– الليلة الأولى في القصر
بعد لقاء السلطان، حملني الأمير بين يديه وسار في ممرات القصر الطويلة بصمت. كان جسدي الصغير يتأرجح مع كل خطوة، لكنني كنت مشغولة بالتفكير فيما قاله السلطان. "تجلب له الحظ"؟ ماذا كان يقصد بذلك؟
توقف الأمير أمام باب ضخم، ثم دفعه بهدوء، ليكشف عن غرفة واسعة ذات شرفة مفتوحة تطل على الحدائق الملكية. كانت الغرفة مليئة بالستائر الحريرية، والأثاث الفاخر، ولكن أكثر ما لفت انتباهي كان السرير الكبير المزخرف بالذهب.
"ستبقين هنا." قال الأمير بصوت هادئ وهو يضعني فوق وسادة مخملية قريبة من المدفأة.
نظرت إليه بدهشة. هل… هل هذا يعني أنني سأكون قطة الأمير الخاصة؟ لم أكن متأكدة إن كان هذا أمراً جيداً أم سيئاً، لكن على الأقل، هذا يعني أنني لن أُطرد إلى الشوارع.
جلس الأمير على كرسي قريب، ثم أخرج مجموعة من الأوراق وبدأ في قراءتها بتركيز. نظرت إليه مطولاً… كان يبدو أصغر مما توقعت، ربما في منتصف العشرينات، لكن هالته كانت هالة شخص اعتاد القيادة والسيطرة.
شعرت بالتعب، فلففت جسدي الصغير على الوسادة الناعمة، وأغمضت عيني. لم أكن أدرك كم كنت منهكة حتى بدأ النعاس يسحبني إلى عالم آخر. لكن قبل أن أغفو تمامًا، سمعت الأمير يتمتم بصوت منخفض:
"ما سرّك، أيتها القطة الصغيرة؟"
لو كنت أستطيع التحدث، لكنت صرخت: "أنا لست قطة!" لكن كل ما خرج مني كان مواءً ناعماً قبل أن أغرق في النوم.
—
في منتصف الليل، استيقظت على صوت حركة خفيفة في الغرفة. فتحت عيناي بحذر، ولمحت الأمير واقفًا عند الشرفة، يتأمل السماء المضاءة بالقمر. كان جسده مشدودًا، وكأنه غارق في أفكار ثقيلة.
لسبب ما، لم أستطع منع نفسي من النهوض. تقدمت نحوه بخطوات هادئة، ثم قفزت برشاقة وجلست بجانبه. التفت إليّ ببطء، وعلى وجهه نظرة دهشة خفيفة.
"أنت مستيقظة؟" تمتم بصوت ناعس.
لم يكن بإمكاني الإجابة، لذا اكتفيت بالتحديق في السماء معه. كانت ليلة جميلة… لكنني شعرت أنني عالقة في حلم غريب لا أستطيع الاستيقاظ منه.
"إن كنتِ حقاً تجلبين الحظ، فربما عليكِ البقاء معي لفترة أطول."
لم أدرك حينها أن هذه الجملة ستكون بداية قدري الجديد بجانب الأمير… وأن هذه الليلة ستكون مجرد بداية لسلسلة من الأحداث التي ستغير كل شيء.
—
في الصباح الباكر، استيقظت على صوت خفيف عند الباب. فتحت عينيّ بتكاسل، فرأيت إحدى الخادمات تدخل بهدوء وهي تحمل صينية فضية عليها وعاء من الحليب وبعض الفواكه. عندما رأتني جالسة فوق الوسادة المخملية، انحنت برفق وقالت بصوت هادئ:
"صباح الخير، أيها المخلوق الصغير."
نظرت إليها بفضول، لكنها وضعت الوعاء أمامي وكأنها تتوقع مني أن أشرب. للحظة، شعرت بالإهانة – فأنا لست قطة حقًا! لكن معدتي كانت تتلوى جوعًا، ولم يكن لدي خيار سوى الانحناء ولعق الحليب برشاقة.
خلال ذلك، سمعت الباب يفتح من جديد، ودخل الأمير بوقفته المهيبة المعتادة. كان يرتدي رداءً أسودَ مطرّزًا بخيوط ذهبية، مما زاد من هالته الملكية. اقترب مني ببطء، ثم جلس على المقعد المقابل لي.
"يبدو أنكِ بدأتِ تتأقلمين." قال بصوت هادئ، بينما راقبني بعينين متمعنتين.
لم أكن أعرف كيف أرد عليه، لذا اكتفيت بلعق الحليب بصمت. لكنه لم يكن بحاجة إلى ردٍّ مني، فقد كان منشغلًا بالتفكير في شيء آخر.
"يبدو أن والدي يجدكِ مثيرة للاهتمام."
توقفت للحظة، ثم نظرت إليه باستغراب. لم أكن أتوقع أن يكون السلطان مهتمًا بي إلى هذه الدرجة… لكن ما يقلقني هو السبب.
"يقول إنكِ تحملين طاقة مختلفة عن باقي الحيوانات… وكأنكِ خُلقتِ لهدف معين."
تشنج جسدي قليلاً. هل يمكن أن يكون السلطان قد شعر بحقيقتي؟ هل يمكن أن يعرف أنني كنت إنسانة قبل أن أتحول إلى قطة؟
لم أستطع التفكير كثيرًا، لأن الأمير مدّ يده فجأة وربّت على رأسي برفق.
"مهما يكن، يبدو أنني مضطرٌّ للاعتناء بكِ من الآن فصاعدًا."
حدّقت إليه بدهشة… هل يعني هذا أنني سأظل قطة للأبد؟ لا، هذا لا يمكن أن يحدث! يجب أن أجد طريقة لاستعادة جسدي الحقيقي. لكن كيف؟
—
في المساء…
بينما كنت أجلس على أريكة ناعمة في غرفة الأمير، دخل أحد الحراس بخطوات متسارعة وانحنى أمامه.
"مولاي، السلطان يطلب حضورك فورًا إلى القاعة الكبرى."
لمعت عينا الأمير بحدة، ونهض من مكانه بسرعة. لم أفهم سبب الجدية المفاجئة، لكن فضولي كان أقوى من خوفي. عندما خرج الأمير، تسللت خلفه بصمت، حريصة على ألا يلاحظني أحد.
عندما وصلت إلى القاعة الكبرى، اختبأت خلف أحد الأعمدة، ونظرت إلى المشهد أمامي. كان السلطان جالسًا على عرشه، وإلى جانبه رجل غريب يرتدي عباءة داكنة، تنبعث منه هالة غامضة.
"هذه القطة…" قال الرجل بصوت منخفض وهو يحدّق بي مباشرة. "إنها ليست قطة عادية."
شعرت بقشعريرة تسري في جسدي الصغير… من هذا الرجل؟ وكيف عرف حقيقتي؟!
—
✨😍
Comments