الفصل:، 1 العنوان: حين توقفت الساعة

...في كل قدر حكمة، وفي كل ابتلاء رحمة خفية، يعلمها الله وحده ويكشفها لمن صبر ورضي...

...--------------------------...

كان صوت الأجهزة الإلكترونية يملأ الغرفة البيضاء بنغمةٍ ثابتة تشبه أنفاس مريضٍ يحتضر.

الضوء الأزرق المنعكس على الزجاج أضاء وجه لي جيا تشين، الفتاة ذات الشعر البني الداكن والعينين الرماديتين اللتين لم تعرفا النوم منذ أيام.

كانت الغرفة صغيرة، تعجّ بالمخططات والملفات المبعثرة على الأرض، وأكواب القهوة الفارغة التي تراكمت بجانب الحاسوب.

وعلى الجدار المقابل، كانت ساعة رقمية تشير إلى 03:27 صباحًا — اللحظة التي ستتوقف فيها حياتها للأبد.

كانت جيا تشين تُمسك بقطعةٍ صغيرة من الزجاج الشفاف، بداخلها خيوط مضيئة تتحرك ككائنٍ حيٍّ يتنفس.

قالت بصوتٍ خافتٍ متعب:

> "أخيرًا... تقنية الاستقرار الجزيئي نجحت. لو أن أبي يرى هذا الآن..."

توقفت للحظة، وضحكت بخفةٍ مرّة، ثم همست وكأنها تخاطب نفسها:

> "لا، هو لن يرى. لم يرَ شيئًا منذ أن رحلت أمي."

ضغطت على الزر الرئيسي للجهاز المعدني أمامها.

انبعث ضوء أزرق قوي، وارتجّ المكان برنينٍ منخفض يشبه نبضات القلب.

بياناتٌ سريعة بدأت بالظهور على الشاشة، أرقام وأكواد متداخلة... حتى ظهر التحذير الأحمر الكبير:

⚠️ خلل في النواة الفرعية – خطر انشطار زمني وشيك.

حدقت بالشاشة بذهول.

> "مستحيل... لم أفعّل النواة بعد!"

لكن الوقت لم يمنحها فرصة للفهم.

انفجرت الأضواء من حولها، وارتفعت الرياح داخل الغرفة كما لو أن المكان نفسه يتمزق.

حاولت أن تغطي وجهها بذراعها، فشعرت بحرارةٍ تحرق جلدها، وصرخةٍ انطلقت منها دون أن تسمعها.

ثم فجأة —

صمتٌ تام.

حتى الساعة الرقمية توقفت، والوقت تجمّد.

استيقظت على صوت قطرات الماء وهي تتساقط من مكانٍ قريب.

كانت الغرفة باردة، والهواء مشبع برائحة بخورٍ غريب ممزوجٍ بخشب الصندل والحرير القديم.

فتحت عينيها ببطء، فشعّ فوقها سقف خشبي منقوش، تتدلى منه ستائر حمراء مطرزة بتنانين ذهبية.

أدارت رأسها بصعوبة، فشعرت بدوارٍ غريب، وكأن جسدها لا ينتمي إليها.

نهضت ببطء، تتحسس الفراش الناعم من حولها، حتى لمست شيئًا رطبًا ودافئًا.

نظرت... لتجد الدماء تغطي الوسادة.

> "ما هذا؟!"

تراجعت للخلف وهي تتنفس بسرعة.

ثم التقطت أنفاسها، تبحث بعينيها في الغرفة الواسعة التي لم ترَها من قبل.

كانت النوافذ مستديرة، والستائر من حريرٍ سميك، والمرايا مصنوعة من نحاسٍ مصقول... كل شيء كان غريبًا عنها.

اقتربت من المرآة بتردد.

وعندما رأت انعكاسها —

تجمدت.

الشعر الطويل الفضي انساب على كتفيها حتى خصرها، وعيناها لم تعودا رماديتين بل بلونٍ بنفسجي باهت يعكس ضوء الفجر المتسلل من النافذة.

> "من هذه...؟"

رفعت يدها تتحسس وجهها، ثم شعرها، فلاحظت شيئًا غريبًا — جذور الشعر عند الرأس بلونٍ داكن، كأن اللون الفضي لم يكن دائمًا هكذا.

تمتمت بدهشة:

> "لقد كانت تخفيه... تصبغه منذ الطفولة..."

صدى الذكرى مرّ في ذهنها كوميضٍ بعيد، أصواتٌ ليست أصواتها، ذكرياتٌ ليست لها.

فتاة تبكي أمام مرآةٍ قديمة، وامرأة تصرخ في وجهها: "لا تدعي أحدًا يرى ذلك اللون مجددًا!"

تراجعت جيا تشين، واضعة يدها على صدرها، تحاول تهدئة أنفاسها.

ثم سمعت صوت طرقٍ خفيف على الباب.

> "آنستي؟ أأنتِ بخير؟"

كان الصوت ناعمًا وقلقًا.

وقبل أن ترد، فُتح الباب بحذر، وظهرت فتاة صغيرة ترتدي ثوب خادمة كريمي اللون، شعرها مضفورٌ بعناية، ويديها تحملان إناء ماء.

تجمدت للحظة حين رأت البطلة جالسة، ثم فتحت فمها بدهشةٍ عريضة.

> "يا إلهي! لقد استيقظتِ! قال الطبيب إنكِ لن تفيقي أبدًا!"

تقدمت نحوها بسرعة والدموع تملأ عينيها.

> "آنستي... كنتِ فاقدة الوعي ليومٍ كامل! لقد كدتِ—"

قاطعتها جيا تشين بصوتٍ متردد:

> "من... من أنتِ؟"

تراجعت الفتاة بخطوة، تمسح دموعها في ارتباك:

> "أنا مي لي، خادمتك يا آنستي. ألا... تتذكرينني؟"

نظرت إليها جيا تشين مطولًا، ثم قالت بخفوت:

> "مي لي..."

ابتسمت الفتاة بخجل، بينما كانت البطلة تستمع لصوتٍ داخلي خافت يهمس في عقلها، وكأنه من بقايا الذكريات القديمة.

مي لي... الخادمة الوحيدة التي بقيت بعد رحيل والدتها... كانت مخلصة حتى النهاية.

ابتسمت جيا تشين بلطفٍ مصطنع وقالت:

> "يبدو أن رأسي لا يعمل جيدًا بعد الحادث."

هزت مي لي رأسها بسرعة.

> "الطبيب قال إن السقوط من الدرج كان قويًا... حتى الأمير الثالث كان قلقًا جدًا!"

تجمدت جيا تشين.

> "أمير؟ أيّ أمير؟"

ردّت مي لي بسرعة، كأنها قالت أمرًا عاديًا:

> "الأمير الثالث، خطيبك يا آنستي."

مرّت لحظة صمتٍ ثقيل بينهما.

ثم خرجت من فم البطلة ضحكةٌ خافتة لم تستطع كتمها.

> "خطيب؟ أنا؟"

حدقت في المرآة مجددًا، وفي ملامح الوجه الذي لا تعرفه.

تمتمت بنبرةٍ متوترة:

> "جميل... عالمة في المستقبل، وخطيبة أمير في الماضي. من التالي؟ زوجة تنين؟"

لم تفهم مي لي ما تقصده، لكنها مالت برأسها بقلق.

> "هل... هل أستدعي الطبيب؟"

تنهدت جيا تشين، ثم نظرت إلى الفتاة الصغيرة بابتسامةٍ مرهقة.

> "لا داعي، مي لي. فقط أحضري لي ماءً نظيفًا... ومرآةً صغيرة."

ابتعدت الخادمة بسرعة، بينما نهضت البطلة ووقفت أمام النافذة.

خارج القصر، كانت الحديقة تغمرها طبقةٌ من الضباب الصباحي، وأصوات الطيور تملأ الجوّ.

لم يكن هناك أي ناطحات سحاب أو سيارات... فقط معابد، وسور حجري ضخم يمتد حتى الأفق.

همست لنفسها بصوتٍ خافتٍ لكنه ثابت:

> "حسنًا... هذا ليس حلمًا."

ثم وضعت يدها على صدرها وقالت بابتسامةٍ واثقة:

> "لكن هذه المرة... لن أموت بسهولة."

...--------------------------...

...السلام مسك الختام 🌹...

الجديد

Comments

Manar

Manar

لك شني انت
متاكدة انت من عالمنة

2025-10-27

2

GLITTER ANIME

GLITTER ANIME

القصة في غاية الروعة و الابداع لو انا مكنتش هعرف اكتب سطر من الابداع ده ✨😁🎀

2025-10-28

0

.

.

حماسسس

2025-10-29

0

الكل

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon