Part2
#رواية_النجدة_تأليفي_الموسم_1
لم أفكر أبدًا في السبب كنت أرسمها فقط لأنني شعرت بالهدوء عندما أنظر إليها أو على الأقل هذا ما اعتقدت
لماذا تسأل؟ قلت محاولا كبح انفعالي
ضحك هيوري مرة أخرى لكنه لم يجب مباشرة تقدم خطوة نحوي عيناه تدرسني كما لو كنت لوحة رسمها بنفسه
لأن هناك شيء مفقود في رسوماتك قال بهدوء وكلماته تحمل ثقلًا أشعر به بوضوح
مفقود؟
اومأ برأسه أجل إنها تبدو جميلة لكنها بلا روح كأنك ترسم شيئًا لا يمكنك الوصول إليه
شعرت بأن كلماته تضربني لم يكن الأمر مجرد انتقاد لطريقتي في الرسم بل كأنه استطاع رؤية شيء لا أستطيع حتى فهمه بنفسي
ما الذي تعنيه بـبلا روح؟ هل تعتقد أنك تعرفني جيدًا لتقول ذلك؟ قلت بانزعاج
ضحك هيوري مجددا لكن هذه المرة كان صوته أكثر جدية
أنا لا أعرفك لكن يبدو أنك بالكاد تعرف نفسك
أحنيت رأسي قليلاً كلماته كانت ثقيلة لكن قبل أن أتمكن من الرد استدار هيوري ببطء وأشار إلى الغيوم الداكنة في السماء
ربما علينا التحدث في وقت آخر يبدو أن المطر قريب راقبته وهو يبتعد واختفى بين الزحام بقيت واقفًا هناك تحدق عيناي في الغيوم المتثاقلة وسؤال جديد يطاردني ماذا كان يقصد؟ ولماذا أشعر بأنه يعرف شيئًا عني لا أستطيع أن أعرفه بنفسي؟ وفي طريق عودتي إلى المنزل كانت الغيوم قد بدأت تمطر قطرات المطر كانت باردة لكنها لم تُخفف من شعور الحرارة داخل رأسي كنت أحمل حقيبتي أحاول حماية دفاتري من البلل لكن في تلك اللحظة شعرت بأن كل شيء ثقيل ليس الحقيبة فقط بل رأسي قلبي وحتى خطواتي بينما كنت أسير نحو المنزل الغيوم الداكنة فوقي أصبحت أكثر كثافة تجاهلت علامات المطر القادمة فأنا لم أكترث كما كنت أفعل دائمًا المطر؟ مجرد إزعاج آخر أضيفه إلى قائمتي الطويلة من الإزعاجات اليومية لكن بالطبع كنت مخطئًا قطرة واحدة سقطت على وجهي ثم أخرى وبسرعة أصبح الجو وكأن السماء قد قررت أن تصب كل ما تحمله من أمطار دفعة واحدة لم أحضر معي مظلة ولم أكن أرتدي أي شيء يمكنه أن يحميني من البلل حاولت الإسراع لكن الشوارع أصبحت زلقة وبرودة القطرات جعلتني أرتجف بشكل لا إرادي تباً الجو أصبح أسوأ من توقعي تمتمت بصوت منخفض بينما كنت أسحب الحقيبة نحو جسدي لحماية دفتري من البلل لكن ملابسي أصبحت مبللة تمامًا وبرودة المطر بدأت تتسلل إلى جلدي وعظامي عندما وصلت أخيرًا إلى المنزل كنت أشعر بأنني كومة مبللة من الثياب والإنسان أغلقت الباب خلفي ببطء وكأن العالم الخارجي كان يرفض تركي حتى بعد دخولي المنزل تساقطت بعض القطرات من شعري على الأرضية وابتلعت أنفاسي بينما كنت أرتجف من البرد كان الهواء البارد يلف جسدي كمعطف غير مرئي وكانت الملابس المبللة تضاعف إحساسي بالثقل رائع...الآن لن أُصيب بالبرد فقط ربما سأنام للأبد أيضًا! قلت بنبرة ساخرة بينما ألقيت الحقيبة جانبًا وبدأت أبحث عن شيء دافئ لأرتديه
جلست على السرير أخيرًا بعدما بدّلت ملابسي جسدي كان يرتجف بشدة لكن الشعور بالبرد لم يكن هو ما يزعجني أكثر كان ذلك الفراغ...ذلك الصوت في رأسي الذي يكرر كلمات هيوري
انت بالكاد تعرف نفسك جلس رين على سريره يتأمل الرسالة التي أرسلها هيوري رغم أن جسده كان مرهقًا تمامًا من البرد والمطر إلا أن عقله لم يتوقف عن التفكير ما معنى هذه الرسالة؟ كيف عرف هيوري بأمره؟ ولماذا يشعر وكأن هذا الشاب الغريب لا يراقبه فقط بل يحاول التسلل إلى أعماقه؟
لا يمكنك أن تختبئ من نفسك إلى الأبد سأراك غدًا الكلمات ترن في رأسه مرارًا وتكرارًا حتى بدت وكأنها ليست مجرد كلمات على الشاشة بل صوت داخلي يطلب منه مواجهة شيء ما...شيء ظل يتجنبه لفترة طويلة مع الوقت بدأ البرد يزداد حرارة جسده لم تعد بسبب القلق فقط الحمى تسللت ببطء وجعلت جسده ثقيلاً كان على حافة النوم لكنه لم يستطع النوم بسلام وكأن الحلم الذي أرعبه هذا الصباح ينتظره هناك يترقب عودته ليكمل ما بدأه شعر بالضيق في التنفس مجددًا لكنه هذه المرة كان مختلفًا لم يكن مجرد اختناق جسدي كان إحساسًا بأنه يغرق في شيء أكبر من نفسه الدموع بدأت تتساقط من دون أن يدرك السبب وكأن جسده يستجيب لنداء مجهول
في صباح اليوم التالي استيقظ رين بوجه شاحب وعيون منتفخة كان يعلم أنه بالكاد قادر على الوقوف لكن المدرسة تنتظره...وربما هيوري أيضًا جمع دفاتره وأمسك بحقيبته متجاهلاً شعوره بالإرهاق كانت الغيوم ما زالت تملأ السماء لكنها بدت أقل ثقلاً مما كانت عليه بالأمس
وفي طريقه إلى المدرسة التقى هيوري مرة أخرى كان يقف تحت شجرة بالقرب من البوابة يراقب الطلاب وهم يدخلون التقت أعينهما وابتسم هيوري كأنه ينتظر هذه اللحظة
تبدو أسوأ من أمس هل أصابك المطر بشيء؟
هذا ليس من شأنك رد رين بصوت منخفض محاولاً تجنب نظراته
بالتأكيد لكنك تعلم أنني على حق كل هذا الذي تمر به...هو بسببك
ماذا تعني؟ سأل رين رغم أنه لم يكن يريد أن يكمل هذه المحادثة
أنت من تضع نفسك في هذا الوضع أنت الذي تختار التراجع بدلاً من المواجهة لماذا تعتقد أن الناس هنا يتنمرون عليك لماذا تعتقد أن رسوماتك تفتقد لشيء ما؟
إنها ليست مشكلة...ليست مشكلتي
لكنها كذلك لأنك ما زلت لا ترى الحقيقة ولهذا السبب لن تتمكن من المضي قدماً
تراجعت خطوات رين لكنه لم يستطع الرد كلمات هيوري كانت مثل مرآة تعكس له شيئًا حاول تجنبه لفترة طويلة وبينما دخل المدرسة كانت تلك الكلمات تستمر في التردد في رأسه لن تتمكن من المضي قدماً
ليل ثقيل آخر رين مستلقٍ على السرير جسده مُجهَد من البرودة التي لا تزال تلتصق بجسده كظلال لا يمكن التخلص منها أغمض عينيه محاولًا الهروب من التفكير لكن الحلم عاد أقسى هذه المرة المكان مظلم كليًا والجدران تبدو وكأنها تضيق عليه أكثر فأكثر
لا أستطيع التنفس! همس محاولًا الهرب من فراغ لا نهاية له لكنه لم يجد إلا نفسه عالقًا يركض بلا وجهة بينما أشباح مجهولة تقترب منه أصواتها تتداخل مع صرخاته المكبوتة
استيقظ فجأة شهقة طويلة تخرج من صدره وعيناه مفتوحتان على مصراعيهما لكنه كالعادة لا يتذكر شيئًا فقط إحساس الخوف والعرق البارد الذي يغطي جسده
ما الذي يحدث؟
༓☾He follows/يتبع☽༓
Comments