المشهد الأول – في المقهى
في زاوية هادئة من المقهى، جلست هانا على طاولتها المعتادة، يداها تستندان على كوب القهوة الدافئ بينما كانت نظراتها تائهة في الكتاب الذي تحمله. حولها، كانت صديقاتها يتحدثن بحيوية، لكنها بدت وكأنها في عالم آخر، غير مهتمة بأحاديثهن.
ثم، كسر صوت مألوف هدوء اللحظة.
شيرو: "ليس من الضروري أن تجيبي، لكنني متأكد أنك ستفعلين في النهاية."
رفعت هانا عينيها ببطء، وحدقت فيه بعينين بارديتين، وكأنها تحاول تذكر ما إذا كانت قد قابلته من قبل.
هانا (ببرود): "ليس من الضروري أن أجيب. لا أهتم بآراء الآخرين."
شيرو يبتسم بخفة، وكأن تعليقها لم يكن مفاجئًا له. يظل صامتًا للحظة، قبل أن يسأل بتحدٍ:
شيرو: "هل تقابلنا من قبل؟"
هانا ترفع حاجبها، تحاول تحليل كلماته.
هانا (بتساؤل): "لا أظن ذلك، لكن... لماذا يبدو لي أنك تعرفني؟"
ابتسم شيرو ابتسامة غامضة، وكأنه يعلم شيئًا لا تعرفه. ثم، بصوت منخفض أشبه بالهمس، قال:
شيرو: "ربما لأنك تشعرين بشيء ما... ذلك الشعور الذي لا يمكنك تحليله."
تراجعت هانا للحظة، غير متأكدة مما إذا كانت كلماته تحمل معنى حقيقيًا أم مجرد محاولة لجذب انتباهها. وبعد لحظة صمت، قررت إنهاء المحادثة.
هانا: "على أي حال، ليس لدي وقت لهذا، كان يجب أن أذهب."
ارتدت معطفها بسرعة، وغادرت المقهى بخطوات متسارعة، تاركة شيرو خلفها يراقبها بعيون هادئة.
المشهد الثاني – في منزل هانا
مرت أيام عدة، وكل مرة تزور فيها المقهى، كانت تلاحظ وجود شيرو هناك. لم يكن يجلس بالقرب منها مباشرة، لكنه كان دائمًا في مكان يتيح له رؤيتها. لم تفهم لماذا كان يظهر دائمًا في نفس الوقت والمكان، لكن وجوده المتكرر بدأ يثير تساؤلاتها.
وذات يوم، بينما كانت جالسة في منزلها، تطل من نافذة غرفتها وتتأمل الشارع أسفلها، لاحظت شيئًا غريبًا: في كل مرة تخرج من منزلها، يكون شيرو هناك، واقفًا في الجوار، يراقبها من بعيد دون أن يحاول الاقتراب.
شعرت بقشعريرة خفيفة تمر في جسدها. هناك شيء غير طبيعي في وجوده الدائم. لم يكن الأمر مجرد صدفة.
لكن الشيء الأكثر غرابة، الذي لم تستطع تجاهله، هو عينا شيرو...
في كل مرة تنظر إليه، كانت ترى بريقًا أزرق خافتًا يتوهج للحظة، ثم يختفي.
كان الأمر أشبه بشيء غير بشري. لم تجرؤ على سؤاله عن ذلك، لكنه لم يكن طبيعيًا.
المشهد الثالث – اللقاء في الشارع
في مساء أحد الأيام، بعد يوم طويل من العمل، كانت هانا تمشي في الشارع باتجاه منزلها، والليل قد بدأ ينشر ظلامه على المدينة. فجأة، توقفت عندما لمحت شخصًا يقف أمامها على الرصيف المقابل.
كان شيرو.
وقف هناك بهدوء، يداه في جيبيه، وعيناه مثبتتان عليها كما لو كان يتوقع ظهورها.
هانا (بهدوء، دون أن تظهر دهشتها): "أنت هنا مجددًا."
شيرو يبتسم ابتسامة غامضة، في عينيه بريق تحدٍّ خفي.
شيرو: "أنتِ لا تملين من رؤيتي، أليس كذلك؟"
هانا تبتسم بخفة، متظاهرة بعدم الاكتراث، لكنها شعرت بانجذاب غريب تجاه هذا الحوار.
هانا: "لا أظن ذلك. ربما أنت من لا يملّ من ظهوري."
لم يرد شيرو مباشرة. للحظة، لاحظت أن توهج عينيه الأزرق ظهر للحظة خاطفة، ثم اختفى. كأنه لم يكن موجودًا أبدًا.
تنهد شيرو قليلاً، ثم استدار ليغادر، لكن قبل أن يبتعد تمامًا، ألقى نظرة أخيرة وقال بصوت هادئ:
شيرو: "سنلتقي مجددًا."
بقيت هانا تحدق في ظهره وهو يبتعد، ذلك الشعور الغريب في قلبها يزداد قوة.
وكأن هذا اللقاء ليس مجرد صدفة… بل مقدمة لشيء أكبر.
نهاية الفصل الثاني.
Comments