بعد تناول الطعام، شعرت بأن الوقت قد حان للبحث عن عمل. توجهت إلى بعض القرويين وسألتهم:
"هل تعرفون إذا كان هناك عمل يمكنني القيام به هنا؟"
أجابني أحدهم:
" هناك أعمال بسيطة متاحة بين الحين والآخر، ولكن المنافسة شديدة، ولابد أن يكون لديك مهارات أو شيء تقدمه. "
تابعت بسؤال:
" وماذا لو لم أكن أملك مهارات خاصة ؟ هل يوجد شيء يمكن أن أفعله ؟ "
ابتسم الرجل وقال:
" في البداية، يمكنك أن تبدأ بأعمال يدوية أو خدمات بسيطة، ولكن عليك أن تثبت جدارتك بسرعة، هذا العالم لا يرحم الضعفاء. "
بعد هذه المحادثة، شعرت بثقل المسؤولية والقلق من المستقبل، لكن داخل قلبي نشأت شرارة تصميم.
قلت لنفسي: لا يمكنني الاستسلام الآن ، هذه فرصتي الوحيدة.
ثم توجهت إلى السوق باحثاً عن فرصة عمل، ووقفت أمام رجل يقود عربة صغيرة مليئة بالأدوات.
عرضت عليه المساعدة، وقال لي إن العمل يبدأ مع شروق الشمس بحوالي السادسة صباحاً ، وبراتب عشرة دولاراً يومياً مع إمكانية الزيادة.
شعرت بتوتر خفيف لكنه أمل كبير، وافقت على العرض.
لكن مع حلول المساء، بدأت أدرك أنني لا أملك مكاناً لأنام فيه، فالخمسة دولارات المتبقية في جيبي لا تكفي لمأوى في هذا العالم الجديد.
بدأت أتجول في أزقة القرية، أسأل الناس عن مكان يمكنني أن أبقى فيه، ولكن معظم المنازل مغلقة.
قال لي بائع خضراوات أن هناك نزلاً صغيراً عند مدخل القرية لكنه مكلفٌ قليلاً، وأن البعض قد يسمح لي بالبقاء إذا كسبت ثقتهم.
توجهت نحو النزل الصغير عند مدخل القرية، وأوقفت نفسي أمام الباب متردداً.
طرقت الباب وسألت صاحبة النزل بصوت خافت:
" هل يمكنني أن أبقى هنا الليلة؟ أستطيع أن أدفع خمسة دولار مقابل المبيت. "
نظرت إلي ببرود وأجابت:
" نحن لا نستقبل الغرباء بهذه الطريقة، عليك أن تجد مكاناً آخر. "
شعرت بالإحباط يتسرب إلي، لكنني لم أستسلم.
عاودت السير نحو حافة الغابة، أفكر في الخيارات القليلة المتبقية أمامي.
مع انتهاء رفض صاحبة النزل، شعرت ببرودة الليل تقترب، ولم يكن أمامي سوى خيار واحد، توجهت نحو حافة الغابة الصغيرة التي تحيط بالقرية، حيث الأشجار الكثيفة التي تشكل ستاراً مظلماً.
خطوت ببطء بين الأشجار، أبحث عن بقعة آمنة ومناسبة لأستلقي فيها.
أغمضت عيني، وأخذت نفساً عميقاً، مستعداً لأن أبدأ فصلاً جديداً من حياتي في العالم الجديد.
...
مع أول ضوء الشمس، استيقظت في الغابة، على الأرض الباردة التي احتضنت نومي الليلة الماضية.
كانت الرياح تعصف بين الأشجار، وأصوات الطيور بدأت تملأ المكان ببطء، لكن عقلي كان منشغلاً بالتفكير في ما حدث لي.
كنت الآن في عالم غريب، مع خمسة دولارات وهاتفي المحمول وقلمي البسيط فقط.
لم تكل الحياة سهلة هنا، خاصة بدون مأوى أو أموال كافي، لكنني لم أكن مستعداً للاستسلام.
تذكرت الرجل الذي قابلته بالأمس، صاحب العربة، ووعده بالعمل مقابل عشرة دولارات.
كانت لدي فرصة لأثبت نفسي وأبدأ حياة جديدة، حتى وإن كانت البداية صعبة.
قررت أن أتوجه إلى السوق الرئيسي لأبحث عن الرجل وأبدأ العمل، لكن الطريق لم يكن سهلاً.
كان علي أن أتنقل بحذر، أراقب تحركات الناس، وأتفادى أي مشاكل قد تواجهني في هذا العالم الغريب.
بينما كنت أسير، لاحظت وجوه الناس متباينة بين الغضب والخوف والأمل، كل شخص لديه قصته الخاصة في هذا العالم ، تماماً مثلي.
شعرت بأنني لست وحيداً، وأنه يمكنني بناء حياة هنا، مهما كانت الظروف.
بعد رحلة طويلة، وصلت أخيراً إلى مكان العمل.
كانت العربة القديمة متوقفة بجانب الرصيف، والرجل الذي قابلته ينتظرني هناك بابتسامة بسيطة.
كانت هذه هي اللحظة التي يجب أن أبدأ فيها فعلاً إثبات نفسي والاعتماد على قدراتي في هذا العالم الجديد.
اقتربت منه وسألته:
" ماذا تريد مني أن أفعل بالضبط ؟"
ابتسم وقال:
" سأعطيك بعض الأمتعة التي تحتاج لنقلها من هنا إلى هناك. العمل ليس صعباً، لكن يجب أن تكون سريعاً وحذراً. هل أنت مستعد ؟ "
أجبت بثقة: " نعم أنا مستعد. "
89تم تحديث
Comments
حبيبة المجهول
اجمل ماقرات😍
2025-09-08
1