الفصل ٢

كانت السماء ملبدة بالغيوم حين عاد أليستر إلى القصر. لم يكن يدرك أن تلك الليلة ستترك أثرًا عميقًا في روحه. منذ تلك الحادثة، لم يفارق ذهنه ذلك الضوء الزاهي ولا الفتاة ذات العيون الساحرة التي اختفت فجأة.

وقف أمام النافذة المطلة على ساحة القصر، يراقب انعكاس صورته في الزجاج. الحرس الملكي لم يتوقفوا عن سؤاله إن كان قد أصيب، لكنه لم يكن قادرًا على استيعاب ما حدث. كان هناك شيء غامض، شيء لم يكن يفهمه، لكنه شعر بأنه مرتبط به بطريقة لا يمكن تفسيرها.

في تلك الأثناء، في مكان آخر بعيد عن القصر، استيقظت ميراي في غرفة لا تعرفها. كان الرجل الذي أخذها يقف بالقرب من النافذة، يتحدث بصوت خافت إلى شخص مجهول. حاولت النهوض، لكن جسدها كان متعبًا، وكأن ذلك الضوء الذي ظهر قد استنزفها بالكامل.

استدارت إليه وسألته بصوت مرتجف:

— “من أنت؟ ولماذا أحضرتني إلى هنا؟”

التفت إليها الرجل بوجه خالٍ من التعبير، ثم قال بصوت هادئ لكنه حازم:

— “كان يجب أن أبعدك قبل أن يكتشفوا أمرك… ميراي، حياتك ليست كما تظنين.”

كانت تلك الكلمات كافية لتشعل داخلها ألف سؤال وسؤال، لكنها لم تكن تعلم أن الإجابة ستغير حياتها للأبد

دق… دق…

ارتفع صوت الطرق على الباب، فقطع سلسلة أفكار أليستر. جلس على كرسيه قرب النافذة، محدقًا في الظلام الممتد خارج القصر.

“ادخل.” قال بصوت هادئ لكنه يحمل في طياته التعب.

فتحت الباب امرأة ذات ملامح رقيقة لكن عينيها تحملان قلقًا دفينًا. “أليستر… ألا زلت تفكر في تلك الفتاة؟”

استدار إليها ببطء، عيناه الرماديتان تلتمعان في ضوء الشموع. صمت للحظة وكأنه لم يفهم سؤالها، ثم ضيق عينيه وقال بصوت منخفض: “لم أنسَها يومًا، أمي.”

اقتربت والدته وجلست بجانبه، نظرت إليه بحنان وقالت: “لقد مرَّت عشر سنوات، ربما كانت مجرد صدفة… ربما كانت مجرد فتاة عادية.”

نظر إليها بصمت، ثم حول بصره إلى النافذة مجددًا. “لا، لم تكن فتاة عادية… ولن أصدق أنها اختفت بلا سبب.”

في الخارج، كان القمر مكتملًا، ينعكس ضوؤه على حدائق القصر الواسعة. في مكانٍ ما، ربما لم تكن تلك “الفتاة العادية” قد اختفت تمامًا… وربما كانت هذه الليلة بداية لقاء جديد

في نفس اللحظة، كانت ميراي تقف في غرفة شبه مظلمة، ترتدي رداءً طويلاً بلون الليل، وشعرها الأسود الطويل ينساب على ظهرها. مدت يدها إلى مقبض الباب ببطء، تنوي الخروج إلى الهواء الطلق، لكن قبل أن تتمكن من ذلك، فتح الباب فجأة.

وقف أمامها رجل طويل القامة، ذو ملامح صارمة ونظرة حادة. كان هو نفسه الرجل الذي أخذها قبل عشر سنوات.

“ميراي…” قال بصوت منخفض لكنه حازم. “ألم أخبرك ألا تخرجي وحدك؟”

توقفت في مكانها، نظرت إليه بعينين زرقاوين تحملان شيئًا من الرجاء.

“أرجوك، يا سيد فينسينت، لم أخرج منذ مدة… أشعر وكأنني حبيسة هذا المكان.”

أغمض فينسينت عينيه للحظة، وكأنه يزن كلماته قبل أن يقولها. ثم فتحهما مجددًا، وحدق فيها بجدية. “الأمر ليس بهذه البساطة، ميراي. أنتِ تعلمين ذلك.”

لكنها لم تتراجع، قبضت على الرداء حولها بقوة وقالت بإصرار: “إذا كنتُ سأبقى هنا إلى الأبد، على الأقل أريد أن أشعر بأنني حرة.”

ساد الصمت بينهما للحظة، قبل أن يتنهد فينسينت ويميل برأسه قليلاً، وكأنه يفكر في حل وسط.

في الخارج، كانت الرياح تهب برفق، كأنها تناديها للخروج. لكنها لم تكن تعلم أن هذه الليلة قد تكون بداية لشيء لم تكن تتوقعه أبدًا.

الجديد

Comments

Twàami Benchikhe

Twàami Benchikhe

قصتك جميلة جداً، لمذا توقفتي واصلي، لظيك موهبة رهيبة، في السرد والوصف لاتتجاهلي موهبتك بل فجريها وواصلي 👍

2025-05-28

1

Twàami Benchikhe

Twàami Benchikhe

احب هذا النوع من السرد، واحببت روايتك لأنها تشبه روايتي في بعض التفاصيل.

2025-05-28

1

الكل
مختارات
مختارات

2تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon