...ذلك الحادث الصادم الذي وقع في غرفة الطعام في ذلك اليوم انتشر بسرعةٍ داخل قصر الدوقية. و لم يكن الخدم حين يلتقون يتحدثون عن شيء آخر سواه....
...حتى الخادمات اللواتي تجمعن في المطبخ لتنظيف وتحضير مكونات طعام صباح الغد لم يكن حديثهن مختلفًا....
...“هل سمعتِ بالخبر؟”...
...“عن الآنسة ليرييل التي قامت بتهدئة الخادمة التي كسرت كأسًا زجاجيًا؟”...
...“نعم! لم تغضب منها، بل قامت بتضميد جرحها بنفسها بمنديلها الخاص!”...
...قالت ذلك إحدى الخادمات وهي تقشر البطاطس، ثم هزّت رأسها بعدم تصديق....
...'ليرييل تينيبريس، الشريرة المعروفة؟ كان من الأسهل أن تصدّق أن القمر ظهر في وضح النهار!'...
...“لقد طردت العشرات من الخادمات لمجرد أنهن لم يرقن لها! لا بد أن الشائعة قد حرّفت القصة.”...
...“أبدًا، الأمر حقيقي! بل يُقال أنها ذهبت بعد ذلك بنفسها إلى تلك الخادمة وقدّمت لها مرهمًا! هناك من رآها بعينيه!”...
...الخادمة التي بدأت الحكاية لوّحت بسكين التقشير في الهواء وهي تبرر حماسها، مما جعل الأخريات يتحركن خطوةً مبتعداتٍ عنها بحذر....
...“لكن…..لماذا؟ هل أصابها شيءٌ في رأسها؟”...
...“حتى لو جُنّت، فالأمر يثير الريبة. أن يتبدل كل شيء فيها إلا شخصيتها؟ غريبٌ فعلًا.”...
...“قلت لكِ، لا بد أنه سوء فهم. لا أحد يتغير بهذه السهولة. ثم إننا نتحدث عن ابنة عائلة تينيبريس! من فيهم يريد العمل هنا بإخلاص؟ نحن نصمد فقط لأنهم يغدقون علينا المال.”...
...“آه…..”...
...سادت لحظة صمت، فالجميع فهم تمامًا ما تعنيه كلماتها....
...عائلة ينيبريس— العائلة المشهورة بأنها الحاكم الحقيقي لمملكة تريان....
...بيت نبيلٍ ذو تاريخ يمتد لأكثر من مئتي عام، وفي مركزه دائمًا يقبع أناسٌ لا يعرفون الرحمة، قساة القلب حد الوحشية....
..."تخلّصوا من هؤلاء القاذورات حالًا، لا أريد أن أراهم أمامي."...
...أنوين تينيبريس، الدوق الثامن للعائلة، كان رجلاً باردًا، حسابيًا حتى العظم....
...كان يقطع علاقته حتى بأقرب أصدقائه إن لم يعد في وجودهم منفعةٌ له، حتى وإن كانت تلك الصداقة تمتد لعشر سنواتٍ أو أكثر....
...وبسبب جفافه الشديد وانعدام أي أثر للمشاعر في تصرفاته، كان الخدم يعتقدون أن لا امرأة في العالم يمكن أن تتزوجه....
...ولذا حين أقام زفافًا فخمًا وقدّم للعالم عروسه التي سيقضي معها حياته، لم يجد الناس إلا أن يقرّوا بأنهما الثنائي الأنسب في الوجود....
..."يجب أن نسحقهم سحقًا حتى لا يفكروا، مجرد التفكير في الوقوف أمامنا."...
...كانت لوفرين تينيبريس، حين كانت لا تزال الآنسة لوفرين من عائلة الإيرل مابليريا، من أشهر السيدات الشريرات في المجتمع المخملي....
...بكلمةٍ واحدة منها كانت السمعة تنهار، وببضع شائعات خافتة كانت بيوت النبلاء تُدمَّر ولا تعود....
...ثم كانت تبتسم ابتسامةً رقيقة خلف مروحتها، “لو تصرّفوا كما ينبغي من البداية لما حدث هذا.”...
..."أنا فخورةٌ بكِ يا ليرييل."...
..."ابنتنا ستكون سيدةً عظيمة بحق. انظري فقط إلى مهارتها في التعامل مع الخدم منذ الآن!"...
...وقد وُلدت ليرييل تينيبريس من أبٍ باردٍ كالجليد وأمٍ ماكرةٍ كالثعبان، فكان طبيعيًا أن تكون استثنائيةً منذ نعومة أظفارها....
...جمعت بين برودة أنوين وخبث لوفرين، وزادتهما جمالًا آسرًا يلفت الأنظار....
..."أما زلتِ لا تدركين ما الخطأ الذي ارتكبتِه؟"...
...لم تكن من أولئك الأشرار الذين يصرخون بلا تفكير حين يغضبون، بل كانت طبقةً أعلى من ذلك تمامًا. كانت تبتسم ابتسامةً هادئة متعالية، بينما تسحق خصمها بدقة باردة تضرب نقاط ضعفه دون رحمة....
...إنها حقًا كانت من ألمع الشريرات في تاريخ عائلة تينيبريس بأسره....
...وخلال عشرين عامًا قضتها في قصر الدوق، فقد عددٌ لا يحصى من الخدم وظائفهم، وعمّ الخوف أرجاء المقاطعة، وأصبح النبلاء في العاصمة يراقبون تصرفاتها بحذرٍ دائم....
...حتى العائلة المالكة نفسها اضطرت في النهاية إلى الاعتراف ضمنيًا بنفوذ عائلة تينيبريس....
...وحين تم عقد خطبتها على ولي العهد بطريقةٍ شبه قسرية، اكتفت ليرييل بابتسامةٍ فاتنة هادئة، وكأن هذا المجد العظيم لم يكن سوى نتيجةً طبيعية لما تستحقه....
...“ولكن هل يُعقل أن تُخرج تلك المرأة منديلاً لأجل خادمةٍ جرحت إصبعها؟! على المرء أن يتحدث بما يُصدق!”...
...ضحكت الخادمة التي قالت ذلك وأكملت تقشير البطاطس، وصوت السكين الحاد يُصدر خشخشةً متتابعة في المطبخ....
...لكنها أدركت بعد بضع ثوانٍ أن هناك شيئًا غير طبيعي. فالخادمات اللواتي كنّ يتحدثن معها بحماس قبل لحظات، تجمدت وجوههن فجأة وقد ارتسم عليها الرعب....
...'ما الأمر؟ ما الذي حدث؟'...
...كانت على وشك أن تسأل، لكن إحدى الخادمات تمتمت بصوتٍ مرتجف وهي تحدّق خلفها،...
...“اللـ….الآنسة ليرييل..…”...
...استدارت الخادمة ببطء، وعندها فقط أدركت الموقف. فخلفها تمامًا كانت تقف صاحبة كل تلك الشائعات، وريثة عائلة تينيبريس الصغرى، ليرييل تينيبريس نفسها....
...كانت تنظر إليهن بعينين باردتين، ينبعث منهما صقيعٌ يكاد يخترق القلب. فاجتاح المكان جوٌ خانق من البرودة....
...“…….“...
...دحرجت الخادمة بفمٍ مفتوح ثمرة البطاطس التي كانت تمسكها. و سقطت على الأرض، وتدحرجت إلى أن توقفت عند طرف حذاء ليرييل....
...وقفت ليرييل لوهلةٍ بصمت، ثم انحنت بهدوء والتقطت البطاطس. و في تلك اللحظة عضّت الخادمة شفتها بشدة. ...
...'الآن، ستطير تلك البطاطس إلى وجهي.'...
...إن انتهى الأمر بكدمةٍ على العين فقط فسيكون حظها جيدًا، لكنها لم تتوقع أن تكون محظوظةً إلى هذا الحد....
...“لقد بذلتن جهدًا كبيرًا، حتى في هذا الوقت المتأخر من الليل.”...
...“آه…..؟”...
...لكن المعجزة حدثت مجددًا....
...“لا تُجهدن أنفسكن أكثر من اللازم، مفهوم؟”...
...لم تغضب، لم تصرخ، ولم تشتم. بل سلّمت البطاطس للخادمة بهدوء، وربّتت بخفةٍ على ظهر يدها....
...تصرفٌ لم يُكذّب الشائعات بل زادها تأكيدًا. فتجمدت الخادمات في أماكنهن، وعيونهن اتسعت دهشةً وذهولًا وهن يحدّقن بليرييل....
...ورغم أن هذا التصرف بحد ذاته لم يكن خاليًا من التعالي، إلا أن ليرييل لم تُعر الأمر اهتمامًا....
...ابتسمت مرةً أخرى، ثم غادرت المطبخ بخطواتٍ هادئة. و لم تحتج إلى الالتفات لتعلم أن عشرات الأنظار تتبعها من الخلف. تمامًا كما أرادت....
...'جيد…..تمامًا كما خططت.'...
...الآن ستنتشر هذه القصة أكثر، وستتناقلها الألسن في كل مكان، ومن يدري؟ لعلها تصل إلى أرجاء المملكة كلها....
...تمتمت لنفسها وهي تسير في الممر ثم دخلت غرفتها. و أغلقت الباب، وعندها فقط ظهرت على وجهها المتجهم لمحةٌ من الارتباك....
...كان ذلك تعبيرًا لم يرتسم مثله على وجه “الشريرة الأسطورية” ليرييل تينيبريس طوال حياتها....
...'لو أني فقط أستطيع أن أبتعد عن عيني الدوق…..'...
...نعم كما هو متوقّع—الحقيقة أن ليرييل تينيبريس لم تكن ليرييل تينيبريس على الإطلاق....
...صحيحٌ أن جسدها جسد ليرييل، لكن من بداخلها كان شخصًا آخر تمامًا. كانت في الأصل طالبةً جامعية عادية من كوريا الجنوبية، تُدعى هان كيونغ أول....
...الفتاة التي تحمل وجه ليرييل جلست على السرير بخطواتٍ متثاقلة، ثم ارتمت فوقه بتعبٍ واضح....
...“هاه…..” ...
...خرجت تنهيدةٌ طويلة من بين شفتيها دون وعي....
...“آه، كيف انتهى بي الحال إلى هذا؟”...
...دفنت وجهها في الوسادة وهي تتنهد بحسرة....
...البداية ربما لم تكن سيئةً تمامًا، لكن الطريق أمامها لا يزال طويلًا وشاقًا. إلا أن لا خيار أمامها. أن تُصبح “ليرييل الطيبة”—فذلك هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة داخل هذا العالم الروائي....
...إن لم تعكس تصرفات عائلة تينيبريس…..فالموت فقط ينتظرها....
...ومع استحضارها لهذه الحقيقة القاسية، أغمضت هان كيونغ أول، أو بالأحرى ليرييل، عينيها ببطء....
...***...
...أين أنا؟ ومن أكون؟ لم تكن هناك حاجةٌ لتلك الأسئلة النمطية....
...حين فتحت هان كيونغ أول عينيها، وجدت أمامها مرآةً ضخمة. فقد استعادت وعيها أمام طاولة المكياج في غرفة الملابس....
...وعندما التقت عيناها بعينا امرأةٍ شديدة الجمال، باردة الملامح كأنها منحوتة من الجليد، أدركت هان كيونغ أول على الفور حقيقة وضعها....
...'ليرييل تينيبريس..…؟'...
...كانت الرداء الأحمر المائل للبرتقالي يتمايل مع حركتها....
...أما عيناها الخضراوان الداكنتان كغابة لا تدخلها شمس، فكانتا تبرزان دهشتها، ترمشان بسرعة كمن يحاول إخفاء ارتباكه....
...لمست هان كيونغ أول المرآة بأصابعها الطويلة والنحيلة، التي بدت عظامها واضحة، ثم لمست نقطةً صغيرة تحت الشفاه الوردية....
...لم يكن هناك شك. ما تعكسه المرآة هي نفسها—ليرييل تينيبريس، الشخصية الشريرة من الرواية «القديسة لا تتسامح»، والمعروفة باسم «سونبا أن»....
...و تذكرت الرسومات التي رأتها في الرواية....
...'هذا مستحيل…..'...
...ما إن أدركت الحقيقة، غمرها اليأس، لأن ليرييل كانت في الرواية من الشريرات المقدر لها السقوط....
...لو كان سقوط شريرةٍ عادية، لكان الأمر مقبولًا نسبيًا. لكن المشكلة تكمن في أن الرواية التي تجسدت فيها كانت مشهورة بتطوراتها الصادمة، حتى ضمن نوعية روايات الرومانسية الخيالية....
...____________________________...
...قصة امها وابوها حلوه خير ابي اشوف رومانسية الاشرار😭...
...بعدين ليتها تغير تصرفاتها شوي شوي كذا احسن يعني ابي اشوف شوي من شرها😂...
...المهم وش صار على امها واوبها عند المستشار ذاك ...
...Dana...
Comments