...بينما كان الضوء الأزرق يتلألأ أمامهم، ...
...شعروا بشيء غير مريح يملأ الجو....
... كان الهمس الذي يعم المكان يزداد، وكأن كائنات الذاكرة المفقودة لا تزال تراقبهم عن كثب. استداروا نحو الضوء، وكان الطريق الذي يقودهم إليه يبدو وكأنه لا نهاية له، أو أنه يتغير في كل لحظة. كانت الغابة تتحرك من حولهم، وكأنها تحاول إخفاء هذا الباب الأزرق السحري....
..."هل أنتم مستعدون للذهاب؟" قالت إلينور، صوتها كان هادئًا، لكن داخله كان يعكس القلق. كانت قد أمضت سنوات طويلة في هذا العالم المقلوب، لكنها لم تجرؤ أبدًا على الدخول إلى هذا الباب الذي كان يعرفه الجميع....
..."هل هذا هو الطريق للعودة؟" سأل فيليب وهو يحدق في الباب بترقب. كانت عينيه مليئة بالأسئلة والقلق. "إذا دخلنا، هل سنعود حقًا إلى عالمنا؟"...
..."نعم، لكن لن يكون هناك عودة بعد ذلك." قالت إلينور، وهي تتنهد. "الدخول إلى هذا الباب يعني قطع الرابط مع هذا العالم. نحن هنا في عالم مظلم وملوث بالذكريات المفقودة. إذا عدنا، لن نكون كما كنا. كل واحد منا سيغادر هذا المكان بشكل مختلف."...
...بينما كانوا يتناقشون، تزايدت الهلاوس التي بدأوا يراها، الأضواء تحولت إلى ألوان غير مألوفة، وكأنها تطاردهم. في تلك اللحظة، ارتفعت أصوات صارخة من الأعماق، وكأنها دعوات لإنقاذ هؤلاء الذين دخلوا هذا العالم المقلوب....
..."لنذهب." قال مارك، وهو يمسك بيد ميا ويجذبها باتجاه الباب. "لا نعرف إلى أين سيأخذنا هذا، لكن لا خيار لدينا."...
...لكن قبل أن يخطوا أي خطوة أخرى، ظهر شيء جديد في الأفق. من بين الأشجار المشوهة، ظهرت صورة واضحة للغاية لشخص ما، كان وجهه مظلمًا، وعينيه فارغتين وكأنهما مجرد انعكاس لظلال لا نهاية لها. كان هذا الشخص يتحرك ببطء نحوهم، وحين اقترب أكثر، أدركوا أنه كان ميتًا في عالمهم، لكن روحًا ضائعة في هذا العالم المقلوب....
..."هذا... هذا ليس حقيقيًا!" همست ميا بصوت مرتجف، بينما كانت عيناها تتسعان من الخوف....
..."إنه جزء من الماضي، لا يمكننا أن نسمح له بأن يؤثر علينا." قالت إلينور بعزم، ولكن قلبها كان يغرق بالشك. "لا تقتربوا منه. إنه نوع من الفخ."...
...ومع ذلك، كانت خطوات الشخص الميت تقترب منهم بسرعة، وعيناه تتابعان كل حركة من تحركاتهم. تزايد شعور الخوف داخل المجموعة، وكأنهم محاصرون بين هذه الكائنات المظلمة التي لا تتوقف عن الاقتراب....
...فجأة، شعرت ميا بشيء غريب في قلبها. كان هناك شعور قوي يملأ جسدها وكأنها مجبرة على فعل شيء. فجأة، تقدمت نحو الكائن، الذي كان يقترب منها بسرعة، وابتسمت....
..."لا، ميا!" صاحت إلينور، لكن صوتها كان خافتًا وسط الهمسات التي تعم المكان....
...ثم حدث شيء غير متوقع. حين اقتربت ميا من الكائن المظلم، اختفى فجأة، كما لو أنه تلاشى في الهواء. ولكن في تلك اللحظة، كان شيء آخر قد تغيّر في ميا. عيناها أصبحتا أكثر إشراقًا، وكان وجهها يبدو غريبًا، وكأنها لم تعد كما كانت من قبل....
..."ميا!" قال مارك وهو يركض إليها، محاولًا أن ينقذها، لكن إلينور منعتهم جميعًا....
..."لقد تغيرت." قالت بصوت ضعيف، ولكن مليء بالقلق. "لقد كانت تلك الروح المظلمة محاولة لتغيير ما في داخلها، ويبدو أن هذا قد نجح. نحن لا نعلم كيف يمكننا إيقاف هذا التغيير الآن."...
...بدأت المياه في البحيرة تزداد ازرقاقًا، وكأنها أصبحت أكثر عمقًا. كان شعوراً مروّعًا، كأن البحيرة بدأت تستجيب لما يحدث في العالم. أغمضت ميا عينيها، وحين فتحتها، أصبح نظرتها أكثر حدّة، وأصبحت تملك شعورًا بأن هناك قوىً غير مرئية تتعامل معها....
..."ميا... ماذا حدث لك؟" سألها مارك، وكان صوته يملأه الهمس. "أنتِ لست كما كنتِ."...
..."أنا... لستُ متأكدة." قالت ميا بصوت منخفض، وكانت ملامحها تغيرت بشكل غريب. "لكن هناك شيء في هذه المياه. شعرت بشيء يلمسني. كأنني فهمت جزءًا من هذا المكان. البحيرة... تحمل أسرارًا مفقودة."...
...لم يكن الوقت مناسبًا للحديث، إذ كانت الكائنات المظلمة تزداد حولهم. تزايد الصوت، وصار الغموض أكبر. كانت البحيرة تزداد غموضًا، وكأنها كانت تبتلع المكان بأسره....
..."علينا أن نغادر فورًا." قالت إلينور بلهجة حادة. "البحيرة ليست مكانًا يمكننا التلاعب به. إذا استمرينا في التباطؤ، قد نكون فريسة لهذا العالم للأبد."...
...وفي تلك اللحظة، بدأت الأرض تحتهم تهتز أكثر، وكأن شيئًا عظيمًا على وشك الحدوث. لكنهم لم يكن لديهم خيار آخر. بدأوا يتجهون نحو الباب الأزرق الذي كان يلمع في الأفق، وسط الأصوات التي كانت تتعالى وتشتد....
...بينما كانوا يركضون، كانت البحيرة خلفهم تتلاشى شيئًا فشيئًا، وكان صوتها يغرق في الصمت. لا أحد منهم يعلم إلى أين سيقودهم هذا الباب، لكنهم كانوا يعلمون أنه لا يوجد عودة إلى الوراء......
تنزيل على الفور
novel.download.tips
Comments