قبل 48 ساعة
هل تعرف ذلك الإحساس الغريب عندما تشعر بأن عينًا غير مرئية تراقبك؟ عندما تزحف قشعريرة باردة من مؤخرة عنقك لتخبرك بأنك لست وحيدًا؟
هذا بالضبط ما شعرت به وأنا أسير نحو شقتي ليلًا.
توقفت. تنفست بعمق.
لا أحد هنا... مجرد خيالاتك، أثينا.
لكن "سيلينا" – ذئبتي – لم تكن مقتنعة. "كان أحدهم هنا"
همست في أعماقي بصوت أشبه بزئير مكبوت.
«أشعر برائحته.»
التفتُّ حولي بسرعة. الشارع خاوٍ. لا ظلال غير ظلي، ولا أصوات غير نباح كلب بعيد. ومع ذلك...
تلك الرائحة.
رائحة خشب بلوط محترق ممزوجة بشيء معدني كالدم القديم. رائحة لا يعرفها إلا المستذئبون.
أسرعتُ إلى الداخل، وأغلقتُ الباب خلفي بقوة، ثم بدأت التفتيش بجنون. تحت السرير، داخل الخزانة، حتى خلف الستائر. لا شيء. كل شيء في مكانه.
لكن "سيلينا" ظلت تردد:
«إنه يراقبنا...»
الساعة 2:07 صباحًا
صحوتُ فجأةً على صوت زجاج يُكسر.
قفزتُ من السرير، وأنفاسي تتلظى في صدري. الرائحة عادت أقوى هذه المرة. رائحة ذئبين
ذئبين من قطيعي السابق.
قبل أن أتحرك، سمعتُ صوتًا من غرفة المعيشة:
"سنعرف إذا كانت هنا..."
صوت "بول". صديق إكزافير المقرب.
الدم تجمد في عروقي. كيف وجدوني؟ لقد غيرتُ رائحتي، وعشتُ بين البشر كواحدة منهم!
ثم... كانا هناك، كأن الزمن لم يمضِ، وكأن الماضي قد تسلل من ظلي."
"بول" و"ديلان". واقفان في منتصف غرفتي كشبحين من ماضي لن أتخلص منه أبدًا.
"أثينا..." قال بول، وعيناه تتسعان كما لو كان يرى شبحًا. "لقد طال غيابك
"ما الذي تريدانه؟" هسهستُ، بينما كانت "سيلينا" تزمجر في داخلي.
ابتسم ديلان ذلك الابتسامة المزعجة التي لم أنسها: "الألفا يريدكِ أن تعودي."
ضحكتُ. ضحكًا مريرًا كالسم.
"إكزافير؟" قلتُ والدماء تصرخ في أذني. "بعد ثماني سنوات؟ بعد أن رفضني ليتزوجها؟ بعد أن جعلني قطعة بالية؟"
بول خطا نحوي، وفي عينيه إرتعاش ظل ندمٍ... أو لعلّه حزن لم يُخلق له اسم بعد
"الأمر لا علاقة له بكما" همس. "إنها آنا... لقد ماتت."
الصمت
ثم...
انفجر العالم.
كانت كلماته كسكين غرسها في قلبي. كل الذكريات عادت: آنا وهي تضحك تحت المطر، آنا وهي تهمس لي بأحلامها، آنا... وأنا أراقبها من النافذة وهي تموت يومًا بعد يوم بعد أن أُخذ منها كل شيء.
والآن... ماتت.
"لم أحبها طوال الوقت... لكنني عرفتها أكثر من أي شخص آخر. كانت نصفي، حتى حين غدرتني. والآن، مات النصف الوحيد الذي شاركني القمر
"كيف؟" سألتُ، وصوتي يكاد ينعدم.
تجاهل بول سؤالي. "القطيع يحتاجك. العائلة... تحتاجك"
لكن "سيلينا" كانت أسرع مني:
«كذاب! إنهم يريدوننا فقط لأن "اللونا" ماتت، والقطيع لا يستطيع العيش دون أنثى ألفا!»
رفعتُ عيناي إليهما، وأنا أعرف الحقيقة الآن.
"اذهبا إلى الجحيم."
ثم... هجمت.
الزجاج يحطم. أنياب تلمع في الظلام.... صراخ.... دماء على الجدار.
وقبل أن يغمى عليّ، سمعتُ همساً في أذني:
"آسفون... لكن الألفا لن يخسر مرتين."
ثم جاء الظلام، لا كغياب للضوء، بل كابتلاع كامل لما تبقّى مني.
في اللحظة التي بدأ فيها الظلام بابتلاعي، لم أرَ سوى قمرٍ دامٍ في السماء... وكأنّه يحدّق إليّ، يضحك بسخرية، ويهمس: عُدنا يا أثينا.
في تلك اللحظة، سيل من الذكريات تتدفق في عقلي، حادثة كانت تجسيدًا للخيبة والخسارة، حيث كان الثمن الذي دفعته كافيًا لتذكيرني بأنني لست مجرد ذئبة بل إنني جزء من عائلة مكسورة. لكنني أدركت في أعماق قلبي أنني سأقاتل، حتى لو كانت المعركة ضد من كنت أحسبهم أصدقائي، والأكثر، ضد أولئك الذين تخلوا عني
"قد عادوا ليكسروني... لكنهم لا يعرفون أنني صرت رمادًا. والرماد لا يموت بل يحترق من جديد. كطائر الفينيق"
Comments