الشئ في الصندوق

الشئ في الصندوق

الفصل الاول

فريشت.. فريشت.. فريشت..

الصوت يحطم الاعصاب. يمكنك ان تجن بلا مبالغة.

هناك تلك النغمة المكتومة، وهناك ذلك الاحساس القوي بالتربة الرطبة.. قليلة هي الاصوات التي تنقل لك رئحة العفونة، لكنها حقيقية...

فريشت.. فريشت.. فريشت..

كلب ينبح من بعيد وهو مولع بان يطيل نغمة النباح لتتحول الي عواء طويل موحش. اما عن ذلك الصوت فانا لم اسمع صوت البومة الا في السينما.. ربما كانت بومة.. ولو لم تكن فهي كارثة.. علي ضوء الكشاف يعمل اللحاد في فتح القبر لا تراه الا بصعوبة، لكنك تعرف مهمته المشئومة.. بينما يقف خارج القبر متوجسين يتلفتان في ذعر، نادر وعلي... اخوان.. يمكنك ان تدرك هذا من الملامح المتشابة..

هذه ملامح اكلة لحوم البشر او مصاصي دماء لا شك هذا الوجه الاسمر والنظرات الزائغة والخدان الغائران..

الحقيقة هما ليسا مصاصي دماء بالعني الحقيقي بل بالمعني المجازي. نادر يمسك بلفافة تبغ متوتراً وينفث كميات دخان لا يمكن وصفها.. السبب هو انه يريد ان ينسي الرائحة الكريهة الخانقة.. علي. لا يدخن لذا لف انفه بمنديل وحاول الا ينتظر..

فريشت.. فريشت.. فريشت..

الهواء يدخل الي العمة التي توفيت منذ اسبوع طبقة الاسمنت مازالت هشة بليلة من الداخل. والرئحة قاتلة..

وفكرة ان تفتح العمة عينيها القاسيتين لتقول لهما..

" مش عيب كده يا ولد من له؟ "

لن يعيشا بعدها سوف يسقطان ميتين.. هذا اكيد

لكن اللحاد بالداخل، وهو يعرف ما يفعله مع اللحاد انت مطمئن. الطمأنينة الرتيبة للاحتراف هذا أقوي من اي شبح او مسخ. هناك علي الارض بعد من لا يخافون الموتي..

من يؤمنون ان هذا القبر لا يحوي الا بروتيناً متحللاً وكبريتاً وكربونا وهيدروجين..

سحابة دخان أخري..

اخيراً تظهر الساقان النحيلتان للحاد وهو يخرج، بالطبع يمارس عمله بالكلسون الداخلي، وعندما يخرج تدرك انه رجل نحيل ضامر.. "سيجارة!"

" هذه هي "

في يده كان الصندوق الصغير الصندوق الذي يذكرك بعلبة شاي مبطنة بالقطيفة.. بالطبع صارت لهذا الصندوق اهمية

سيكولوجية ثقيلة بعد ما ظل في كفن الفقيدة اسبوعاً كاملاً. لقد اتسخ بتابو الموت لو كنت تفهم ما اعنية...

كانا يعرفان ان الصندوق يحوي سراً مهماً. ويعرفان ان العجوز ظلت تحتفظ به حتي اخر لحظة في حياتها، ويعرفان انها طلبت ان يدفن معها فلا يراه احد سواها..

كان الصندوق مفعماً بالاحتمالات.. صندوق بهذا الحجم لا يمكن ان يضم مالاً علي الارجح يضم حجراً نفيساً او قطعة حلي لا تقدر بثمن. ان اسرة الفقيدة نفذت الوصية حرفياً.. العمة لديها اغبي مجموعة من الاولاد يمكنك ان تجدها في حظيرة لم يخطر ببال احدهم ان يفتح الصندوق او يلقي نظرة نفذو وصية امهم حرفياً وخاطوا الكفن علي السر..

تمام.هناك اشخاص لا يقبلون الامور كمسلمات.هذه هي العجينة التي جاء منها المستكشفون القساة الذين ذبحوا شعوب أمريكا الجنوبية، ولم يكن نادر و علي يحبان عمتهما البتة،كما انهما كانا من الطراز..لن اقول الطراز المفلس بل هما من الطراز الذي تتجاوز طموحاته وشهواته دخله..

