(من وجهة نظر عماد)
»
المدينة هادئة… هدوء مريب.
ما يشبه شوارع مطرح ولا زحمة صحار.
هنا، كل شي بطيء…
الريح تمرّ، الناس تمرّ، وحتى الوقت نفسه… كأنه خايف يتحرك.
»
دخلت بيت عمي سالم،
وكل شي كان مرتب زيادة عن اللزوم.
حتى القهوة انسكبت قدامي قبل لا أطلبها،
كأنهم كانوا ينتظروني.
»
"عماد…"
صوته كان ثابت، بس نبرته فيها قلق مدفون.
»
"سمعت الأخبار؟"
هزّيت راسي:
"كلها حرب، توقعات، تهديدات… ما أعرف وين الصح ووين الغيم."
تنهد:
"الوضع أسوأ مما تسمع،
بس يمكن نقدر نحميك… لو وافقت تشتغل معاي."
»
رفعت حاجبيّ:
"أشتغل معك؟ وين؟ في ايش؟"
»
سالم لف شاشة صغيرة باتجاهي، ضغط زر،
وظهرت واجهة شركة مموهة، بسيطة المظهر… لكن خلفها بحر أسرار.
»
"S.R.S – حلول سالم للأنظمة."
»
سألت "مجالها؟"
»
"تقنيات، سيستمات، تأمين بيانات، واستشارات تجارية… بس فعليًا؟ نشتغل عاللي يحافظ على أمن الناس اللي نثق فيهم."
ابتسم وهو يضيف:
"وأنت من الناس اللي أثق فيهم، عماد."
»
سكتّت لحظة… قلبي يدق،
مو بسبب العرض،
لكن بسبب شعور داخلي يقول…
هذي مو بس شركة.
»
"وأيش المطلوب مني؟"
"أبغاك تتعلم… تندمج… تشوف العالم من عيوننا، مو من نشرات الأخبار.
وإذا جاء الوقت… يمكن ترجع للي تركته ورا."
»
رجعت أفكر في ذيك اللي خرجت على الاخبار نوال الهاشمي…
في رسالة الهروب…
وفي شي داخلي يقولي إن اللي صار لي ما كان صدفة.
...----------------...
»
نظرة عمي ما كانت مجرد دعوة،
كانت أمر مخبّى بين السطور.
»
"أبغاك تبدأ بالأمن السيبراني… مو تدريب عادي،
راح تتعلم كيف تفك، تركّب، تحلل، وتخترق…
لأن الحرب القادمة؟
راح تنفجر من خلف الشاشات قبل الجبهات."
»
هزيت راسي ببطء:
"أمن سيبراني؟ أنا يالله أفهم كيف أفرمت جهاز!"
»
ضحك بخفة،
"عشان كذا جبت لك شخص… إذا قدر يعلمك، فأنت فعلاً تنفع للشغل."
»
سألت "ومين هو؟"
»
دخل رجل بثقة، طوله متوسط، لحيته مشذبة، شعره ناعم اسود مربوط وعيونه حادة مثل كود شغال،
كان لابس تيشيرت أسود مكتوب عليه:
"CTRL the Chaos."
»
"هذا آدم بن سلمان، من الشرقية، عنده ٢٩ سنة،
مدرب محترف، وماسك وحدة التسلل والتحليل داخل الشركة."
»
آدم مد يده بابتسامة ساخرة:
"يلا يا بطل، سمعنا إنك جاي تتعلم تهكّر الدنيا؟"
ضحكت بخفة وأنا أصافحه:
"لو علمتني أشغل اللابتوب بدون ما أعطل الدنيا أكون شاكر."
»
آدم لفّ إصبعه للأعلى:
"إحنا ما نعلّم نستخدم… إحنا نعلّم نحكم."
...----------------...
»
مرّ أول أسبوع مثل كابوس رقمي.
كلمات ما أفهمها، رموز تتحرك، برامج تشتغل لحالها، وشاشات سودة فيها أسطر تطير مثل النمل.
»
لكن آدم؟
كان قاسي،
بس واضح إنه يشوف فيني شي حتى أنا ما شفته.
»
في إحدى الحصص الليلية، دخل عليّ وقال:
»
"إذا قدرت تفك هذا التشفير قبل الفجر؟
راح أفتح لك ملف سري… فيه شي يخصك، وما يعرف عنه احد حتى عمّك سالم."
Comments