✧ الجزء الثالث: انفلات الألوان ✧
بطولة: جونغكوك.
المؤلف: ريان.
الجو كان خفيف من الرطوبة، والمطر ما زال يتساقط، لكن الآن، لم يعد هناك حاجة للكلام. كل حركة، كل نفس، كانت تتحدث بلغة غير مرئية. الكل كان في عالمه الخاص، كل واحد منهم يحمل قطعة من اللوحة، لكن ما كانوا يعرفون مين اللي بدأ الرسم أولًا.
جونغكوك كان جالس على الأرض قدام "هي"، المرايا الكبيرة خلفهم كانت تعكس كل حركة، كل لحظة. ابتسامته كانت خفيفة، لكن عيونه كانت غارقة في تفاصيل وجهها.
"ما تحتاجين كلمات…" همس وهو يرسم خط عميق على ذراعها.
"ما في غيرنا هنا." ردّت وهي تلمس وجهه برقة، وكأنها تعرف أن اللحظة دي فيها كل شيء.
في الزاوية، كانت هاني وسومي يراقبون المشهد. هاني مسكت فرشاة صغيرة، وبدأت تلون أطراف أصابعها، بينما سومي كانت مستلقية على الكنبة، عيونها غير مركزة، لكنها كانت تراقب بعناية كل تفاصيل الوضع.
تاي كان واقف جنب المرايا، نظراته ما كانت على اللوحة، كانت على جونغكوك و"هي"، وعلى الطريقة اللي تدمج فيها الألوان مع المشاعر. هو كان يعشق اللحظات اللي ما فيها حدود، ولا قواعد.
"إذا الرسم مو عن الفراشي…" قال وهو يراقب. "يعني كل شيء حولنا حي."
جيمين من جهة ثانية، كان يقف أمام مرآة ثانية، يجسد المشهد بكاميراته. هو ما كان يصور اللحظة نفسها، كان يصور الشعور اللي فيها.
الكل كان متشابك في سكون غير مريح، كل واحد فيهم كان يحاول يلتقط اللحظة. ليزا، اللي كانت لابسة فستان أسود، جلست على الطاولة وسط المكان، وكانت أيديها ملوثة بالطلاء الأسود.
"فيه شيء غير مرئي في كل ده." قالت، وهي تلمس وجنتها بطرف إصبعها. "هل الكل يشوفه؟ ولا بس إحنا؟"
جونغكوك ما رد، كان مشغول في مراقبة "هي". كانت عيونها مغلقة، وكأنها تسبح في عالمه، كانت تعيش اللحظة بكل تفاصيلها.
"إحنا كلنا جزء من نفس اللوحة." قالت وهي تفتح عيونها، تلتقطه بنظرة غير عادية. "أنت جزء من الرسم ده، مثل ما أنا جزء منه."
جونغكوك وقف فجأة، وابتعد خطوة، لكن يده كانت لا تزال ممتدة نحوها. كان يشعر بأن كل ما يفعله الآن هو جزء من شيء أكبر، شيء متشابك بين الفن والمشاعر.
"وأنتِ…" قال وهو يقترب مرة أخرى، "ما توقعتك تكوني جزء من اللوحة، لكن الآن، كل شيء متشابك لدرجة أني ما قادر أفصل بين الرسم وبينك."
سومي ضحكت بصوت هادئ، وكأنها وجدت جوابًا للسؤال الذي كان يحوم في الجو: "الفن ما لازم يكون في لوحات، أحيانًا يكون في اللحظات اللي ما نقدر نوقفها."
تاي ابتسم وقال: "هذا ما كان فوضى. كان فن نعيش فيه."
جيني كانت تراقبهم، ابتسمت وهي تقترب من جونغكوك و"هي". قالت بهدوء: "ممكن كلنا نكون فن مع بعض، لكن السؤال الأهم… مين فينا رسم مين؟"
جونغكوك سحب نفسه للأمام مرة أخرى، ورفع عينيه نحو "هي". كان مستعد يذوب في لحظة، وفي كل تفاصيلها، وهو يقول لها:
"يمكن، في الآخر، ما نقدر نكون لوحات بدون ما نكون جزء من بعض."
وفي الزاوية، كانت ليزا تلمس حواف الطلاء على ركبتيها، تشعر بشيء مختلف، شيء أكبر من أي شيء رسمته يدها.
المكان، اللي كان مشغل فن، أصبح مكانًا غير قابل للفهم. لم يعد مجرد مساحة مليئة بالألوان، بل أصبح عالماً حيًّا، مليئًا بالمشاعر التي لا تنتهي.
في دفتره، كتب جونغكوك بحروف ثقيلة:
> "كان الرسم يبدأ من الفرشاة… لكن الآن، الرسم بدأ ينتهي فينا."
وكان كل شيء يتلاشى في ضباب الألوان، لكن حتى في النهاية، كان الفن في كل لمسة، وكل نفس، وكل لحظة.
ملاحضة : هي \= انت ;)
Comments