توسعت عينا أمل وكأن صاعقة قد أصابتها، لم تستطع تصديق ما سمعته من عمر. صدمة الحقيقة ضربتها بقوة، جعلت كل شيء من حولها يبدو ضبابيًا. دون أن تنطق بكلمة، استدارت بسرعة وخرجت من الغرفة، تاركة خلفها همومها التي بدت فجأة أكبر مما كانت تتخيل.
ركضت... لا تعلم إلى أين، حتى وجدت نفسها في الحديقة التي اعتادت اللجوء إليها عندما كانت صغيرة. جلست على أحد المقاعد، تحاول استيعاب كل شيء، لكن عقلها كان يرفض التصديق.
"أنا أعرف ماضيك... وأعرف كل شيء عنك."
تجمدت أمل في مكانها، التفتت بسرعة لترى أمامها رجلًا غامضًا يرتدي معطفًا أسود وقبعة تخفي معظم ملامحه. صوته كان باردًا كأن الموت نفسه يتحدث.
أمل بذهول: "ماذا تعرف عني؟ ومن أنت؟"
الرجل الغامض بصوت خافت: "قريبًا ستعرفين كل شيء..."
وبلمح البصر، اختفى الرجل في الظلام، تاركًا خلفه صورة قديمة لعائلة أمل، ومعها أخوها عمر... ولكن هناك شيء غريب في الصورة.
كان هناك رجل آخر يقف بجانبهم، وجهه غير واضح، لكنه بدا مألوفًا بشكل غريب.
قطعت صوت أفكارها رعد مفاجئ، تلاه هطول المطر، وكأن السماء شعرت بالاضطراب الذي يجتاح قلبها. أمسكت الصورة بقوة، ثم هربت إلى شقة والديها بالتبني، المكان الوحيد الذي شعرت فيه بالأمان يومًا ما.
في مكان آخر...
إيمان بقلق: "هل هي بخير؟"
عمر بتنهد: "نعم، لم تخرج منذ يومين... أراقبها من بعيد، لا أريد أن أجبرها على العودة، ستفهم الحقيقة بنفسها قريبًا."
إيمان بحزن: "أمل... هناك شيء يجب أن تعرفه... لكن—"
قاطعها صوت جرس الباب.
توجه عمر ليفتح الباب، لكن لم يكن هناك أحد. فقط رسالة سوداء اللون ملقاة على الأرض.
"احذر... فأنا أعلم ما هي نقطة ضعفك... ويمكنني أن أؤذيك دون أن ألمسك."
انعقد حاجباه في توتر، نظر حوله، لكن الشارع كان فارغًا. ظن أنها مجرد مزحة من أصدقائه، فمزّق الرسالة وألقى بها بعيدًا. لكنه لم يكن يعلم أن هذا لم يكن سوى بداية الكابوس.
عودة إلى أمل...
أثناء جلوسها في الشقة القديمة، لاحظت شيئًا لم تره من قبل. صندوق خشبي قديم، كان مخبأً خلف صورة لها مع عمر.
الصندوق كان مغلقًا بقفل...
فجأة، تذكرت شيئًا! قلادة والدتها... كانت تحمل مفتاحًا صغيرًا دائمًا. هل يمكن أن يكون هذا هو المفتاح؟
بحثت عن القلادة بجنون، حتى وجدتها أخيرًا، وعندما فتحت الصندوق، وجدت رسالة قديمة مكتوبة بخط يد والدتها الحقيقة – إيمان.
"أرجوكِ اعتني بها... فأنا لو تركتها معي، لما عاشت يومًا واحدًا."
أمل بصدمة: "ماذا؟!"
بدأت أفكارها تتشابك... هل هذا يعني أنها لم تكن "ضائعة" كما قيل لها؟ بل تم إرسالها عمدًا بعيدًا؟!
لكن لماذا؟ من الذي كانت أمها تخافه؟!
في منزل إيمان وعمر...
طرقت أمل الباب بقوة، هذه المرة لن تهرب.
فتح عمر الباب ورأى وجهها الشاحب، وعينيها المليئتين بالحيرة والغضب.
أمل بحدة: "يجب أن نتحدث."
جلست مع إيمان، بينما بقي عمر واقفًا، رافضًا المغادرة.
أمل بصوت مختنق: "لماذا تركتني؟ لماذا أرسلتني إليهم؟ من الذي كنتِ تخافين منه؟! من هو؟!"
إيمان نظرت إليها بعيون مذعورة، ثم همست: "لن تفهمي... لن تفهمي أبدًا."
عمر صرخ: "نحن نريد تفسيرًا! من الذي يهددنا؟!"
إيمان بتوتر شديد: "أنا... لا أستطيع أن أخبركم..."
لكن قبل أن تكمل، دوى صوت زجاج يتحطم من النافذة...
رسالة جديدة سقطت على الأرض...
وكانت هذه المرة... مغطاة بالدم.
——— نهاية البارت الرابع ———
Comments