...تبدأ القصص حين نتذكر أن لكل بداية توفيقًا من الله، ولكل نهاية حكمة لا يراها إلا من أيقن بقدر الرحمن....
...--------------------------...
استيقظت جيا تشين على صوت مي لي وهي تفتح الستائر بعصبية خفيفة.
> "آنستي، والدك يريد رؤيتك حالًا!"
نهضت جيا تشين متثاقلة، لا تزال بين النعاس والضجر.
منذ أن جاءت إلى هذا المنزل وهي تشعر أن جدرانه تنظر إليها كغريبة.
ارتدت ثوبًا بسيطًا وسارت نحو القاعة الكبيرة، حيث كان والدها ينتظرها.
وقف الرجل هناك بظهرٍ مستقيم وعينين لا تحملان شيئًا سوى البرود.
> "استعدّي. ستذهبين إلى القصر الإمبراطوري في الرابعة."
> "القصر؟ لماذا؟"
> "لا حاجة لأسئلتك، فقط كوني جاهزة. لا أريد تأخيرًا."
لم يمنحها فرصة للرفض أو حتى الفهم، ثم غادر تاركًا وراءه صدى خطواته الثقيلة.
تنهدت جيا تشين بضيق، وعادت إلى غرفتها تتمتم:
> "دائمًا أوامر… ولا أحد يشرح لي شيئًا."
نظرت إلى مي لي وقالت:
> "يبدو أنني سأزور القصر الإمبراطوري اليوم. أتمنى فقط ألا يكون أمرًا مزعجًا."
لم تعلم أن تلك الزيارة ستكون بداية سجنٍ من نوعٍ آخر.
حين وصلت إلى القصر الإمبراطوري، كان كل شيء يبدو فخمًا حدّ الاختناق.
الأعمدة العالية، السجاد الأحمر الممتد حتى العرش الذهبي، والهدوء الذي يفرضه الحرس بنظراتهم الصارمة.
ركعت جيا تشين بانحناءةٍ خفيفة، وصوتها خرج هادئًا رغم توترها:
> "تشين جيا، تحيّي جلالتكم."
رفع الإمبراطور رأسه ببطء، نظراته حادة وملامحه جامدة كأنها منحوتة من الرخام.
> "أُبلغتِ بأنني استدعيتك لأمرٍ عاجل."
> "نعم، جلالتكم."
طوى ورقة أمامه وقال دون مقدمات:
> "سيتم فسخ خطبتك من الأمير جيا رونغ."
تسمرت لوهلة، ثم لم تستطع كتم ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيها.
وأخيرًا.
لقد كانت تسمع دائمًا عن طباع خطيبها الباردة وعن كونه لا يهتم إلا بالسياسة، ولم تكن ترغب بزواجٍ كهذا أبدًا.
لكن الفرح لم يدم طويلًا.
> "وبما أن ارتباطات العائلة المالكة لا تُترك للصدفة،
فقد تقرّر زواجك بعد أسبوعين من الأمير لان وي."
> "أ… من؟!"
لم يرفع الإمبراطور رأسه حتى.
> "الأمير لان وي. الحفل سيكون في القصر الجنوبي بعد أسبوعين."
> "لكن… جلالتكم، لم أسمع—"
> "قراري لا يُناقش، آنسة جيا."
تجمّدت الكلمات في حلقها، وعيناها اتسعتا بذهولٍ لم تستطع إخفاءه.
خرجت من القاعة بخطواتٍ ثقيلة، تشعر أن الأرض تبتلعها مع كل خطوة.
وفي الخارج، كانت عيون تراقبها عن بُعد —
عينان تعودان لحارسٍ يرتدي وشاحًا أسود، تابعٍ للأمير لان وي نفسه.
✦ فلاش باك – قبل يومين ✦
> "تريد الزواج بها؟"
"نعم."
"إنها مخطوبة لأخيك."
رفع الأمير لان وي عينيه بثبات، وصوته انخفض كأنه يقطع وعدًا لا رجعة فيه:
> "أعلم... ولهذا جئت لأعقد معك صفقة."
ساد الصمت للحظة، قبل أن يقول الإمبراطور بنبرةٍ متسلطة:
> "صفقة؟ ومنذ متى أصبحت تساومني يا لان وي؟"
ابتسم لان وي ببرود:
> "منذ أصبحتُ الوحيد القادر على استعادة المقاطعات الجنوبية دون أن تُسفك نقطة دم واحدة."
انعقد حاجباه، ثم قال الإمبراطور ببطء:
> "تطلب امرأة وتقدّم مملكة… هل جننت؟"
> "أقدّم ما يخص العرش، وأطلب ما يخصني.
تلك الفتاة ستكون زوجتي، سواء برغبتك أو باتفاقٍ رسمي."
أطال الإمبراطور النظر فيه لبرهة، ثم قال:
> "حسنًا أيها الأمير الطموح… فلنرَ إن كانت صفقتك تستحق."
في اليوم التالي، عادت جيا تشين إلى قصر والدها بملامحٍ خالية من الحياة.
وقف الرجل عند الباب منتظرًا، وبمجرد أن رآها قال بنبرةٍ صارمة:
> "ستظلين في غرفتك حتى موعد الزفاف.
لا أريد فضائح جديدة، هل فهمتِ؟ كلمة واحدة عن رفضك، أو محاولة للخروج، وسأجعل الحراس يلازمون بابك ليلًا ونهارًا."
كانت تعرف أنه لا يمزح.
فقط أومأت برأسها وغادرت بصمت.
مرّت الأيام التالية كأنها عقاب.
كانت تسمع الخدم يتحدثون عن التحضيرات، وعن ثوب الزفاف الذي أُرسل من القصر الإمبراطوري بنفسه.
لكنها لم تكن تفكر سوى في شيءٍ واحد: الهرب.
في الليلة السابقة للزفاف، جلست أمام مرآتها تحدّق في وجهها بفراغ.
لم تعد تعرف هذه الملامح، لم تعد تعرف إن كانت تلك هي "هي" حقًا.
> "مي لي، أحضري لي كوب ماء."
غادرت الخادمة بخطواتٍ سريعة، وما إن أُغلقت الباب حتى تحرّكت جيا تشين بخفةٍ غير متوقعة.
اقتربت من الشرفة، نظرت إلى الأسفل… ارتفاعٌ لا يرحم، لكنه ليس قاتلًا.
تنفست بعمق وقفزت.
هبطت على الأرض بقوة، تألمت، لكنها لم تتوقف.
بدأت بالركض، شعرها يتطاير والريح تضرب وجهها، لم تفكر سوى بالهرب، بالنجاة، بالحرية.
حتى جاء الصوت:
> "إلى أين تظنين أنك ذاهبة، آنسة جيا؟"
توقفت، التفتت بخوف.
كان الأمير لان وي واقفًا تحت ضوء الفوانيس، ثوبه الأسود الطويل يتحرك مع الريح، ونظراته ثابتة لا يمكن قراءتها.
اقترب منها بخطواتٍ هادئة لكنها واثقة.
> "الليلة التي تسبق زفافك… وتختارين الهرب؟"
لم تجب. قبضت على ثوبها بتوتر.
خفض رأسه قليلًا وقال بصوتٍ هادئ لكنه يحمل نبرة تحذير خفيّة:
> "لا تقلقي، لن أمنعك من الحرية… لكن اختاري وقتها جيدًا.
لأن بعض الأبواب حين تُفتح في اللحظة الخطأ، تبتلع من خلفها."
لم تفهم إن كان يهددها أم ينصحها، لكن عينيه قالتا ما لم يقله لسانه.
ثم أدار ظهره وقال لحارسه بهدوء:
> "أوصلها إلى غرفتها. لا تذكر شيئًا مما رأيت."
وبقي واقفًا هناك حتى اختفت بين الظلال،
بينما همس لنفسه بصوتٍ خافت بالكاد يُسمع:
> "لم أركب موجة الحروب… لأخسرها في ليلة زفافٍ واحدة."
...--------------------------...
لقطة من الفصل الرابع:
لكن صوته المنخفض أوقفها:
> "إلى أين؟"
> "سأنام هناك."
> "بل هنا."
تجمدت مكانها، لكنه أضاف بهدوءٍ:
...--------------------------...
سؤال الفصل:
هل سيتم الزفاف بنجاح ام سيكون هناك مشكله؟
...--------------------------...
السلام مسك الختام، دمتم في رعايه الله 🌹
Comments