا تقلقوا، فموتكم لن يكون بتلك السهولة التي مات بها صديقكم. كما قلتُ سابقًا، أريد رؤيتكم مرعوبين... والآن، من سيكون دميتي التالية؟"...
...ساد الصمت الثقيل للحظات، قبل أن يتمتم المحقق بحدة: "لقد استُخدم مغير الصوت"...
...بعد انتهاء التسجيل، التفت المحقق إلى الطالب المرتجف، مستجوبًا إياه بحدة:...
..."كيف حصلتَ على هذا التسجيل؟"...
...أجاب الطالب بصوت مرتعش: "أقسم أنني لا علاقة لي بالأمر! فقط... فقط وجدته في خزانتني مع ورقة تهديد!"...
...ضيّق المحقق عينيه: "ورقة تهديد؟ أرني إياها."...
...أخرج الطالب الورقة بيد مرتجفة وسلّمها للمحقق. فتحها الأخير وقرأ بصوت مسموع:...
..."أهلا يا صديقي، ما رأيك أن نلعب لعبة معًا؟ أترى المسجل أمامك؟ عليك أن تبثه ليسمعه الجميع بعد الدوام، حين يكون الجميع مجتمعين ومتوترين. إن لم تفعل، فلتعلم أن كل الصور التي التقطتها للفتيات ستُعلق في لوحة الإعلانات باسمك."...
...تجمدت الأجواء للحظات. كانت الصدمة جلية على وجوه الجميع، بينما تمتمت لورا، وهي تنظر إلى الورقة بتركيز: "إنه نفس الخط..."...
...التفت إليها المحقق بعدما أدرك وجودهم في الغرفة، فزمجر بانزعاج: "ما الذي تفعلونه هنا؟ ألم آمركم بالعودة إلى منازلكم؟"...
...اضطر الجميع للمغادرة تحت إصراره، بينما خرج دينو برفقة لورا، متجهين إلى سيارته....
...ما إن جلس بجانبها، حتى قال بفضول: "ما الذي قلته لأريتا حتى تغضب بتلك الطريقة؟"...
...تظاهرت لورا بالتفكير للحظات قبل أن تجيبه ببرود: "الحقيقة."...
...نظر إليها دينو باستغراب: "الحقيقة؟ أي حقيقة؟"...
...ابتسمت بسخرية: "الحقيقة التي جعلتها تتنمر عليك."...
...رفع حاجبه مستفسرًا: "وما أدراكِ بها؟"...
...أجابته وكأن الأمر بديهي: "أنتَ ثري، وسيم، ولديك شخصية جيدة. هذا يعني شيئًا واحدًا فقط... لقد تنمرت عليك لأنها تكن لك مشاعر، لكنك رفضتها. هل أنا مخطئة؟"...
...لم يرد دينو، بل اكتفى بالتحديق إلى الأمام بصمت. لم تكن بحاجة إلى إجابة، فقد كانت ملامحه كافية لتأكيد شكوكها....
...لتكتفي بنظر الى الطريق وهي تفكر بما حدث قبل قليل...
...من ستكون الضحية...
Comments