كانت السحب السوداء تغطي السماء ، بينما سواد
الليل يطفئ الأنوار دون رحمة، جلس الملك دوفان في شرفته ينتظر الفتاة التي سيدمرها هذه الليلة ، كان غارقا في ظلام أفكاره إذ به يسمع صوت صراخ يصم الآذان، وقف متأهبا وغادر الشرفة فوجد الحارس يمسك فتاة من شعرها ابتسم بشر قائلا:
_ احسنت لقد قمت بالمهمة لذلك ستبقى على قيد الحياة
ترك الجندي شعر اربيل ، فوقفت غاضبة ثم نظرت الى الملك ، وكذلك فعل الملك، كانت هذه الفتاة جميلة حقا ، لكن كان الوجوم يطبق على ملامحها ، وضعت يديها حول خصرها ثم قالت بعصبية ودموع محبوسة:
_سأنتقم لأبي أيها الملك الظالم سأنتقم
ابتسم بسخرية قائلا:
_هذا إن بقيت على قيد الحياة
أرجعت خصلات من شعرها الى الخلف قائلة:
_لن أسمح لك بقتلي
استغرب منها هل تظن أنها في حضرة رجل عادي ، أنه الملك دوفان أقوى رجل في هذه المملكة ، شعر ببعض الغضب لكنه بقي هادئا، نظرت آربيل حولها ثم قالت :
_هذا المكان يشعرني بالغثيان
ثم همت بالمغادرة ، امسكها دوفان من ذراعها قائلا:
_تعالي الى هنا لقد دللتك كثيرا ، مكانك في غرفتي أيتها اللعينة
سحبت ذراعها بعنف وصرخت قائلة:
_من اللعين هنا أيها الفاسق ، افضل دخول الجحيم على دخول غرفتك
وصل السيف الزبا رفع قبضته وصفعها حتى سقطت أرضا ، أمسكت خدها ورفعت رأسها نحوه ، ثم انقضت عليه كقطة شرسة، تشير بيديها ، وهي تعضه و تخربش وجهه كأنها فقدت عقلها، كان رد فعلها غير متوقع ، ضربها دوفان على رقبتها فأغمي عليها ، صرخ مناديا جنوده ، فاسرعوا إليه ونظروا إلى جسد آربيل المرمي على الأرض ، قال لهم بغضب:
_خذوها لغرفة التعذيب وعلقوها
حملها أحد الجنود وانطلق بها حيث أمره سيده ، نظر دوفام الى المرآة كانت الخربشات تزين وجهه ، كسر المرآة ثم ارتدى ثوبه وذهب إلى غرفة التعذيب.
فتحت عينيها ببطئ ، شعرت بألم فظيع في يديها ، وجدت نفسها معلقة ، تحيط بها أدوات التعذيب، تسلل الخوف إليها ، انها تعرف شدة تماديها مع الملك ، لكنها ظنته سيصفح عنها لأنها جميلة، ولن يقتلها حتى يستمتع بها، لكنه خيب توقعاتها، سمعت صوته الهادئ يقول:
_صباح الخير أيتها القطة
نظرت اليه كان يجلس فوق كرسي خشبي ، يضع قدما على قدم ويبتسم بخبث بينما عيناه تتفحصانها بسخرية ، بدأ عقلها يفكر ، استجمعت شجاعتها وقالت ببرود مصطنع:
_مالذي أتى بي الى هنا
فتح عينيه بدهشة سرعان ما تحولت لاستهزاء، ثم قال بنفس لهجتها:
_لسانك السليط يا قطة
هزت حاجبيها بفهم ثم قالت:
_أنزلني من هنا
وقف وحمل بيده سوطا، ارتعدت قدماها لكنها حافظت على هدوئها وقالت بنبرة متوترة:
_لست خائفة من هذا الشيء لذلك لاتضيع وقتك
ابتسم قائلا:
_لنرى مدى احتمالك يا قطة
ثم رفع السوط وضربها بقوة حتى صعد الألم لمخيخها ، لكنها عضت على أسنانها ، زاد قوة ضربه ، كانت تغمض عينيها بألم ، تحاول أن تصبر قدر الإمكان، توقف دوفان عن الضرب قائلا:
_ قطة قوية
ثم تركها وغادر الزنزانة وماإن اختفى عن أنظاؤهت حتى صرخت و دخلت في نوبة من البكاء.
وضع دوفان رأسه على الوسادة ، وهو يسأل نفسه:
_هل هي فتاة حقا ، أم أن جسدها صنع من الحديد
تنهد بأسف فهو لم ينفذ ماكان ينوي عليه هذه الليلة ، لكن لا مشكلة ، فعلى كل حال لديه من النيلات ما يلهيه حتى يروض تلك القطة ، وضع يده على رأسه وقال بنبرة ساخرة:
_كيف فاتني أن أعرف اسمها ؟
نهض من سريره وأسرع الخطى الى غرف التعذيب دخل ، لكنه فتح عينيه بذهول عندما وجد مكانها فارغا.
كان كل شيء يشير إلى انتهاء فصل الخريف ، بدأ الرعد يصرخ في السماء ، وانهمرت شلالات المطر كالدموع ، لقد جاء مرة أخرى، جاء فصل الشتاء
Comments