كايل كان يقف بجانب البيت الخشبي، يلوح بسيفه الخشبي بسرعة متتابعة.
"102... 103... 104... 105... 106..."
عرق يتساقط من جبينه وذراعيه ترتجف من كثرة التلويح.
في الغابة أسفل الجبل، كان كايل يركض حول الجبل بأقصى سرعة يستطيعها. قدماه تغوصان في الطين، وأنفاسه تتلاحق. فوق قمة الجبل، جلس العجوز يراقب بعينين حادتين.
'هذا الطفل... يتطور بسرعة كبيرة. يا له من موهوب.'
بعد ساعة كاملة، كان كايل ملقى على الأرض يلهث بشدة، صدره يرتفع ويهبط بسرعة، ووجهه شاحب. اقترب العجوز منه ووقف أمامه.
"لقد أديت عملاً جيداً اليوم يا كايل."
رفع كايل نفسه بصعوبة، وأسند يده على ركبته، ثم وضع قدمه اليمنى فوق اليسرى وهو ينظر إلى معلمه بابتسامة متعبة.
"أنت اليوم لطيف يا معلمي. لماذا اليوم بالتحديد؟"
تغيرت ملامح العجوز فجأة وهو يصرخ بغضب.
"ليس لك دخل في هذا أيها الشقي!"
ضحك كايل بخفة وهو يرفع يده وكأنه يستسلم.
"اهدأ نفسك يا معلمي."
تنفس العجوز بعمق وقال بجدية.
"هذا لا يهم الآن. أخبرني... ماذا تشعر الآن يا كايل؟ هل تغير شيء في جسدك؟"
نظر كايل إلى يديه وهو يفتح أصابعه ويغلقها عدة مرات.
"نعم يا معلمي... شعرت بقوة غريبة. واستطعت الإحساس بالطاقة السحرية."
تجمد العجوز في مكانه، عيناه اتسعتا.
"ماذا قلت؟! كيف؟!!"
اقترب خطوة للأمام وكأن الأمر لا يُصدق.
"هذا مستحيل... سأفحص مستواك بنفسي."
تقدم خلف كايل، وضع كفه على ظهره وأغمض عينيه. مرت دقيقة كاملة قبل أن يفتح عينيه مجدداً، وجهه مليء بالدهشة.
"هذا... هذا مستحيل! كيف؟!"
التفت كايل بسرعة، ملامحه متوترة.
"ما الذي يحدث في جسدي يا معلمي؟!!!"
تنفس العجوز ببطء وقال بجدية.
"لقد وصلت إلى المرحلة البيضاء، المستوى الثالث."
ارتبك كايل وهو يميل برأسه.
"وما الغريب في هذا يا معلمي؟"
صرخ العجوز.
"لكي تصل إلى المرحلة البيضاء المستوى الثالث تحتاج ثلاثة أسابيع من التدريب المستمر على الأقل! أنت لم تتدرب سوى يومين فقط! كيف وصلت إلى هذا المستوى؟!"
رفع كايل رأسه بثقة وقال.
"كنت أتدرب طوال الليل بعد أن تنام. نفذت ألف تلويحة بالسيف، وخمسمائة عدة ضغط، وركضت حول الجبل عشرين مرة."
فتح العجوز فمه مصدوماً، ظل يكرر.
"كيف... كيف... كيف... كيف... كيف...؟ هل يمكن أن تكون...؟"
لكنه توقف عن الكلام فجأة ثم ابتسم ابتسامة صغيرة.
"هذا لا يهم الآن. أنت عبقري حقيقي. كيف تحملت كل هذا التدريب رغم أن جسدك لم يتجاوز العشر سنوات وهو ضعيف أساساً؟"
قال كايل وهو يضغط قبضته.
"هذا لا يهم. أريد أن أعرف، ما العنصر والمهارة التي ستظهر لي بعدما وصلت إلى المرحلة البيضاء؟"
أجاب العجوز ببرود.
"المهارة والعنصر لا يظهران مباشرة. سيظهران بعد شهر كامل من وصولك إلى المرحلة البيضاء. السبب أنك وصلت إلى هذه المرحلة في سن متأخر نسبياً."
أومأ كايل.
"فهمت يا معلمي."
أشار له العجوز.
"الآن ادخل المنزل وغيّر ملابسك. سأنتظرك بجانب البيت على الكرسيين. لدينا ما نتحدث عنه."
قال كايل.
"حاضر يا معلمي."
دخل إلى غرفته وهو يبدل ملابسه، لكن عقله كان مشغولاً.
'معلمي يخفي شيئاً عني. الأمر غامض فعلاً.'
بعد دقائق خرج كايل وجلس على الكرسي أمام معلمه.
"ماذا تريد أن تعرف يا معلمي؟"
تأمل العجوز وجهه قليلاً قبل أن يتحدث.
"أريدك أن تخبرني من أي عائلة أنت... ومن أي مملكة بالضبط."
تجمد كايل.
"لماذا تسأل عن هذا الآن؟"
رد العجوز مباشرة.
"أريد فقط أن أعرف الحقيقة."
تنفس كايل ببطء وبدأ يتحدث.
"أنا من عائلة درايفن. واحدة من العائلات الخمسة الكبرى. عائلتي معروفة باستخدام السيف، وهي العائلة الوحيدة في المملكة التي تتمسك بفنون السيف. كانت مشهورة بأنها تنجب أعظم السيافين في مملكة فاليرن."
رفع رأسه وهو يضغط أسنانه.
"لكنني ولدت بصفات استثنائية... شعر أحمر وعيون خضراء. هذه الصفات تعني أنني الوريث الأسطوري للعائلة. لكنني لم أملك الطاقة السحرية الكافية. عندما تم اختباري لم يظهر أي ضوء. لهذا اعتبروني عاراً، وطُردت من القصر."
أخفض رأسه وهو يتذكر.
"تم طردي قبل شهر. منذ ذلك الوقت أعيش في الشوارع. أتناول بقايا الطعام من الأرض، وأشرب من النهر في الغابة."
ظل العجوز صامتاً لثوانٍ، ثم قال بجدية.
"لقد مررت بكل هذا... ومع ذلك عقلك لم ينهار. هذا نادر فعلاً."
رفع كايل حاجبه.
"ولماذا يجب أن ينهار عقلي؟"
رمقه العجوز بنظرة حادة.
"هل أنت غبي أو شيء من هذا القبيل؟"
ابتسم كايل ابتسامة صغيرة وقال.
"آسف يا معلمي."
مر الوقت حتى حلول الليل. كان كايل في الخارج، يلوح بسيفه مرة أخرى.
"656... 657... 658... 659..."
كان يلهث بشدة قبل أن يسقط على الأرض.
'حقاً... يجب أن أبذل قصارى جهدي. يجب أن أصبح أقوى سياف وأقوى فارس. علي أن أنتقم من عائلتي.'
داخل المنزل، كان العجوز واقفاً أمام النافذة، ينظر إلى القمر المضيء.
'إذن... هل يمكن أن يصل حقاً إلى مستوى ذلك الشخص؟ مستحيل... مستحيل.'
انتهى الفصل (الفصل الثاني)
Comments