انا له ....!!

**

انفُتحت بوابة المنزل بيد مرتعشة.

بيل لم ترَ شيئًا أمامها سوى الظلال.

ظلال ذكريات ما زالت طازجة كأنها تنزف...

دماء الرجل الذي سقط أمامها،

نظرة جاك،

صوته،

صوت الرصاص...

**

خطت ببطء نحو السلالم.

الحقيبة سقطت من يدها عند أول درجة.

لم تهتم.

الحذاء مزق قدمها، كانت تمشي وكأنها تمشي على مسامير.

عيناها تدمعان بلا توقف، وأنفاسها قصيرة ومختنقة.

**

دخلت غرفتها.

وأغلقت الباب.

ثم استدارت للخلف وسقطت عليه،

كأن جسدها لم يعد يحتمل أي وزن — لا جسدي، ولا نفسي.

**

"لماذا ؟!"

صرخة خرجت منها وهي تنزلق على الأرض وتجلس، وجهها في كفيها، وصوت بكائها خافت ومخنوق.

"لماذا احببته؟!"

"لماذا ؟!"

ضربت الحائط بيدها المرتعشة.

مرة.

مرتين.

ثم عانقت نفسها كما لو كانت تحاول حماية قلبها من شيء ينهش داخله.

**

ركضت نحو المرآة.

نظرت إلى نفسها…

كان وجهها شاحبًا، عيناها متورمتان، خدها ما زال عليه أثر دم صغير من حادثة الزقاق.

مدّت يدها بسرعة، مسحت الدم وهي تبكي.

"أنا… كدت اموت من أجله ."

" لقد كنت أفكر فيه وأنا أنام، وأنا بستيقظ، وأنا في المحاضرة…"

"أنا… صدقت أنه مختلف."

أمسكت زجاجة عطر من على الطاولة…

ورمَتها على الأرض.

تحطمت.

كما تحطم قلبها.

**

مشَت بتثاقل نحو السرير، ثم سحبت بطانيتها،

وجلست على الأرض، وسط الفوضى، وتكوّرت مثل طفلة هاربة من الحرب.

"أنا عمياء؟!"

قالتها لنفسها، بصوت خافت، يرتجف.

"جميعهم كانوا بيقولون لي إني بحب الشخص الخطأ …"

لكن أنا كنت اقول : لا، جاك طيب… جاك يجعلني اضحك … جاك يعرفني أكثر من نفسي…"

ضحكة ساخرة خرجت من فمها مع الدموع:

"لقد أظهر لي انه لو احببت احد غيره سيقتلني "

**

هاتفها على الطاولة ارتجف.

رسالة واحدة.

من جاك.

"وصلتي؟ أنا آسف على كل شيء… كنت مستعد أموت من اجلكي "

— جاك.

**

رمت الهاتف على السرير. لم تردّ.

"جاك؟"

"أنت مستعد تموت من اجلي ؟

لكن انت لست مستعد تعيش إنسان طبيعي من دون دم وسلاح؟!"

**

صوت في رأسها بدأ يعلو.

صوتها… لكن بشكل غريب.

كأنها تتحدث إلى نفسها، بصوت داخلي مكسور:

— "أنتِ المخطأه ، بيل."

— "تركتيه يدخل قلبك دون أن تسألي : ما ماضيه ؟"

— "جاك كان ظلك… ليس نورك."

— "وحب الظل… دائما يترككي في الظلام ."

**

وبينما الليل يسقط على المدينة،

كانت بيل ما تزال على الأرض،

تضم الوسادة كأنها الطفل الذي فقد أمه.

دموعها لا تتوقف.

لكن للمرة الأولى… لم تكن تبكي من الخوف، بل من الغباء.

—انا لا اخاف منك ....جاك "

همست بالكاد، بصوت محشو بالمرارة:

— "أنا اخاف من نفسي لأني أحببتك

مرّت أيامٌ ثقيلة منذ الحادثة...

منذ أن هاجمها أولئك الرجال،

ومنذ أن أنقذها جاك بدم بارد،

ومنذ أن صرخت في وجهه: "أنت مجرم! ابتعد عني!"،

وكأنها بذلك طردت قلبها، لا هو.

لكن الأمور لم تعد كما كانت.

بيل لم تكن على ما يُرام.

وجهها شاحب، أطرافها باردة،

تنظر إلى نفسها في المرآة وكأنها لا تعرف من تكون،

وجسدها… ينهار بهدوء.

كان هناك شيءٌ مختلف، شيءٌ يتغيّر داخلها.

تأخرت دورتها الشهرية.

غثيان الصباح بدأ يطرق عليها دون إذن.

دوار خفيف، حرارة مفاجئة، شعور بالغثيان من الروائح.

وفي أعماق قلبها… بدأت تخاف وتشك بشئ لم ترد ان تشك فيه ابدا

كانت تقف مرتبكة أمام رف اختبارات الحمل.

لم تجرؤ على شراءه أمام أحد،

فأخذته في حقيبتها بصمتٍ كأنها تخفي جريمة.

تجلس على طرف المغسلة، تحمل الاختبار بين يديها المرتجفتين.

ثلاث دقائق فقط…

لكنها شعرت أنها تعيش حياةً كاملة داخل تلك الدقائق.

كانت تحدّق بالشاشة الصغيرة…

ثم ظهرت النتيجة:

"حامل."

ثوانٍ… ثم سقط كل شيء من يدها.

الاختبار… المنشفة… وحتى أنفاسها.

"لا… لا، هذا مستحيل…"

"لا يمكن… ربما هناك خطأ! الجهاز فاسد! نعم… بالتأكيد."

لكن بيل، التي لم تكن تعرف كيف تُنكر الحقيقة،

أجرت اختبارًا ثانيًا… ثم ثالثًا… ثم رابعًا.

والنتيجة نفسها.

وقفت عاجزة، ظهرها يسند الحائط،

يدها ترتجف على بطنها الصغير،

عيناها تجحظان، ونفسها ينقطع.

"أنا حامل…؟!"

"من جاك؟!"

(قالتها بصدمة، كأنما الكلمات سكاكين.)

انفجرت في بكاءٍ عميق، مرير،

ليس خوفًا من الأمومة،

بل من الهوية التي يحملها هذا الطفل في دمائه.

"جاك لا يصلح أن يكون أبًا…"

"كيف يمكنني تربية طفل… من رجل لا أعرف حقيقته بعد؟!"

"كيف سأخبره…؟ هل يجب أن أخبره أصلاً؟!"

جلست على الأرض، ملامحها متعبة،

كأن عمرًا جديدًا زُرع بداخلها رغمًا عنها.

رفعت رأسها إلى السقف،

عينها دامعة… لكنها ثابتة.

"لن أخبره."

"هذا الطفل لي وحدي… هذا السر، سيُدفن في صدري."

نهضت ببطء،

غسلت وجهها، نظرت إلى نفسها في المرآة طويلاً،

ورأت امرأة جديدة… لم تكن تعرفها من قبل.

امرأة تحمل قلبين:

قلبها، وقلبًا صغيرًا ينبض داخلها باسم رجل…

قالت له مرة: "ابتعد عني"

لكنها الآن… لا تستطيع أن تبتعد عن أثره الذي يسري في عروقها.

فكرت بيل كثيرا وكان الحل الوحيد هو التخلص من الطفل لا تستطيع أن تكون اما

وأيضا الطفل عندما يكبر سيدرك انه طفل خلق من علاقه محرمة......

بيل تقفز، مره بعد مره، وسط أنفاس متقطعة، عيون مشوشة، عقل مشوش أكتر)

(تشهق فجأة وتتوقف… تتجمد في مكانها وهي تحس بشيء بينزل منها، دم)

بيل (بهمس مختنق):

"آه… صغيري… سامحني…"

(تفقد توازنها وتقع على الأرض، تبص حوالينها لكن الرؤية بتتشوش، والدم بيغمر الأرض)

(تغمض عينيها ببطء، وجسمها بيرتجف… ثم يهدأ… ثم يصمت)

(تدخل روز في اللحظة دي وتشوفها مرمية على الأرض والدم حولها)

روز (تصرخ):

"بيييييييل!!! يا إلهي!!! بيل!!!"

(تمسك تليفونها، إيدها بتترعش، تتصل بجاك):

روز (بصوت مشحون بالبكاء والغضب):

"جاك!!! اين انت يا غبي ؟!! بيل تموت!! بيل أجهضت نفسها بسببك!!! حبيبك تموت!! وطفلكم مات !!"

(قطع على جاك، في سيارته BMW، يقود بأقصى سرعة، السترة الجلدية عليه، عيونه دامعة لكن مركزة)

(يصرخ بأعلى صوته وهو يضرب المقود):

جاك:

"اللعنة!!! بيل!!! صغيري!!!

