آربيل
لايعني بزوغ الفجر دائما أن هناك شمسا ستلحق به من خلف الأفق ، فلكل قاعدة استثناء .
انتهى موسم الخريف وبدأ الناس يتجمعون في ساحة الموت لحضور الاحتفال السنوي ، كان المشاركون هذا العام من بلدان مختلفة ، أما الأجواء فهي صاخبة كالعادة جلست الجماهير في المدرجات الحجرية ثم تربع الملك دوفان على عرشه، أعلن المستشار بداية الاحتفال ودخل المتنافسون .
عندما ودعت الشمس كبد السماء كان كل شيء قد انتهى وككل عام لم ينجو أحد من الموت ، لقد لقى كل المتسابقين حتفهم ، دخل الملك الى غرفته وهو راض عن نفسه فحتى الآن لم يأتي من يأخذ عرشه وسيستمر حكمه سنة أخرى يعيث خلالها في الأرض فسادا ، وكما تقول القاعدة ، البقاء للأقوى.
جلست ساندي بيل على سريرها بحزن ، إنها نبيلة من النبلاء لكن دوفان قضى على كل العائلات النبيلة وترك النساء ليستمتع بهن ثم يلحقهن باهلهن ، وقد اقترب دورها ، وهي لا تعرف ماذا تفعل فلاسبيل للهرب من عرين هذا الأسد الظالم ، انخرطت في البكاء وهي تلعن اليوم الذي ولدت فيه.
مرت ثلاثة أيام ، وعادت الحياة إلى طبيعتها ، خرج جون رفقة ابنته آربيل الى السوق ، لبيع الملابس ، كانت آربيل شابة جميلة جدا، لكنها لم تعش أنوتثها ولم تهتم بجمالها لقد سخرت من أجل خدمة اسرتها الكبيرة ومساعدة والدها العجوز ، فرشت الفرش ثم رتبت الملابس وبدأت تنادي على الزبناء ، مر اليوم بسرعة جمعت آربيل المتاع ثم قالت لوالدها بابتسامة عفوية من توت ثغرها :
_أبي لنشتري هدية لأمي اليوم عيد ميلادها كما تعلم
ابتسم بحنان قائلا:
_معك حق عزيزتي ، مارأيك في دجاجة
ضحكت آربيل قائلة:
_انهض أولا بعدها سنفكر في نوع الهدية
ثم ساعدته على النهوض وذهبا .
قال الملك دوفان غاضبا:
_هل تقصد أنك لم تجد فتاة في القرية
قال الجندي متوترا:
_سيدي انهن يختبئن ماذا بوسعي ان افعل
امسك الملك ذقنه بقوة قائلا:
لا يهمني افعل اي شيء المهم ان تحضر فتاة فقد مللت النبيلات
هز الجندي رأسه موافقا ثم غادر من امامه ، ابتسم دوفان وهو يتجه إلى تلك الغرفة المغلقة:
_لا بأس بتحلية قبل الغذاء
ثم فتح الباب بعنف ، ارتجفت أوصال ساندي بيل ووقفت مذعورة ابتسم وهو يتأمل تفاصيلها بخبث عيناها الخضراوتين ، وجهها المدور الأبيض ، شعرها الأحمر ، جسدها المنحوث كتمثال خلق للمتعة فقط، لكن وجه دوفان لم يبدي اي اندهاش فهذه النبيلة لا تختلف عن السابقات نفس الشكل ونفس الخوف ، لا شيء جديد ، سحبها بدون اهتمام ، لم يرى دموعها ولم يسمع صرخاتها فعل ماتمليه عليه نفسه ثم حمل سكينه وقتلها ، خرج وترك جثتها وأمر أحد الخدم بالتخلص منها .
كانت تنظر إلى السماء بهيام ، تلك النجوم البراقة وذلك القمر المستدير ، تنهدت وهي ترمي بجسدها على العشب ، وقالت بصوت كالهمس:
_متى سأصير فتاة غنية
لم تكمل حديثها مع نفسها، سمعت صوت صراخ والدها ركضت بكل قوتها نحو البيت وجدت الباب مفتوحا وعندما دخلت فتحت عينيها بذهول لم تأخذ الدموع الإذن منها وانهمرت دون توقف احست بيد تقيد ذراعيها نظرت الى ذلك الجندي ، لم تكن تقوى على الكلام ، لكن صوت والدتها أعادها إلى الواقع عندما صرخت قائلة:
_أرجوك انها ابنتي الوحيدة لا أريد أن تنتهي حياتها هكذا
كانت والدتها تقف ، ترتعش ، تبكي بينما إخوتها يتعلقون بأطراف ثيابها ، ويشاركونها الدموع والصراخ ، حاولت آربيل التملص من الجندي وهي تقول غاضبة:
_اتركني والا قتلتك اتركني ايها الوحش
كانت ملامحه باردة سحبها متجاهلا كل شيء كأنه آلة ، صراخ آربيل ملأ المكان ، وهي تودع بنظراتها جثة والدها المقتول
Comments