...كانت لورا تجلس في غرفة تحقيق مظلمة، باستثناء ضوء خافت يتراقص على الجدران، يبعث رهبة غامضة في الأجواء. طاولة واحدة تفصلها عن المحقق، وكاميرا مراقبة تتربص في الزاوية، تلتقط كل تعبير وكل حركة....
...فُتح الباب ببطء، وظهر منه شاب في أوائل الثلاثينات، بملامح جادة ونظرة مدققة. كان يحمل حاسوبًا محمولًا، وضعه أمامه قبل أن يجلس، متنهّدًا بعمق وكأنه يستعد لمواجهة طويلة....
..."إذاً، آنسة لورا... هل نبدأ التحقيق الآن؟"...
...رفعت رأسها ببطء، عيناها مشتتتان، ثم أومأت برأسها بتردد....
..."اسمك بالكامل؟"...
..."باتسي لورا."...
..."حسنًا، آنسة لورا... هل يمكنك إخباري بما حدث تلك الليلة؟"...
...ظلّت صامتة للحظات، تحاول استجماع أفكارها، ثم أخذت نفسًا عميقًا وبدأت بالسرد:...
..."لا أذكر كل شيء بوضوح... كل شيء حدث بسرعة. كان علينا تنفيذ العقاب، تنظيف المدرسة بالكامل، وهو أمر شبه مستحيل، لذا قسّمنا الأدوار."...
...توقفت للحظة، وكأنها تزن كلماتها، ثم أكملت بصوت أثقل:...
..."كان دوري تنظيف الحمامات وحدي، وكان الأمر مرهقًا، فقررت أخذ استراحة قصيرة... لا أعلم كيف، لكنني غفوت. عندما استيقظت، سمعت صراخًا قادمًا من صالة الرياضة. لم أفكر، هرعت إلى هناك، وعندها... رأيت الجثة معلّقة."...
...أغلقت عينيها بقوة، محاولة طرد المشهد من ذهنها....
..."كم استغرقتِ في النوم؟"...
...نظرت إليه مطولًا، تحاول التذكر، ثم هزّت رأسها:...
..."لا أعلم... لم يكن لدي ساعة، لكن لا أعتقد أنها كانت مدة طويلة. رائحة المنظف لم تكن قد اختفت بعد."...
...هزّ المحقق رأسه بتفهم، ثم واصل بأسئلة أدق:...
..."عندما وصلتِ إلى الصالة، من كان هناك؟"...
..."همم... كان العدد قليلًا، لكن أتذكر رؤية جوليانا، أريتا، وأرسينيو."...
..."هل لاحظتِ أي شيء غير عادي؟"...
...ترددت للحظة، ثم نظرت إليه بجدية:...
..."كل شيء كان غريبًا."...
...عقد المحقق حاجبيه: "ماذا تقصدين؟"...
...اعتدلت في جلستها، مقربة وجهها نحوه، وكأنها تخبره بسر خطير:...
..."هذه لم تكن أول مرة يحدث فيها شيء مريب في المدرسة. قبل يومين، تلقت إحدى الطالبات رسالة تهديد."...
...سحبت حقيبتها وأخرجت منها ورقة مجعدة، وضعتها أمام المحقق. فتحها ببطء، يتفحص الكلمات بعناية....
..."حينها، جوليانا اعتبرتها مجرد مزحة، لكنني لم أفكر بنفس الطريقة، خاصة بعد أن قرأت محتواها. وفي صباح اليوم التالي، وجدت كتابة مرعبة على حائط الصف، بالطلاء الأحمر... أو ربما كانت دماء. كُتب عليها: 'مرحبًا بكم في الجحيم... والآن تبدأ اللعبة.' بسببها، تلقينا جميعًا العقاب."...
...نظر المحقق إليها باهتمام أكبر:...
..."لماذا لم تعتبري الرسالة مجرد مزحة؟"...
...أشارت بإصبعها إلى السطر الأول من الرسالة:...
...'' لأنه إذا لاحظت فسترى أنه كان يتحدث عن حادثة'' ...
..."نعم، على أي حادثة تشير الرسالة؟ هل لديك فكرة؟"...
...أومأت برأسها ببطء:...
..."نعم... حادثة التنمر. وقعت قبل يوم واحد من إرسال الرسالة. كنت آخر من غادر المدرسة عندها، وعندما مررت بجانب صالة الرياضة، سمعت أصوات ضحك، لكن بينها كان هناك أنين... فضولي دفعني لإلقاء نظرة، وهناك رأيت مجموعة من الطلبة يتنمرون على دينو. كان مغطى بالدماء، لكنني انسحبت بهدوء دون أن يلاحظني أحد. الأشخاص الذين رأيتهم كانوا... جوليانا، أريتا، أرسينيو، وشخصًا آخر لم أره من قبل."...
..."هل تعتقدين أن دينو هو من يقف وراء كل هذا؟"...
...هزّت رأسها نافية بسرعة:...
..."لا، لا أعتقد ذلك."...
..."ولماذا؟"...
...تجاهلت سؤاله، قائلة بفضول: "ماذا عن الجثة؟ هل عرفتم من هو؟"...
...تنهد المحقق، وكأنه متردد، ثم أخرج صورة ووضعها أمامها. شهقت لورا واتسعت عيناها بصدمة ، رفعت يدها المرتجفة وأشارت إلى الصورة:...
..."إنه هو! الشخص الذي كان يتنمر على دينو!"...
...---...
...بعد أسبوع...
...عاد الجميع إلى المدرسة، لكن الجو كان مشحونًا بالتوتر. التحقيق لم يُسفر عن أي أدلة حاسمة، لكن لورا لم تتوقف عن البحث....
...في وقت الاستراحة، صعدت إلى سطح المدرسة. وكما توقعت، وجدته مستلقيًا هناك، سماعاته في أذنيه. دون مقدمات، انتزعت السماعات قائلة:...
..."هل أنت متأكد أنك لا تعرف القاتل؟"...
...جلس بملل، نظر إليها، ثم قال ببرود:...
..."هل ما زالت لديك الرسالة؟"...
..."لا، لكنني التقطت صورة لها."...
...أخرجت هاتفها، وورّت له الصورة....
..."علينا معرفة صاحب هذا الخط."...
...تجمدت للحظة، ثم صرخت وهي تصفق بيديها: "لماذا لم أفكر في ذلك من قبل؟! لكن علينا تصغير دائرة الشكوك."...
...أعاد الهاتف إليها بغير مبالاة، مستلقيًا مجددًا: "سأترك الأمر لك... والآن أعيدي لي سماعاتي."...
..."لكن هذا لا يبعدك عن الشبهة."...
...نظر إليها بابتسامة ساخرة: "ولا يبعدك أنتِ أيضًا. كنتِ في موقع الجريمة مرتين."...
...ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيها: "جيد، هذا يعني أنك ستراقبني لاكتشاف إن كنت الجانية أم لا. ما رأيك أن نعمل معًا؟"...
..."ولماذا أفعل ذلك؟ الأشخاص الذين كانوا يتنمرون عليّ ينالون عقابهم."...
..."لأنك موضع شبهة في نظر الشرطة."...
...تنهد بتعب، مستقيما خاطف السماعات من يدها: ...
..."كم أنتِ مزعجة ."...
...بعد انتهاء الدوام، كانت تقف أمام خزانتها لتضع كتبها عندما اقتربت منها جوليانا وصديقاتها....
..."كيف فعلتِها؟"...
...نظرت إليها لورا باستغراب: "ماذا تقصدين؟"...
..."أعلم أنكِ خلف الحادث... حتى لو كان الجميع يقولون العكس."...
..."وما الذي يجعلكِ تظنين ذلك؟"...
..."لأنني رأيتك في الصالة تلك الليلة، عندما تعرض دينو للضرب."...
...اكتفت لورا بضحكة ساخرة قبل أن ترد...
...''إذا ؟ هل هذا يجعلني الجاني؟ إذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أنكم جميعا جناة ''...
...تجاهلتها لورا تفتح خزانتها، لكن عينيها وقعتا فورًا على ورقة مطوية موضوعة بداخلها. تجمدت للحظة قبل أن تسحبها ببطء، تحت أنظار جوليانا المترقبة....
...فتحت الرسالة وقرأت محتواها بصوت خافت:...
..."مات البيدق... يا ترى، من التالي؟ هل هو أنت؟"...
...قرأت الكلمات عدة مرات، قبل أن ترفع عينيها إلى جوليانا وتقول بجدية:...
..."افتحي خزانتكِ، جوليانا."...
...رمقتها جوليانا بتردد: "ولماذا عليّ فعل ذلك؟"...
...فتحت لورا فمها لترد، لكنها توقفت عندما رأت أريتا تفتح خزانتها وتسحب منها رسالة مشابهة. :...
...التفتت جوليانا لترى ما جذب انتباه اريتا لكن ماإن رأت أريتا حتى تقدمت اليها تقرأ محتواها بصوت مسموع كافي لتسمعه لورا وكانمتطابق لما تلقته...
...تجمدت الأجواء للحظات، قبل أن تسرع جوليانا نحو خزانتها، تتفحصها بقلق، لتجد ما توقعته—نفس الرسالة....
...نقلت لورا نظراتها إلى الورقة بين يديها، هامسة لنفسها:...
..."لقد أُرسلت نفس الرسالة إلى الجميع..."...
Comments