مرت السنوات، وكبرت أمل حتى بلغت الثامنة عشرة من عمرها. ورغم مرور الزمن، لم تستطع نسيان حمزة، الشخص الذي وعدها بأنه سيعود لكنه لم يفعل. لا تزال تحتفظ بالسوار الذي أعطاه لها يومًا ما، كأنه ذكرى لا تريد أن تموت.
في مكان آخر...
في مكتب واسع بإحدى أكبر شركات الاتصالات، جلس حمزة خلف مكتبه الفخم، وعيناه مليئتان باللهفة والانتظار.
السكرتيرة: وجدنا مكانها يا فندم.
حمزة، بقلب يكاد يقفز من صدره: فين؟
السكرتيرة: دقيقتين وهتكون معاك كل المعلومات.
كان قلبه ينبض بقوة، وكأن الزمن عاد به إلى الوراء. حلق في الأوراق التي وضعتها السكرتيرة أمامه، وبينما كان يقرأ، تغيرت ملامحه فجأة إلى صدمة مطلقة.
حمزة، بدموع محبوسة: مستحيل... ده معقول؟ السر اللي كانت أم أمل مخبياه عنها طول السنين دي...
أسند ظهره على الكرسي، واضعًا يده على جبينه، يحاول استيعاب الحقيقة التي اكتشفها للتو.
في مكان آخر، حيث تسير الحياة بشكل طبيعي...
كان عمر وأمل يجلسان في الحديقة، يتحدثان كالعادة.
عمر، ضاحكًا: أمل، أنا حاسس إن إحنا توأم... بجد، إحنا متشابهين جدًا!
أمل، مازحة: يا شيخ، طب روح اسأل المرحومة أمي!
ضحك عمر، لكنه لم يكن يعلم أن هذه المزحة ستتحول إلى حقيقة صادمة قريبًا.
في اليوم التالي، كانت أمل تقود سيارتها إلى الجامعة عندما فقدت الوعي فجأة. لم تشعر بشيء سوى بأصوات الإسعاف وهي تصرخ، قبل أن تغرق في ظلام عميق.
الشاب الذي اصطدم بسيارتها هرب، لكن أحد المارة، وهو شاب في العشرينات، التقط صورة لرخصة السيارة قبل أن يهرع لإنقاذها. كان هذا الشاب صديقًا لعمر، فاتصل به على الفور.
عمر، مصدومًا: أنت بتقول إيه؟ أنا جاي حالًا!
وصل عمر إلى المستشفى في الوقت المناسب، وهناك جاءت الصدمة الكبرى.
الطبيب: الحالة محتاجة نقل دم، وفصيلتها نادرة. الأفضل يكون المتبرع أخ أو أخت ليها لو موجودين.
عمر، بتوتر: طب ممكن نعمل تحليل ونتأكد؟
بعد إجراء التحليل، عاد الطبيب بنظرة غريبة على وجهه.
الطبيب، بجديّة: الأستاذ عمر، التحليل بيأكد إنكم أخوات.
عمر، مصدومًا: مستحيل... إزاي؟!
تراجع للخلف وكأن صاعقة ضربته، بينما كان الطبيب مستعجلًا لإنقاذ حياة أمل.
اتصل عمر فورًا بوالدته إيمان، يحاول فهم الحقيقة.
إيمان، بصدمة عبر الهاتف: أنت بتتكلم جد يا عمر؟ أنا جاية حالًا!
عندما وصلت، وجدت عمر واقفًا، مصدومًا، بينما دموعه تترقرق في عينيه.
عمر، بصوت مرتجف: ماما... احكيلي الحقيقة.
إيمان، بانهيار: يا ابني أنا والله لسه عرفت منك دلوقتي!
قبل أن تكمل، خرج الطبيب ليطمئنهم.
الطبيب: الحمد لله، أمل عدّت مرحلة الخطر، لكنها تحتاج للراحة. تقدروا تدخلوها بعد ما تفوق.
بينما كانوا ينتظرون، عاد أحمد بالطعام، لكنه وجد الجميع في حالة قلق شديد.
أحمد، بقلق: أمل كويسة؟
عمر: آه، بس في حاجة مش طبيعية.
بعد ساعات، عندما دخلوا الغرفة لرؤية أمل، لم يجدوها هناك!
عمر، بغضب: هي فين؟ مين المسؤول هنا؟
إيمان، بانهيار: يا رب، بنتي راحت فين؟
بدأ أحمد بالبحث في جميع الغرف، لكن بلا جدوى. وفي تلك اللحظة، جاء مسؤول المستشفى.
المسؤول، مرتبكًا: في مشكلة، يا فندم؟
عمر، غاضبًا: مشكلة؟ أختي اختفت!
جاء أحمد بعد أن راجع كاميرات المراقبة، ووجهه ممتلئ بالذهول.
أحمد: فيه حاجة غريبة... بعد ما خرج الأطباء من العملية، كان فيه دكتور طلع بسرير عليه حد، وبعدها اختفى. والأغرب إنه مش موجود في سجلات المستشفى أصلًا!
عمر، فقد وعيه من الصدمة.
إيمان، وهي تبكي: يارب استودعتهم عندك!
في مكان آخر...
استيقظت أمل في غرفة فاخرة، أثاثها يشبه القصور. كانت تشعر بالدوار، وعندما فتحت عينيها جيدًا، وجدت شخصًا جالسًا بعيدًا.
أمل، بخوف: أنا فين؟ أنا بحلم؟ ولا... أنا متت؟
نهض الرجل واقترب منها ببطء.
حمزة، بابتسامة حزينة: إزيك يا أمل؟ أخيرًا فوقتي.
أمل، مرتجفة: انت مين؟ وعايز مني إيه؟
حمزة، بألم: نسيتي؟ أنا حمزة.
أمل، مذهولة: حمزة؟ مستحيل... أثبتلي إنك هو!
مدّ يده وأراها السوار الذي أعطاه لها منذ سنوات.
أمل، بدموع: حمزة... كنت حاسة إني مش هشوفك تاني!
حمزة، بنبرة ندم: أمل، بخصوص اليوم اللي سيبتك فيه... أنا آسف.
وهنا، يعود الزمن للخلف إلى ذلك اليوم المشؤوم...
"فلاش باك" – الماضي يعود
كان حمزة جالسًا في الملجأ عندما ظهر خالد، عمه.
خالد: أخيرًا لقيتك، يا حمزة. كنت بدور عليك بقالى أسبوع. بس لما عرفت إنك مصاحب بنت هنا، استنيت لما تكون نايمة علشان متتعلقش بيها أكتر.
حمزة، والدموع تملأ عينيه: بس... أنا مش عايز أسيبها!
خالد، متنهدًا: لو بتحبها بجد، لازم تمشي دلوقتي.
ذهب حمزة إلى غرفة أمل، واقترب منها وهي نائمة، وهمس بصوت مرتجف:
"سلام، متخفيش... أنا هاجي أخدك تاني، دا وعد."
ثم غادر، دون أن يدرك أن القدر سيفرق بينهما لسنوات طويلة.
"عودة للحاضر"
حمزة، بنبرة حزينة: رجعت تاني للملجأ بعد فترة علشان آخدك، بس ملقتكيش. دورّت عليكي في كل حتة، ولما سمعت إنك عملت حادثة، مقدرتش أسيبك تاني.
أمل، بخجل: كنت بتدور عليّا كل السنين دي؟
حمزة: طبعًا، بس أنا مش همنعك تروحي لأهلك. بس أوعديني إنك ترجعي تزوريني تاني.
أمل، مبتسمة: بوعدك.
خرجت أمل متوجهة لمنزلها، لكنها لم تجد أحدًا. فذهبت إلى المستشفى، وهناك وجدت الجميع في حالة يرثى لها.
أحمد، بدهشة: أمل! الحمد لله إنك بخير! عمر أغمي عليه من ساعتها!
ذهبت أمل لعمر، وهي تبكي وتحاول إيقاظه.
عمر، بلهفة: أمل، إنتي كويسة؟ مين اللي خطفك؟
أمل، بتنهيدة: أنا بخير، بس فين ماما؟
عمر، بجديّة: قبل أي حاجة، لازم تعرفي الحقيقة... إحنا توأم، وإنتِ كنتي متبناة.
انتهى البارت...
هل ستتقبل أمل الحقيقة؟ وماذا سيكون رد فعلها؟
Comments