الفصل الثاني :2: ظاهرة غريبة وطفل

​الفصل الثاني: ظاهرة غريبة وطفل

​بعد أن غادرت ماتوم وزوزو موقع الحادثة، عادتا إلى قصر الغصون الساكنة. السكون الذي كان يعم المكان قبل ساعات قليلة، تحول إلى صمت مثقل بالأسئلة. كان الطفل شروكين بين ذراعي ماتوم، ينام بهدوء وكأن شيئًا لم يكن، بينما كانت زوزو تحوم حولهما، نظراتها القلقة لا تفارق الطفل.

​"أميرة، ألا تعتقدين أن هذا غريب جدًا؟" قالت زوزو بنبرة يملؤها الشك والخوف. "من هو؟ من أين أتى؟ لماذا حدث كل هذا بجانب قصرنا؟"

​نظرت إليها ماتوم بعينين مرهقتين، لكن فضولها كان يزداد مع كل نظرة تلقيها على الطفل.

"زوزو، إنه مجرد طفل،" أجابت ماتوم، محاولة تهدئة نفسها أكثر من تهدئة زوزو. "بغض النظر عن كيف أتى، وبغض النظر عن من كان والداه، الأطفال أبرياء دائمًا."

​"لكنني أخشى أن لا يكون مجرد طفل،" همست زوزو، وكأنها تقول سرًا. "أخشى أن يكون مجرد غلاف لشيء ما. فبعد كل شيء، رأينا تلك الشرارات والضباب..."

​"كفى!" صاحت ماتوم بانزعاج خفيف. "تعبت من شكواكِ يا زوزو. الفضول يعتريكِ كما يعتريني، فلماذا لا نبحث عن إجابات بدلًا من الخوف؟"

​في مكان آخر، وعلى بعد أميال قليلة من القصر، كانت الأجواء مختلفة تمامًا. في قصر أردام، قصر الحكم في مقاطعة بشكيم، كان الملك شزيدا والوزير إيشكورو منهمكين في لعبة شطرنج.

كان شزيدا بهدوئه المعتاد، عيناه تلمعان بذكاء حاد، بينما كان إيشكورو يحرك قطعه بهدوء، يتبادلان الأحاديث الجانبية.

​"أخبرني يا شزيدا، هل تعتقد أن الأميرة ماتوم بخير؟" سأل إيشكورو. "لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة رأيناها."

​"أختي عنيدة يا إيشكورو،" أجاب شزيدا بابتسامة خافتة. "لكنها تعرف كيف تعتني بنفسها. إنها في قصرها، حيث تجد سلامها."

​في تلك اللحظة، اهتزت الأرض مرة أخرى. لكن هذه المرة، لم يكن مجرد اهتزاز، بل كان شعورًا غريبًا. تسارع إدراك شزيدا. في لحظة واحدة، حلل كل المعطيات: تغير في تدفق الطاقة، اهتزازات بعيدة، شعور غير مألوف.

​"هذا ليس طبيعيًا،" قال شزيدا، وعيناه تتسعان. "يجب أن نذهب إلى قصر الغصون الساكنة."

​أومأ إيشكورو برأسه، وبسرعة، كانا في طريقهما إلى قصر ماتوم.

​عندما وصل شزيدا وإيشكورو، كانت ماتوم وزوزو في فناء القصر.

انحنى إيشكورو باحترام عميق وهو يقول: "تحياتي لكِ أيتها الأميرة. أتمنى أن تكوني بخير.

" انحنت زوزو بدورها لتحيي الملك شزيدا ووالدها، الوزير إيشكورو.

​"ما الذي يحدث؟" سأل شزيدا، وكان صوته يحمل القليل من القلق.

​تنهدت ماتوم، وعيناها تتجهان نحو الوزير إيشكورو. "لا فائدة من الكذب، أليس كذلك يا إيشكورو؟" قالت بأسى درامي. "أنت سترى كل شيء بعينيك على أية حال."

​تقدمت ماتوم وزوزو، وكشفتا عن الطفل شروكين الذي كان يختبئ خلفهما. اتسعت عينا شزيدا، بينما ظل إيشكورو صامتًا، يحدق في الطفل بعينين حادتين.

​"من هذا؟" سأل شزيدا.

​"إنه الطفل الذي جاء مع الظاهرة،" أجابته ماتوم بهدوء، ثم حكت لهما كل شيء بالتفصيل، منذ الشرارات والظاهرة في السماء، والنيزك الذي سقط، حتى العثور على الطفل.

​بعد أن انتهت ماتوم من روايتها، ساد صمت ثقيل. كان شزيدا يفكر بهدوء، بينما كان إيشكورو يحدق في الطفل.

​"يجب أن نأخذه إلى ميتم،" قال إيشكورو أخيرًا. "لا يمكننا أن نُبقي شيئًا غامضًا كهذا في قصر الأميرة. إنه خطر."

​"أنا أوافق الوزير،" قال شزيدا. "وجوده هنا قد يعرضكِ للخطر يا ماتوم."

​"لا!" قالت ماتوم بصوت حاسم. "لقد قررت. سأربيه كابني، وسأتبناه، وسأبحث عن أصله بنفسي. لن أتخلى عنه."

​"أنتِ تتحدثين وكأنكِ أم بالفعل!" صاح إيشكورو. "هذا مستحيل، إنه خطر كبير!"

​اشتعل الجدال بينهما، وتصاعدت الأصوات، مما أيقظ الطفل شروكين. بدأ الطفل في البكاء بصوت عالٍ، مما أجبرهم على الصمت.

​"كفى!" قال شزيدا بصوت عالٍ. "لدي فكرة. يا إيشكورو، استخدم قدرة 'عين الاستبصار' على الطفل."

​"لا يمكنني!" صاح إيشكورو بيأس. "أنت تعلم أنني لا أستخدمها سوى مرة واحدة في الشهر من أجل سلامة المقاطعة! لا يمكننا أن نضيعها هكذا على طفل غريب!"

​"لن أتخلى عنه،" كررت ماتوم، وعيناها مليئتان بالتحدي.

​طلبت زوزو من والدها وهي تقول: "أبي، هل ترى سلامة الأميرة غير مهمة بقدر سلامة المقاطعة؟ فسلامتها جزء لا يتجزأ من سلامة المقاطعة، كأنك تقول إن الأميرة غير مهمة!"

​بدأ إيشكورو يتمتم ببعض الكلمات الغاضبة، لكنه استسلم أخيرًا. "يا لك من ثرثارة،" قال لابنته،

ثم استدعى قرينه*

ظهرت عين الاستبصار ككرة نارية عملاقة،

متوهجة بلون ذهبي محمر، محاطة بحلقات متوهجة من الضوء، تحمل نقوشًا ورموزًا قديمة غامضة تلتف حولها كالأفاعي.

في منتصف الكرة، برزت عين واحدة متوهجة، تبعث نورًا ساطعًا يبدو كالشمس المصغرة، وكلما نبضت، كانت تلك الرموز تومض وكأنها تستيقظ.

​وجه إيشكورو "عين الاستبصار" نحو شروكين، وأطلق قدرته. لكن...

لا شيء حدث.

فشلت القدرة بالكامل،

وكأن هناك حاجزًا غير مرئي يمنعها.

​تُفَاجِئ الجميع.

"يا للغرابة!"

صرخ إيشكورو، وعيناه متسعتان من الصدمة. "لقد فشلت! ربما أصوله تمتلك قدرات دفاعية ضد الاستبصار أو التدخل! أو ربما استخدموا أداة ما أو قدرة ما عليه كي يعيق الاستبصار!"

​فجأة، تحول وجهه إلى تعبير مضحك من الإحباط العميق. "لقد ضاعت قدرة الاستبصار!

دون أي فائدة!

كل ذلك بسببكم أيها الشباب المتحمسون!"

قال وهو يلوم الثلاثة بجواره بغضب.

​"أبي، ليس هذا وقت اللوم،" قالت زوزو بهدوء.

​تنهد شزيدا. "علينا أن نتحقق من الطفل، وموقع الحادثة، والقلادة. ثم نقرر."

​"لن أتركه،" قالت ماتوم بتحدٍ، بينما تنهد شزيدا. "يا لكِ من عنيدة، يا أختي الكبرى."

​ارتفع صوت ماتوم غاضبًا. "أنا عنيدة؟ أنا التي تخلت عن العرش من أجلك! كل ما أردته هو أن أعيش بسلام مع... نين...*" توقفت فجأة، ودارت وجهها بعيدًا، وعيناها تلمعان بالدموع.

​تقدم شزيدا، ووضع يده على كتفها بحنان. "أعتذر، لم أقصد أن أجعلك تتذكرين."

​استمرت التحقيقات لثلاثة أيام، وكل ما حصلوا عليه هو علامات استفهام دون أي معرفة بأي شيء يخص الطفل أو قلادته أو الحادثة.

في النهاية، اعتنت ماتوم بشروكين، واحتفظت به معها.

​وبعد ثلاث سنوات،

كبر شروكين... النهاية يتبع....

كلمات غريبة

​*القرين: سنعرف ما هو القرين لاحقًا في الفصول القادمة.

*نين...: اسم غير مكتمل.

مفاهيم بصرية

ملك مقاطعة بشكيم شزيدا والأخ الاصغر لماتوم

الوزير إيشكورو ووالد زوزو

العين المستبصرة قرين إيشكورو

الجديد

Comments

فرقان فلاح

فرقان فلاح

ادعمونا فنحن نستحق والعمل والرواية ايضاً تستحق شكراً من القلب

2025-09-13

0

الكل

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon