رفعت سلتها على ظهرها بينما شكرت البائع، كانت قد إشترت بعض الحاجيات للمنزل دون علم مولن، فقد كانت تودُ أن تشكره على كل م فعله لها حتى الآن.....
كانت قد مرت بضعةُ أيامٍ منذ قدوم الجنود للقرية، وم تنفكُ تسمعُ همساتهم عن أنها تشبهُ النبيلة المفقودة، ولكن كما قال مولن، لا يهتمُ أهلُ القرية بأشياء لا تمسهم في أنفسم.......
عن وصولها للمنزلت رأت صورتها التي نشرها الجنودُ في ذالك اليوم معلقة في الباب، إبتسمت بهدوء لتهمس لنفسها«من الجيد أن الحبر غيرُ واضح وإلا كان الجميعُ قد عرفني» دخلت للمنزل ولكنه لم يكن موجوداً، نظرت في الأرجاء الفارغة بالمنزل، نفس إحساس الفقدان القديم قد ساورها في هذه اللحظة، نفضت الأفكار من رأسها وتوجهت نحو الموقد....
أشعلته وبدءت في تنظيف الدجاجة التي إشترتها، بعد بضعةِ دقائق إبتسمت بهدوء وهي تنظرُ للقدر برضى، أغلقته ليستوي الدجاجُ على مهل فهو لن يأخذ وقتاً....
تحدثت مع نفسها وهي تأخذُ الأطباق المتسخة للخارج...
_طبخي لا بأس به، أتمنى أن يعجبه، علي أن أردُ له الجميل وإن كان جزءاً طفيفاً منها.....
أثناء غسلها للأطباق لمست بعضُ المياه يدها التي تربطها في يدها اليسرى، جلست بجانب النهر لتفك الرباط بهدوء، كانت يدها متقرحة لدرجةٍ سيئة....
إبتسمت بألم_يالذلك الأحمق، وجد سـ ـماً جيداً بحق، أثاره سيئةٌ جداً....
لمست يدها لتمتعض ملامحُ وجها لتردف بألم_هذا مؤلم، لن يزول هذا التقرحُ قريباً بلا شك....
نظرت لأسفل التقرح لترى ذلك الرسم الصغير نجمي الشكل، أنزلت كم قميصها وحملت الأطباق وعادت للمنزل..«على الأقل، منحني فرصةً لإخفاء رمز عائلتنا كي لا أثير الريبة،فإن عرفو عائلتي سيفضحون أمري بلا شك...»
فور وصولها للمنزل وقبل فتحها للباب سمعت صوت مولن...
_ريلي يا صغيرتي....
إلتفت بهدوء وهي ترد_أهلاً بعود-.......
رسمت معالم مستاءة عندما رأت ذلك النبيل الذي يُدعى «آير» يرافقُ مولن....
فتحت الباب بهدوء_سأعدُ الشاي، يمكنكم الجلوس....
أسرعت بالدخول ووضع الأطباق، كانا قد دخلا بالفعل مع تجوال عيني آير في المنزل بإبتسامةٍ غامضة....
فرشت هي مفرشاً جديداً إشترته صباحاً باللون البُني ووضعت وسادتين ليجلسا عليها......
إكتفى مولن بالإبتسامة وجلس فيها يقابله آير....
فتحت هي غطاء القدر لتنتشر رائحةُ الحساء الشهية، سألها مولن _أعددتُ حساءاً؟....
انزلت القدر_أجل قبل قليل، لم يكن معي الكثيرُ من المال لذا إكتفيتُ بشراء الدجاج وبعض الخضروات.....
وضعت قدراً آخر لتُعد الشاي بينما تستمعُ لحديثهما....
آير_أسفٌ أيها الطبيب للقدوم بدون موعدٍ مُسبق...
مولن_لا عليك يا سيدي، زيارتك نفسها شرفٌ لي.....
إبتسم آير_هذا يُسعدني، لأدهل في الموضوع مباشرةً إذن...
مولن_من فضلك.....
زالت إبتسامته ليتحدث بجدية_أريدُ إستشارتك في مرضٍ غريب إنتشر في هذه الأيام في منطقة القصر الإمبراطوري....
مولن_هذا سيءٌ حقاً، وم هي الأعراض؟....
آير_إنتشارُ حمى غريبة في معظم أجزائه، وأعراضه متفوتة ولكن الاعراض الرئيسية في غثيانٌ وعدم القدرى على الحركة بعد مدى قصيرة مع هلوسة في أغلب الحالات بسبب الحمى العالية....
وضع مولن يده في ذقنه يفكر_أشكُ في مرضٍ ولكنني لستُ متأكداً، أيمكنك إعطائي وقتاً لأتأكد من صحة الأعراض، ولكن بما أنها متفاوتة لا أدري أيُ تشخيصٍ أصح....
في هذه اللحظة وضعت ريليا أكواب الشاي أمامهما وجلست بجانب مولن بينما أنهيا حديثهما....
آير_لا نملكُ الكثير من الوقت، ألا يُمكنك القُدوم للقصر معي؟....
مولن_هذا شرفٌ لي يا سيدي، ولكن كما ترى أنا طاعنٌ في السن ولا أتحملُ مشقة الذهاب....
وضع آير يده لتغطي فمه_هذه معضلة، فحتى طبيبُ القصر لم يتعرف على هذا المرض....
رفع ريليا يدها بهدوء_إذاً، أتسمحُ لي.....
نظر لها بصدمة _أتريدين الذهاب إلى القصر؟....
إمتعض وجهها_بالطبع لا، أقصدُ إبداء رأيِّ حول هذا المرض....
نظر لها بضيق ولكنه أعاد ملامحه الجادة_إذاً، م هو رأيك؟.....
نظرت لكوب شاي مولن مطولاً ثم أجابته....
_أشكُ في أحدِ مرضين، وبما أن اعراضهما متشابهة لا يمكنني الجزم، إما أنه«حُمى الضنك» أو«الحُمى الصفراء»، وكلاهما خطيرٌ إن لم يجد العلاج بسرعة....
نظرت له بنظرةٍ شغوفة وجادة_ولكنني أعدك بإجاد نوعه بحلول الغد.....
ركز في جدية ملامحها ليبتسم بغرور...
_إذاً سأمنحكِ حتى الغد، أملُ أن تجدي العلاج المناسب أيتها الصغيرة.....
نظرت له بإشمئزاز وهي تقول في نفسها«نبيلٌ يقول؟، م هذا الغرور؟ من يظنُ نفسه؟ كما على ذكر ذلك...»
نظرت له ملياً وهو يحتسي الشاي«من مظهره لاشك انه نبيل، اهو المسؤولُ عن القصر الملكي يا تُرى؟ لا أظنُ ذلك فأنا أعرفُ كل من بالقصر حتى زوجات الإمبراطور، ولكنني لم أره ولم أسمع به من قبل....»
نهضت وتوجهت لقدر الأرز«حسناً لا دخل لي الآن، أنا فتاةٌ عاميةٌ فحسب، لا يحقُ لي مجادلته وإلا كشفتُ أمري فأنا أعرفُ إندفاعي جيداً....»
سمعت مولن يسأله_لقد منحتها حتى الغد، إذاً ستبيتُ هنا أليس كذلك؟.....
آير_أجل أظنُ ذلك، سأرسلُ رسالةً للقصر مع مساعدي لكي يخبر القصر بتأخري في العودة....
نظر لها بإبتسامة_أملُ أن يستحق تأخري ذلك....
أدارت وجها بإشمئزاز«كم أكرهُ هذا النوع من الرجال، يذكرني بويليام....»
مولن_بما أنك ستبيتُ الليلة، أعرفُ صاحبة فُندقِ القرية ساخبرها بمنحك جناحاً خاصاً.....
إبتسم آير_أشكرك لذلك....
نظر مولن لريليا_ريلي هلا أوصلته إلى النُزل...
ريليا_حاضرة، ولكن لا تنسى أنه يكونُ مزحوماً فيمثل هذا الوقت....
مولن_معكِ حق، لذا أظنه سيتناولُ الطعام معنا....
ريليا_حاضرة....
آير لمولن_إنه فضولٌ مني ولكن، م إسمُ هذه الفتاة؟...
مولن بإبتسامة_إسمها«سورميليا» ولكننا نختصره بريلي...
إبتسم ريليا فهو من إختار لها هذا الإسم....
طالعت مولن بنظرةٍ غامضة وهو يتحدثُ مع آير...
«يالك من رجلٍ مخادع، لا بد أنك عرفت المرض بالفعل كما عرفته، لكن لما تماطل؟....»..
Comments