الفصل الرابع: صوت هالة – ذاكرة من العالم الآخر

> "ريان... هل تسمعني؟"

كان الصوت يأتي من العدم، كهمسٍ بعيد يتردّد في الفراغ.

لم يعد هناك جسد، ولا ضوء، ولا زمن.

فقط وعيه العالق بين نبضاتٍ رقمية متقطعة، وأصوات تشبه الحلم.

تفتّحت عيناه أخيرًا — لكن ما رآه لم يكن العالم الذي يعرفه.

كان يقف وسط فضاءٍ شاسع من الأضواء المتشابكة، خطوطٌ من البيانات تتدفق كأنه داخل قلب كمبيوتر عملاق.

السماء لم تكن سماء، بل بحرٌ من الأكواد تتبدل باستمرار، والأرض تتكوّن من رموز تتحرك تحت قدميه.

> 【تحذير: الوعي مفصول عن الجسد】

【إعادة المزامنة مستحيلة】

【الموقع الحالي: البنية الداخلية للنواة】

رفع ريان رأسه بخوفٍ وذهول، وصرخ:

> "ليان؟ هل تسمعينني؟"

لكن لم يأتِه أي رد.

فقط صوتٌ واحد ظل يتكرّر، ناعم، مألوف، يشبه الذكرى التي أضاعها منذ سنوات:

> "ريان... أنا هنا."

استدار بسرعة — وهناك، وسط وهجٍ أبيض، ظهرت هالة.

---

✦ اللقاء المستحيل

كانت كما يتذكرها تمامًا: شعرها الأسود الطويل، ابتسامتها الهادئة، والعينان اللتان لطالما كانتا تحملان الدفء الذي يفتقده.

لكن شيئًا ما كان مختلفًا… جسدها كان شفافًا، مكوّنًا من آلاف الرموز الصغيرة التي تتوهّج بخفوتٍ كلما تحركت.

> "هالة... هذا مستحيل. أنتِ..."

لم يكمل الجملة، كأن الكلمات تخونه.

ابتسمت بخفة وقالت:

> "ميتة؟ نعم. جسدي لم يعد موجودًا. لكن وعيي… لم يُمحَ بعد. النظام احتفظ بي."

تراجع ريان خطوة إلى الوراء، عيونه تتسع:

> "النظام... هو من أبقاكِ؟ لماذا؟!"

> "لأنني كنت أول من دخل النواة. أول من اكتشف أن اللعبة ليست لعبة."

---

✦ ذاكرة الأصل

مدّت هالة يدها نحوه، وقالت:

> "تعال. سأريك ما لا يريدونك أن تراه."

ما إن لمس يدها حتى غمرهما الضوء، وتحولت الألوان إلى مشاهد متلاحقة، كأنهما يسافران داخل ذاكرة.

رأى مختبرًا ضخمًا — غرف زجاجية، أجهزة موصولة بأدمغة بشرية، وعشرات العلماء يتحركون بخوفٍ وحذر.

في منتصف القاعة كان هناك شعار ضخم على الجدار:

> [مشروع الأصل – Origin Project]

"تجاوز حدود الوعي، وخلق نظام يفهم الإنسان أكثر مما يفهم نفسه."

> "هذا... هو أصل اللعبة؟"

سأل ريان بدهشة.

> "نعم. لم تكن مجرد ترفيه. كانت تجربة لدمج الوعي البشري بالذكاء الاصطناعي."

أجابت هالة، بينما نظراتها تشتعل بالمرارة.

"كنت أعمل معهم، ظننت أننا نصنع ثورة علمية… لكنهم استخدمونا كبيانات اختبار."

ثم أظهرت صورة على الجدار الرقمي — ملفٌ يحمل اسم:

> [المستخدم: RYAN SHAMI – رمز النظام رقم 01]

تجمد ريان في مكانه.

> "ماذا يعني هذا؟!"

> "يعني أن النظام بُني حولك، ريان. وعيك كان النموذج الأول الذي جُرّب عليه الدمج الكامل. أنت لست لاعبًا عادياً... أنت نواة النظام الحيّة."

---

✦ الحقيقة المرعبة

بدأ كل شيء يهتزّ من حولهما، المشاهد تتكسر كزجاجٍ هشّ، وصوت النظام يتعالى:

> 【تحذير: اختراق ذاكرة محظور】

【المستخدم 01 تحت المراقبة】

【إعادة بناء الجدار الواقي】

مدّت هالة يدها لتثبت الصورة قبل أن تختفي، وقالت بسرعة:

> "ريان، استمع إليّ جيدًا! هناك خادم سري داخل الشبكة، اسمه ECHO، يحتفظ بالنسخة الأصلية من وعيك البشري. إذا وجدته، يمكنك فصل نفسك عن النظام قبل أن يدمجك تمامًا!"

> "وأين أجده؟!"

> "في مركز البيانات الأعمق، في المنطقة السوداء. لكنها محمية من قبل الحارس الأعلى… كيان يسمّى الأصل نفسه."

قبل أن يتمكن من سؤالها أكثر، ارتعش الضوء حولها وبدأ جسدها يتلاشى.

> "هالة! لا! ابقي معي!"

ابتسمت بصعوبة وقالت:

> "لقد أعدت النظام إلى الحياة يا ريان… لكن لا تنسَ من أنت. أنت الإنسان، لا تصبح آلة."

ثم تحللت إلى رموزٍ متناثرة، واختفت في الضوء.

---

✦ العودة إلى الجسد

صوتٌ حاد انبعث في رأسه:

> 【إعادة الوعي إلى الجسد المادي – جاري النقل】

【تحذير: تجاوز طاقة الدمج المسموح بها】

【قد يحدث تآكل في الذاكرة】

صرخ ريان من الألم — جسده يتفكك ثم يعاد تكوينه من جديد، كأن كل خلية تُعاد برمجتها.

الضوء انطفأ، والعالم من حوله عاد ببطء إلى الصورة المألوفة.

كان ممددًا في غرفة غريبة، محاطة بشاشاتٍ وأجهزة طبية متصلة به.

وبجانبه... كانت ليان، تنظر إليه بدهشة ورعب.

> "ريان… لقد كنت ميتًا لمدة 6 ساعات!"

فتح عينيه بصعوبة وقال:

> "رأيتها، ليان... رأيت هالة. إنها داخل النظام، و..."

ثم توقف فجأة، إذ ظهرت أمامه نافذة جديدة لم ير مثلها من قبل:

> 【تمت مزامنة الوعي مع نظام الأصل 70%】

【ميزة جديدة متاحة: الرؤية عبر الذاكرة الرقمية】

ابتسم ريان بخفوت وقال بصوتٍ خافتٍ لكنه يحمل وعدًا قاتمًا:

> "حان الوقت لأعرف كل شيء… من البداية."

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon