يانا

يانا

وداع و المدينة جديدة

الفصل الأول: وداع ومدينة جديدة

كانت الشمس تكاد تغرب خلف التلال الخضراء المحيطة بالضيعة الصغيرة، والهواء يحمل رائحة الأرض المبتلة بعد المطر الأخير. يانا وقفت أمام باب بيتها، حقيبتها الثقيلة على كتفها، ونظراتها متوجهة نحو الطريق الترابي المؤدي إلى المدينة. قلبها مليء بالحماس، لكنه مختلط بقطرات من القلق.

أمها كانت تمسك بيدها بإحكام، عينها تلمع بالدموع، لكنها حاولت أن تبتسم.

– "لا تنسي أن تأكلي جيدًا، وتنامي مبكرًا… والجامعة مسؤولية كبيرة، يانا."

ابتسمت يانا برقة، وقالت:

– "ما تقلقي، ماما، أنا كبيرة على نفسي…"

أما والدها، فقد حاول أن يخفي حزنه خلف محاولات مزاحه المعتادة:

– "وإذا نسيتِ الطريق، أرسلي الحمام الزاجل!"

ضحكت يانا، وارتعشت قليلاً بين الضحك والدموع.

أخذت تتنفس الهواء العليل لآخر مرة قبل المغادرة، وأطلت نظرة طويلة على الحقول والبيوت الصغيرة، على الجد والجدة والقطط التي كانت تدور حول البوابة. شعرت بوخز في قلبها، وكأنها تودع جزءًا من نفسها.

ركبت الحافلة المتجهة إلى المدينة، وجلست بجانب النافذة، وهي تتأمل الطريق الممتد أمامها. كانت المدينة تبدو بعيدة جدًا، لكن قلبها كان نابضًا بالحماس. "أخيرًا… بداية جديدة… جامعة… شقة… حياة مختلفة." همست لنفسها.

وصلت المدينة بعد ساعات، وأول ما خرجت من الحافلة شعرت بالضوضاء، السيارات، والناس الذين يسيرون بسرعة كأنهم سباق مستمر. كانت يانا تحب الهدوء، وكانت المدينة بالنسبة لها أشبه بعالم آخر.

بدأت مهمتها الأولى: البحث عن السكن الجامعي. دخلت مبنى الإدارة، وقد رفعت رأسها بثقة، لكن بعد دقائق قليلة أدركت الحقيقة:

– "آسفين، كل الغرف محجوزة هذا الفصل."

تنهدت يانا، وقالت لنفسها بصوت منخفض: "طيب، ماشي… مش مشكلة…"

خارج المبنى، أخذت تبحث عن أي إعلان عن شقة للإيجار. بعد عشرات المكالمات، وجدت إعلانًا غريبًا:

"شقة مشتركة مع خمسة شبان، رخيصة، مرافق كاملة."

ترددت، لكن إحساس المغامرة سيطر عليها. "ممكن تكون تجربة ممتعة… أو فوضى عارمة." همست.

وصلت إلى الشقة، وطرقت الباب. فتحه شاب طويل بعينين واسعتين، وعندما رآها، تجمد لثانية قبل أن يبتسم. خلفه ظهر أربعة شباب آخرون، وكلهم يبدون مرتبكين ومندهشين من وصول فتاة إلى شقتهم.

– "إنتِ… تسكني معنا؟" سأل واحد منهم بصوت مرتعش.

أجابت يانا بابتسامة هادئة:

– "إيه، بس ما تقلقوا… أنا رايقة… عادة."

ولكن لم تكتمل ابتسامتها قبل أن تضيف بصرامة:

– "بس لما أزعل… أزعل بسرعة!"

ابتسم الشباب، لكن لم يتمكنوا من كبح ضحكهم. بدا واضحًا لهم أن يانا ليست مجرد فتاة عادية، بل مزيج من الهدوء المفاجئ والانفجار السريع.

بعد أن حملت حقيبتها إلى داخل الشقة، جلست على الأريكة وسط فوضى غير منظمة. بدأت تتفقد المكان: المطبخ مليء بأكواب القهوة الفارغة، الألعاب متناثرة على الطاولة، وأريكة تبدو وكأنها شهدت حربًا.

قالت يانا وهي تتأمل الوضع:

– "يبدو أنني سأعيش تجربة… مختلفة."

رد عليها أحد الشباب مبتسمًا:

– "هذا أقل ما يمكن قوله!"

بعد دقائق، قررت الخروج لاستكشاف الحي، وهي تشعر بالحرية لأول مرة منذ وصولها إلى المدينة. ضحكت لنفسها عندما تذكرت تعليقات والدها: "أرسلي الحمام الزاجل إذا ضعتِ!"، وأخذت تمشي على الرصيف، مستنشقة الهواء الجديد، وقلقها السابق يتحول تدريجيًا إلى حماسة.

ولكن، وهي تمشي، شعرت أيضًا بأن التحديات الحقيقية لم تبدأ بعد. الشقة الجديدة، الشبان الخمسة، الجامعة، وكل المسؤوليات المرتبطة بحياتها المستقلة… كل ذلك كان ينتظرها، وكان لابد أن تواجهه.

ابتسمت يانا لنفسها، وقالت بصوت منخفض:

– "خلاص… يانا… مغامرتك بدأت للتو… وما في مجال للرجوع!"

وهكذا بدأت رحلة يانا الممتعة، رحلة مليئة بالضحك، والفوضى، والمواقف التي لم تتوقعها، لكن بالتأكيد، رحلة ستترك في قلبها ذكريات لا تُنسى.

---

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon