كانت ليلى واقفة أمامه، صدرها يعلو ويهبط من التوتر، ودموع قديمة جفت على وجنتيها.
نظر إليها ماكسيموس طويلًا، عيناه تضيقان، يكبح طوفانًا من الغضب والرغبة.
ثم فجأة، تقدم بسرعة خاطفة وأمسكها من خصرها بقبضة من حديد.
شهقت، حاولت التراجع، لكن قبضته كانت ثابتة، قاسية، دافئة بطريقة مخيفة.
قربها إليه أكثر حتى صار صدره يلاصق صدرها، وأنفاسها الساخنة ترتد على ذقنه.
تسمرت مكانها، قلبها ينبض بجنون وهي تراه يحدق فيها بنظرة مشتعلة.
خفض رأسه قليلًا حتى لامست شفتاه أذنها، وصوته خرج أجش، خافتًا، قاتلًا:
> "لولا هاتان العينان الخائفتان... لسلبتك عذريتك هنا والآن، وجعلت جزءًا مني يعيش في أحشائك الصغيرة... يا أليثيورا."
ارتعشت شفتيها بشهقة لا إرادية، وصدرها يعلو ويلهبه بقربه منها.
كان صوته ينفجر بالوحشية والرجاء، وكأنه يهددها ويترجاها في آن.
ضغط خصرها بقوة أكبر، يمرر يده إلى ظهرها ببطء، كأنه يطبع ملكيته على كل ذرة فيها.
همس وهو ينهشها بنظراته:
> "قولي لي، ليلى... أخبريني إن كنتِ تريدين الهرب حقًا؟"
صمتت، لكنها لم تدفعه، لم تبعد يديه عنها.
رفعت عينيها المرتعشتين إليه، وجدت فيهما نارًا تضيء ظلامها الخاص.
اقترب أكثر، كأنه سيبتلعها، وتمتم بحشرجة:
> "أريدكِ ملكي. أريد أن ألتهمكِ. أريد أن ألعن العالم من أجلكِ. لا أحد يلمسكِ سواي، لا أحد يراكِ سواي."
"سأجعلهم يركعون تحت قدميكِ إن أردتِ، أو أحرقهم إن هددوكِ."
كانت أنفاسها تتسارع. دموع جديدة تأرجحت في عينيها، لكنها لم تكن دموع خوف هذه المرة، بل دموع استسلام وتحدٍ.
مدت يدها أخيرًا ببطء، أمسكت طرف سترته، شدته إليها رغما عنها، وهمست بارتجاف:
> "لا تتركني."
ابتسم ابتسامة متوترة، قاتلة، قلبه ينبض كأنه سيكسر صدره، وقال ببطء يلتهم الحروف:
> "لن أترككِ حتى لو صرختِ، حتى لو رجوتِ. أنا لست بطلكِ... أنا مصيركِ الملعون."
وأحنى رأسه أكثر حتى التصقت جباههما، صوته ينزف حبًا وجنونًا:
> "أليثيورا... هذه أنا وأنتِ."
خاتمة رواية "خلف قناع الزعيم"
خرج ماكسيموس من القصر، متجهًا إلى مهمته المؤجلة، دون أن يدرك أن ساعته وساعة ليلى قد بدأتا بالدقّ في اتّجاه واحد: الحقيقة.
كانت ليلى لا تزال ترتجف في سريرها من أثر ما حدث... تلك الخادمة التي سهر ماكسيموس على اختيارها بنفسه، قد كادت تنهي حياتها برصاصة، لولا أن استدار وأطلق عليها رصاصات أطفأت أنفاسها قبل أن تطفئ عيني ليلى.
ديفد دخل مسرعًا بعد سماع صوت الرصاص، ليجد جسد الجاسوسة ممددًا في بركة دم، وليلى مرتمية في زاوية الغرفة، غائبة عن الوعي، بينما ماكسيموس يحتضنها، عينيه تغليان.
في اليوم التالي...
ماكسيموس يرحل في مهمته الغامضة. كانت مقابلة لا تتوقعها ليلى أبدًا: والدها.
في تلك الأثناء، قرر ديفد أخيرًا أن يكسر الصمت، أن يخبر ليلى بالحقيقة التي حاول ماكسيموس إخفاءها عنها طوال الوقت:
> "والدكِ هو من يحاول قتلكِ، ليلى... وماكسيموس كان يحميكِ، يضع جسده درعًا بينك وبين موته الذي كنتِ تجهلينه."