هكذا وجدا انهما يرغبان فعلاً في معرفة محتويات ذلك الصندوق.. لن يؤذي هذا العمة العزيزة.الشاه لن يضيرها سلخها بعد ذبحها والقصة كلها رمزية علي كل حال..

تغيير وصية ميت امر ذو قيمة معنوية اخلاقية لا أكثر..

وعندما اخذا الصندوق كانا بشعران باحتقار بالغ نحو اللحاد برغم كل شئ. كل اللحادين لصوص قبور بطبعهم، وهم مستعدون لبيعك لمن يطحن عظامك ليجعلها سماداً او لطلبة الطب او لمن يطعمك للخنازير.. لكن يظل السؤال قائماً.. هل فتح اللحاد الصندوق؟ هل اخذ شيئا. منه؟

احتمال قائم خطر..لكن كيف يثبتان العكس؟

خطر لهما علي كل حال ان الوقت ضيق..لم يجد اللحاد فرصة ليسرق ما في الصندوق..

وأخيراً نقدا اللحاد ماله، واتجها بالصندوق المريع الي البيت

لدي الاخوين شقة مفروشة يقيمان فيها بعيداً عن باقي الاسرة،ربما ان مزاجهما واحد فقد كانا يتبادلان ساعات استخدام الشقة الليلة هما بحاجة لان يكونا معاً

عالج نادر الصندوق. وكان هناك مسمار محوي صغير يغلقه فرفعه، والقي نظرة للداخل، رائحة العمة العطرية الخفيفة تملأ داخل الصندوق فعلاً. اخرج ورقة صغيره مطوية من داخل الصندوق.. ثم بدت علي وجهة خيبة امل. لا شيء..

لا شيء علي الاطلاق.. فتح الصندوق بقوة، ثم استل سكيناً فراح يمزق استار الصندوق بعد لحظات تحول الصندوق الي نفايات لا يوجد شيء..

همس علي وهو يرتجف..

" افتح الورقة "

بيد واحدة فتح نادر الورقة الصغيرة، وقرأ بصوت عال،

" هذا بيت.. بيتاً شعر يقولان..

ولما تواري اشعاع الاصيل..

وعدنا من الغاب نبغي الرحيل..

دعت لي بسلوي وصبر جميل..

اذا ما الوصال غدا مستحيل..

. قال علي في خيبة. "ما هذا الكلام الفارغ؟

قال نادر محاولاً الفهم. صبراً. هذه قصيدة هناك شفرة كالعادة.. شفرة كلمات معنية تقود لمكان الكنز.. انا متاكد من هذا، لا احد يصر علي دفن هذا الهراء معه في القبر ما لم يكن.. ثم راح يحرك شفتية محاولاً الفهم.

ربما هناك شارع اسمه الاصيل. ربما هناك غابة دفن فيها المال من هي سلوي؟

نهض علي غاضباً 😡

القصة بسيطة.. المرأة قد جنت هذا كل شيء ثم تقلص وجهة في توحش او اللحاد قد خدعناً..

" هذا وارد ". وتبادلا نظرة وحشية لم يكن عنده وقت كاف للسرقة ام كان عنده؟

الامر ليس صعباً. في ظلام القبر يجد الصندوق يزيح المسمار يجد جوهرة او حلية.. يدسها في جيبة يخرج مغبراً لاهثاً الي الابلهين في الخارج..

ما يعرفه علي هو انه تناول سكيناً بينما تناول نادر خنجراً،

وانطلق الاثنان لا يلويان علي شيء نحو المقبرة

يجب ان يتكلم اللحاد ولا الذنب ذنبه..

عندما يخرج الجنون من القمقم، فلا شيء يقدر علي اعادته لاسباب ما يخرج هذا الغاز من الانبوب، ثم يتسرب في كل مكان لا احد يقدر علي جمع الغاز او حبسه كهذا كان اللحاد جالساً في تلك الغرفة الصغيرة عندما مدخل المقبرة

كان جالساً امام بابور الجاز. موقد البريموس حتي

لا يتضايق اللغويون. وقد وضع فوقة اناء صغير به ماء ولحم وكان يرمق النار متلمظاً الليلة سيكون العشاء دسماً

صحيح انها لقمة جاءت من نبش القبور..

اي ان ما يطبخة مجازياً هو لحم موتي. لكنه قد تجاوز مرحلة هذه الاعتبارت الاخلاقية. .

سمع طرقات علي الباب الخشبي المتداعي فنهض ليفتح..

في اللحظة التالية كان الاخوان في الغرفة، وقد استطاع

ان يري الشيطان في عينيهما.. الشيطان.. هذا مشهد راه من قبل ويعرفه. خيراً؟ لماذا عدتماً؟

قال نادر.. الصندوق خاو.. لا يوجد شيء..

هذه شانكما.. ليست مشكلتي

هنا قال علي وهو يمسك بالرجل من فتحة الجلباب ويجذبة نحن نعتقد ان شيئا كان في الصندوق وقد تمت سرقته.

صاح الرجل انه لم يفعل.. عندما تكون ضيق العينين خبيث النظرات نحيلاً كفأر، فان انكار التهمة هو بالضبط الاسلوب المناسب لجعلك تبدو كاذباً.. راح الرجل يقسم انتما حصلتما علي الصندوق. انا نلت الحلوان.. انتهي الامر

ماذا تريدان بعد هذا؟

نريد الشئ الذي في الصندوق

لم يكن هناك شيء في الصندوق.

كان الغضب قد بلغ الزروة. وكل محاولة انكار تؤكد لهما انه سرق شيئا هكذا ازداد الضغط علي زراعه..

يمكنك سماع العظم الهش وهو يوشك علي التحطم..

تكلم!!

السباب بنهال علي راس الرجل، والصفعات. شابان قويان غاضبان مع رجل هش وحيد. في النهاية سقط علي حصيرة الموضوع علي الارضية فراحا يوجهان الركلات لراسه لم يعد هناك تعقل ركلة.. ركلة.. ركلة...

سوف يمر وقت طويل قبل ان يدركا انهما احمقان وان فرصة استجوابة انتهت..

توقفا ونظرا الي المشهد...

لقد مات يا علي!!!

كان المشهد مؤكداً ولا يحتاج مخ وتخطيط قلب للرجل الراقد علي الارض وفي لهفة راح الشابان يفتشان في الغرفة.. عن ماذا؟ لا يعرفان عن الشئ الذي جعلهما يقتلان لاول مرة الان برز احتمال معقول هو ان الرجل صادق لقد تسرعاً جداً لم يتفقا علي الخطوة التالية، لكنهما وجداها بديهية كل شيء في هذه الغرفة يحمل بصماتهما.

لذا اطفأ نادر البابور. موقد البريموس حتي لا يتضايق اللغلويون. وفتح الصمام ثم راح ينثر السائل قوي الرائحة في كل مكان. للاسف لن ياكل احد. هذه اللحم. لكن دعنا نتذكر انه معنوياً اقرب للحم الموتي.. علي باب الغرفة القي نادر بالثقاب المشتعل، وفرا بعيداً قبل ان يتعالي اللهب..

سوف يحترق كل شيء..

علي الارجح لن يتعب الطبيب الشرعي نفسه في البحث، ولن يجد اثار التهشيم في عظام الجمجمة لسنا في قصة لاجاثا كريستي هنا..

فلنفر.. كان يرتجفان وشعر نادر بان القتلة اشخاص فوق الواقع كيف تمارس حياتك بشكل طبيعي بعد الفتك بانسان

.. هناك في الشقة دخل كل منهما الحمام ليغتسل،

ممارساً مشاعر ماكبث بعد قتل دونكان.( لو اجتمعت بحار العالم جميعاً علي محو هذا الدم ما استطاعت)

في النهاية جلس هشام يدخن وينظر الي الصندوق المربع الصغير مشئوم. نحس.. مد يده وعالج المسمار المحوي واستطاع ان يفتحه ويخرج الورقة الغامضة التي حيرته من قبل.. فراح يتأملها..

ولما تواري اشعاع الاصيل..

وعدنا من الغاب نبغي الرحيل..

دعت لي بسلوي وصبى جميل..

اذا ما الوصال غدا مستحيل....

وتسمع في الليل همس القبور..

وانفاس من غاب عوداً نحيلا

ما معني هذه الابيات السخيفة؟؟

قراها بصوت عال علي مسمع علي، وكان الاخوان يمقتان الشعر طبعاً ولا يفهمانه لهذا لم يحصلا الا علي فكرة عامة عن هذه الابيات. جلب علي زجاجتي خمر، وصب في كاسين كبيرين.. منذ زمن عرف الاخوان انهما لا يتصنعان اي شيء امام بعضهما لهذا فعلا كل الموبقات امام بعضهما دون خشية.. بعد الكاس الرابع قال علي بلسان معوج

يتبع

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon