اسـرار الـقـدر
ليلة هادئة جلست بطلتنا في غرفتها والضوء الخافت يملأ المكان كأنه همسة نور وسط السكون وكانت ترتدي إسدال الصلاة وقلبها مهيأ للقاء ربها فوقفت بين يدي الله تصلي قيام الليل ركعتين ركعتين حتى ختمت صلاتها بركعة الوتر التي أوصى بها النبي ﷺ: لتكون ختام صلاة الليل وحفظًا للقلب ثم جلست تقرأ القرآن وكل آية كانت تنير صدرها وتفتح لها بابًا من الرحمة والسكينة فتتذكر قول الله تعالى
" إن ناشئة الليل هي أشد وطئًا وأقوم قيلًا"
وتشعر أن قيامها بالليل يجعل روحها أنقى وقلبها أخف وبعدها وضعت المصحف بجانبها وأخذت تردد دعاءها المفضل `لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين` مستحضرة قصة يونس عليه السلام وأن الدعاء في الظلمات يفتح أبواب الفرج ثم قامت لترتب كتبها وأدواتها للجامعة وكأنها تقول لنفسها إن العبادة لا تنفصل عن السعي والعمل ولما نظرت إلى الساعة وجدت الوقت ما زال مبكرًا فابتسمت وأحضرت كوبًا من الشاي وجلست تحتسيه بهدوء وهي تفكر في حلمها الكبير الذي تسعى إليه وتشعر أن الذكر يملأ الغرفة فلا تسمع إلا همس الدعاء وصوت قلبها المطمئن وفي نفس اللحظات كان هناك شاب آخر في بيت بعيد يجلس على سجادته بعد أن فرغ من قيام الليل مثله مثلها لم يترك صلاة الوتر وكان يرفع يديه إلى السماء يدعو الله أن يوفقه ويثبته على طاعته فقد اعتاد أن يجعل الليل وقتًا بينه وبين ربه يتقرب فيه بالذكر والدعاء والقرآن كان قلبه حاضرًا وروحه معلقة بالآخرة وكأن القدر كان يرسم بخطوط خفية أن يجمع بين قلبين يسيران في طريق واحد طريق الطاعة والالتزام وبعد أن أتم كل منهما عبادته شعر كلاهما أن الله يمده بطاقة خفية تمنحه قوة على مواجهة يوم جديد وفي نهاية ليلتها همست بطلتنا قائلة الحمد لله الذي جعل لنا في العبادة نورًا وفي القرآن حياة وفي الذكر طمأنينة 🌷
في صباح مشرق دخلت مريم الجامعة بخطوات هادئة تحمل في يدها كتبها ودفترها الصغير الذي تكتب فيه دعواتها وأهدافها اليومية كانت دائمًا تبدأ يومها بصلاة الفجر والدعاء أن يوفقها الله في دراستها ويجعل يومها مباركًا وبينما كانت تمشي في الممر المؤدي إلى قاعة المحاضرات تذكرت دعاءها في الليل `رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري`
وابتسمت وهي تستشعر أن الله يفتح لها أبوابًا من الخير♥
في نفس المكان كان يوسف يسير متجهًا إلى نفس القاعة يحمل حقيبته على كتفه وملامحه تعكس وقارًا وهدوءًا فقد اعتاد أن يبدأ يومه بالاستغفار والدعاء وكان يردد في قلبه `اللهم إني أسألك علما نافعًا ورزقًا طيبًا وعملا متقبلًا`
شعر براحة داخلية وكأن أبواب السماء تستجيب لهمساته
حين دخلت مريم القاعة جلست في الصفوف الأمامية كالعادة تحب أن تركز وتستفيد قدر المستطاع وبعد دقائق جلس يوسف غير بعيد عنها ولم يكن يعرفها بعد لكن القدر كان يخط خيوطه الأولى كان كل منهما يحمل نفس الهم في قلبه حب الطاعة والسعي لتحقيق الأحلام بالالتزام والاجتهاد
خلال المحاضرة رفعت مريم نظرها قليلا لتجد يوسف مشغولاً بتدوين ملاحظاته بتركيز شديد ثم عادت لدفترها تكتب في آخر صفحة دعاءًا جديدًا `اللهم ارزقني الصحبة الصالحة التي تعينني على طاعتك؛`♡
بينما كان يوسف في تلك اللحظة يردد في قلبه دعاء مشابها لها"اللهم اجعل لي رفقة طيبة تعينني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"🎀
@#روايه اسـࢪاࢪ-الـقـدࢪ
#بقلمۍــ ؏ـزه ؏ـادل 🎀
وكأن أرواحهما تتلاقى قبل أن تتلاقى العيون
انتهت المحاضرة وغادرت مريم القاعة بخطواتها السريعة ومعها ابتسامة رضا🌸
أما يوسف فظل للحظة يتأمل دفاتره وقلبه مطمئن وهو لا يعلم أن هناك خيطًا خفيا يربط بينه وبينها خيط من دعاء صادق ارتفع إلى السماء وجمع بين قلبين صادقين مريم ويوسف 🌷
Comments