خِيانة؟!

...الفصل الثاني — خيانات الظلال...

...تمر الايام و تقل الحراسة بشكل تدريجي عن القصر بعد ان زال الخطر او كما يُعتقد انه حدث مرة أخرى آستر تتسلل في أرجاء القصر، تتنفس بصعوبة، لكن قلبها لم يكن مجرد نبض خوف… بل نبض فضول، ورغبة في كشف ما يخفيه هذا القصر الكبير من أسرار. بعد الليلة التي فشلت فيها في قتل الإمبراطور، بدأت تدرك شيئًا غامضًا: الخطر لا يأتي دائمًا من الأمام… بل من الداخل....

...لم يكن القصر كما يراه الزائرون، ولا كما يراه الحراس المخلصون. في أروقة الظلام، حيث تتلاشى ضحكات الوزراء وتختفي أقدام الشيوخ في صمت، اكتشفت آستر لأول مرة رسائل مختومة مخفية داخل أعمدة المعبد القديم، رسائل تحمل أسماء، وتواريخ، وخططًا مكتوبة بخط صغير ودقيق، لا يمكن أن يراها إلا من يعرف طريقة البحث....

...توقفت أمام عمود ضخم، تلمسه يديها برفق، فتحت فجوة صغيرة في الحجر، وأخرجت رقعة ورقية صُبغت بالحبر الأحمر الداكن. قلبها بدأ يخفق بسرعة، كل حرف يقرأه يقودها إلى حقيقة: هناك تحالف سري بين بعض الوزراء وبعض الشيوخ ضد الإمبراطور نفسه. خطتهم لم تكن واضحة بالكامل، لكن كانت كافية لتشعل شرارة الانتقام في قلبها....

...آستر أدركت أنه لم يعد لديها خيار: الانتقام الذي خططت له وحدها لن ينجح، ولكن التحالف مع الخونة قد يمنحها فرصة لاكتشاف الإمبراطور من الداخل، وربما الوصول إلى لرأسه، أو قلب حكمه....

...دخلت أحد القاعات المهجورة، حيث كانت الظلال تتشابك مع ضوء الشموع القديمة. هناك التقت أول وزير مستعد للثقة بها، رجل له وجه هادئ، لكن عينيه تحملان حقدًا دفينًا على فاليريوس. بعد ساعات من التفاوض، ومع كلمات ممزوجة بالغضب والخوف، استطاعت آستر إقناعه بأنها ليست مجرد متمردة تبحث عن الانتقام… بل حليف استراتيجي يمكنه قلب اللعبة....

..."إذا أردتِ الانتقام حقًا، علينا أن نلعب معًا… ولكن بحذر"، قال الوزير، وهمس كلمات لم تكن أقل حدة من السكاكين: "فاليريوس ليس وحده في القصر، ولكن الحذر… الحذر أهم من أي خطة."...

...بدأ التحالف الغريب: آستر، الخائنون، والظلال التي تتسلل خلف الأبواب، كل خطوة محسوبة بعناية. خلال الأيام التالية، أحداث غامضة بدأت تهز القصر: رسائل مزيفة، اختفاء خدم بلا أثر، ونغمات موسيقى غريبة تُسمع في الليل، وكأنها تُنذر بقرب الانقلاب....

...آستر تعلمت قراءة إشارات الخيانة في عيون الحراس، وفهمت لغة الظلال في الأروقة الخلفية. كل لقاء مع أحد الوزراء كان اختبارًا، وكل وعد منهم كان محفوفًا بالمخاطر. لكنها لم تفقد عزيمتها؛ على العكس، كل خيانة اكتشفتها زادت من حدة رغبتها في الانتقام....

...الليل الذي اختاروا لتنفيذ الخطة كان مظلمًا بشكل غير طبيعي، القمر كان غائبًا وراء سحب كثيفة، والهواء محمّل برائحة البخور والخطر. آستر وقفت خلف ستار من الظلال، تراقب الحراس يتجمعون في الساحات، بينما الوزراء والشيوخ الخائنون يخططون لتحريك الجيش الصغير المخلص لهم....

...كل شيء كان على وشك الانفجار: خطط سُرقت، رسائل مزورة، أسلحة مخفية في الأروقة، وخطط لتسميم بعض الحراس الموثوقين. قلب آستر كان ينبض بالقوة، شعورها بالانتصار اقترب… حتى سمعته....

...فاليريوس، الإمبراطور الذي لم يعرف الخوف، كان في القاعة الكبرى. صوته الحاد قطع الهواء، وجعل كل همسات الخيانة تتوقف. لم يكن وحده، ولكنه لم يظهر أي علامة على الشك… حتى لاحظ حركة صغيرة، غير متوقعة، في أعمدة القاعة....

...عيناه اللتان لم تفوت أي تفصيل، التقطتا لمحة من الظل الأسود الذي كان يتحرك بحذر. قلب آستر جمد، كل خططها المرسومة بدقة بدأت تنهار في لحظة....

..."أهلًا ثانية، مُتمردتي…" قالها بصوت بارد، كأنه يعرفها منذ البداية، كأنه قرأ كل خطواتها، وتنبأ بكل تحركاتها....

...لم تكن لحظة المواجهة مجرد صدمة، بل كانت انكشاف كل المؤامرة. فاليريوس لم يتسرع في الهجوم، بل وقف، نظراته تجوب كل خائن في القاعة، كل وزير، كل شيخ. ومع ابتسامة باردة ومتقنة إشارة ركيكة منه، وقد بدأت الحصون تنهار: الجنود المخلصون عادوا، وأحكموا الحصار على كل خائن، كل خطوة كانت محسوبة بدقة....

...آستر ركضت، حاولت الاختباء خلف الظلال، لكن الخيانة التي وثقت بها أصبحت الآن سجنها. الحلفاء الذين ساعدوها في الوصول إلى قلب القصر، أصبحوا الآن ضمن قائمة المقبوض عليهم، وعين الإمبراطور تلاحقها مثل الصقر....

..."تم القبض عليها جلالتك!"...

...صدح صوت احد الحراس وسط صمت القصر، كأن الظلال نفسها تنظر إليها بخيبة أمل. لم يكن هناك صراخ، لم يكن هناك ضجيج… فقط نظرات الإمبراطور، باردة، قوية، وغامضة، وكأن كل خطوة من خطواتها كانت محسوبة مسبقًا في عقله....

...الوزراء والشيوخ الذين خانوا الإمبراطور تم جلبهم واحدًا تلو الآخر، كلهم مقيدون، مكتوفو الأيدي، مكشوفون أمام سطوة الملك. القصر الذي كان مسرحًا للخيانة أصبح الآن مكانًا للانتقام المضاد، حيث كل خائن يُحاسب بدقة، وكل خطة مقلوبة على أصحابها، بدأ المكان يَعجُ بِتوسلات و رجاء لكن لا اذان صاغية...

..."جلالتك!... اتوسل لك! إبقي على حياتي.....

...لدي عائلة... انفني من المملكة وعزته وجلاله لن ترى وجهي ثانية ارحم ضعفي" ...

...اثناء ذلك آستر تجثو على ركبتيها وسيف الحارس يحتك بنحرها محدثًا خدشًا بسيطًا، تنظر إلى الإمبراطور، شعورها مختلط: غضب… خيبة… وربما احترام مبكر لقوة هذا الرجل. لم يكن انتقامها الكامل قد تحقق، لكن كل شيء كان درسًا: لا شيء في القصر يحدث بدون مراقبة، ولا أحد يمكن أن يلعب مع الظلال دون أن يدركها من يملك العيون الحقيقية....

...فاليريوس اقترب منها، نظر إليها مباشرة، وكأن عيناه تخترقان قلبها: "لقد كنتِ شجاعة، وسخية… ولكنكِ غبية. كل خيانة، كل خطة، كانت أمام عينيّ منذ البداية."...

...آستر لم ترد، لكنها شعرت بشيء لم تتوقعه: الخوف لم يكن مجرد شعور بالموت، بل شعور بالاعتراض أمام قوة لا يمكن التنبؤ بها....

...الليل انتهى، القصر عاد إلى صمته، ولكن الأحداث التي جرت ستظل محفورة في ذهن الجميع. آستر، الخائنون، الإمبراطور… كلهم أصبحوا جزءًا من لعبة أكبر، لعبة ستستمر في قلب الظلال، حتى لو حاولت الحياة نفسها طمس آثارها....

...الصفعة الأخيرة جاءت عندما تم جرها و اعوانها إلى الزنزانة حتى يُحدد نصير حياتهم، حيث كل همسة، كل خيانة، وكل خطة كانت مرئية من الإمبراطور. لكنها لم تكن النهاية. قلبها لا يزال ينبض بالانتقام، وعقلها بدأ بالفعل بتخطيط خطوة جديدة، أكثر غموضًا، أكثر خطورة. فالليل لم ينته بعد، والظلال دائمًا تخفي المزيد....

...آستر أدركت حقيقة واحدة، مؤلمة لكنها مشوقة: لا شيء في الإمبراطورية ثابت، ولا شيء في قلبها سيظل كما هو. كل خيانة، كل لعبة… مجرد بداية لمواجهة أكبر، قادمة، مخفية في الظلال، تتحدى الزمن والسلطة....

...وبينما القمر اختبأ خلف الغيوم، وآستر تجلس في الظلام، بدأ القصر كله يهمس باسمها، وكأن كل حجر، وكل ظل، وكل همسة… تحمل وعدًا لم يُكتب بعد....

...---...

...النهاية...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon