إستيقظت على مُداعبت الشمس لوجهها، نهضت بهدوء لتمد يدها أمامها وهي تتفحصُ ملابسها، أدركت أين هي الآن وتذكرت ماذا حل بها فيي تلك الليلة، وتذكرت وجه المدعو «ويليام» وهو يدعوها لتناول العصير في الحفل الراقص.....
قطع شرودها صوت مولن_أرى أنكِ إستيقظتي، صباح الخير.....
نظرت له وإبتسمت بهدوء_صباح النور.....
نهضت بسرعة لترتب مكان نومها وتغتسل في بُحيرةٍ صغيرة خلف لبمنزل بثلاث كيولمترات....
عادت للمنزل وأخذت مستحضرات التجميل التي أهدتها لها «جين» بالأمس، عندما بدأت تضعها سألها مولن....
_إذاً، ماذا ستفعلين اليوم؟....
كانت تنظرُ في المرآة_م الذي تقصده؟....
كان ينظرُ في القدر بالموقد_تعلمين أنهم قادمون للبحث عنكِ أليس كذلك؟ م الذي سيحدثُ إن تعرفو عليك....
أنهت المكياج ونظرت له برضى فقد غيرت درجة لونها للأسمر...
أردفت بثقةٍ غامضة_لا تقلق بهذا الشأن فسأتدبرُ أمري، المهم أن لا ينطق أحدٌ من الحي بكلمةٍ واحدة وإلا سينتهي أمري....
أنزل مولن القدر من النار_لا تقلقي بهذا الشأن، فسكان هذا الحي يتجنبون المشاكل غير الضرورية إلا إذا مسهم الأمر شخصياً....
سرحت شعرها كما سرعته لها سيلا لتنظر له برضى، كما إرتدت نفس الملتبس التي أعدتها إياها، كان الثوبُ طويلاً قليلاً ولكنها لم تكترث كثيراً فهي معتادةٌ على مثل هذه الثياب.....
كان مولن ينظرُ لها ملياً لتسأله بحيرة_م الأمر؟....
تقدم نحوها_صحيحٌ أن شكلكِ تغير قليلاً، إلا أن تصرفاتكِ لا تزالُ نبيلة....
وقف أمامها مباشرة_لا أقولُ أن تلك مشكلة ولكن شكلكِ لم يتغير جذرياً فإن رأكِ أحدٌ تتصرفين كعادتكِ سيعرفونكِ على الفور....
كان سيتحرك ولكنه تذكر أمراً_تذكرت، أين والداك؟ أيصدقان انكِ قمتي بمثل هذا الفعل؟.....
فجأة أظلمت عيناها بنظرةٍ تحملُ الكثير من المعاني...
توجعت نحو الموقد لتضع قدر الشاي دون أن تُجيب....
ظن أنها لا تريدُ التحدث فهم بالمغادرة، إلا أنه توقف عند سماعه جملتها....
_أنا مدينةٌ لك يا سيدي، لقد ساعدتني وأويتني دون معرفة شيءٍ عني، أعدك أن أخبرك بكل شيءٍ عما قريب، ولكن ليس الآن، أتفهمني؟.....
إبتسم بتفهم وهو يغادر_بالطبع أفهمكِ يا صغيرتي، خذي وقتك، وبالنسبة لأنني أويتك....
توقف لثوانٍ في الباب ليقول بهدوء_كنتُ أكفرُ عن أمرٍ فحسب......
لم تستطع سؤاله لأنه غادر فوراً، رغم أنها إقترحت عليه أن تهتم بواجبات المنزل إلا أنه لا تكادُ تستيقظ حتى تجده أنها إعداد الفطور على الأقل، أنهت إعداد ونادته ليتناولوه معا، أثناء الطعام لاحظ أنها تلفُ يدها بضمادٍ طبي،سألها بهدوء...
_ما بالها يدك؟..
نظرت لها وأجابت_لا شيءٍ مهم،لففتها لكي لا ألفت الإنتباه......
بعد إنتهائهم مباشرة وقبل غسلها للأطباق سمعو صوت الجنود والخيل من بعيد، كان كل سكان البلدة فرداً فرداً قد خرجو ليرو م الذي يحصل....
وكان في مُقدمةِ الخيالة شابٌ بملامبس نبيلة بنظرة ماكرة لفت أنظار الجميع من جماله الملحوظ، شعره البنفسجي الطويل وعيناه بنفس اللون، واضحٌ من ملابسه رتبته الرفيعة وأنه ليس بفارس....
وقف الخيالة في وسط القرية ليهبط الشابُ بنفس نظرته يتفحصُ القرية....
صاح أحدُ الجنود_نحنُ في مهمةٍ رسميةٍ من الإمبراطور نفسه، نحنُ نبحثُ عن فتاةٍ هاربةٍ خضراء الشعر بنية العينين، صغيرةٌ في العمر فلم تبلغ الثامنة عشر بعد، ونحنُ نشكُ بإختبائها في إحدى القرى الحدودية ومن بينها هذه القرية، فاليخرج الجميع من المباني لتفتيشٍ شامل....
كانت نظرةُ القلق باديةً على الجميع لينطق ذلك الشابُ الوسيم....
_لا تقلقوا جميعاً، نعدكم بعدم لمس ممتلكاتكم الشخصية أو مس أحدٍ منكم، نحنُ نبحثُ عن فتاةٍ واحدة وفور عثورنا عليها أو إنتهائنا سنغادرُ على الفور، أرجو تعاون الجميع.....
إرتاح الجميع لنبرةِ صوته ليبدأ الجميع في الخروج من المنازل، كان يقلبُ بصره في الأرجاء لامحاً منزلٍ بعيداً من المنزل يقعُ بعد حقلٍ ليس بالبعيد، نظر لفتاةٍ شابة خرجت من أحد الفنادق الصغيرة....
_عذراً أنستي...
نظرت «سيلا» له بإبتسامة_نعم سيدي....
أشر إلى المنزل_لمن ذلك المنزلُ البعيد....
وكأنها تذكرت أمراً_ذلك منزلُ طبيب القرية يا سيدي....
نظر للمنزل بفضول_أيعيش وحده في ذلك المكان البعيد؟....
تذكرة قصة مولن التي حكاها لهن صباح اليوم...
_منذ فترة، جاءت أبنةُ أقربائه للعيش معه بسبب فقدانها لوالديها......
كان الجميع قد إصطف في الخارج ليجول الحنود بينهم بهدوء...
الشاب_أشكرك، يمكنك الذهاب الآن.....
أحنت رأسها بإحترام وذهبت لتقف مع شقيقتيها....
كان جزءٌ من الحنود يبحثُ في المنزل وبعضهم يبحثون بين القرويين...
نادى الشاب جنديين وتوجهو نحو المنزل.....
«في منزلِ مولن....»
كانت ريليا قد غسلت الاكباق وبدءت تنظفُ المنزل بعد طلب مولن منها عدم الخروج وبدء في طحن بعض الأعشاب الطبية....
سألته بهدوء_لم أجد فستاني في مكان وضعه....
مولن_لقد خبأته في مكانٍ آخر، ستكونُ مشكلةً إن وجدوه اليس كذلك؟.....
بعد لحظات سمعا ضرباً في باب المنزل، نظر مولن لريليا التي نظرت له بدورها، سمعو صوت كورفس من الخارج...
كورفس_ياعم، ءأنت بالداخل؟....
مولن_تفضل يا كورفس.....
فُتح الباب ليظهر ذلك الشابُ الوسيم وعلى يمينه كورفس وعلى يساره جُنديٌ آخر...
مولن وقد ترك ما بيده_إذا قد وصل التفتيشُ بالفعل، تفضل يا سيدي....
دخل الشابُ يجول بصره في المنزل بنفس النظرة فلم يغيرها....
وقع بصره أخيراً على تلك الفتاة بيضاء البشرة ولكن واضحٌ أنها مسفوعةٌ بالشمس، ملابسها وتسريحتها ليستغرب من نظرتها البارة تجاهه....
وجه نظره لمولن ليقول بنبرته المريحة_أسفٌ لتطفلي عليكم يا سيدي ولكننا نبحثُ عن فتاةٍ معينة، خضراء الشعر وزرقاء العينين بيضاء البشرة، من الوهلةِ الأزلى ستعلمُ أنها نبيلة، أرأيت شخصاً بهذه الصفات من قبل؟....
نظر مولن لريليا بإبتسامة_لإبنتي نفس الملامح تقريباً وأنا أراها كُل يوم، ولكن أسف لم أرى شخصاً بتلك الهيئة....
نشر لها الشابُ مجدداً_بالتفكير بالأمر، أنتي تشبهينها كثيراً لدرجةٍ ما.....
ركز في ملابسها وتسريحة شعرها ليقول بنبرةٍ ساخرة...
_ولكنها تفضلُ المـ ـوت على إردتاء مثل هذه الملابس والعيش مثل هذه الحياة....
نظر الشاب للجندي ليخرج صورةً مرسمومةً لها وهي بفستانها تلك الليلة....
الشاب_هذه صورتها، سنوزعها على كُل القرويين، إن رأيتماها رجاءاً أبلغا أي جنديٍ ملكٍ قريب....
مولن_أمرك سيدي، ونشكرك على عملك الدؤوب....
إكتفى الشابُ بالإبتسام ليتفاجأ الجميع بقدوم جُنديٍ راكضٍ يقفُ في الباب....
الجندي_سيد «آير» لقد إنها«مارف» فجأة.....
نظر مولن لريليا_ريلي ساعديني....
ريليا_حاضرة......
ذهب الجميع شبه راكضين حتى وصلو إلى البلدة، كان الرجلُ مستلقيةً في وسادةٍ أحضرت من المنازل...
تقدم مولن وريليا نحو الرجل....
ريليا لجنديٍ آخر_م الذي حصل؟...
الجندي_منذ يومين بدء يشعرُ بالغثيان فجأة ويصابُ بحمة خفيفة، حتى أنه رفض الكعام عدة مراتٍ بالأمس ويرجعُ كل م يأكله....
نظرت لمولن بتساؤل لتعيد نظرها للجُندي_قبل أن يشعر بهذه الأعراض، هل ذهب لمهمةٍ في مناطق فيها باعوض؟....
أجابها كورفس_أجل في الحقيقة، لقد ذهب معي في مهمتي وقد كانت في منطقةٍ مليئةٍ بالبرك....
إبتسم مولن_إذاً م هو مرضه يا ريلي؟.....
نظرت له بسخرية_لا شك أنك عرفته، ولكن سأقول، إنه مصابٌ بـ«الملاريا» ليس مرضاً خطيراً إن كانت مناعةُ الجسم قوية، ولكنه عكس ذلك قد يؤدي إلي المـ ـوت....
نظر لها «آير» بدهشة من عمرها، ولكنه إبتسم بمكر وإقترب منها قليلاً....
آير_إذاً وم علاجه يا أنسة ريلي؟.....
نظرت له بنفورٍ من قربه_إن إنتظرتم سأصنعه على الفور، سيد كورفس هلا ساعدتني.....
كورفس_بالطبع...
مولن_ستجدين الأعشاب في الرف الثالث على يسارك...
ريليا_حسناً....
وبالفعل لم تمر نصف ساعة إلا وهي قادمة حاملةً الدواء...
أعطت باقيه لكورفس_إن شعر أحدكم بنفس الأعراض فيجبُ أن يأخذ الدواء على الفور....
كورفس_حاضرٌ يا صغيرة، يبدو أن الطبيب علمكِ الكثير...
إبتسمت بإرتباك لتشعر بأحدٍ خلفها، إلتفت لتجده آير....
قالت بهدوء_أعددتُ الدواء، وسيعطي مفعوله بعد يومٍ أو إثنين....
آير_أشكركِ إذاً، سنغادرُ نحنُ الآن (نظر لها بإبتسامةٍ خبيثة) أراكِ قريباً......
ليغادر تاركاً لها مشمئزة من نبرته، لم تفكر كثيراً لتفهم مقصده، يبدو أنها هربت من ويليام لتصبح هدفاً لذلك المدعو آير.........
.
.
.
.
Comments