صرخت، ارتجف صوتها، تهاوت فوق نفسها، لم تكن الصدمة من خيانة والدها فحسب، بل من ثقل الحقيقة التي لم يخبرها بها من أحبها.
أخذها ديفد إلى ذلك القصر المهجور، حيث كانت المقابلة تجري بين ماكسيموس ووالدها. عبر ممر سري، أوصلها إلى غرفة مظلمة، وبسماعة دقيقة سمعت كل شيء:
> "سأقتلها بيدي، فهي لا تستحق حمل اسمي، ولن تكون الوريثة. سأصنع لها نعشًا ناعمًا، بحجم جسدها الصغير...".
لم ترَ ليلى سوى عتمة تنغلق على قلبها، ألمًا كان لا من أجل حب ضائع... بل من أجل أبٍ لم يُردها يومًا.
استدارت نحو ديفد، وعينيها تطفحان بقسوة جديدة لم يرها فيها من قبل:
> "أحضر لي قناصًا... سأتعلم كيف أقتل."
لم يجادلها، فقد عرف أنه لا مجال للمناشدة حين يقرر قلبها.
وبدأ التدريب.
---
ليالٍ من اللهاث، من رائحة البارود، من العرق والدمع.
ماكسيموس قرر أن يكون مدربها. هو وحده من يحق له توجيه يديها. أمسك بيدها، وجه أصابعها نحو الزناد، علمها كيف تثبت نظرتها، كيف تطلق النار دون أن ترتجف، وكيف تقتل وهي تنبض.
وكان ديفد يراقب... بصمت، بحسرة. كان يحبها، لكنه فهم الآن: بين ليلى وماكسيموس، لا مكان لظلّ ثالث.
ومع اقتراب اليوم المشؤوم...
في الليلة 18، خالف والدها وعده.
رصاصة اخترقت القصر، وبدأت المعركة.
دخل أحد رجال ماكسيموس مضرجًا بالدماء، قبل أن يلفظ أنفاسه:
> "إنه... هنا... يبحث عن... ابنتك..."
ركض ماكسيموس نحو ليلى ليخبرها أن تختبئ. لكنها لم تكن تلك الفتاة المرتجفة. كانت تقف، بندقيتها على كتفها، وشر يتوهج في عينيها.
حاول أحد رجال والدها إطلاق النار على ماكسيموس، فرفعت ليلى بندقيتها وأطلقت أولى رصاصاتها... وسقط الرجل كدمية مكسورة.
اقترب منها ماكسيموس، أمسك وجهها بيديه، قبّل جبينها كما لو أنه يودّعها، ثم همس:
> "أحبكِ، أليثيورا... اعتني بنفسكِ. الآن... صعدي إلى السطح."
صعدت، وجهزت السلاح، ودخلت في وضع القنص.
---
تحتها، كانت ساحة الدم تتفجر.
وحين حاصر والدها ماكسيموس، وأوشك على إطلاق النار عليه...
أطلقت ليلى أول رصاصة في ساق والدها.
صرخ، ووقع على الأرض.
نزلت ببطء... خطواتها كانت لحنًا للموت.
وقفت أمامه، وشغّلت جهاز التسجيل، وراح صوت والدها يتردد في المكان:
> "سأقتلها... هذه الطفلة لا تصلح لوراثتي... النعش جاهز."
نظرت إليه، وقالت بهدوء مرعب:
> "هكذا إذًا؟ تريد قتلي؟"
وأطلقت الرصاصة الثانية... في ساقه الأخرى.
صرخ مجددًا، يبكي... لكن البكاء الآن لا يغيّر شيئًا.
اقتربت أكثر، وعيونها كالسكاكين:
> "كنت تريد إذلالي؟"
رصاصة ثالثة... في ذراعه.
ثم بصوت خافت، تهمس له:
> "تعرف لماذا لم أطلق النار على يديك أولًا؟ لأنك ستوقع الآن ورقة الميراث."
دخل ديفد، يحمل الوثيقة، صامتًا.
وقع والدها وهو يئن، بالكاد يمسك القلم بين أصابعه المرتعشة.
رفعت المسدس أخيرًا، نظرت في عينيه، وتمتمت:
> "وداعًا، أبي العزيز... أعلم أن الجنة ليست مثواك. فقد كنت أبًا سيئًا... وهذا أقل ما تستحقه."
وأطلقت الرصاصة الأخيرة... وسط فمه.
سقط جسده بلا صوت.
---
رمت مسدسها بعيدًا.
انحنت للأرض، والدموع تنهمر منها كفيضان.
تقدم منها ماكسيموس، واحتضنها. سحبها إلى صدره، ومرر يده على شعرها، وهمس:
> "لقد أبليتِ حسنًا، أليثيورا... يا من تحملين اسمي الآن أكثر مما كنتُ أنا أحمله."
رفعت رأسها إليه، وفي عينيها دموع الانتصار، والانكسار.
> "لقد انتهت مهمتك مع عدوي وعدوي... يا ماكسيموس."
ضحك بحزن، وقبّل رأسها مرة أخرى.
> "لكن مهمتي معكِ... بدأت الآن."
في تلك الليلة، وبعد أن طوى التعب جسدها، كانت ليلى تغفو بجانب ماكسيموس للمرة الأولى دون خوف... بل براحة نادرة، وكأن صدره حصنها الوحيد من هذا العالم المفترس.
كانت أنفاسه المتسارعة تلامس عنقها بينما أصابعه تتسلل ببطء لأناملها، يضمها إليه كمن يخشى أن تختفي فجأة. ولم تكن تدري أن ماكسيموس، الرجل الذي أرعب خصومه، بات يخاف من فكرة فقدانها أكثر من أي عدو واجهه.
مرّ الليل، وحين أشرقت شمس الصباح، خرجت ليلى من الغرفة بتنهيدة ثقيلة وقلبٍ تائه بين لذة القرب وجراح الماضي...
لكن ماكسيموس لم يكن ليدع لها الوقت الكافي للتفكير.
مرت أيام قليلة، خفت فيها التوترات، وزاد قربه منها حتى صارت تفاصيلها عادةً لا يستطيع العيش دونها. كانت تظن أن الحب ترفٌ لا يليق بحياتها المشوهة، لكنه أثبت لها عكس ذلك.
وفي ليلة هادئة، بينما كانت تتجهز بعد استحمامٍ دافئ، خرجت من الحمام مرتديةً قميص نومٍ حريري، خصلات شعرها تلتصق برقبتها المبلّلة، وعطرها يسبق خطواتها نحو الغرفة.
فتحت الباب ببطء... ولم تكن تعلم أن ماكسيموس قد عاد لتوه من عملٍ شاق.
حين رأى طيفها أمامه، تقف وسط الغرفة تعدل من نفسها وكأنها تستعد للقائه، التقط أنفاسه بلهفة كمن نجا من الغرق.
همس بصوت خفيض، عميق، تشوبه حرارة خفية:
"أكنتِ... تنتظرينني؟"
لم ترد، بل ابتسمت ابتسامة خجولة، فانقضّ عليها كما لو أن صبره قد نفد، وضمّها بين ذراعيه بقوة، وكأن العالم بأسره يريد أن يخطفها منه.
بدأ بتقبيلها بجنون، بشغف رجلٍ أمضى عمره يهرب من الحب، ثم وجده فيها.
وبكل رغبة مكبوتة، رماها على السرير بخفة، مستكملاً ما بدأه في تلك الليلة حين تجرأ على تحطيم الجدار الأخير بينها وبينه...
ليكون هذا الليل، ليلةً بلا خوف، بلا قيود، فقط قلبان تعاهدا على النجاة معًا، مهما احترق العالم من حولهما.
___
بعد سنة من الفوضى التي كانت تعصف بحياتهم، جاءت الهدية التي لطالما حلم بها قلباهما المتعبان…
توأمان، كأن السماء اختارت لهما أجمل تفاصيل القدر.
ولدٌ وسيم، يشبه والده إلى حدٍ يثير الدهشة؛ بشرته السمراء، عيناه العميقتان، حتى ضحكته الساحرة كانت نسخة مصغّرة عن ماكسيموس…
وبنتٌ كأنها زهرة ربيع، ناعمة الملامح، خفيفة الروح، تأخذ من والدتها كل جمالها وبراءتها، ابتسامتها رقراقة كالماء وملمس يديها كنسمة حنون.
كان البيت أخيرًا كما تخيلته ليلى يومًا في أحلامها البعيدة…
ضحكات صغيرة تملأ الأركان، وأيدٍ دافئة تتشابك في هدوء المساء.
بيتٌ ليس فقط بالسقف والجدران، بل بالحبّ والدفء، والحياة التي بدأت من جديد تحت اسمهما.
بيت ماكسيموس وليلى... حيث عاد كل شيء إلى مكانه.
النهاية.
Comments
乃卂ㄚ卂几 ♍
انها جميل حقٱ 🥹🥹
2025-07-28
1