رسائل المحبة

رسائل المحبة

الفصل الأول

الأستاذ جمال يفرغ من المجموعة الثالثة...

من حسن حظه انه يعطي الدروس الخصوصية في بيته،

وليس في مركز متخصص كما يفعل الآخرون، وهذا يتيح له ان يهرع الي المطبخ من حين لآخر وبين مجموعة واخري.

هناك تركت زوجته إناء فيه ارز وإناء فيه خضر يدس معلقة في فمه من هذا الإناء وذاك. يمضغ بسرعة ثم يهرع للصبية كي يعاود الحديث عن محمد الفاتح و الأستانة... الخ..

المشكلة هي انه عندما ياتي وقت الطعام الحقيقي.

الطعام الذي يجلسون له الي المائدة، يكون قد شبع تماما او انتهي ما في الإناء كما ان هذه العادات الغذائية العجيبة جعلت لديه كرشاً لا باس به،

وقد صارت اكثر سراويله لا تنغلق عند الخصر.. غريب هذا!.. كان يعتقد ان عدم انتظام عادات الطعام يجعلك تفقد وزناً ولم يتصور ان هذا يزيدك سمنة...

يهرع جمال الي المطبخ ويعد لنفسه كوباً سريعاً من الشاي

قبل قدوم اولي افراد مجموعة البنات.. خجلي تتحسس اولي درجات عالم الأنوثة في حذر وتوتر. ثم يسمع الضحكات ويعرف ان العدد يتزايد.. يكون قد انهي الكوب..

زوجته في الخارج عند امها مع سامية ابنته..

سوف تعود عند منتصف الليل.. وقتها سيكون قد فرغ من التدريس وجلس شارد الذهن يتابع التلفزيون...

يعود لقاعة التدريس ويلقي دعابة او دعابتين.. البنات يضحكن اكثر من اللازم، والسبب طبعاً هو انه كهل وسيم جداً وجذاب.. يعرف هذا جيداً لكنه لا يحاول استغلاله في شيء اكثر من الفوز ببعض الاحترام...

صار كتاب التاريخ عادة لديه من كثرة ما قام بتدريسه..

وهو يعرف كل سطر وكل تاريخ وكل ورطة خبيثة صنعها ممتحنو الوزارة.. ومع الوقت صار يشعر ان هذا كله قد مر به في حياة اخري.. حتي دعابات التلاميذ وقلة ادبهم وملاحظاتهم.. لقد راي هذا كله من قبل...

كان الخطاب هناك.. تحت باب غرفة النوم..

انحني والتقطة.. كان مظروفاً انيقاً سميكاً يوحي بالاحترام.

غريب هذا.. من اين جاء؟..

لا أحد من الصبية يصل لهذا الجزء، لان قاعة التدريس منعزلة تماما عن باقي الشقة.. باب واحد يطل علي الدرج ولا يوجد مخرج اخر لها سوي الباب الذي يجتازة هو كلما اراد الذهاب للمطبخ والحمام.. فتح المظروف في حذر ليجد

ورقة لا تقل فخامة... " الثلاثاء 18 ابريل..

استعد للموت في الثامنة مساء.. " مع فائق الاحترام. "

ما هذا السخف ومن الذي كتب هذا الهراء؟..

حمل الورقة والمظروف الي غرفة التدريس، ولوح بهما وهو يحدث الطلبة بعين نارية..

" من السخيف ابن السخيف الذي جلب هذا الخطاب؟ "

كانت النتيجة هي مجموعة من الابقار تخور.. خطاب ماذا

عم تتكلم بالضبط؟

غباء في العيون لا شك فيه..يمكن القول ان من فعل هذا ليس في هذه المجموعة بالذات، ولربما كان من مجموعة سابقة. لكن كيف تسلل الي الشقة؟

صاح في غيظ ناري..

" سوف اعرف من هو وسوف اذيقة الويل.. ساسلخة سلخاً.

هنا تساءلت علي قدر من الجراة..

" ماذا في الخطاب بالضبط ؟ " " هذا ليس من شانك..

لكنه خطاب موجه الي وفيه كلمات وقحة " وقحة ؟.. التهديد بالموت قد يكون مخيفاً وقد يكون موجساً او مقبضاً لكن لفظة ( وقح) لا تنطبق عليه حتماً...

سخف.. لكنه برغم هذا شعر بشئ يعتصر قلبه.. تشاؤم..

انقباض.. سمه ما شئت. الغموض يضفي علي الموقف

رهبة لا شك فيها.. لو كانت هذه مزحة فهي مزحة سخيفة جداً.. الدكتورة مريم قامت بتركيب القسطرة، وتاكدت من ان المريضة افرغت المثانة تماماً.. ثم راحت تنتظر في صبر وتوتر اللحظة الدرامية الكبري.. لحظة ظهور المشيمة الملفوفة حول نفسها.. كفطيرة بيتزا..

من مكان ما يعوي الوليد بينما الطبيب المساعد يشفط المخاط من منخيرة، واللحظة النهائية الجميلة.. الشعور بالراحة والاستسلام الفخور للأم المبللة بالعرق التي التصق بشعرها.. ببعضه وهذه الفوضي وكل الدم والافرازات سوف تنتهي فوراً ويعود كل شئ نظيفاً...

فرغت من العمل فالقت بقفازيها علي الارض في اهمال..

تحب هذه اللحظة، خاصة عندما تتذكر قدح الكابوتشينو

في غرفة الانتظار.. القدح الساخن الذي ينبعث منه البخار..

تخرج من غرفة الولادة وقد تخلصت كذلك من المريولة الواقية الثقيلة الغارقة في الدم، ومشت بالشبشب البلاستيكي والبيجامة الزرقاء التي تجعلها كالمجانين..

تتجه لغرفة الانتظار وهناك تلقي بنفسها علي اريكة..

تنهض الي خزانة الثياب وتفتحها بالمفتاح الصغير، ثم تبحث بين ثيابها عن علبة السجائر. هنا تجد هذا المظروف الغامض. مظروف انيق جداً كانه قادم من فندق محترم عريق.. عبثت حتي اخرجت الورقة من الداخل المظروف وقرأت المكتوب.. " الثلاثاء 18 ابريل..

" استعدي لقتل رجل في الثامنة مساء...

" مع فائق الاحترام "

يتبع

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon