ها هي زوي تنظر إلى الرفوف الممتلئة بالكتب في مكتبة الأكاديمية الواسعة بمساحتها بعد ان كانت هي و بعض من زملائها مسؤولين عن مكتبة الاكادمية
خيوط الشمس الذهبية كانت بالفعل تعكس بأشعتها من خلال النوافذ العالية مما يضفي لمسة من السحر على المكان ، ترتب زوي الكتب بعناية وتضع كل كتاب في مكانه المناسب وحدها بعد ان غادرو بقية فريقها المسؤولين عن الامر تاركين ما تبقى لها من العمل كي تنجزه لوحدها
فجأة تسمع صوتًا طفيفًا يشبه الزنين ، ترفع زوي رأسها وتبحث عن مصدر الضوضاء فأذا بها تجد أسلاكًا كهربائية متشابكة بالقرب من الرف الأخير بدت الأسلاك متداخل بشكل غير طبيعي وتشكل حلقة مغلقة.
تشعر زوي بالذعر لانتشار النيران و اخذت تلتهم ما يصادفها بلمح البصر ، تحاول زوي الابتعاد فورا و الاسراع في حمل اشيائها هاتفها الشخصي لكنها تكتشف أنها قد حوصرت تماما عند توجهها نحو المخرج ، النيران تندلع في الزوايا ، والدخان يملأ المكان
زوي تقف وسط المكان الملتهب ، النيران تلتهم الجدران وتلتهب الأثاث ، الدخان يلف حولها مما يجعل الرؤية غير واضحة تتقدم نحو احدى النوافذ و ترمي شيء يساعدها على تحطيم النوافذ بصوت عالٍ وتتساقط الزجاجات المحطمة على الأرض ، زوي تحاول التنفس ، لكن الهواء كان مليء بالدخان الكثيف مما جعلها تفقد توازنها
حاولت زوي الوصول الى خارج النافذة و تسقط بالقرب منها فتصرخ بصوت مرتفع لكن صوتها يبدو ضعيفًا في هذا الفوضى " ساعدوني! "
نظرت خلفها و ترى النيران تتجمع حولها فتشعر بالحرارة الملتهبة تلامس وجهها " أرجوكم أين أنتم؟ " لا تعلم ان من في الخارج كانو في فوضى عارمة بعد رنين جرس انذار الحرائق مما جعل الطلاب يتدافعون بذعر فيما بينهم للخروج و انقاذ ارواحهم
" أحتاج إلى مساعدة هنا! " تصرخ مرة أخرى وسط سعالها عل صوتها يجذب احدهم قريب منها و يساعدها ثم واصلت بضعف " أين أنتم؟ أرجوكم أنقذوني.. "
الدخان يلتف حولها وتشعر بالدوار فينزلق جسدها بالكامل ارضاً وتبدأ في البكاء " لا أستطيع التنفس.. أرجوكم أنقذوني.. "
زوي تحاول التنفس بعمق لكن الهواء يبدو أقل كلما مر الوقت تتقلب نظراتها المتذبذبة بضعفها حولها بيأس وتتساءل بخلدها إذا كان هناك أمل لها في النجاة من هذه الفاجعة المفاجئة لها ، هي تدرك شيء واحدا الان و هي حاجتها إلى مساعدة من أحد. أي شخص. أي شخص يمكنه سماعها.
" أرجوكم أنقذوني.. " بصوت خافت هربت كلماتها المتوسلة و انفاس بدأت تتوارى بالتزامن مع ضبابية عينيها و اغلاقها المستمر كما لو ان الظلام يحاول بشتى الطرق سحبها الى اراضيه
في ابان لحظة الفزع تلك والدخان المتصاعد ضهر شخص مجهول من العدم و بظهوره توقف الزمن معه ببطأ متوجها بخطاه نحو زوي.
كانت عيناها مشوشتين بسبب الدخان لم تستطع أن تلمح وجهه الذي كان يتلألأ في ضوء اللهب.
كان يرتدي معطفًا أسودًا ، مما جعله يبدو وكأنه جزء من الظلام الذي يحيط بالمكتبة
زوي كانت تعرف أنها لا تستطيع التعرف على هويته بسبب الضبابية في عينيها واعيائها. لكنها شعرت بالأمان عندما أمسك بيدها و احاط بجسدها بين ذراعيه ليهم في سحبها بعيدًا عن النيران المتصاعدة
لم تلمح منه شيء سوى قلادته التي كانت تلمع بشكل غريب و بلون اخضر مخملي ، وكأنها تحمل فيها سرًا عميقًا
عندما وصل بها الى الخارج و في ذلك الهواء الطلق ، انهارت زوي على الأرض ملتقطتا انفاسها المسروقة ، لتسمع صدى صوته الهادئ يتخلل الى اذنيها مهدئا " استرخي تنفسي ببطء وعمق اترك الهواء يملأ رئتيك عزيزتي "
رفعت رأسها علها تلمح وجهه الا انها فشلت تماما فكل شيء بدى لها ضبابيا ، لكنها شعرت بالامان والراحة و الامتنان لهذا الشخص قبل أن تفقد وعيها
انغمست زوي في الظلام وهي تحمل في قلبها سرًا جديدًا
زوي ببطء تحركت ، عيناها تتألمان من الضوء الساطع في الغرفة. لم تكن تتذكر كيف وصلت إلى هنا ، لكنها شعرت بالألم في جميع أنحاء جسدها.
نظرت حولها ورأت روز، صديقتها المخلصة ، جالسة بجوار السرير ، كانت عيون روز مليئة بالقلق والحب.
“زوي!” همست روز بصوت مرتجف ثم تابعت “ أنتِ بخير؟ اخبريني ماذا حدث و كيف خرجتي من هناك؟ ”
زوي حاولت أن تتكلم لكن صوتها كان هامسًا بينما تتذكر تلك الحظات الصعبة عليها “ حريق… ” ثم تابعت بصعوبة “ كل ما اتذكره هو تلك النيران بينما تلتهم كل شيء من حولي.. ”
روز أمسكت بيدها بقوة “ لا تعلمين عن مدى قلقي كان انذاك عليكٍ.. حاولت الوصول اليكٍ و لكن محاولاتي بائت بالفشل حتى وجدوكٍ في الخارج صدفتاً.. كنتِ في حالة سيئة جدًا ”
زوي حاولت تذكر التفاصيل ، لكن كل ما كانت تتذكره هو وجه شخص غامض مشوش و كان يحملها بين ذراعيه بالاضافه الى شيء غريب في قلادته كيف لمعت و توهجت بخضارها اثناء حمله لها
انفرجت شفتاها لتتحدث لكنها صمتت فجأة مترددة ، تجهل رد فعل صديقتها ان اخبرتها بما رأته لربما لن تصدقها فما حدث معها لم يكن قطعا حلما
زفرت انفاسها و القت نظرة حولها ثم اعادت بصرها الى رفيقتها متسائلة ببحة صوت " كم مضى على وجودي هنا؟ "
" امضيتي ثلاث ساعات غائبة عن الوعي "
تحركت زوي بضعف بغية الخروج من السرير لتوقفها روز بسرعة قائلتاً بأهتمام " ابقي هنا سأذهب اولا و انده الى الممرضة كي نتأكد من ان كل شيء على مايرام! "
امائت زوي بخفة و راقبت ابتعاد روز عنها لتفلت تنهيدة قبل ان تعاود الاستلقاء مجددا محدقتا في السقف ، تتجاهل الاصوات من حولها و تغوص في اعماق تفكيرها حول ذلك الغريب الغامض
تسائلت زوي عن هوية هذا الرجل ، هل كان ملاكًا أم شيطانًا؟ هل كان يعرفها من قبل؟ وجميع تلك التسائلات تبخرت حين عادت رفيقتها برفقة طبيبا و يبدأ عمله معها على نحو مطمئن
بعد ليلتان مليئة بالأحلام المضطربة و يومان اخران يطويان صفحة من صفحات حياتها دون فعل شيء يذكر فقط زيارة رفيقتها روز اليها بين ألفية و اخرى ، كذلك شعورها امس بأن هنالك اعين تتربص بها من خلف جدران منزلها بائت تقلقها الا ان كفاحها في ابعاد تلك الافكار التي تأرقها و ربط ما جرى معها قيل ايام هو السبب في جعل هذا الشعور ينمو داخلها
استيقظت زوي على ضوء الشمس المتسلل من خلف الستائر. كانت تشعر بأن جسدها يتعافى ببطء ، وكأنها تعود إلى الحياة بعد تجربة قاسية. حريق ذلك اليوم كان يلوح في ذهنها والنيران التي احترقت فيها أجزاء كبيرة من تلك المكتبة لا تزال تلهب ذاكرتها.
لم تذهب زوي إلى الأكاديمية اليوم كذلك. الإدارة منحتها إجازة بسبب الحادثة وهي الآن تعود إلى عملها في المقهى ، كانت تشعر بالترقب والقلق ، لكنها أيضًا ممتنة للفرصة للتعافي والتفكير في ماضيها
تنظر زوي إلى المرآة، ترى عينيها السوداء تلمع بالأمل. قررت أن ترتدي بنطالا و قميصاً أزرقًا فاتحًا، يعكس لون سماء هذا الصباح.
تشعر بالتوتر والترقب ، لكنها متحمسة أيضًا لرؤية زملائها في العمل مرة أخرى.
تتجه زوي إلى المقهى بعد مغادرتها المنزل بأستخدامها الباص وسيلة للوصول لمقصدها حتى وصلت اليه لتفتح الباب و تلتقي بالسيد لي ، مديرها الطيب الذي يرحب بها بابتسامة كبيرة هاتفا بفرحة “ زوي أهلاً بعودتك! ”
ثم تابع على الفور يسألها “ كيف تشعرين؟ ”
“ أنا بخير سيد لي ” تجيب زوي بأمتنان ثم واصلت بنشاط واضح “ أشعر بالحماس الان للعودة إلى العمل ”
يقودها السيد لي إلى مكتبه ، يقدم لها فنجانًا من القهوة. يبدو أن لديه شيئًا مهمًا ليخبرها به “ زوي لا ارغب في الضغط عليكِ للعودة الى العمل الان ”
زوي تنظر إلى السيد لي بدهشة متفاجئة من كلامه “ لكن لماذا سيد لي؟ ”
“ لأنكِ تستحقين الراحة عزبزتي زوي. وأنا متأكد أنك ستستفيدين من هذا الوقت للتعافي واستعادة قوتك بالكامل! ”
زوي تشعر بالامتنان الصادق ناحية هذا الرجل الطيب الذي يعاملها بطيب كأنها ابنتهِ " شكرا سيد لي لكني حقا على ما يرام كما انني مللت من الجلوس في المنزل دون فعل شيء يذكر! "
" هيا إلى عملك اذا عزيزتي. " قال السيد لي بصوته الهادئ المستسلم وهو ينظر إليها ثم اعقب على كلماته " الزبائن في الانتظارك وهم لا يحبون الانتظار! "
أبتسمت زوي وأومأت برأسها مردفتا " حسنًا سيد لي سأذهب الآن. "
توجهت زوي إلى غرفة تغيير الملابس حيث تركت قميصها الازرق و بنطالها وارتدت زي العمل ، كانت تشعر بالقوى تتدفق في عروقها وكأنها تستعد لشيء كبير.
عندما خرجت من تلك المقصورة ، كانت الزبائن ينتظرونها بفارغ الصبر ، وزعت ابتسامات ملفتة بفتنتها لهم وتستقبلهم بلطف مع زميلها في العمل جين حيث كان يساعدها غافلتا عن تلك الاعين التي كانت تلتهم طلتها من بعيد خلف زجاج المقهى في الخارج
~✨🔮✨~
في ذلك المنزل الكبير حيث يسكن أبطالنا ومستذئبيهم ، كانت الغرف مليئة بالأسرار والتوتر. دانيال و سامويل جالسان في غرفة الجلوس وبجانبهما سولار و آريا ، المانا الخاصة بكل واحد منهما
دانيال ابتدأ الحديث مستطردا امر مهم " اين جونغكوك؟ لم أره منذ ذلك الصباح بعد الشجار الذي دار بينكما "
سامويل بانزعاج تمتم بنفور" لا أعلم ولا أرغب في معرفته. يبدو أنه يهتم فقط بالقوة والقتل. "
دانيال بعتب عما نطق به الاخر " سامويل توقف عن ذلك فجونغكوك لا يزال جزءًا مننا. "
سامويل يفلت زفيرا وينظر إلى النافذة و احباط يتملكه تجاه رغبة الغائب عنهم الان " أعلم ذلك لكنه يستفزني بأسلوبه في الحديث. يبدو أنه لا يهتم بشيء سوى نفسه. "
فجأة في تلك اللحظة تزامنا مع قول سامويل دخل كريس مع نالي إلى الغرفة و انظار الجميع توجهت اليهما بتعبير عن التعجب
علم كريس ما كان يدور هنا من حديث عندها قال بلطف عند جلوسه امامهم " كل شيء سيتغير عندما يجد الفتاة. "
الجميع بدأ يفكر في كيفية تغيير هذا الكائن البارد ، الذي يبدو أنه قطعة من الجليد المتعالي.
