Part3
تكررت الليالي على هذا المنوال الحلم ذاته لكن في كل مرة تزداد حدة تفاصيله وعندما يستيقظ يجد نفسه كأنه فقد جزءًا صغيرًا من روحه إحدى الليالي جلس على طاولته في المطبخ ممسكًا بكوب النسكافيه يشرب جرعة تلو الأخرى يحاول بمرارة التركيز على الورقة البيضاء أمامه
لماذا لا أستطيع أن أتذكر؟ ما الذي يحدث في الحلم؟
كان يجلس يعض أظافره وتبدو عيناه متعبة كأنهما تحملان وزنًا لا يستطيع احتماله لكن في منتصف الليل رأسه ارتاح على الطاولة دون أن يدري وعاد الحلم إليه هذه المرة كان أوضح
رأى نفسه واقفًا أمام باب عملاق خلفه أصوات صراخ مكبوتة مد يده نحو المقبض لكنه تردد كان يشعر بأن فتح الباب سيكشف له شيئًا لا يمكن مواجهته ومع ذلك في اللحظة التي استدار فيها هربًا أغلق الباب نفسه عليه فجأة حاول الصراخ لكنه لم يستطع وصوت الأنفاس المختنقة ملأ أذنيه
استيقظ فجأة هذه المرة يشعر وكأن الاختناق من الحلم تبعه إلى الواقع هواء غرفته بدا ثقيلًا وكأنه يحاول أن يسحب نفسه منه جلس على السرير يمسك بحنجرته وهو يلهث بصعوبة يحاول التقاط أنفاسه كانت عيناه تحترقان وجسده يرتجف من الحمى التي لم تهدأ
لا أستطيع الذهاب اليوم لن أستطيع حتى الوقوف هكذا
بعد فترة وفي عزلة الصمت سمع طرقًا على الباب لم يكن ينتظر أحدًا توجه بخطوات ثقيلة نحو الباب وفتحه ليجد هيوري واقفًا هناك يحمل معطفًا وابتسامة خفيفة
كيف عرفت عنواني؟ سأل رين بذهول بينما كان صوته مليئًا بالإرهاق والصدمة
لدي طريقتي الخاصة قال هيوري وأخذ خطوة إلى الداخل دون أن ينتظر دعوة
جلس رين على الأريكة جسده منهك من الحمى ونوبات الاختناق التي لم تتركه طوال الليل كان هيوري يقف أمامه يراقبه بعينين تحملان مزيجًا من الفضول والجدية الصمت بينهما كان ثقيلًا وكأن الكلمات التي ستُقال ستغير كل شيء
لماذا أتيت إلى هنا؟ سأل رين بصوت ضعيف محاولًا إخفاء ارتباكه
ابتسم هيوري ابتسامة خفيفة ثم جلس على الكرسي المقابل له
لأنك بحاجة إلى أن تتذكر
أتذكر ماذا؟ قال رين محاولًا فهم ما يقصده
اقترب هيوري قليلاً صوته أصبح أكثر هدوءًا لكنه يحمل ثقلًا واضحًا
هل تتذكر ليلة الابتدائية اليوم الذي تركك فيه والدك وسط الشارع؟
شعر رين وكأن الهواء قد تجمد من حوله الكلمات ضربته كصاعقة لكنه لم يستطع الرد كان هناك شيء في أعماقه يعرف ما يتحدث عنه هيوري لكنه لم يستطع الوصول إليه
لا أعرف ما الذي تتحدث عنه قال بصوت متردد محاولًا التهرب
لكنك تعرف قال هيوري بنبرة واثقة تلك الليلة عندما حاول أن يدوسك بعربته كنت صغيرًا جدًا لكنك لم تنسَ فقط دفنتها بعيدًا كما تفعل مع كل شيء
شعر رين بأن جسده يرتجف ليس من البرد هذه المرة بل من الذكريات التي بدأت تطفو على السطح صور مشوشة بدأت تظهر في ذهنه شارع مظلم أضواء سيارة وصوت صراخ مكتوم لكنه لم يستطع تجميعها بالكامل
لماذا لماذا تعرف هذا؟ سأل بصوت مكسور
لأنني كنت هناك قال هيوري صوته أصبح أكثر جدية وربما حان الوقت لتتوقف عن الهروب من ماضيك وتواجهه
هذا لم يحدث أنت تكذب! صرخ رين محاولًا إخفاء ارتباكه خلف غضبه
رين أنت تعرف أنني لا أكذب أنت فقط لا تريد أن تتذكر قال هيوري بهدوء لكن نبرته كانت تحمل تحديًا واضحًا
قلت لك هذا لم يحدث والدي لم يفعل ذلك أبدًا!
اقترب هيوري خطوة عيناه تركزان على رين وكأنهما تحاولان اختراق دفاعاته
لماذا تنكر لأنك خائف؟ ام لأنك لا تريد مواجهة الحقيقة؟
أنا لست خائفًا! فقط توقف عن قول هذه الأكاذيب!
بدأ رين يشعر بأن الغضب يتصاعد داخله لكنه كان يعلم أن الغضب ليس سوى غطاء للارتباك والخوف الذي يسيطر عليه
الهروب لن يساعدك كلما أنكرت كلما زادت هذه الذكريات في مطاردتك
قلت لك توقف! صرخ رين لكن صوته بدأ يضعف وبدأ يسعل بشدة
هيوري وقف مكانه يراقب رين وهو يسعل جسده ينحني من الألم ووجهه يتحول إلى لون شاحب
رين! قال هيوري وهو يقترب بسرعة محاولًا مساعدته
لا...لا أستطيع التنفس همس رين قبل أن يسقط على الأرض يلهث بصعوبة
هيوري انحنى بجانبه يمسك بكتفه ويحاول تهدئته
هدئ نفسك فقط حاول أن تأخذ نفسًا عميقًا
لكن رين لم يستطع كان جسده يرتجف وعيناه تبحثان عن شيء غير موجود هيوري رغم هدوئه المعتاد بدا عليه القلق وهو يحاول مساعدته
استمع إلي أنت بحاجة إلى أن تهدأ فقط ركز على التنفس معي ببطء
بعد دقائق من المحاولة بدأ رين يستعيد بعض السيطرة على أنفاسه لكنه كان منهكًا تمامًا جلس على الأرض رأسه منخفض وعيناه مغمضتان
أنا فقط...لا أريد أن أتذكر
لكن عليك أن تتذكر لأن هذه الذكريات هي جزء منك سواء أحببت ذلك أم لا
هيوري جلس بجانب رين يراقب وجهه الشاحب ونفسه المتقطع كان يعلم أن رين بحاجة إلى الراحة والدفء وربما بعض العناية التي لم يحصل عليها منذ فترة طويلة
ابق هنا...سأعود بعد دقيقة قال بصوت منخفض ثم نهض بخفة متجهًا نحو المطبخ
بدأ هيوري في إعداد كوب من النسكافيه الساخن كان يعمل بهدوء وكأنه يحاول ألا يزعج الجو الساكن في المنزل أضاف بعض الحليب إلى الكوب ليجعل المشروب أكثر دفئًا وراحة عندما انتهى عاد إلى رين ووضع الكوب على الطاولة بجانبه
اشرب هذا سيساعدك على الشعور بالدفء قال بلطف وهو يجلس مرة أخرى
رين رغم أنه كان منهكًا أخذ الكوب بيديه المرتجفتين وشرب القليل
شكرًا همس رين بالكاد يستطيع رفع صوته.
لا بأس فقط حاول أن تستريح قال هيوري وهو يميل رأسه قليلًا ليلاحظ عيني رين التي بدأت تغلق تدريجيًا كان التعب قد سيطر عليه تمامًا
بقي هيوري جالسًا لبعض الوقت يراقب رين وهو ينام كان النوم عميقًا هذه المرة لكن هيوري كان يعلم أنها ليست نهاية المشكلة هناك الكثير الذي يحتاج رين لمواجهته والكثير مما يجب أن يتذكره
نهض بهدوء وغطى رين ببطانية كانت موجودة على الأريكة تأكد من أن الغرفة دافئة بما يكفي ثم توجه نحو الباب قبل أن يغلقه خلفه نظر إلى رين مرة أخيرة وهو يهمس
سأساعدك...مهما كان الثمن
أغلق الباب بهدوء تاركًا المنزل خلفه في تلك اللحظة كان الليل هادئ لكن داخله كان يحمل الكثير من الأسئلة حول ما ينتظرهما في الأيام القادمة
He follows/يتبع
Comments