الفراشه المفقوده

الفراشه المفقوده

الفصل ١

في ليلة ساحرة، تزينت القاعة الكبرى بأضواء الشموع المتلألئة، وانعكست ألوان الفساتين الفاخرة والمجوهرات اللامعة على أرضية الرخام المصقولة. كان الحفل يعج بالنبلاء والشخصيات الرفيعة، لكن وسط كل هذه الأبهة، كانت هناك طفلة صغيرة تبلغ من العمر ستة أعوام، تجذب جميع الأنظار إليها.

كان شعرها الأسود اللامع يتراقص مع كل خطوة تخطوها، وعيناها الزرقاوان تشعان ببريق فضولي. ركضت بخفة بين المدعوين، تضحك وتلعب، غير مبالية بنظرات الدهشة والإعجاب التي لاحقتها.

لكنها سرعان ما توقفت عندما لمحت صبيًا يقف عند النافورة في ركن بعيد من الحديقة، يحدق في المياه المتلألئة بصمت. بدا مختلفًا عن بقية الأطفال، لم يكن يشارك في اللعب، ولم يكن يهتم بضوضاء الحفل.

اقتربت منه بحذر، ثم سألته بصوت طفولي نقي:

“ما اسمك؟”

لم يحرك الصبي رأسه نحوها، بل اكتفى بإلقاء نظرة جانبية وهو يرد بصوت هادئ ولكن حاد:

“ألا تعرفين من أنا؟”

أمالت رأسها بفضول وقالت:

“كلا، من أنت؟”

استدار نحوها أخيرًا، والتقت نظراتهما، فأجابها بثقة امتزجت بالغرور الطفولي:

“أنا أليستر.”

رفعت حاجبيها الصغيرة بدهشة، ثم ضحكت قليلًا وسألته بمرح:

“ومن يكون أليستر هذا؟”

ارتسمت على وجهه ابتسامة خافتة، أشبه بابتسامة تحدٍّ، وقال:

“ومن تكونين أنتِ حتى لا تعرفيني؟”

لكن قبل أن تتمكن من الرد، حدث ما لم يكن في الحسبان—

اهتزت الأرض تحت أقدامهما فجأة، وتعالت الصرخات من داخل القاعة. ارتجف الماء في النافورة، وسقطت بعض الكؤوس على الأرض، بينما انتشر الرعب بين الحاضرين

جاء الحرس راكضين، وعيونهم تبحث عن مصدر الاضطراب

بينما كان الحرس يهرعون في كل الاتجاهات، اهتزت الأرض بقوة لدرجة أن النافورة تكسرت وتناثرت مياهها في الهواء. فجأة، ارتفعت الأرض تحت قدمي أليستر، وكأنه انجرف بفعل قوة خفية. اختل توازنه وسقط أرضًا، بينما كانت صرخاته تتردد وسط الضجيج.

ميراي، التي كانت لا تزال واقفة في مكانها، حدقت به بعينين متسعتين، ثم دون تفكير، مدت يدها نحوه. لم تكن تعلم لماذا، لكن شيئًا بداخلها دفعها لفعل ذلك، كما لو أن يديها خُلقتا لإنقاذه.

وفجأة، انبثق شعاع من النور، زاهٍ ومتعدد الألوان، كأنه قوس قزح ينبض بالحياة. التف الضوء حول أليستر كخيوط سحرية، ورفع جسده ببطء إلى مكان آمن، بعيدًا عن الفوضى التي اجتاحت الحفل. كان الجميع يراقبون المشهد بذهول، بينما وقفت ميراي في مكانها، تنظر إلى يديها بدهشة.

ما الذي حدث للتو؟

وقف أليستر في الأعلى، أنفاسه متقطعة، وعيناه الرماديتان تحدقان بها بدهشة، لكنه لم يقل شيئًا. أما ميراي، فقد شعرت بقشعريرة تسري في جسدها، وكأنها لمست قوة لم تكن تعرف بوجودها من قبل.

ساد الصمت للحظات، قبل أن تبدأ الهمسات تتعالى بين الحضور، يتساءلون عن مصدر هذا الضوء العجيب. وسط الدهشة والذهول، ظهر رجل غامض من بين الحشود، توجه مباشرة نحو ميراي، أمسك بيدها بحزم وهمس بصوت منخفض لكن محمل بالقلق:

— ماذا فعلتِ؟ سيكشف أمرنا… لا أريدك أن تعاني كما عانيتُ أنا.

دون أن يمنحها فرصة للرد، سحبها بعيدًا بخطوات سريعة، كأنه يحاول إخفاءها عن الأنظار. لكنه لم يدرك أن هناك عيونًا كانت تراقب بصمت… عيون أليستر، الذي كان واقفًا على مقربة، يتأمل المشهد كله بتركيز حاد، وعيناه الرماديتان تعكسان مزيجًا من الحيرة والتصميم.”

تصلبت ملامح أليستر وهو يحدّق بالمشهد أمامه، لم يستوعب بعد ما حدث. شعر بجسده يخذله، واهتزت قدماه تحت وطأة الصدمة، حتى كاد أن يسقط لولا أنه تشبث بحافة النافورة.

وفجأة، شقّ صوت قوي أجواء الفوضى:

— لقد وجدنا ولي العهد!

في لحظة، تدافع الحرس نحوه، يحيطون به بقلق، تتوالى أسئلتهم المتلاحقة:

— سموّك، هل أنت بخير؟

— هل أصبت بأذى؟

لكن أليستر لم يجب، عيناه ما زالتا معلّقتين على الفتاة والرجل الغامض الذي أخذها معه… واختفى في الظلام.”*

مختارات
مختارات

2تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon