في قلب المدينة الضخمة والمزدحمة، كان يعيش رجل الأعمال الناجح سامي. في الخمسينات من عمره، كان سامي شخصًا محترمًا في المجتمع، يمتلك شركة ناجحة وأسرة مستقرة. كان متزوجًا من زوجة وفية تدعى نادية، وكان لديهما ثلاثة أطفال - مريم وأحمد وسارة - كانوا نعمة في حياة الزوجين.
على الرغم من نجاحه المهني وامتلاكه لكل ما يحتاجه الإنسان من متطلبات مادية، إلا أن سامي كان يشعر بالملل والروتين في حياته اليومية. كل يوم كان يكرر نفس الروتين: الخروج صباحًا للذهاب إلى المكتب، العودة مساءً، تناول العشاء مع العائلة، والاستعداد للنوم ليبدأ اليوم التالي بنفس الطريقة.
كان سامي ينجز أعماله المكتبية بكفاءة وإتقان، محافظًا على سمعته كرجل أعمال ناجح. لكن في داخله كان يشعر بالاغتراب والفراغ. لقد حقق كل ما خطط له في حياته المهنية، لكن لم يشعر بالسعادة الحقيقية. كان يفتقد شيئًا ما، لكنه لم يكن متأكدًا ما هو.
في إحدى الليالي، بينما كان جالسًا في صالون منزله، أخذ سامي ينظر من خلال النافذة إلى المدينة المزدحمة بالأنوار. كان يرى الناس يمشون في الشوارع ويتجمعون في المقاهي والمتنزهات. شعر بأنهم يعيشون حياة أكثر حريةً وإثارة من حياته.
"هل هذا كل ما في الأمر؟" تساءل سامي لنفسه. "هل ستكون هذه هي طريقة حياتي إلى الأبد؟ العمل، العودة إلى المنزل، النوم، والبدء من جديد؟"
تنهد سامي بعمق وهو يحاول أن يجد إجابة على تساؤلاته. كان يشعر بأن هناك شيئًا ما ينقصه في حياته، شيء لم يستطع وضع إصبعه عليه. كان يعيش حياة مستقرة ولكنها فارغة في الداخل.
في أحد الأيام، بينما كان جالسًا في مكتبه، قرر سامي أن يغير مجرى حياته. "لقد حان الوقت لأفعل شيئًا مختلفًا" قال لنفسه. "لا أريد قضاء بقية أيام حياتي في هذا الملل والروتين."
قرر سامي أن يغادر إلى مكان جديد، بعيدًا عن كل ما يألفه في حياته اليومية. كان يريد أن يبحث عن معنى جديد لحياته، عن شيء يملأ الفراغ الذي أحس به في داخله.
في ذلك المساء، عاد سامي إلى المنزل وأخبر زوجته نادية بقراره. كان متوقعًا أن تعترض على فكرة سفره المفاجئ، ولكن إلى المفاجأة، كانت نادية مندهشة ولكن داعمة.
"أنا أفهم ما تشعر به يا سامي،" قالت نادية بهدوء. "لقد لاحظت أنك لم تعد تبدو سعيدًا كما كنت في السابق. ربما هذه الرحلة ستساعدك على إعادة اكتشاف نفسك."
سامي شعر بالارتياح لرد فعل زوجته. كان يخشى من ردود فعل العائلة، لكنه وجد الدعم الذي كان يحتاجه. قرر أن يبحث عن وجهة هدفه المفاجئ - باريس.
في اليوم التالي، جلس سامي مع أطفاله ليخبرهم بقراره. كان متوقعًا أن يعترضوا عليه، ولكن إلى مفاجأته مرة أخرى، قبلوا الفكرة بحماس.
"باريس! لقد سمعت عنها كثيرًا في المدرسة،" قالت مريم بفرح. "كم أتمنى أن أزورها يومًا ما!"
ابتسم سامي وربت على رأس ابنته. "ربما قريبًا ستأتين معي، يا مريم."
قبل أن يغادر، اجتمع سامي مع أسرته للوداع. كان يشعر بالحزن لترك عائلته، لكنه كان متحمسًا للمغامرة التي في انتظاره. قبل أن يركب الطائرة، التفت إلى أسرته وقال بهدوء:
"سأكون هناك لفترة قصيرة فقط. أريد أن أعود إليكم وأنا أكثر سعادة وتقديرًا لما لدينا معًا."
ودع سامي أسرته وركب الطائرة متوجهًا إلى باريس. كان قلقًا ولكن في نفس الوقت متحمسًا لاستكشاف هذه الرحلة الجديدة. لم يكن واثقًا مما سيجده هناك، لكنه كان مصممًا على إيجاد ما ينقص في حياته.
Comments