أنا السبب… أنا السبب…"

(الموسيقى التركية الحزينة بتعلو… والسماء تمطر بغزارة كأنها تشاركهم الجنازة)

(جاك يصل أمام الفيلا، ينزل بسرعة، يفتح الباب بركلة ويركض بأقصى ما يملك من سرعة حتى يصل إليها)

(يجد بيل مرمية على الأرض، أنفاسها ضعيفة، ووجهها شاحب كأن روحها بتغادر)

جاك (يركع بجانبها، صوته بيرتجف):

"حوريتي… هل أصابكِ مكروه؟

بيل… أنا آسف… أنا آسف… يا رب لا… اريد هذا ان يحدث …"

(يحضنها بقوة وهو يرتجف ودموعه تسيل):

"لا تتركيني … ليست انتي … ليس بعد كل هذا …"

(يحاول يوقظها بلطف، يهز كتفها):

"تكلمي يا بيل… اللعنة… لماذا لا تردين ؟!!"

(ينقلها بسرعة على السرير، إيده ملطخة بدمها لكنه بيحاول يوقف النزيف بأي طريقة يعرفها، بخبرة الطبيب وبقلب المحب)

(يبطّل يناديلها بصوت عالي ويحط راسه على صدرها يسمع نبضها البطيء):

"مازال يوجد نبض … الحمد لله… أنا لن أخسرك… لن اخسركي …

جاك راكع جنبها و ماسك إيدها، وجسمه بيهتز من البكاء… وبيل بين الحياة والموت… ودم صغيرهم بيرسم بداية ندم لا يمكن غفرانه بسهوله

(تفتح بيل عينيها بتثاقل، تتنفس ببطء، تشعر بوخز في جسدها وألم في قلبها. تحاول الجلوس، فتشعر بيد تلمس كتفها. تدير رأسها ببطء... تراه.)

جاك… يجلس بجانبها، عيونه هادئة على نحو مخيف، وابتسامته تلك… الباردة كثلج يحترق.

(تشهق بيل، وعيناها تمتلئ بالدموع. تحاول الابتعاد قليلاً، فتدخل روز في اللحظة نفسها.)

بيل (بصوت مرتجف، ودموعها تبلل وسادتها):

"روز… ماذا يفعل هنا؟ لماذا أتيتِ به إليّ؟ ألم تعلمي بعد؟… إنه زعيم مافيا… إنه السبب في كل هذا... إنه سبب كل دمٍ فقدته."

(تتجمد روز في مكانها، تتنفس بصعوبة، تحاول الرد، لكن صوت جاك يسبقها. صوته هادئ جداً، يشبه سمًّا يقطر من كأس نبيذ أحمر.)

جاك (يبتسم ابتسامة ماكرة، يقترب أكثر من بيل، ينظر إلى بطنها):

"ولكنكِ لا تزالين تحملين جزءاً مني داخلك… صغيري الذي قتلته ."

(يميل برأسه بخفة)

"وأنا… سأتزوجكِ."

(ترتعش بيل، وتفتح عينيها على اتساعهما. الغضب يمتزج بالرعب، وتصرخ):

بيل:

"ليس لك الحق أن تقول ذلك!

أنا أكرهك! أنت… أنت مجنون… ومختل!"

(يتغير تعبير جاك للحظة… نظرة قصيرة من الألم تعبر وجهه، ثم تختفي. يقترب فجأة، يضع إصبعه على شفتيها، صوته يخفت، لكن نبرته تصبح أكثر هيمنة.)

جاك:

"أنا لست مجنوناً… ولا مختلاً.

لكنني… مهووس بكِ… عاشق حدّ الجنون.

وأنتِ… لي.

سواء رضيتِ… أو لم ترضي."

(ترتجف بيل، تحاول أن تدفعه، لكنه لا يتحرك. يده تظل على فمها بلطف مشوش… أقرب إلى سيطرة ناعمة من قسوة صارخة.)

(صوت جاك يهمس في أذنها الآن، عينيه مثبتة في عينيها):

جاك:

"لقد اختار قلبي… ولن يتراجع.

وأنا… لا أتنازل عما هو لي.

اسمي جاك… ولن أرحل عنكِ إلا وأنتِ تحملين اسمي… إلى الأبد."

(يسحب يده بهدوء، يقف، يعدل سترته، ينظر إلى روز نظرة ثابتة دون كلمة، ثم يتجه إلى الباب ويغادر دون أن يلتفت.)

(صمت...)

(بيل تنظر للفراغ... ثم تضع يدها على بطنها الخالية، ودمعة تهبط في صمت.)

بيل (بصوت داخلي، هامس، يخرج من قلب محطم):

"قال... أنا له...

وأنا...

أنا له..."

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon