خلف قناع الزعيم تقرح الجراح
وقبل أن تتفوه بأي كلمة، سمعا طرقًا خفيفًا على باب الجناح. ارتبكا، ثم قالت ليلى بصوت خافت:
"من يكون في هذا الوقت؟"
تقدم ماكسيموس نحو الباب وفتحه بهدوء. وقفت أمامه امرأة أنيقة، شعرها البني مرفوع بدقة، ونظارات صغيرة على عينيها. قالت بابتسامة مهنية:
"مرحبًا، أنا الدكتورة نادين، الطبيبة النفسية التي أوصيتم بها لمعالجة الآنسة ليلى."
نظر ماكسيموس إليها بحدة لم تَخفها، ثم أجاب ببرود:
"أنتِ أبكر من الموعد المحدد."
أجابت بثقة:
"أعلم، ظننت أن البدايات غير المتوقعة أحيانًا أفضل من اللقاءات المخطط لها."
أدار نظره نحو ليلى التي كانت تحدق في الدكتورة بقلق غير مفسر. قلبها لم يطمئن لها من أول وهلة... شيء في طريقة ابتسامتها بدا غير مريح.
قال ماكسيموس:
"سنجري أول جلسة صباح الغد، أرتاحي الليلة."
ثم أغلق الباب. التفت إلى ليلى التي ما زالت تنظر للباب المغلق كأنه يُخفي شيئًا.
---
في مساء اليوم التالي، غادر ماكسيموس القصر في مهمة طارئة، تاركًا ديفد للمراقبة. جلس في المكتب يتابع الشاشات الأمنية، لكنه لاحظ شيئًا غريبًا...
الكاميرا المثبتة في الممر المؤدي لغرفة ليلى انطفأت لثوانٍ. ثم عادت.
وفي الوقت ذاته، ظهرت الدكتورة نادين تدخل الغرفة دون استئذان، بيدها كوب ماء وعلبة دواء غير موسومة.
شعر ديفد بالقلق. نهض بسرعة واتجه نحو غرفة ليلى.
---
كانت ليلى تجلس بهدوء على الأريكة، وعيناها نصف مغمضتين، بدا عليها الإرهاق أكثر من المعتاد. قالت نادين بصوت ناعم:
"هذا مجرد مهدئ بسيط ليساعدك على النوم... لن تشعري بشيء، فقط راحة."
لكن قبل أن تضع الكوب في يد ليلى، فُتح الباب بعنف.
دخل ديفد بلهفة: "نادين! ما هذا الدواء؟ دعيني أراه."
ارتبكت الطبيبة لوهلة ثم قالت ببرود: "هل تراقبني؟"
اقترب منها وأخذ العلبة من يدها، قلبها بين يديه، ثم نظر إلى ليلى وقال:
"ليلى، لا تشربي هذا."
همست ليلى بضعف:
"أنا... أشعر بالدوار... ليس من الآن، منذ بدأت هذه الجلسات."
نظر ديفد في عينيها وقال بلطف:
"أثق في إحساسك... وأنا لا أثق فيها."
---
لم ترد نادين. كانت نظراتها قد تحولت لجمود غريب، كأنها توقفت عن التظاهر... كأن قناعها بدأ بالسقوط.
قالت بنبرة حادة: "لا يمكنك التدخل في الخطة."
رفع ديفد حاجبه:
"أي خطة؟ ومن أرسلك حقًا؟"
نظرت إليه طويلاً، ثم قالت بصوت منخفض وكأنها تعترف بالهزيمة:
"لقد تأخرت... لكنه سيعرف."
ثم خرجت من الغرفة بهدوء.
ديفد أغلق الباب خلفها بسرعة، ثم التفت إلى ليلى، وجلس قربها قائلاً:
"أنا آسف... كان عليّ الشك من البداية."
نظرت إليه ليلى بخوف:
"هل كانت تحاول قتلي؟"
تردد لحظة، ثم قال بصدق: "أعتقد أنها كانت تحاول شيء أخطر من ذلك... ربما محوكِ من الداخل."
خلف قناع الزعيم – من داخل القناع
أغلق الباب خلفه بقوة، كأن الصوت وحده كافٍ ليمنع الغليان في صدره من الانفجار. خطواته كانت ثقيلة وهو يسير في الممر المظلم المؤدي إلى مكتبه، لكن أكثر ما كان يثقله... هو الشعور الذي كرهه طوال حياته: الغيرة.
جلس خلف مكتبه، دون أن يُشعل الضوء. فقط المصباح الصغير في الزاوية يرمش بوميض خافت، وكأنه يعكس اضطراب أفكاره.
وضع يده على جبينه، استند بمرفقه على الطاولة، وأغمض عينيه. الصورة لم تفارقه:
> "ديفد... قربها، وهي تنظر إليه بذلك الضعف... الذي كان يراه لنفسه فقط."
لم يكن يكره ديفد، بل كان أكثر من أخ له. لكن وجوده تلك الليلة، وقربه من ليلى، أيقظ داخله شيئًا مظلمًا، شيئًا خشيه دومًا:
> "ماذا لو كانت ستختاره؟"
**
رنّ الهاتف السري في الدرج. فتحه بسرعة، كان المتصل أحد رجاله من الخارج:
– "سيدي... الطبيبة التي استأجرها والد ليلى، ثبت أنها مرتبطة بمركز تجريبي للعلاج النفسي، لديهم سجلّات لإخفاء الآثار الجانبية للأدوية التي تُستخدم في السيطرة العقلية."
شدّ قبضته على الهاتف، وقال بنبرة قاتمة: "راقبوها... لا تدعوها تغادر البلاد."
أغلق الاتصال، وألقى الهاتف على الطاولة. ثم همس لنفسه: "لن أسمح لأحد بلمسها... لا ديفد، ولا والدها... ولا حتى أنا إن أصبحت خطرًا عليها."
نهض وفتح الخزنة السرية خلف الرف، أخرج منها ملفًا مهترئًا، كُتب عليه بخط يده:
> "ليلى – إن بقيتُ أو غبتُ."
نظر إلى الملف للحظة، ثم وضعه جانبًا، وخرج من المكتب... هذه المرة، بقلب ثقيل لكنه حاسم.
"إن كانت النهاية قريبة... فلتكن بيدي."
يتبع...
Comments