كريس نظر إلى الجميع وسأل بأستنكار " أين ماكس؟ لم أره منذ امسٍ "
تمتم سامويل بضجرٍ من حال الاخر الذي وصل اليه بعد فقدانه المانا الخاصة به بأستهانته للمخاطر التي تعرضوا لها سلفاً " أنت تعلم أين يكون كالعادة. "
كريس تنهد ، مسؤوليته كبيرة تجاه افراد هذا الاسرة الكبيرة ، هم اشبه بكونهم يمثلون قبيلة بأنتمائهم لعائلة دوميرس ، ارضهم و التي تدعى لونامون قسمت الى ثلاث عوائل كبيرة ينحدرون منها المستذئبين و هي عائلة دوميرس و عائلة لانغستون و الاخيرة هي عائلة كارتر ، كل عائلة تسعى لتكون الاقوى و الهيمنة العضمى لها في تلك الارض
" يجب أن نجد حلاً لهذه المشكلة أيضاً لا أرغب في رؤيته يمضي حياته هكذا! "
~✨🔮✨~
في عالم البشر حيث المقهى تحديدا ، يدخل ذو الخصلات السوداء الطويلة بخطوات هادئة
بطلته الغامضة تتألق بين الوافدين الى ذلك المقهى ، وجهه مخفيٌ تقريبا خلف غرته السوداء المتساقطة على وجهه هذه المرة ، عيناه تحمل أسرارًا لا يمكن لأحد أن يفهمها.
يقف أمام زوي التي تجهز القهوة ببراعة و فجأة نظراتهما تلتقي ، لتسأله زوي عن طلبه " ماذا تطلب سيدي؟ "
لكنه يبتسم بسخرية و بلا تعليق على سؤالها يغادر المكان دون أن يجيب الا ان تتلألأ قلادته المتواجدة على صدره و توهجها الغامض جذب انتباه زوي
تتذكر شيئًا ما فتوسعت عينيها في لحظات مضت ، وتلحق به في محاولة لكشف منقذها في ذلك اليوم بأدعائها
لكنه يختفي بلمح البصر ، كأنه كائنٌ خارق يتلاشى في الهواء دون ان يلفت انتباه احدا من حوله ، حملقت زوي حولها بيأس في محاولة ايجاده فتفشل وتبقى تتسائل بين نفسها 'أين اختفى؟ وما هو سر هذا الرجل الغامض؟'
عادت الى عملها حتى ساعات انتهاء وقتها، غيرت ملابسها و ودعت كل من السيد لي و جين مغادرتا المقهى
وفي ليلة المظلمة حيث يتداخل السراب مع الواقع ، يظهر الغموض بشكل أكبر زوي فوتت الباص المؤدي الى منزلها لتستسلم و تعود مشيا على اقدامها لكن مع كل خطوة تشعر بأن هناك من يراقبها لكنها لا تستطيع رؤيته.
تسارع خطواتها نحو المنزل ، وعندما وصلت بعد ربع ساعة تماما ، أغلقت الباب بسرعة وأخذت تتنفس بشكل متسارع.
" اللعنة! " همست زوي بينما كانت تغلق عينيها بقوة ثم تابعت بين انفاسها اللاهثة " أقسم أن هناك من كان يراقبني. "
جمعت شتات نفسها و حاولت تهدأت خوفها عندما توجهت إلى غرفة نومها أخرجت ملابسها، ثم دخلت الحمام لتأخذ حمامًا.
خرجت بعد ذلك وهي تجفف شعرها، ونظرت إلى المرآة بحزن. هي وحيدة بلا عائلة، وتسأل نفسها عما سيحدث لها.
ذاكرت قليلا من واجباتها و ان لم يكن هنالك دوام ، بعد انتهائها توجهت نحو النافذة ، فتحت الشباك ونظرت إلى القمر الذي يزين السماء، محاطًا بنجومه المتلألئة
توجهت إلى السرير ورمت بنفسها عليه ، وبدأت تفكر في مصيرها حتى سرق الظلام وعيها لتغرق في اراضيه
و في لحظة غامضة ، ظهر الغرابي مرة أخرى وقف عند النافذة ، يتأملها من بعيد ودخل بخفة عبر النافذة مقتربا اكثر نحو زوي وهي نائمة.
همس بسخرية و جوهرة قلادته واصلت وميضها المشع بزراقها " اذا انت هي الفتاة المختارة التي اختارها القدر لي! "
يتأمل تفاصيلها الناعمة و قبل اختفائه تمتم بشعور مثير داخله لم يستوعبه بعد " تهني بليال هانئة قليلة قبل ان تمضي باقي ايامك معي و تحت جحيمي. "
.
.
.
.
Comments