تجوّل آرثر في الأسواق تلك الليلة، حيث الصخب والمرح يملأ المكان، بين الباعة المتجولين وأكشاكهم الصغيرة والكبيرة، متنقلًا بين الأزقة الضيقة والطرقات الواسعة. لكن فجأة، شعرت يوجين بأن شخصًا ما يتبعها من الخلف.
زاد آرثر من سرعة خطواته ودخل أحد الأزقة بخطوات واسعة، ومد يده ليمسك سيفه، لكنه تذكر أنه تركه في مكتبه قبل أن يغادر. التفت خلفه فلم ير يوجين، وشعر أن هناك شيئًا غير طبيعي. بحث بعينيه، لكنه لم يجد أي أثر له. وبينما على هذا الحال، شعر بأن أحدًا يقترب من الخلف.
يوجين: "سيدي الشاب… (بأنفاس متقطعة قليلًا) إلى أين ذهبت؟ لقد اختفيت فجأة من المكان!"
لم تكد تنهي يوجين جملتها حتى شعرت بأن أحدًا يهاجمهم، فسحبت سيفها بسرعة ووقفت ظهرًا لظهر مع سيدها، تصد تلك الضربة التي كانت كفيلة بقتل أحدهما. حاولت الوصول إلى المهاجم أو على الأقل جرحه، بينما كانت تدافع بكل قوتها، إلى أن أصيبت في ساعدها الأيسر.
لكن القاتل فرّ بعد أن بدأ الناس بالتجمع في الزقاق الضيق، فسارعت يوجين بالضغط على جرحها ليوقف النزيف.
أمسك آرثر بذراع يوجين المصابة وسحبها خارج الزقاق إلى حيث يتجمع الناس، ولم يكن يعلم بجرحها بعد، حتى التفت إلى وجهها ولاحظ ملامح الألم.
آرثر: "مهلًا… هل أصبت؟" (ترك ساعد يوجين فإذا بالدماء تغطي أيدي الاثنين، فأكمل بنبرة عتاب وقلق واضح) "لماذا لم تقولي شيئًا حينها؟! انظر إلى كل هذه الدماء التي نزفتها حتى الآن."
يوجين محاولة إخفاء الجرح: " لا، سيدي… إنه ليس جرحًا كبيرًا، هذا مجرد خدش صغير، ولم يكن يؤلمني إلى ذلك الحد."
آرثر يخرج منديلاً نظيفًا ويلف به الجرح: " سنذهب إلى الطبيب، هيا."
يوجين تنظر : "لا حاجة لذلك، سيدي. الأهم هو كيف سنمسك بذلك الشخص؟ لقد هرب بالفعل!"
آرثر يمسك بذراعها الأخرى: "انسَ الأمر، لنذهب الآن."
يوجين: "حقًا، لا حاجة لذلك."
آرثر يترك يده ثم يضغط على الجرح: " أنت على وشك الصراخ من الألم، ولا زلت تتحدث وكأن شيئًا لم يحدث! إذا لم تريد أن تقلق الآخرين، فلتذهب معي الآن."
صمتت يوجين، وسارت خلف آرثر إلى عيادة صغيرة، حيث جلسا بانتظار دورهما حتى ناداهم الطبيب بعد وقت قصير.
تفاجأ الطبيب برؤية يوجين أمامه، لكن هذه المرة برفقة شخص آخر.
الطبيب: "ماذا حدث هذه المرة يا فتى؟"
يوجين: "أصبت أثناء العمل، هل يمكنك أن تلقي نظرة، من فضلك أيها الطبيب؟"
الطبيب: "تعال… اكشف عن إصابتك." (كشفت يوجين عن ذراعها) "هذا ليس جرحًا عاديًا، أليس كذلك؟ هل العمل صعب للغاية حتى تصاب بهذا الشكل؟"
يوجين: "كلا، أصبت لأنني لم أكن حذرًا، هذا كل شيء."
الطبيب: "أنت تحب إخفاء الأمور حقًا… حسنًا، لقد نظفته وطهرته، وسأضمده لك الآن. من الأفضل ألا تستخدم هذه الذراع لبعض الوقت، وألا يلمس الماء الجرح أيضًا. كون حذرة حتى لا تصاب بعدوى، ولا تقلق… هذا الجرح لن يترك أي أثر بعد أن يشفى."
يوجين: "شكرًا لك، سيدي. سأدفع ثمن علاجي الآن."
غادرت يوجين بعد أن دفعت ثمن العلاج، والتقت بآرثر الذي أصرّ على رؤية الجرح قبل المغادرة ليتأكد أن كل شيء بخير.
في طريق العودة، ظلّ آرثر يفكر في ملامح وجهها حين كانت تتألم، لم تكن مجرد تعابير عابرة… بل شيء مختلف، عالق في ذهنه حتى وصلا إلى القصر.
طلب آرثر من الحارس أن يستدعي سيزار إلى مكتبه. كانت يوجين جالسة على الأريكة، تحدق بالطاولة الصغيرة أمامها حين طرق الباب ودخل سيزار إلى المكتب الداخلي خلف آرثر الذي بدا عليه الانزعاج.
أمر آرثر بالتحقيق في الأمر فورًا، وأن يقدم له تقريرًا كاملًا عن الحادث في صباح الغد.
وبينما كان سيزار يغادر، ألقى نظرة قصيرة على يوجين، تلك النظرة التي تحمل شيئًا من التساؤل، وكأنه يحاول قراءة ما وراء هذا الموقف. أما آرثر، فجلس في صمت، يحدق في النافذة حيث أضواء الاحتفال ما زالت تلمع في البعيد، وداخل قلبه شعور غامض بأن ما حدث الليلة ليس مجرد صدفة…
نهض آرثر من مكانه، وطلب من يوجين أن تذهب للراحة، ثم توجه إلى غرفته. تمدد على سريره وهو يفكر: "لا بأس… ربما يمكن الوثوق به قليلًا". لكن تلك التعابير التي أظهرتها يوجين أثناء الحادثة لم تكن عادية، بل أثارت شكوكًا من نوع آخر. أغمض عينيه محاولًا النوم، إلا أن الأفكار الغريبة ظلت تدور في رأسه حتى غلبه النعاس.
في الصباح، عاد سيزار ومعه تقرير مفصل عما حدث في الليلة السابقة، لكن التقرير لم يحتوِ على أي معلومة مفيدة، فقد اختلط المهاجم بين الحشود قبل أن تتمكن يوجين من رؤية وجهه.
فجأة، وقفت يوجين من مكانها وكأنها تذكرت أمرًا مهمًا، فالتفت إليها كلٌّ من آرثر وسيزار.
يوجين: "كان هناك… علامة، على سيفه." (تحاول استرجاع الصورة في ذهنها)
سيزار: "هل تستطيع تذكرها بوضوح؟"
يوجين: "ليس تمامًا… بدت وكأنها مشوهة قليلًا. لا أستطيع أن أتذكر شكلها جيدًا."
وبينما كانوا يتحدثون، طرق أحد الخدم الباب قائلًا:
"جلالة الملك يرغب برؤيتك يا سيدي آرثر، في غرفة الجلوس."
Comments